يعلق السباخي آمالا عريضة على عمله معلما في الكويت
لتحسين أوضاع أسرته المعيشية المكونة من زوجة وطفلين إضافة إلى والدته وشقيقين
يصغرانه في السن، يعيشون جميعا في قطاع غزة وسط ظروف شديدة الصعوبة.
السباخي يشعر بأن عليه وزملائه عبئا كبيرا لإثبات
جدارتهم بهذا الاختيار وهذه المسؤولية لا سيما في ظل ما وجدوه من حفاوة وترحيب
بالغين منذ وصولهم.
لم يكن مجيء هذه الدفعة بالأمر السهل، إذ واجه دخول
الوفد الكويتي لغزة بغية إتمام الاختبارات مع المتقدمين منتصف أغسطس/آب الماضي بعض
العراقيل التي وضعها الاحتلال، مما استدعى تدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بحسب تأكيد
السباخي.
وللسنة الثانية على التوالي، تواصل وزارة التربية
الكويتية سياستها الجديدة باستقدام معلمين فلسطينيين، إذ استقبلت الكويت الأسبوع
الماضي سبعين معلما من محافظات قطاع غزة، وهي الخطوة التي سبقها قبل أسبوعين وصول
37 معلما ومعلمة آخرين من محافظات الضفة الغربية.
وقد بدأ الحديث عن عودة المعلمين الفلسطينيين قبل ثلاث
سنوات، لكنه طبّق فعليا في العام الدراسي الماضي عبر التعاقد مع 43 معلما ومعلمة
من أبناء الضفة الغربية، كما يؤكد السفير الفلسطيني في الكويت رامي طهبوب للجزيرة
نت.
وبحسب طهبوب طلبت الكويت خلال العام الماضي التعاقد مع
180 من المعلمين، إلا أن الأمر اقتصر في النهاية على 43 معلما فقط لاعتذار كثير من
المعلمين وقتها لظروف مختلفة.
الخطوة الكويتية وضعت حدا لتوقف استقدام المعلمين
الفلسطينيين في أعقاب الغزو العراقي، وهي المدة التي يقول طهبوب إنه لا يحب أن
يتذكرها، واصفا إياها بأنها "فترة سوداء" باتت من الماضي بالنسبة
للجانبين، معتبرا في الوقت نفسه أن القرار الكويتي كان ردة فعل طبيعية إزاء الموقف
الفلسطيني الرسمي في ذلك الحين.
يصف طهبوب العلاقات الكويتية الفلسطينية حاليا بأنها
ممتازة، الأمر الذي مهّد بدوره لعودة المعلم الفلسطيني استنادا إلى الرصيد الكبير
الذي يتمتع به في مجال التعليم بالكويت.
وينسب للمعلم الفلسطيني الفضل الأكبر في غرس بذور
النهضة التعليمية في البلاد، إذ وصلت أولى البعثات الفلسطينية إلى الكويت عام
1936، وكانت تتألف من أربعة معلمين قادوا مع نظرائهم من مصر مهمة النهضة التعليمية التي
نقلتها الكويت فيما بعد إلى دول الجوار الخليجي.
لا يتوقف الأمر بالنسبة لعروب ضميري، إحدى معلمات
الضفة، فقط عند حد تحسين الوضع المادي، إذ تشعر بالفخر لتمكنها أولا وقبل أي شيء
من العمل معلمة، محققة بذلك أحد أهم أهدافها على المستوى الشخصي.
المعلمة الأولى
تحلم عروب ذات الخمسة والعشرين ربيعا في أن تحصد لقب المعلمة
الأولى على مستوى الكويت وفلسطين معا، لذا تعمل جاهدة في الوقت الحالي على تدارك مشكلات
اللهجة الكويتية وصعوبة فهم بعض الكلمات، مما يستدعي منها الاستعانة
بزميلاتها في قسم الرياضيات اللاتي لا يتأخرن في تقديم المساعدة لها.
يتندر زملاء عروب معها بأنها ابنة أرض الزيتون والزعتر
وإليهما يرجعون ذكاء المدرس الفلسطيني، لكنها تختلف معهم مؤكدة أن الجد والاجتهاد
في العمل فقط يرجع لهما الفضل في تفوق المعلم الفلسطيني وتميزه.
ويقدر عدد المعلمين في الكويت بنحو 66 ألف معلم
ومعلمة يتولون مهمة التدريس لنحو 330 ألف طالب وطالبة يتوزعون على نحو 700 مدرسة
بمناطق البلاد المختلفة.
وبحسب الرئيس السابق لجمعية المعلمين الكويتية متعب
العتيبي فإن المعلمين الوافدين حتى العام 2011 كانوا يشكلون نحو 50% من
إجمالي المعلمين في البلاد، إلا أن هذه النسبة تراجعت فيما بعد بفضل إقرار كادر
المعلمين الذي شجع كثير من أبناء الكويت على الالتحاق بحقل التدريس لترتفع نسبتهم
لنحو 70%.
ووفقا للعتيبي، فإن خطوة استقدام المعلم الفلسطيني جاءت
لتميزهم السابق في حقل التعليم، فضلا عن تطبيق سياسة التنوع التي تنتهجها
الوزارة، مما يتيح لها تحقيق أكبر فائدة مرجوة.
ويؤكد العتيبي أن سياسة التنوع تلك تمكن الجانب الكويتي
من الاستفادة بما يتميز به كل قطر عربي على مستوى التدريس، إذ على سبيل المثال
يتميز المغرب وتونس بجودة مدرسيهما في تخصص اللغة الفرنسية، في حين يحظى المعلم
الفلسطيني بتقدير كبير في تخصصي الفيزياء والرياضيات، بينما يقتسم المدرس المصري
والسوري التميز على مستوى اللغة العربية.
المصدر : الجزيرة نت
30/2/1440
8/11/2018