مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين بالبرازيل تحركوا باتجاه برازيليا، واعتصموا بمقر المفوضية العليا للاجئيين، مطالبين بترحيلهم من البرازيل الى كندا او اي دولة اوروبية، من الصعب ان يتم تلبية طلبهم من قبل الدول الاوروبية او كندا، حيث جاء الرد من كندا بالرفض، وبالتاكيد الدول الاخرى سترفض هذا الطلب، حيث ان مطالبهم غير مقنعة لحكومات الدول التي يتمنون ان تقبلهم كلاجئين، حيث ردات الفعل بدات تتفاوت حول الاسباب التي ادت الى هذا التحرك والاعتصام.
عندما صاح اللاجئين ان المساعدة المالية غير كافية لهم حتى نهاية الشهر، لم يلتفت لهم احدا، احد الموظفين بالسفارة قال ان البرازيلي يعيش بخمسة وعشرين ريالا، فكيف هم غير قادرين على العيش بمئات الريالات؟ فكم اكون سعيدا ان يجيبني هذا الموظف اذا كان بامكانه العيش بخمسمائة ريال شهريا يدفع منها فاتورة الماء والكهرباء والغاز والهاتف، عائلة تتكون من خمسة افراد لا تدفع اقل من مائتين وخمسين ريالا شهريا كمصاريف لهذه الفواتير، حيث تتقاضى العائلة شهريا مساعدة مالية قدرها ثمانمائة وثمانين ريالا، هذه العائلة بحاجة الى ما يزيد على خمسة وعشرين ريالا يوميا فقط اكل وشرب، غير الملابس ومصاريف اخرى قد تحتاجها يوميا، اذا توجه اللاجيء الى السوبرماركت يعود بتكسي ويدفع مبلغا يزيد على عشرة ريالات كل مرة، وهو يقوم بذلك ثلاث مرات شهريا.
اشتكى اللاجئين من تردي اوضاعهم الصحية، ولم يتمكنوا من معالجة العديد من الحالات التي هي بحاجة الى علاج سريع حتى اللحظة، ورغم كل الصراخ وقرع جدران الخزان الا ان لا مجيب لهذه النداءات، العديد منهم كان يتوجه الى بعض الدوائر الصحية والمستشفى ليعود بعد ثلاثة او اربعة ساعات دون ان يعاينه الطبيب اويكشف على حالته الصحية، والناتج بالاساس عن طول فترة الانتظار، فالاهمال الصحي ادى الى تدهور العديد من الحالات الصحية، يقول فاروق مصطفى مرزوق انه يعاني من آلام شديد بعموده الفقري والناتجة عن كسور بفقرات من عموده الفقري، وله ما يزيد على ستة اشهر دون ان يتلقى اي علاجا او عناية خاصة، اضافة الى ما مرت به السيدة هدى التميمي، وهناك العديد من الحالات الصحية التي يعاني منها اللاجئيين بكل اماكن تواجدهم بالبرازيل، التي لا ارى ضرورة للتطرق اليها كلها الان والتي تدركها المفوضية العليا للاجئيين والفيدرالية الفلسطينية.
يشتكي اللاجئين من العزلة، ومن عدم متابعة قضاياهم من قبل الجانب الفلسطيني المسؤول، سواء من قبل السفارة او الفيدرالية، او الجمعيات الفلسطينية ببعض البلدان المتواجدين بها، فهم غير قادرين على التاقلم مع الجالية الفلسطينية بالمدن التي يسكنوها، ويعانوا من هذه العزلة، فهم لا يعرفوا اي مصير ينتظرهم، لا يجدوا اجوبة للعديد من الاسئلة للقضايا التي تهمهم وتقلقهم، من مستقبل مجهول و مصير غامض.
عوامل كثيرة ادت الى ان يقوم اللاجئين بالتوجه الى برازيليا، ليقوموا باضرابهم بمقر المفوضية العليا للاجئين، ولكن ما يهمنا طرحه بهذا المقال هو الموقف الفلسطيني من هذه الحركة:
1. طرف فلسطيني طالب اللاجئين بعدم التوجه الى برازيليا، لان طلبهم بالخروج من البرازيل الى كندا او اي دولة اوروبية او حتى العودة الى مخيم الرويشيد، لن يرى النور، وتمكن هذا الطرف من اقناع العديد من اللاجئين بعدم الاقدام على هذه الخطوة، هذا الطرف هو على تواصل دائم مع اللاجئين، ويتابع قضاياهم، وتمكن ايضا من مساعدتهم من خلال التوجيه والارشاد وفتح فرص عمل لهم.
2. الطرف الاخر الذي بدأ بتوجيه اتهامات لعناصر بالجالية الفلسطينية بانهم محرضين للاضراب وانهم من دفعوا اللاجئين على الاقدام بهذه الخطوة، وهذا الطرف ممثل بالسفارة الفلسطينية والفيدرالية الفلسطينية، حيث بدأوا ببث الشائعات بين ابناء الجالية وايضا قاموا بالاتصال بالمفوضية ورفع الاسماء الفلسطينية لها، وهناك شائعات تقول ان المخابرات البرازيلية تحقق بالموضوع، حيث قامت هذه الاطراف بتسليم "مواد تحريضة" حسب ادعاءاتهم الى الجهات المعنية، حيث تقوم هذه الجهات بالترجمة للتاكد من "المعلومات الخطيرة الموجودة" بهذه المواد.
