الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى الذي دلنا على الخير والهدى ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى ، وبعد:
يقول ربنا جل في علاه ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( إن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) ، والآيات القرآنية والاحاديث في ذلك كثيرة، ولو جلعنا هذا الاصل منطلقا لموضوعنا بما يخص بعض السلوكيات والتصرفات والاعمال التي يقوم بها الفرد المسلم سواء في البلاد الاسلامية او في بلاد الكفر ، نجد بان هنالك ازمة حقيقية في الآداب الاسلامية والسلوكيات العامة .
بطلب من بعض الافاضل في جزيرة قبرص بحسب ما راى وشاهد من تصرفات لا تليق بالفرد المسلم خصوصا في مثل هذه الدول التي يقيم فيها، حيث اخبرنا باشكالية مستمرة تحصل وبشكل دوري في مكتب العمل في لارنكا ايام المراجعة الخاصة بالجالية الفلسطينية هناك، ومن وازع الحرص والامانة واستشعار المسؤولية طلب منا هؤلاء الافاضل الكتابة في هذا الامر والنصيحة للجميع – ولا خير فينا بلا نصيحة – من باب التنبيه والتقويم والتذكير ، والنفوس تحتاج لذلك بين الحين والآخر.
وطرح مثل هذه الاشياء والسلوكيات الخاطئة واظهارها بهذا المظهر بالصور لا يعد قدحا او انتقاصا من فرد ما او مجموعة ، بل من باب عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ... ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه، ناهيك عن نشر مثل هذه الصور في الصحف القبرصية واظهار هذه الحقائق للاسف كما هي ، ولنعلم ان اعدائنا يتربصون بنا في كل صغيرة وكبيرة للقدح بنا ومن ثم بديننا وتعاليمه السمحاء، فيجب الانتباه لذلك وعدم ترك صلب الموضوع واهماله والتركيز على قضية الصور ، فما هي الا جزء من الحالة المتكررة باستمرار.
سنذكر بداية ما يحصل عند مكتب العمل بحسب ما بلغنا ومن ثم نشخص الخلل والاخطاء وبعدها نضع العلاج ، وليس من العيب الخطأ لكن العيب كل العيب الاصرار عليه وعدم تصحيحه ومعالجته.
من المعلوم أن للجالية الفلسطينية في قبرص مخصص يومان للمراجعة وتوقيع كارت العمل وهما الثلاثاء والخميس ، إذا يعتبر هذا الاجراء هام للغاية لضمان استمرارية استلام المستحقات التي تصرف للعوائل هناك، ومع زيادة عدد الوافدين واللاجئين الفلسطينيين الى جزيرة قبرص وضرورة مراجعة جميع افراد العائلة بما فيهم النساء عدا الاطفال تكون هذه النتيجة المؤسفة التي نراها بالصور وتكاد تتكرر باستمرار.
القانون المعمول به هناك يوجب على كل من مضى على اقامته ستة شهور في قبرص مراجعة مكتب العمل كل شهر مرة، يعني هنالك تقريبا ثمانية او تسعة ايام للمراجعة بما يخص الفلسطينيين والذين يقدر عددهم بأكثر من 2500 فرد، لذلك قد تظهر بعض الاشكالات وقد رصدت العديد من المخالفات في ذلك.
المشكلة الكبرى التي هي احد اسباب ما ينتج تكمن في توجه الغالبية في بداية الشهر اما يوم الثلاثاء او الخميس ، وبالرغم من ترتيب الصفوف والنظام في بادئ الامر الا ان هذا شيئا فشيئا يصبح فوضى لان البعض للاسف ياتي متاخرا اما لانه استيقظ متاخرا من نومه او امر آخر، ويريد هذا ان يوقع كارت العمل قبل الجميع كأن يطلب ممن يقف في المقدمة ان يدخله ضمن الطابور لقرابته او معرفته او صداقته او هلم جرا ، مع ان المجتمع الفلسطيني في العراق الجميع يعرفون بعضهم البعض بمعنى ان أي شخص متاخر بامكانه الدخول في مكان متقدم من الطابور وهذا لاشك في بطلانه وعدم جواز هذا التصرف لما فيه من التجاوز على حقوق الآخرين الذين اتوا مبكرا لتلك الدائرة.
