واضاف الخزاعي في كلمته خلال
القمة العربية المنعقدة في دولة الكويت ان "رسالة العراق أحملها اليكم باقة
ودٍّ ووردٍ تعبر عن اخوه صادقة وانتماء عميق لأمتنا العربية التي نتمنى لها كل خير
وعزّ واقتدار واستقراروازدهار وهي تترجم كل معاني الاخاء والانتماء هذه، حرصاً
أكيداً تتجلى بعض استحقاقاته بمقولة [أخوك من صدقك لا من صدقك] وبما تنبئ به
القراءة الواعية ليوميات عالمنا العربي الغارق بالأزمات والمطوق بالمخاطر
والتحديات والمحاصر بالمعضلات والمشكلات التي تستفز الغيارى على أمن هذه الأمة وحاضرها
والمستقبل ويحدونا أمل كبير بأن مفاهيم الأمانة والشعور بالمسؤولية وحسن الظن
ستكون أعمدة ثقة تشكل رافعــة همٍّ مشتــرك تؤهلنا لأن نكون مصداقاً، مشيرا
الى اننا من هنا نقول قد لا نختلف في توصيف الواقع العربي من المحيط الى
الخليج بالمأساوي الذي لا يسر صديقاً ولا يبشر بايذان فجر صادق تكتحل به عيون
العرب المسمرة نحو غد أفضل بخيط امل وانفراج أزمة وهو مايؤكد استمرارية تدهور
الأوضاع في منحنيات خطيرة لا تبقي ولا تذر بعدما تظاهرت على صياغاتها أحابيل قوىً
اجنبية وعتمة رؤى اقليمية و ضبابية غَبَش محلي افقد الكثيرين منا صواب الرأي ووضوح
الرؤية ولذلك اختلفنا واندفعنا كلّ وفق معطيات مساحات وعيه ودوائر همه ومديات
اهتماماته لكن القليل منا من لامس الواقع ليستنطقه ويتعاطى معه باعتدال فتخبطنا ما
بين الافراط والتفريط حتى نزفنا دماً وذرفنا دمعاً ونضحنا عرقاً ولم يبدُ في الافق
ضوء انفراج ولا وصفة علاج ومن هنا فنحن اليوم بحاجة الى مراجعة للذات والحسابات
والقرارات والأولويات لنرى أين نحن وأين هو اتجاه بوصلة كدحنا وماذا نحن
صانعون؟".
وتابع انه "ليس
معيباً ان نراجع مسيرة الذات ونعيد النظر في القراءة والحسابات والسياسات لأن من
لا يراجع نفسه يتراجع، ومن لم يكن له من نفسه زاجر ولا واعظ لم يكن له من غيرها
واعظ ولا زاجر ومن هنا فلا خيار لنا بعد هذا الشوط المضني من العمل العقيم الا ان
نراجع حسـابات الربح والخســارة لنرى ماذا قدمنــا وماذا جنينا وأين نحن والى أين
المسير وماهو مآلنا والمصير؟".
وبين اننا بحاجة الى مصارحة تعقبها مصالحة وبحاجة الى رؤية جديدة
محدداتها تقول [ لنعمل على أن نأتلف أو لنتفق كيف نختلف] وبما يستدعي تحديد سقوف
لا يتجاوزها الاختلاف كي لا يتحول الى صراع أو خلاف ومادون هذا السقف فهو التعددية
البناءة المفضيــة الى الاغنـــاء والاثــراء والامتلاء و ذلك خيار محمود هذا على
صعيد الانظمة والحكومات أما على مستوى الجامعة العربية التي يفترض بها ان تكون
مظلة كبرى يحتمي بها كل العرب عندما يتفيئون ظلالها فيجدون في أجوائها أفياء
الرجاء وأسباب الأمل المبشرة بحاضر واعد ومستقبل صاعد فهي الأخرى بحاجة الى اعادة
نظر بذاتها وهيكلية مؤسساتها وما يستتبع ذلك من ترميم وتنظيم يؤهلها للنهوض
بمسؤلياتها الجسام في حفظ أمن العالم العربي واستقراره وازدهاره وبما يتناسب
والتحولات العالمية الكبرى والتحديات الاقليمية والمحلية الخطيرة والا فقد تتحول
الى مؤسسة خيرية تكتفي بدعوتنا كل عام فيما أزمات امتنا مستحكمة ومشكلاتها متفاقمة
وبالتالي فأن رهانات شعوبنا على جامعتهم العربية قد لاتبدو متفائلة اذا ما تجمدت
عند حدود وخطوط نمطية تفتقر الى التجديد والابداع وتلك هي التغريدات الشعبية التي
غدت مسموعة في أكثر من أرض عربية وهي تعبير عن حالة احباط لابد من تبديدها من خلال
جهد شجاع لتجديدها ونحن الاولى بالتحرك والعمل الجاد لتلافيها وتوفير أسباب
تعافيها.
