جريدة النور: 2-6-2010
بدأت غربة الفلسطيني منذ أكثر من ستة عقود مضت ليكتب عليه أن يكمل حياته باسم لاجئ، وكان له (من قصة العراق نصيب) لتكتب فصلاً جديداً من فصول قصة اللجوء الفلسطينية. وبلغ عدد الفلسطينيين المقيمين في العراق قبل الحرب الأخيرة عليه 25000 لاجئ فلسطيني، وبعد الحرب على العراق نالوا مما ناله العراقيون أنفسهم من قتل وظلم وتهجير. تقول الناطق الإعلامي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فرح دخل الله: غادر العديد منهم إلى بلدان أخرى، ومنهم من رفضت تلك البلدان استقبالهم، وبعد مغادرتهم العراق علقوا على النقطة الحدودية السورية العراقية، فأنشأت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مخيم التنف الصحراوي بصورة مؤقتة إلى أن تجد الحل المناسب لهؤلاء الفارين من الموت، حيث اعتقدت المفوضية أن بضعة أسابيع ستكون كافية لإيجاد حل لهذه الأزمة ولكن الأسابيع مرت وامتدت إلى أربع سنوات قبل إغلاق المخيم بشكل نهائي".
وأَكدت دخل الله أن المخيم عانى من قلة الخدمات وعدم توفر الرعاية الصحية واشتعال الحرائق والظروف الصعبة التي فرضتها عليهم الطبيعة من ثلوج وسيول وعواصف رملية، وأضافت "بالرغم من كل ما مروا به لكن حياة اللاجئين لم تتوقف، قاموا بافتتاح مدرسة داخل الخيام وعلموا أطفالهم هناك، ومارسوا نشاطاتهم التراثية، حتى أنهم قاموا بتأسيس فريق التنف الإعلامي الذي بدأ بداية متواضعة بكاميرا واحدة امتلكها علي السلبوت الذي كان يعمل صحفياً في بغداد قبل وصوله إلى التنف، وعمل علي وفريقه على توثيق الأحداث التي تجري في المخيم مما ساعد العديد من المنظمات الدولية على التعرف على أوضاع المخيم وتقديم المساعدات المطلوبة"، احد هذه الأفلام تحدث عن حالة المخيم وقصص أهله والذي قامت المفوضية بإنتاجه استناداً إلى أرشيف فريق التنف الإعلامي.
وتحدثت دخل الله عن جهود المفوضية بإيجاد حل سريع لهذه الأزمة وإن طالت مدتها "بعد محاولات عديدة من قبل المنظمات الإنسانية لمساعدة اللاجئين إما بالعودة إلى بلادهم أو بمحاولة نقلهم إلى بلد ثالث توجهت أول مجموعة من اللاجئين إلى تشيلي عام 2008، وبعد ذلك غادر البعض منهم إلى السويد وفنلندا والنرويج وايطاليا وسويسرا وبلجيكا والمملكة المتحدة".
ووفق وثائق رسمية قدمتها مفوضية شؤون اللاجئين فقد غادر 1000 لاجئ إلى تلك الدول من أصل 1300 عاشوا في التنف. هؤلاء غمرتهم مشاعر الفرح وهم ينتقلون من غربة إلى غربة أخرى ولكن بقيت قلوبهم مليئة بالمخاوف مما يحمله المستقبل القادم لهم.
وأغلق مخيم التنف بشكل دائم في الأول من شباط 2010 بالتعاون مع المفوضية والحكومة السورية ونقل من تبقى من اللاجئين إلى مخيم الهول لينضموا إلى غيرهم من اللاجئين القادمين من العراق ليبلغ عددهم معاً حتى تاريخ 31 اذار 612 لاجئا".
ويقع مخيم الهول في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا ويسمح للاجئين بالتنقل ضمن هذه المحافظة مع حق الحصول على الرعاية الصحية والتعليم فأبناء اللاجئين يستطيعون الذهاب إلى مدارس قرية الهول ، ولكن الإقامة ضمن حدود المخيم إجبارية.
ووفق فرح دخل الله تقوم المفوضية بتوزيع بعض المواد الغذائية وتغطية تكاليف إدارة المخيم بالتنسيق مع مكتب محافظ الحسكة، كما يوجد في المخيم عيادة طبية واحدة يديرها ثلاثة أطباء بالتناوب ويقدمون الأدوية مجاناً وتواصل المفوضية جهودها لتأمين مغادرة بعض اللاجئين إلى مكان أفضل فحتى الآن منهم من غادر إلى كندا والهند وبلدان أخرى".
وعلى الرغم من أن الظروف المعيشية في مخيم الهول تعتبر أفضل من مخيم التنف ولكنه لا يعتبر حلاً دائماً لهؤلاء اللاجئين وبينما تتواصل جهود العديد من المنظمات للمطالبة بحل لائق لوضعهم تستمر معاناتهم في مخيمات اللجوء ويطول انتظارهم يوماً بعد يوم ولكن يبقى الأمل حياً في قلوبهم منتظراً إما عودة قريبة أو غربة أفضل.
المصدر : بغداد / وكالات