هكذا تعاملت الاطراف الفلسطينية مع اللاجئين الفلسطينيين بالبرازيل، والان انقل لكم هذه المقارنة بين تشيلي والبرازيل:
تشيلي :
قامت السفارة الفلسطينية من خلال السفيرة مي الكيلة، والفيدرالية الفلسطينية، واللجنة الفلسطينية الديمقراطية، وفيارب، واللجنة الفلسطينية لحق العودة، والاتحاد العام لطلبة فلسطين، واتحاد المرأة الفلسطينية، والجمعية الاسلامية والعديد من المؤسسات الفلسطينية والعربية والجالية الفلسطينية يرفعون الاعلام الفلسطينية، باستقبال اخوة لهم جاؤوا من رحم المعاناة.
البرازيل:
تم استقبال اللاجئيين الفلسطينيين بالبرازيل من قبل شخصين فقط من المفوضية وكاراتاس، ولم يستقبلهم اي فلسطيني، ولا حتى الفيدرالية الفلسطينية، الا بمدينة بورتو اليغري قام باستقبالهم رئيس الفيدرالية الفلسطينية ويرافقه رئيسة جمعية بورتو اليغري، المهمة كانت سرية بناء على رواية بعض ابناء الجالية الفلسطينية.
تشيلي:
سارعت الجالية الفلسطينية بتشيلي بتشكيل اللجنة الفلسطينية لحق العودة، قبل ستة اشهر من وصول الدفعة الاولى من اللاجئين الى تشيلي، وعمل موقع الكتروني على الانترنت للتعريف بقضية اللاجئين.
البرازيل:
حتى هذه اللحظة لم تاخذ الجالية ومؤسساتها اي مسؤولية لتشكيل اي اطار يدافع عن اللاجئيين وقضاياهم، وان كل ما يجري انما من منطلق مبادرات فردية، واخذت حركة فلسطين للجميع على عاتقها مسؤولية مساعدة اللاجئيين ومتابعة قضاياهم ضمن امكانياتها المحدودة.
تشيلي:
السفيرة الفلسطينية تقوم بزيارات تفقدية لاماكن تجمعات اللاجئيين وتتطلع على المصاعب التي يمروا بها وتتبنى قضاياهم.
البرازيل:
السفارة الفلسطينية لم تتفقد اللاجئين الا مرة واحدة، بناء على طلب مقدم من الرفيق عبد الرحيم ملوح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، السفيرة الفلسطينية السابقة غادرت البرازيل بعد ثلاثة اشهر من وصولهم ولم تزرهم مرة واحدة او تتفضل بالتحدث معهم هاتفيا ولو مرة واحدة، السفير الفلسطيني الجديد قام بزيارة اللاجئين بعد 50 يوما من وصوله البرازيل، برفقة مسؤول المفوضية العليا للاجئين.
تشيلي:
من اهم النشاطات الخاصة بالنكبة الفلسطينية التي اقيمت بتشيلي، استقبال رئيسة تشيلي للاجئين والقاء خطابا ترحيبا بهم، كذلك استقبال البرلمان التشيلي لهم، اضافة الى نشاطات اخرى كما ذكرتها التقارير الاخبارية الصادرة عن السفارة الفلسطينية، والتي شارك بها ايضا كافة المؤسسات الجماهيرية والشعبية الفلسطينية بتشيلي.
البرازيل:
نشاط الفيدرالية الفلسطينية المركزي والمقام بمدينة ساوبولو لم يحضره الا 30 شخصا، لم يكن منهم اي لاجيء اطلاقا، كذلك نشاط بورتو اليغري حيث توجد رئاسة الفيدرالية الفلسطينية والجمعية العربية الفلسطينية والمركز الثقافي الفلسطيني بالولاية، لم يتمكنوا من القيام بنشاط يذكر بخصوص النكبة، فقط اللاجئين شاركوا بنشاط اقامته حركة فلسطين للجميع يوم 16/05/2008 بمدينة ساوبولو، شارك بالنشاط تقريبا مائة شخص منهم 27 لاجئا.تشيلي:السفيرة الفلسطينية بتشيلي على اتصال دائم مع كافة المؤسسات الشعبية والجماهيرية بتشيلي بغض النظر عن مواقفهم السياسية للتنسيق معهم بما يخفف من معاناة اللاجئين.
البرازيل:
لا تعليق
هذه المقارنة التي وضعناها هنا، بالتاكيد ليتعرف القاريء والمطلع على الحالة السيئة التي وصل اليها الوضع الفلسطيني بالبرازيل، والتي تركت بصمات سيئة وانعكاسات سلبية حتى على العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، ومما زاد الوضع اكثر تعقيدا، فبدل ان يكون هناك توجه باتجاه ترتيب البيت الفلسطيني، كانت هناك مؤشرات بمزيد من التراجع على الاداء الفلسطيني بشكل عام.
جادالله صفا
كاتب فلسطيني مقيم بالبرازيل
08/06/2008