وخاطب الخزاعي الموجودين في
القمة بأن الخلافات العربية لم تعد سراً ولم تكن تبايناً سياسياً أو
تنظيرياً وانما تطورت سلباً لتكون صراعاً دموياً يتخندق فيه عرب ضد عرب والضحايا
هم العرب وحدهم والارهاب اليوم آفة خطيرة وشر مستطير يخطئ من يتصور انه أزمة
مصــدرة أو معضلة مستوردة انه بصراحــة صناعــة عربيـة واسلامية بامتيـــاز توظف
لاذكاء نيرانه اسلحة واموال ورجال واعلام وفتاوى ومخططات تديرها أجهزة مخابرات
وواهم من يعتقد انه بمنآى عنه وبمنجىً عن شروره ،مبينا اننا مدعوون للوقوف
بحزم ضد هذا الخطر الماثل القاتل وايماننا مطلق بأن التعاون العربي في هذا المجال
سوف يقضي على هذه الظاهرة الخبيثة المدمرة وينهيها.
واكد انه "لمن دواعي الغبطة
هنا ان نجد محاولات عربية جادة بدأت تلوح في الأفق ولا يفوتني هنا الاشادة بكل
الدول العربية المشاركة في المؤتمر الدولي الأول لمكافحة الارهاب الذي عقد ببغداد
مؤخراً ونتمنى التواصل المستمر بغية ديمومة زخمه والتفاعل معه وتفعيله كما لابد لي
أن اثمن عالياً ما أقدمت عليه بعض الدول العربية الشقيقة من اجراءات وتشريعات وسن
القوانين لمواجهة الارهاب وتجريم المشاركين فيه وهي خطوة جريئة وجديرة بالاهتمام
والاحترام واملنا أن تلتحق بها دول اخرى في هذا التوجه الجاد ،مضيفا إن ما يقوم به العراق حالياً من مواجهة دامية مع القاعدة وواجهاتها
مدعاة لدعمه عربياً لأن هؤلاء القتلة الذين لا يعرفون الا لغة الموت لايفقهون
حدوداً للعدوان ولن يرقبوا فينا أو فيكم إلاً ولا ذمة وان الذين يقاتلون اليوم في
العراق سوف يوجدون لانفسهم الذرائع والمبررات لأن يتخذوا من كل الساحات العربيــة
مكاناً لاجرامهم ودمويتهم لأنهم اعتادوا على رائحة اللحم العربي المحترق بنيران
أحقادهم ومواقد جهلهم وتطرفهم ،مشيرا الى ان" القوات الأمنية العراقية
التي تنزل الضربات الموجعة بمجاميعهم كل يوم لاتقاتل فقط دفاعاً عن العراق واهله
وانما هي في ذات الوقت تدافع عن العرب كلهم وعن المنطقة كلها.
ودعا نائب رئيس الجمهورية العرب
لدعم العراق في حربه ضد الارهاب ونحضهم على تعضيد العمل العربي المشترك وتفعيله في
هذا السياق بمافي ذلك منع وسائل الاعلام المحرضة على الارهاب من العمل والبث من
اراضيهم فضلاً عن ايواء المجرمين ومدهم بالسلاح والمال والرجال،منوها
ان"الواجب الشرعي والقومي والأخلاقي يفرض علينا تشكيل جبهة عربية عريضة
لمواجهة الارهاب في كل مكان وسوف يضع العراق تجربته الطويله في حربه مع الظلاميين
بين ايدي الحكومات العربية المبتلية به أو تلك التي تعتزم مواجهة هذا الاجرام
العابر للحدود والأوطان والطوائف والأديان.
واستطرد الخزاعي بقوله ان"
الارهابيين أعداء للحياة وأعداء للانسان ولا فرق لديهم بين ميّت دفين ينبشـــون
قبـــره أو حيّ يشقون صـــدره ليمثلوا بــه أو أسيـــرأوجريــحيحــزون نحره ويلهون
برأسه ولذلك لابد لنا من كشف فضائعهم وتسليط الأضواء على اجرامهم وتبادل المعلومات
لملاحقة فلولهم ".
