في ظل الحملة الأخيرة على أهلنا المسالمين في مجمع البلديات ، مخطئ من ظن ان استهداف الوجود الفلسطيني في العراق سينتهي أو يتوقف يوما في ظل الحكومة الموجودة على رأس السلطة في هذا البلد المنكوب .
ومخطئ من ظن أن المليشيات ستدع الفلسطينيين ينعمون بالأمن يوما في بلد لا أمان فيه وان تحسن الوضع نسبيا وأحس الفلسطينيون بالأمان فما هي إلا استراحة قاتل وما هي إلا هنيهات ويعود الوضع إلى ما كان عليه .
قتل واعتقال وتخويف وترويع وتهجير هي المُسلمات في يوميات الفلسطينيين في العراق ، لا مفر منها ولا شيء يحول بين الضحية والقاتل ، ولا عاصم إلا الله .
مشهد لا يذكرني إلا بأحاديث أهلنا عن المغول أيام احتلالهم بغداد بأن المغولي إذا رأى مسلما ولم يكن معه سيف كان يقول له انتظرني هنا حتى آتي بسيفي لأقتلك ، فكان المقتول ينتظر القاتل ، وكأنه قدره المحتم ، وهذا حال الفلسطينيين في العراق ، سلموا أرواحهم بيد القتلة إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا اعتقلوا وان شاءوا تركوا وأمهلوا .
أهو التسليم بقدر الله أن ننتظر الموت يوما بعد يوم ؟ ، أهو قدرنا أن يتم اعتقال أي فلسطيني في أي وقت وفي أي زمان ليتيه في معتقلات لأظنها فاقت محاكم التفتيش في بشاعتها ، ومما تواترت به الأخبار في الحملة قبل الأخيرة التي شنتها القوات الحكومية العراقية باعتقال عدد من فلسطينيي العراق تعذيب منقطع النظير ومن يخرج إما أن يعافيه الله إلا من أيام لن ينساها طول حياته وآثار تعذيب لن يمحُها عن الجسد إلا مفارقة الروح ، وإما أن يخرج مجنونا يرمى به في مستشفيات المجانين ، من هول ما لاقاه من عذاب يعجز عن تحمله أعتى البشر ! .
ما ذنب (حمادة) الطنيب لكي يتم اعتقاله بدون أي سبب يذكر والجميع يشهد له بطيبته ومسالمته وما ذنب (ثائر) وما ذنب البقية الذين لا اعرف اسماءهم وأخيراً (جمال فهد) ماذا فعلوا لكي يكون هذا مصيرهم الذي يلفه الغموض ويكتنفه الخوف عليهم من المجهول ، وما ذنبهم لكي يتركهم الجميع ليعانوا ما يعانوا بدون أن يدافع عنهم أحد ؟! .
أين سفيرنا المحترم ! ماذا سيفعل هل سيذهب لتناول كاس من الشاي مع الأخوة في مركز الرشاد؟ !! أين رئيسنا عباس أم الاعتراف الشكلي بدولة فلسطين أذهب عقله وتركه يلهث وراء سراب بقيعة ! ، أين رئيسنا أبو العبد ألا من كلمة حق يقولها لما يتعرض له فلسطينيو العراق يحاججنا بها يوم الدين ونحن نعلم أنه ممن يفكرون بمثل هذا اليوم ، أينك أردوغان لتحل مشكلة فلسطينيي العراق برمتها وأنت قادر بعد الله على ذلك ، أم أن الجميع أصم آذانه وعصب أعينه عن ما يجري لنا ، فما لنا إلا الله نشكو أفعال المجرمين بحقنا ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
إن ما جرى وما يجري على الفلسطينيين في العراق هي محاولة إبادة جماعية وإفراغ العراق من أي تواجد فلسطيني ما هو إلا خدمة للمشروع الصهيوني ، ونحن إذ نشارك بالسكوت على المجرمين في إجرامهم ، يجب في لا مجال للشك فيه أن نهب لنصرتهم والدفاع عنهم ، فإن سكتت الحناجر فلندع الكلمات تقعقع في معركة إثبات الوجود ، فكل معاركنا واحد ، وكل من يحاول قتلنا هو واليهود في الحساب واحد .
هل الموت قدرنا أم الحياة ، هل قدرنا أن نكون ضحايا وفرائس لجوارح وضواري الغاب ، هل قدرنا أن نتيه في أصقاع المعمورة بحثاً عن الأمان ، هل قدرنا أن نلقى في غياهب السجون ليتم تعذيبنا بالدريل والتيزاب ، هل قدرنا أن نكون دائما مغلوبين على أمرنا ، هل قدرنا أن نقبل أنصاف الحلول أو اقل منها ، هل قدرنا أن نسكت ونستسيغ السكوت والذل والهوان .
قدرنا مكتوب في الحديث وفي القرآن ، قدرنا إن شاء الله أن نكون قادة هذه الأمة وعلى رؤوس الأشهاد ، قدرنا إن شاء الله أن نكون رجالاً جبارين ، نتحين الفرص للانقضاض على أعداء الله الصهاينة المعتدين ، قدرنا إن شاء الله أن نحرر بيت المقدس وكل فلسطين ، قدرنا أن يدلنا الحجر والشجر على اليهود الغاصبين ، قدرنا إن شاء الله أن لا نكون منهزمين ولا مستسلمين ولا خانعين ، بل على ربنا متوكلين ، قدرنا إن شاء الله أن نكون أعزاء على عدونا متعالين ، قدرنا إن شاء الله منتصرين أو شهداء في عليين .
هذا هو قدرنا المحتوم إن شاء الله ، هذا ما نريد لشعبنا أن يكون ، وبإذن الله هو ما سيكون ، ما هي إلا إرهاصات ثم سيقوم الفلسطيني إن شاء الله ليري العالم أجمع مقدرته على إثبات الوجود ، وبكل السبل وبشتى الوسائل ، فنحن قوم اعتدنا على تكييف الظروف لصالحنا ونحن قومٌ عرفنا بالعزة فلن نُعرف بغيرها بإذن الله .
بقلم محمد ماضي
16/9/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"