"تسعى إسرائيل لنزع صفة "لاجئ" عن أبناء الفلسطينيين الذين هجّروا من فلسطين إثر نكبة عام 1948 وما بعدها، بحجة أن هؤلاء ولدوا أصلا خارج فلسطين وهم ليسوا لاجئين بل مواطنون بالمنطقة التي ولدوا فيها"
وأشارت
وسائل إعلام إسرائيلية إلى بدء مساعي وزارة الخارجية الإسرائيلية في الأمم المتحدة
لتغيير الصفة القانونية الخاصة بتعريف اللاجئين الفلسطينيين.
محاولات تغييب قرار
نقل عن ممثل إسرائيل في الأمم
المتحدة رون بريسور قوله "إن العقبة الرئيسية في وجه عملية السلام هي حق
العودة للاجئين الفلسطينيين وليست المستوطنات."
واعتبر بريسور أن نقل صفة لاجئ
لتمنح لأبناء اللاجئين الفلسطينيين -الذين غادروا قراهم ومدنهم بعد قيام إسرائيل-
هو أمر مضلل، منوها بأنه في عام 1950 وصل عدد اللاجئين إلى سبعمائة ألف،
وأصبح عدد هؤلاء اليوم خمسة ملايين ومائة ألف لاجئ، مشيرا إلى أن الأمر يعتمد على
كيفية
وأسس تعدادهم.
وانتقد بريسور سياسة وكالة
الأونروا التي تسمح للاجئين الفلسطينيين بنقل هذه الصفة إلى أبنائهم، معتبرا أن ما
تقوم المنظمة الدولية في هذا الشأن مضلل.
يشار إلى أنه تم عقد مؤتمر صغير في
نادي هارفرد بمانهاتن في نيويورك قبل أسابيع عدة شاركت فيه شخصيات وخبراء، من
بينهم بريسور الذي تناول موضوع اللاجئين الفلسطينيين واعتبر أن قضيتهم هي القضية
الأساسية التي تعيق التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد ركز مؤتمر هارفرد على ضرورة
صياغة تشريعات في الولايات المتحدة تهدف إلى إنهاء عملية "النقل الأوتوماتيكي" لصفة لاجئ من الأب الفلسطيني
إلى أبنائه، تلك العملية التي تجري منذ .1948
وقد ترافق ذلك مع مطالبات
إسرائيلية بضرورة تبني الإدارة الأميركية فكرة الضغط على السلطة الفلسطينية من أجل
الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، بغية تهيئة الظروف لشطب القرار 194 من أجندة
الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم
فلسطين.
اللاجئون اليهود
من جهة أخرى، تحاول المؤسسة
الإسرائيلية اختلاق فكرة "لاجئين يهود" لمواجهة القرارات الدولية
الداعية لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وفي مقدمتها القرار 194 الصادر عام 1948
والقرارات الدولية ذات الصلة.
وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية
مؤخرا عن وثيقة رسمية إسرائيلية تتضمن الموقف الرسمي الذي يفترض بتل أبيب أن تعرضه
في قضية "اللاجئين اليهود" أثناء مفاوضات التسوية مع الفلسطينيين
وتعتبر الوثيقة حصيلة قرار سياسي إسرائيلي
مصدره رئاسة الحكومة، حيث يفرض على المفاوض الإسرائيلي. أن يجعل مما يسمى مشكلة
النازحين اليهود من الدول العربية قضية أساسية إبان المفاوضات بشأن الحل
الدائم مع الطرف الفلسطيني.
ومن دون حل هذه القضية، فإن القرار
الإسرائيلي هو عدم الموافقة على إعلان إنهاء الصراع، وتشير أنباء إسرائيلية إلى أن
الوثيقة تم إعدادها من قبل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بأمر من رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو.
وقد تضمنت بشكل أساسي توصيات بشأن
كيفية تعامل إسرائيل مع قضية ما يُسمى اللاجئين اليهود، وفي مقدمتها المطالبة
بالتعويضات لليهود الذين هاجروا من الدول العربية إلى إسرائيل كنقطة تفاوضية مهمة
على طاولة المفاوضات مع الطرف الفلسطيني، بل وجعل تلك النقطة جزءا لا يتجزأ من
التفاوض بشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وتذهب الوثيقة إلى أبعد من ذلك،
حيث تعرّف اللاجئ اليهودي من الدول العربية بأنه اليهودي الذي ترك بيته في الدول
العربية وهاجر إلى إسرائيل.