هنالك مشكلة اخرى ايضا تكمن في حضور العوائل بما فيها النساء اللواتي يجب عليهن المراجعة وعددهن كبير ، والعادة جرت على تقديم المراة من باب النخوة العربية والشهامة والاخلاق الاسلامية، وهذا طيب لكن الادهى من ذلك ان كل امراة تدخل للتوقيع يدخل معها زوجها او شقيقها او ابنها وقد يدخلوا جميعا معها بحجة انها امراة ومن العيب تبقى واقفة مع الرجال ، وبذلك يصبح من اتى مبكرا في آخر الصف وهكذا، ثم تحصل بعد ذلك الفوضى ما يضطر كبار السن وموظفو مكتب العمل بترتيب الصف وعندما لا تكون استجابة يضطر مدير مكتب العمل بطلب الشرطة لياتي ومعه صحفي وقام بالتقاط الصور التي تشاهدون بتاريخ 15-9-2009 ودار حديث بينهم على ان الفلسطينيين همجيين وغير نظاميين و ... و ... مما عكس صورة سيئة جدا عن المسلمين عامة والفلسطينيين خاصة ، ورحم الله امرءا جب الغيبة عن نفسه ومن باب اولى عن المسلمين.
قد يقول قائل لماذا كل هذا الامر وهذه التعقيدات فالامر سهل ولا يستوجب كل ذلك، ولا ينبغي ان يقحم الشرع في هذا ويكون فيه حلال وحرام !! والجواب على ذلك يكون كالتالي :
اولا: يجب ان لا نفرق بين العقائد والعبادات والآداب والسلوكيات والمعاملات ، ولا نفرق ايضا في القضايا الدينية والشؤون الحياتية ، بل هذا ما يريده العلمانيون من خلال فصل الدين عن الدولة او الحياة اليومية وربنا يقول ( يا ايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) فالاسلام دين شامل لجميع الامور الدينية والحياتية وفيه الخير كله.
ثانيا: كل مسلم له حق من الحقوق سواء في ما يقوم به من مراجعة او وقوف في الطابور او غير ذلك، وينبغي ان لا نتجاوز هذا الحق باي حال الا بالاستئذان من الجميع ووجود ضرورة في ذلك، ولخطورة هذا الامر يقول عليه الصلاة والسلام كما في الحيدث الذي رواه الامام مسلم (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه ، فقد أوجب الله له النار ، وحرم عليه الجنة . فقال له رجل : وإن كان شيئا يسير ، يا رسول الله ؟ قال : وإن قضيبا من أراك ) أي سواك ، فقد يكون هذا التقديم بين يدي الطابور احد اسباب تاخر استلام مستحقات زيد من الناس فيتاخر سداد الدين الذي عليه ، او قد يحرم من مستحقاته عمرو هذا الشهر بسبب تاخر مكانه في الصف نتيجة لدخول غير المستحقين لذلك، وبذلك ترتب ضياع حق ، مع اننا نقول هذا في الغالب لا يكون عن قصد او تعمد لكن لابد من الانتباه لخطورة ذلك.
ثالثا: يجب علينا ان لا نتساهل ونستصغر أي فعل او امر نقوم به فربنا تعالى يقول ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ولتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا ) وقال عليه الصلاة والسلام (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل يهلكنه ) لذلك علينا ان لا نعبد الا الله وان لا نعبده الا بما شرع ، وهذا معنى قول : لا اله الا الله .
رابعا: قد يرضى الشخص بادخال من تاخر امامه حياء منه ، وقد قيل ما اخذ حياء اخذ غصبا ، لذلك ينبغي ان لا يقدم على هذا التصرف انسان لخطورته .
بعد ان تم تشخيص الحالة وبيان عدم مشروعية هذه التصرفات ، لابد من وضع مقترحات وحلول عملية ويجب ان يساهم في ذلك الجميع وكل بحسب مكانته ودوره في هذا المجتمع، لذلك نقول :
اولا: يجب ان يكون هنالك تثقيف وتوصية وتنبيه ونصح مستمر من قبل كبار السن والمثقفين والشخصيات التي لها دور وعلاقات واسعة لا سيما عن طريق السفارة الفلسطينية او المسجد او جمعية حقوق الانسان او الشخصيات المستقلة العاملة في تلك الاجواء، مع ضرورة بيان خطأ وخطورة مثل هذه التصرفات الفردية التي تنم عن حب الذات وتقديم النفس وحظوظها على الآخرين والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه ) فليستشعر كل من يقوم بذلك هل حقيقة احب لاخيه ما يحب لنفسه ؟!!.
