الشرق الأوسط : عائلة فلسطينية في العراق: عشنا الحروب والحصار.. ولا نريد المغادرة

بواسطة قراءة 5394
الشرق الأوسط : عائلة فلسطينية في العراق: عشنا الحروب والحصار.. ولا نريد المغادرة
الشرق الأوسط : عائلة فلسطينية في العراق: عشنا الحروب والحصار.. ولا نريد المغادرة

أحدهم لـ «الشرق الأوسط» : تزكية أبناء المنطقة جعلتنا في مأمن من التصفية

بغداد : «الشرق الأوسط»                        

لا شك أن الفلسطينيين الذين استوطنوا العراق منذ عقود متوالية، قد اعتادوا على حياة هذا البلد وتكلموا لهجته كما تناسبوا مع أفراده ورزقوا بذرية كبرت وتعلمت بجانب أبنائه.

«الشرق الأوسط» حاولت أن تستقصي حياة هذه الشريحة فكانت أولى محطاتها «مجمع البلديات»، شرق بغداد، الذي تسكنه غالبية فلسطينية، وللوهلة الأولى عند الوصول إلى هذا المجمع يخيل إليك أنك أمام مجمع تسكنه عوائل عراقية، لكن ما أن تطأ قدمك شوارع هذا المجمع الذي بني إبان النظام السابق، حتى تشعر وكأنك تعيش خارج حدود البلاد، فأغلب قاطني هذا المجمع يتحدث باللهجة الفلسطينية ولا يتحدثون فيما بينهم إلا بها، وعند الاستدلال لمكان ما فإنهم يبادرون بمساعدتك، لكن بلهجة عراقية متقنة.

ويقول أبو أحمد، صاحب محل لبيع المواد الغذائية في المجمع، «إن للفلسطينيين حياتهم الخاصة داخل مجمعهم هذا، فتراهم يحرصون على التكلم بلهجتهم الأم (كما يسميها)، وهي عادات حرصت أغلب العوائل الفلسطينية الالتزام بها ليتمكن أطفالهم التحدث بلغة وطنهم الأم فلسطين».

ويتابع بلهجة عراقية بدت متقنة للغاية «هذا لا يعني أننا لا نتحدث اللهجة العراقية، بل العكس، نحن نعيش في هذا البلد منذ خمسينات القرن الماضي واعتبره وطني سيما بعد أن تزوجت ورزقت بأطفالي الذين أضحوا شباباً الآن».

وحول أوضاعهم الحالية، قال أبو أحمد «لقد عانينا الكثير، حالنا حال أغلب العراقيين، خاصة خلال العنف الطائفي الذي عصف بالبلاد، وهناك العديد من العوائل التي فرت إلى خارج البلاد، فضلاً عن العديد منهم الذي ما زال يقيم في مخيمات (الوليد والتنف) على الحدود السورية» مشيراً «أن صعوبات جمة نعاني منها لا سيما وان النظرة التي تؤخذ على الفلسطينيين بأنهم كانوا يحظون بدعم من النظام السابق..نحن عشنا في هذا البلد ولا نريد مغادرته».

أما ابتسام، ربة بيت كانت تتشح بالسواد، فتكلمت بلهجة فلسطينية واضحة فتقول «أصبحنا نخاف كل شيء، كنت أسكن في منطقة بغداد الجديدة، وبسبب المضايقات فقدت ولدي البكر الذي ذهب ضحية شجار بين شباب المنطقة التي أسكن فيها ومجموعة مسلحة كانت تنتشر هناك، الأمر الذي جعلني أترك منزلي واتجه للعيش في مجمع البلديات لضمان حماية أهالي المجمع للعوائل التي تسكن فيه فضلاً عن حماية الأجهزة الأمنية المستمرة للمجمع».

أما المحطة الثانية فقد كانت في منطقة حي الأمين، شرق بغداد، الذي تسكنه عدد من العوائل الفلسطينية، ويقول أبو عبد الله، سائق تاكسي «نسكن دارنا منذ عشرات السنين، والدي كبير في السن وعمل في مهنة بيع الأقمشة وتوارثنا المهنة، لكن بسبب الظروف التي مرت بها البلاد عانينا الكثير، الأمر الذي حدا بي إلى العمل كسائق أجرة لأضمن لعائلتي حياتها»، ويضيف « الظروف الأخيرة، أثرت فينا، لكننا في نفس الوقت لم نترك منزلنا على الرغم من التصعيد الذي حصل قبل سنوات ضد الفلسطينيين، إلا أن تزكية أبناء المنطقة لنا عند الجهات التي كانت تسيطر آنذاك على المنطقة جعلتنا في مأمن من التصفية أو الثأر».

جريدة الشرق الأوسط : العدد 11092 الشبت 15 ربيع الثاني 1430 هـ 11 أبريل 2009