البداية في العراق
إثر هزيمة نظام صدام حسين
في حرب احتلاله المشين لدولة الكويت عام 1991 ، قام هذا النظام الديكتاتوري بقمع
وحشي لانتفاضة الشعب العراقي رافقتها حقيقة مقابر جماعية وقصف بالكيماوي لمناطق
كردية خاصة في مدينة حلبجة، أما مدينة الحويجة فقد شهدت قتل وتدمير لا يوصف. إثر
الإطاحة بنظام صدام حسين في التاسع من أبريل 2003 ثم إعدامه صباح الثلاثين من
ديسمبر 2004 ، شاعت في الأوساط العراقية معلومات عن مشاركة فلسطينيين في قمع
انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 مما أدى لتعرض أماكن اقامتهم خاصة "حي
البلديات" في بغداد لهجمات مسلحة كانت شبه يومية، أدت إلى مقتل العشرات منهم،
وهجرة ألاف إلى دول الجوار خاصة الحدود السورية والأردنية، حيث بقوا عالقين سنوات
مما أدى إلى تدخل وكالة الغوث وتهجير غالبيتهم إلى دول مختلفة، وصل مئات منهم إلى
البرازيل. وفي حالة صحة معلومة مشاركة فلسطينيين مع جيش صدام حسين في قمع انتفاضة
الشعب العراقي عامي 1991 ، وأنا لا أستبعد ذلك خاصة من عناصر البعثيين الموالين
لصدام وعناصر ما كان يسمّى (جبهة التحرير العربية) وهي مجرد دكان صدّامي لا علاقة
له بفلسطين ولم يقم بأية عملية ضد الاحتلال "الإسرائيلي" ولا وجود له
داخل المناطق الفلسطينية سوى البيانات الخطابية. والسؤال الذي له علاقة بعنوان
المقالة: ما هو مصير هذه العناصر لو رفضت أوامر صدام حسين؟ هل سيكون غير السجن
والقتل؟.
وقد سبق ذلك اثناء احتلال
الكويت
عام 1990 بسبب ما قيل عن
عدم تنديد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بغزو صدام واحتلاله للكويت، وقيام نفس
عناصر (جبهة التحرير العربية) وفلسطينيون آخرون بالعمل كأدلاء ومرشدين للجيش
الصدامي أثناء غزوه واحتلاله، متناسين أنّ ظهور المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركة
فتح كان من وفي الكويت حيث كان يعيش ويعمل فيها أهم قادة فتح مثل ياسر عرفات، أبو
إياد، خليل الوزير،خالد الحسن، سليم الزعنون وغيرهم، وكانت الكويت منذ عام 1967
تستقطع عشرة بالمائة من رواتب الفلسطينيين العاملين فيها (يزيدون عن 400 ألف)
وتذهب هذه النسبة للصندوق القومي الفلسطيني، غير المساعدات المالية والعينية
الحكومية والشعبية الكويتية. لذلك أعقب تحرير الكويت من الغزو الصدامي طرد مئات
ألاف الفلسطينيين، حيث تؤكد بعض المصادر أنّ من بقي في الكويت حتى اليوم لا يتجاوز
35 ألفا غالبيتهم من حملة الوثائق المصرية غير المسموح لهم بدخول أية دولة عربية
بما فيها مصر الصادرة باسمها وثيقة السفر للاجئين الفلسطينيين، وهذا العدد الذي
بقي في الكويت ممنوعون من العمل في الدوائر والجهات الحكومية الكويتية.
والآن في مصر وسوريا
حيث يطرح السؤال والحالة
المهمة: أين يقف الفلسطيني؟ مع النظام أم الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام؟.
انتشرت في مصر معلومات صحفية واسعة عن علاقات الرئيس المصري المعزول محمد مرسي
بحركة حماس، وتمّ التهويل من هذه المعلومات لدرجة أنّ العديد من وسائل الإعلام
المصرية تنسب غالبية العمليات الإرهابية في منطقة سيناء المصرية لحركة حماس،
وادّعت بعض وسائل الإعلام المصرية أنّ حماس أرسلت ثلاثين ألف مقاتل لدعم نظام
الرئيس المعزول، مما أوجد نتيجة ذلك انتشار ظاهرة كراهية وشيطنة الفلسطيني في
الشارع المصري. أمّا في سوريا فالوضع أكثر تعقيدا إذ تمّ إقحام أكبر مخيم فلسطيني
في سوريا وهو مخيم اليرموك في أطراف العاصمة دمشق، في عمق الحرب القائمة بين
المعارضة السورية والنظام السوري، مما أدّى إلى مقتل المئات وتهجير الآلاف منهم
إلى العديد من الدول وتدمير واسع لغالبية المخيم، هذا في حين مشاركة علنية لقوات
من (الجبهة الشعبية- القيادة العامة) لصاحبها أحمد جبريل في القتال مع قوات النظام
السوري ضد قوات الثورة السورية.
إنّها حالة بين نارين فعلا
ففي كافة الأقطار العربية
تريد الأنظمة أيا كانت هويتها وخلفيتها أن يقف اللاجىء الفلسطيني معها قلبا
وقالبا، وكذلك تريد كافة القوى المعارضة للأنظمة والمحاربة ضدها. فإنّ وقف اللاجىء
الفلسطيني مع الأنظمة فهو مدان ومجرم من قبل قوى المعارضة، وإن وقف مع قوى
المعارضة فهو مدان ومقتول من قبل الأنظمة، وإن وقف على الحياد أي ساكتا صامتا لا
علاقة ولا دخل له بما يجري في أي قطر عربي، فهو مدان ومغضوب عليه من الأنظمة
والقوى المعارضة المحاربة لها. وهذا الانقسام لم تخلو منه الساحة الفلسطينية
الداخلية، فهناك قوائم لكتاب وصحفيين يؤيدون النظام السوري علنا، وقوائم أخرى
مضادة للنظام وتدعم الحراك الثورة السورية علانية، وفي القدس المحتلة نفسها وقّع
ما يزيد عن مائة كاتب وصحفي فلسطيني بيانا واضحا صريحا لدعم الثورة السورية ضد
نظام بشار الاسد رافعين في بيانهم شعار ( لا نريد تحرير القدس إن كان على حساب
دماء الشعب السوري ).
فأين يقف اللاجىء
الفلسطيني؟ ما هو رأيكم بهدوء وموضوعية بعيدا عن الاتهامات والشتائم كمحاولة منّا
جميعا للوصول لقواسم مشتركة جوابا على هذا السؤال الحسّاس والمهم للجميع فلسطينيين
وعربا.
المصدر : إيلاف
2/12/2013