أما عدد هؤلاء اللاجئين فقد جرى
احتسابه ابتداء من تاريخ قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين
الثاني. 1947 وانتهاء بعام 1968
ووفق هذا المعيار، أحصت الوثيقة
ثمانمائة ألف لاجئ يهودي في مقابل ستمائة إلى سبعمائة ألف لاجئ فلسطيني خلال هذه
الفترة.
وأوصت الوثيقة -التي حملت عنوان
"خلاصة العمل الأركاني واقتراح الموقف الإسرائيلي في المفاوضات مع
الفلسطينيين في موضوع اللاجئين اليهود"- بوجوب تكريس مصطلح "اللجوء
المزدوج" في المفردات الدولية المستخدمة.
ورأت أن هناك مصلحة إسرائيلية في
تأسيس رابط بين "مأساة اللاجئين اليهود" و"قضية اللاجئين الفلسطينيين"، مشددة على
ضرورة طرح المسألتين ككتلة واحدة في المفاوضات بشأن اللاجئين في إطار الحل
الدائم.
كذلك أوصت الوثيقة بألا تكتفي تل
أبيب بالمطالبة بتعويضات شخصية للاجئين اليهود من أصل عربي، بل أن تطالب بتعويض
"لدولة إسرائيل التي أنفقت موارد في سبيل استيعابهم خلال الخمسينيات
والستينيات."
ودعت الوثيقة إلى أن تكون نسبة
المطالبة بالتعويضات 2 إلى 3 لمصلحة "اللاجئين اليهود، ليس فقط بسبب عددهم،
بل أيضا في ضوء وضعهم الاقتصادي الأفضل إبان تلك الفترة.
"تقدر وثيقة إسرائيلية قيمة الممتلكات التي خسرها اللاجئون الفلسطينيون بنحو 450 مليون دولار، أي نحو 3.9 بلايين دولار حاليا، أما "اللاجئون اليهود" فقد خسروا ما قيمته سبعمائة مليون دولار، أي نحو ستة بلايين دولار وفقا للقيمة الراهنة."
وقدّرت
الوثيقة قيمة الممتلكات -التي خسرها اللاجئون الفلسطينيون في تلك الفترة- بنحو 450
مليون دولار، وهو مبلغ تقدر قيمته الحالية بنحو 3.9 بلايين دولار.
أما "اللاجئون اليهود" فقد
خسروا ما قيمته سبعمائة مليون دولار، أي نحو ستة بلايين دولار وفقا للقيمة
الراهنة.
ووفق الإعلام الإسرائيلي، فإن
وزارة الخارجية الإسرائيلية أصدرت تعليمات لممثلياتها في الخارج بإثارة هذا
الموضوع في أنشطتها السياسية وتشجيع الجاليات اليهودية المحلية على الانشغال بها
أيضا.
الخطاب الإسرائيلي
يلاحظ المتابع لقضية اللاجئين
الفلسطينيين أن هناك إجماعا بين الأطياف السياسية الإسرائيلية إزاء مستقبل قضية
اللاجئين الفلسطينيين، حيث يؤكد الخطاب السياسي أن قضية اللاجئين هي قضية جوهرية،
لكن إسرائيل غير مسؤولة عن بروزها وتبعاتها السياسية والقانونية والإنسانية،
وبالتالي يكمن الحل -وفق الخطاب الإسرائيلي- بتوطين اللاجئين في أماكن إقامتهم
الحالية، أي في الدول المستضيفة لهم، وبالتحديد الأردن وسوريا ولبنان، أو إعادة
تهجيرهم إلى دول عديدة في العالم مثل كندا وغيرها.
وقد صدرت مشاريع وتصورات أكاديمية
عديدة بشأن ذلك بعد انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني
1991، حيث أشارت دراسة أكاديمية أميركية إلى أن تكلفة توطين اللاجئين تقدر بنحو
مائة مليار دولار، تستحوذ عملية توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن على النسبة
الكبرى منها.
ويبقى القول إن قضية اللاجئين
الفلسطينيين -التي تعتبر من أهم قضايا الوضع النهائي نظرا لأنها تطال النسبة
الكبرى من الشعب الفلسطيني وكذلك 78% من مساحة فلسطين التاريخية- تواجه مخاطر جمة،
خصوصا في ما يتعلق بتصفية الأساس القانوني المتمثل بقرار الجمعية العامة للأمم
المتحدة رقم 194، وذلك عبر طرح مشاريع أميركية وإسرائيلية تتمحور بشكل أساسي حول
توطين اللاجئين في بعض دول الطوق العربية، وتهجير القسم الآخر إلى دول ذات مساحات
شاسعة، وعدد سكانها قليل، ونقصد هنا أستراليا وكندا على وجه الخصوص.
المصدر : الجزيرة