الغَيرَة بين الماضي والحاضر - ياسر الماضي

بواسطة قراءة 2569
الغَيرَة بين الماضي والحاضر - ياسر الماضي
الغَيرَة بين الماضي والحاضر - ياسر الماضي

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :-الغَيرة هذه الكلمة التي طالما أشتهر بها الرجل العربي فأصبحت صفة ملازمة له فكلما ذُكر اسم العربي ذكرت الغيرة وكلما ذكرت الغيرة ذكر العربي حتى أن العرب كانوا يتفاخروا بمواقفهم ويتغنوا بها في أشعارهم فقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى فاطمة والسواك في فمها فقال: أحللت يا عود الأراك بثغرها ،،، أما خفت يا عود الأراك أراك لو كنت من أهل القتال قتلتك ،،، ما فاز مني يا سواكُ سواكَ, حتى وصلت الغيرة بالعربي في الجاهلية أن يقتل بناته خوفا من العار فانتشرت هذه العادة حتى ذكرها الله تعالى في القران الكريم {وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت} حتى جاء الإسلام فتمم مكارم الأخلاق وأكد على الغيرة وحرم قتل البنات ثم أتت التعاليم الربانية توضح معنى الغيرة وذلك بمسؤولية الرجل على أهل بيته فقال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} قال ابن عباس - رضي الله عنهما وأهليكم" يعني مروهم بالخير، وانهوهم عن الشر، وعلموهم وأدبوهم تقوهم بذلك، "ناراً وقودها الناس والحجارة" وكذلك قال صلى الله عليه وسلك (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ....... الحديث)  ومن أجل  الغيرة وأهميتها حرم الله الفواحش, روي أن سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فقال الرسول: أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن , لذلك فان ضعف الغيرة عند الرجل  يدل على خسته و ضعفه وذهاب دينه بل يكون مذموما منبوذا بين الرجال والنساء ولذلك فأن الغيرة حقيقة ليست مقصورة على الرجال فحسب بل كذلك نساء العرب اشتهرن بهذه الصفة العظيمة كما ورد من أقوال العرب قول ( تموت الحُـرّة ولا تأكل بثدييها )  وقالت هند بنت عتبة – رضي الله عنها – عندما جاءت تُبايع النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، فكان أن أخذ عليها في البيعة ( وألاّ تزنين ) قالت : أوَ تزني الحُـــرّة !!! يا رسول الله متعجبة أو يصدر هذا الفعل من حرائر العرب , لذلك كانت العرب تسمي من لا يغار على أهله وعرضه بالديوث ومعنى هذه الكلمة قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (ثلاثةٌ قد حَرّمَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - عليهم الجنةَ : مُدْمِنُ الخمر ، والعاقّ ، والدّيّوثُ الذي يُقِرُّ في أَهْلِهِ الخُبْثَ) رواه أحمد والنسائي . والخبث المقصود به الزنا  وبواعثه ودواعيه وأسبابه من خلوة ونحوها, لذلك كان سيدنا علي رضي الله عنه ينكر على بعض الرجال حين يتركون النساء يزاحمن الرجال في الأسواق , ويعتبره من قلة غيرة الرجل على أهله ,هكذا كان غيرة الصحابة رضي الله عنهم ومن قبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو اشد منهم غيرة  يقول النبي صلى الله عليه و سلم : رأيتني في المنام كأنني في الجنة فرأيت قصر عظيم ورأيت أمراه تتوضأ أمام القصر فسألت لمن هذا القصر فقيل لى لعمر بن الخطاب يقول فتذكرت غيره عمر على النساء فوليت " فبكى عمر و قال أو مثلى يغار على مثلك يا رسول الله ...!! , بل حتى الحيوان كما تعرفون فطره الله تعالى على الغيرة فنرى أن كثير من ذكور الحيوانات على مختلف أصنافها تغار على إناثها ولا تجعل الذكور يقترب من إناثها ألا بعض الحيوانات التي عاقب الله تعالى أقواما فمسخهم قردة وخنازير فنرى إنها عديمة الغيرة , ومن القصص التي حصلت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قصة المرأة المسلمة المنقبة التي دخلت سوق يهود بني قينقاع فحاول بعض رجال قريش أن ينزعوها خمارها فأبت فقام احدهم بسحب ثوبها فقام إليه رجل من المسلمين كان في السوق فقتله  فتألب عليه اليهود فقتلوه فكانت هذه الحادثة سببا رئيساً لطرد اليهود وإجلائهم من المدينة , هكذا كانت غيرة الرجل العربي على نساءه بل حتى على النساء من دينه وبلده وهذه التي ذكرتها من بعض النماذج وكتب التاريخ زاخرة بمثل هذه القصص وقلما تجد صورا مغايرة لهذه النماذج , لكن عندما نأتي إلى واقع حالنا في هذا الوقت نجد صوراً يندى لها الجبين من تصرفات بعض الرجال والنساء , فهذا الذي يمشي مع زوجته وبناته أمام العراة على بلاج البحر ولا يهتز له عرق وذاك من يدع زوجته أو أبنته  تسافر من بلد إلى بلد لوحدها  من غير إضطرار على حجة تغيير الجو والتنزه ناهيك عن أمور الاختلاط بين الرجال  وذاك يقول لصحابه ما شاء الله زوجتك جميلة فيرد عليه شكرا لك أيضا أنت زوجتك جميله وهم يتبادلون الإبتسامات  وغيرها من الأمور ألتي نسمعها  يستحي المرء أن  يذكرها ويعددها أقول يا سبحان الله كيف ذهبت غيرة هؤلاء الرجال على زوجاتهم وبناتهم ومحارمهم كيف وصلوا لهذه الدرجة من الخسة حاشاكم وكيف الآن أصبحت أغلب الشوارع العربية لا تفرق بينها وبين شوارع الغرب من كثرة النساء العاريات أليس لهذه النساء رجال , الحقيقة  حاولت أن أبحث كيف نزل الإنسان العربي المسلم لهذه الدرجة ولهذا المستوى طبعاً دون تعميم, فوجدت كلام عظيماً لابن القيم رحمه الله قال فيه (ومن عقوباتِ الذنوب أنـها تُطفئ من القلب نارَ الغيرة) هي الذنوب إذاً وارتكاب المعاصي تٌفقد الرجل غيرته وتجعله ضعيف الشخصية أمام أهله على فلا يستطيع أن ينكر منكرا أو يستقبح قولاً أو فعلا ًبل قد يتمادى لدرجة أن يسره ما يراه منهن فيصل إلى درجة الدياثة لذلك كان الديوث أخبث خلق الله  فطرده الله تعالى من رحمته  والعياذ بالله  لذلك فان الغيرة هي أصل الدين فإذا ماتت في قلب إنسان فان هذا يدل على موت الإيمان في قلبه , والنساء عموما زوجاً أو بنتاً أو أختاً تحب من يغار عليها  فتشعر بالأمان مع رجل يغارعليها  لذلك قال العلماء أن من أسباب وقوع الطلاق هو قلة الغيرة بين الزوج والزوجة , ولهذا كان حفظ العرض من الضرورات الخمسة ولهذا مدح الله تعالى الحافظين فروجهم والحافظات في أكثر من مكان في كتاب الله تعالى وفي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ,اللهم إنا ندعوك أن ترد شبابنا وبناتنا إلى دينهم رداً جميلاً اللهم يا مقلب القلوب ثبتنا على دينك اللهم أحفظ بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم ولي بلاد المسلمين خيارهم يقيمون شرعك وعدلك ,اللهم آتنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

 

ياسر الماضي

21/5/2011

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"