ردني إلى بلادي - فلسطيني من العيوش

بواسطة قراءة 5676
ردني إلى بلادي - فلسطيني من العيوش
ردني إلى بلادي - فلسطيني من العيوش

أنا غريب ، وفي غربتي تلتقي فيَّ مواكب الأيام فتسمِّر كياني في لحظة خاطفة من لحظات الأبدية المتحركة أنا وحيد ، وفي وحدتي طعم العدم ينشر ظلاله في طوايا نفسي الكئيبة  أنا حزين ، وفي حزني مصبٌ لكل ما كان وهل يا ترى سيستمر وسيكون.

امتلكتُ مرارة لا أعلم كيف حلت بلساني ومتى ترحل ، حملتُ همومي على كاهلي ، عجباً كم يحمل كاهل الإنسان من أعباء ، ألهث واقفاً وجالساً ، رُدوا عليَّ أنفاسي فقد أحترقتْ بلهيب القلق من أيامي الماضية ، مشبعة بالألم  تتواكب فيها وفود الأحداث الرهيبة ، أبصرت الصبح لما أنفلق ، فأستحال إلى غَسَق، وفي فمي زفراتٌ تنطلق ، وما تلامس شيئاً إلا أحترق ، شفائي يقول لا شفاء إلا خدوني إلى ينبوع سعادتي ، وطني فلسطين، من وطني أتيتُ طفلاً إلى عاصمة الرشيد ، وقالوا هذا وطنك ، عجباً أيها القوم أيكون وطني الجديد منفاي !!.

تمرح الدنيا حولي ، وكأني أنا وحدي الذي دموعي على خدّاي أيكون وطني الجديد منفاي !!

رأيت عاصمة الرشيد بأكملها فلم تستكن روحي ولا نجواي رأيت حمائم الرشيد سوداء ، أحلامي سوداء بل قولوا بلا أحلام لم ينبت لي أي جذر في عاصمة الرشيد ولا في الموصل ولا الجنوب هيجت عاصمة الرشيد حنيني إلى وطني والعجيب أني غرست نبتة منذ طفولتي على الساحل الأزرق قريباً من أشجار الليمون والبرتقال قبل المجيء ، فأمتدت جذوري غارزة في عمق الأرض ، عمق وطني نبتتي أمست أطول من كل القامات ، وتناديني أنسيتني تهت قليلاً بين الحقيقة والخيال ، وصحوت أهتف بلا وعي ولا تعليم ولا تلقين ردني إلى بلادي ، ردني إلى وطني الحبيب فلسطين عشت عمري بطوله وعرضه أعشق من يقول ردني إلى بلادي كل طفل كل امرأة كل كهل كل ... كل... من يقول .. وعشقت فيروز أكثر لما سمعت منها تقول ردني إلى بلادي ... وأنا أردد سوف أعود .. رغم الموانع الطبيعية والمصطنعة ورغم كل الحدود سوف أعود ... فشفائي ودواءي متوفر فقط في وطني فلسطين ... ما أعذب ماءك وأطيب هواءك .. العشب فيك ورد من كل الصنوف .. عشت جميع مراحل عمري يلوحون لي في الرشيد أخونا اللاجىء الفلسطيني ... لم ينطقوا يوماً قائلين ضيفنا الفلسطيني والعرب تقول منذ القدم مرحبا يا أخا العرب واليوم ينبت مصطلح جديد ، المشردون... المشردون الهاربون من جحيم العراق .. أيها المشرد في أرض الله الواسعة لا تنسى أن تورث أبنك خيمة... يا ترى هل سيحتاجها يوماً ، ولا تنسى يا صاحبي أن ترسم عليها فلسطين. ألبسوا نسائكم وبناتكم الفساتين التي طرزتها ستي أم رجا وستي أم عبد الله وستي أم إحسان قبل مئات السنين ...  (1) الفساتين المطرزة  تراثنا يأحباب.. ولتشتبك الأيادي كلها حتى في جزيرة الواق واق ولتدبكوا جميعاً دبكة لا يهم شرقية كانت أم شمالية... ملوحين من بعيد عائدون يا فلسطين رغم كل الجراح .. عائدون الله معنا بقوته عائدون... قسماً بالله عائدون ... ردني إلى بلادي ... ردني لينبوع الحياة.

(1) مع الأعتذار لشاعرنا البرغوثي فسته ستي، وست كل الفلسطينيين.

صبايا ( مضيفات ) طيران العال الإسرائيلية يلبسن في الطائرات زي نساء بلادنا ، وزي نساءنا هو جزء لن ينفصل عن تراثنا ، كل شعوب الأرض لها تراث إلا مجتمعين وليس شعبين أمريكا وإسرائيل لأن التاريخ يقول لا وجود لهما في التاريخ .

21/8/2009

فلسطيني من العيوش

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"