وأكد ان "رسالة العراق
للعرب دعوة صادقة نحو التكامل العربي والتعاون الأقليمي على كافة الأصعدة
الاقتصادية والاجتماعية وغيرها عبرتوحيد المواقف والرؤى والسياسات لمواجهة الأزمات
والتحديات وبما يحفظ الحقوق العربية ويصون مصالحنا المشتركة وامننا المهدد وحاضرنا
المأزوم ويحقق آمال شعوبنا في غد سعيد ومستقبل رغيد".
وبشأن القضية الفلسطينية اوضح الخزاعي ان " همنا الدائم يبقى دعم
نضال الشعب الفلسطيني الذي نخشى عليه ان ينفرد به العدو الغاصب لابتزازه في لعبة
مفاوضات غير متكافئه يقف بها وحده بعد ان اختل ميزان القوى لغير صالح الفلسطينيين
والعرب جراء انشغال عالمنا العربي بأزماته ودوامة مشكلاته وعمق جراحاته ".
وفيما يتعلق بالازمة السورية اكد
موقف العراق الثابت من الازمة التي لا نرى مخرجاً منها الا عبر الحل السلمي
والحوار السياسي الذي يحفظ للشعب السوري حقوقهم وكرامتهم ووحدة اراضيهم ويحقق
طموحاتهم وآمالهم ويوقف نزفهم ويبقي على البقية الباقية من بلاده ،مبينا ان "الرهان
على الصراع والنزاع رهان خاسر يعني فيما يعني مزيداً من التضحيات والخسائر
والمعاناة والألم ونزف الدم وفقداناً للأمل واستمراراً للأزمة التي لا تقف عند
حدود سوريا وانما ستمتد لما وراء الحدود وهذا ما قلناه من قبل ونعانيه اليوم في
العراق ولبنان وربما غداً في بلدان عربية اخرى مرشحة لعدوى انتشار الدمار ووباء
البوار".
واستدرك الخزاعي اننا ايها العرب
نعدكم ونطمئنكم بأن العراق القوي الغني سيظل عصياً ابياً ما دخله غازٍ الا وخرج
منه مهزوماً أو مأزوماً وما مرّ بأرضه غزاة طامعون الا وخرجوا منها مسلمين أو
مستسلمين وسيبقى سنداً لامته العربية وقوة داعمة لكبريائها وذخيرة حية تذود عن
أرضها و عرضها كما تكافح وتنافح دفاعاً عن أبنائها وبنائها ،مؤكدا ان ابناء
الرافدين شعب عريق يعَض على جرحه ويمشي مع القافلة العربية حتى عندما يؤشر على
الخلل أويشخص الزلل لانه لايضمر لأحد سوءً ولا يتعامل مع أشقائه بدافع الانتقام
والانفعال وردود الأفعال وقد تعودنا عبر تاريخنا الطويل الجميل أن ندفع بالتي هي
أحسن وان نقابل أصحاب العقول المفخخة بالكراهية بالتسامح وذوي القلوب المليئة
بالضغينة بالتصالح ومع الأيدي القابضة على السلاح بوجهنا بالتصافح.
وفي الختام قال نائب رئيس
الجمهورية هكذا كان العراق وهذه هي رسالة شعبنا نعلنها أمامكم ايها الأخوة بصدق
ووضوح سوف تظل قلوبنا وبيوتنا وايدينا مفتوحة لأهلنا وأبناء امتنا نؤمن بضرورة
التكامل معهم والتعايش وسطهم والتعاون على البر والخير وأياهم ومن يدنومنا شبراً فسوف
ندنـــو منـه ميـــلاً وكفانا بعـداً وصــدّاً فقــد آن الاوان لان نلتقــي علــى
ونجتمع على الخير والمحبة والوئام والانسجام.
وبدأت في دولة الكويت امس
الثلاثاء اعمال القمة العربية الخامسة والعشرين التي تستمر على مدى يومين ووضعت
على رأسها أجندتها الأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع باستمرار العنف وغياب أي
أفق للحل، بينما ظهر المقعد السوري شاغرا رغم اعتراف عربي سابق بالائتلاف الوطني
المعارض، وقد تراس وفد العراق المشارك في القمة نائب رئيس الجمهورية خضير
الخزاعي.
المصدر : وكالة كل العراق الإخبارية –
أين
26/3/2014