ثانيا: محاولة تنظيم وترتيب الذهاب لمكتب العمل كان يكون للنساء يوم الثلاثاء والخميس للرجال، مع ضرورة الحث على الوقوف بالدور وعدم التقدم من غير حق واحترام حقوق الآخرين ، وهذا يدخل في قول الله عز وجل ( وتعاونوا على البروالتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) .
ثالثا: نقترح تشكيل لجنة تطوعية تشمل جميع الفئات لتنظيم وترتيب عملية الذهاب لمكتب العمل بالاعتماد على كشوفات العوائل ولا باس بالتنسيق مع موظفي مكتب العمل في ذلك لتدارك أي اشكالية قد تحصل من هذا النوع، ولا باس بتقسيم الناس لمجاميع وعمل قرعة لتحديد يوم كل شخص او مجموعة او عائلة او فئة بحسب ما ترونه مناسبا ويتم تعليق ذلك الجدول المنظم في المسجد او تعميمه على العوائل ونحن في موقع" فلسطينيو العراق " على استعداد للتعاون بنشر ما ترونه مناسبا لتلافي وتدارك هذه الاشكاليات وتسهيل عملية المراجعة من غير اي اضطرابات.
رابعا: على جميع الفلسطينيين هناك تحمل المسؤولية وتحسين صورة الفرد المسلم العربي ، لاسيما انتم اصحاب قضية ووقع عليكم من الظلم الشيء الكثير بسبب الاضطهاد الذي تعرضتم له من قتل وتشريد وتهجير وانتهاكات اوصلتكم لهذا المكان وهذا الموقف الذي لا يحسد عليه اهله، فلا ينبغي ان نشمت بنا الاعداء او المخالفين لنا بالدين مع ان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول ( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ) وديننا دين اخلاق قويمة وسلوكيات صحيحة وآداب نموذجية.
وأخيرا: يقول ربنا سبحانه ( ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ) فهذا خلق رفيع من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام الذين هم قدوتنا في كل شيء فحري بنا لاسيما من تواجد في بلاد الكفر ان يكون داعية لدينه بسلوكياته كما فتح التجار الاوائل دول شرق آسيا بحسن سلوكهم وصدق تعاملهم ، فكيف بنا نكون قدوة لهم اذا كان هذا حالنا وكما قيل :
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام
فكلنا امل باهلنا واحبتنا في قبرص ان يتعاونوا ويتكاتفوا لما فيه خيرهم وصلاحهم وتنظيم امورهم الحياتية والابتعاد عن كل ما فيه الاساءة لهم او لغيرهم ، وترك المشاحنات وسوء الظن والالتفات لما ينتظرهم من مصير مجهول ، نسال الله ان يحفظهم جميعا وييسر امرهم ويثبت اقدامهم ويعينهم بجميع امورهم.
ملاحظة من ادارة الموقع: قد ينزعج البعض من نشر هذه الصور في الموقع لكن هذا هو الواقع وهذه هي الحقيقة وقد نشرت في الصحف القبرصية فأن تنشر بيننا من باب اولى واحرى من باب النصح ، ليكون درسا للجميع في التزام الشرع والنظام في كل صغيرة وكبيرة ، وهذه الصور تظهر اعداد الفلسطينيين وهم متجمهرين في صالة الانتظار وقد اغلقوا الباب حتى على المراجعين من الجنسيات الاخرى وبعد حضور الشرطة طلبوا منهم الوقوف صفا واحدا وللاسف لم يستجب احد مما اضطرهم الى ان يخرجوهم الى الشارع وطلبوا منهم الوقوف صفا واحدا وايضا لم يستجب احد كما هو واضح في الصور حيث اغلق باب الدائرة بالكامل على المراجعين.
مدير تحرير موقع " فلسطينيو العراق"
1/10/2009
هذا الخبر بما فيه من تفاصيل حصري لموقع " فلسطينيو العراق "
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"