نحن العراقيين ملكيون أكثر من الملك
بقلم مهدي قاسم
تعوّدنا نحن العراقيين أن نكون ملكيين أكثر من
الملك ، فيما يتعلق الأمر بقضايا العرب ” المصيرية ” بل اكثر حماسا و غليان دم
فوّارا من العرب الآخرين !! ..
إذ ما أن أعُلن عن ” تطبيع ” العلاقة بين
الإمارات العربية و إسرائيل حتى اشتعلت المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي
للعراقيين ، استنكارا وتنديدا ومسبة و تسقيطا ضد حكام الإمارات العربية فضلا عن
تخوين وتحقير ..
و بدافع فضول وحب استطلاع تصفحت مئات مواقع
وصفحات التواصل الاجتماعي للعرب الآخرين فكانت ردود الفعل هادئة ، وبعضها حتى
حيادية ، ولكن ما عدا رد فعل كثير من العراقيين الذي ــ سبقنا و أسلفنا قبل لحظات
ــ كانت عنيفا ومتشنجا يفوق حتى ردود فعل الفلسطينيين في بعض الأحيان !!..
ولكن في مقابل ذلك نجد العرب ومعهم الفلسطينيين
أيضا ــ عموما ــ ليس فقط لا يعيرون أية أهمية لما تصيبنا من مصائب وكوارث ونوائب
ــ بعضها بسببهم ومن أفعالهم ــ إنما يسخرون منا مرددين وصف الحجاج بن يوسف الثقفي :
ــ أهل العراق أهل الشقاق والنفاق ” !..
طبعا مع كره شديد لنا لأنهم لا يستطيعون نسيان ”
جريمتنا” الفادحة بإعدام صنمهم المعبود و الطاغية البائد صدام ..
دون أن نُشير إلى قيام مئات من العرب ــ ومن
ضمنهم فلسطينيون من غزة ــ بتفجيرهم أنفسهم على العراقيين العُزل في الأسواق
والساحات والشوارع والتسبب بمقتل عشرات آلاف منهم
..
وإذا كنتُ أفهم احتجاجات الأحزاب ” الشيعية ”
ومليشياتها لكونها تأتي على شكل أوامر لهم من طهران ، فإننا لا نفهم غيرهم من
العراقيين لماذا حارقين قلوبهم أكثر من الفلسطينيين حتى ، بخصوص هذا التطبيع ،
فأليس الأجدر بهؤلاء الاهتمام بمشاكل وطنهم وبهموم شعبهم بدلا من توجيه شتائم ضد
الإماراتيين ؟ ..
ملحوظة : قبل فترة رأيت صورأ عن قطاع غزة
وشوارعها المبلطة والنظيفة جيدا ، و عن مدارس التلاميذ العصرية وملابسهم الأنيقة
وعن التيار الكهربائي التي لا ينقطع والماء العذب والصالح للشرب الذي لا ينقطع هو
الآخر ، والمباني الحديثة ، وقارنت كل ذلك بأوضاع بغداد الخدمية المزرية وشوارعها
المتكسرة بأرصفتها سوية ، وبكثرة نفاياتها و أبنيتها الهرمة والمهترئة والمكسوة
بالغبار والسخام ..
فكان الفارق كبيرا جدا
..
صوت العراق
26/12/1441
16/8/2020