لا لن نفقد الأمل بأمتنا – ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4448
لا لن نفقد الأمل بأمتنا – ياسر الماضي
لا لن نفقد الأمل بأمتنا – ياسر الماضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

مما لا شك فيه إن الأحداث  التي مرت علينا نحن الفلسطينيون بشكل عام  وفلسطينيو العراق بشكل خاص جعلت كثير منا يشعر باليأس والإحباط  بسب الهزائم التي مرت بها أمتنا منذ سقوط الدولة العثمانية وسيطرة  بعض الدول الصليبية على كثير من البلدان العربية والإسلامية مما أتاح الفرصة لليهود بعد ذلك السيطرة على أرضنا بعد أن خاضت الدول العربية معارك ضعيفة وهزيلة مع جيش اليهود الذي فاقها عدةً وعددا كما هو معلوم للجميع ,ومما زاد شعور ألإحباط فينا مواقف الدول  العربية التي كنا نظن ونعتقد أنها سنداً وراعياً لقضيتنا التي طالما قالوا عنها أنها القضية الأولى وأنها همهم الأول ثم انكشفت مواقفهم  معنا  في لبنان والأردن ومصر وسوريا والكويت والعراق آخرها وكذلك مواقف أغلب الدول العربية التي أبقت أعينها وآذانها وأبوابها مغلقة  للذين  هربوا  من جحيم العراق وافترشوا الصحراء وكأننا مصدر للهم  ووجع  الرأس لا يريد أحد منهم أن يدخل هذا الصداع إلى رأسه .

ولعل كذلك مما زاد الإحباط  ما قامت به بعض دول الغرب من توطين للذين هجروا جعلت البعض يتغير موقفه وقناعته في أمتنا وأصدر أحكاماً عليها بالإعدام  , أيها الأخوة  إن كل هذه الظروف التي مرت وتمر بنا ما هي إلا فتن واختبارات من الله تعالى نجى بها من نجى وابتلي بها من ابتلي فيمن غير قناعاته  فمهما حدث معنا  فهناك إلتزام ديني فرضه علينا ديننا الحنيف في قوله تعالى ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) فمهما كان فعلهم ومواقفهم فإن دوام الحال من المحال كما يقال فأين ألمانيا هتلر وأين روسيا  وأين بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس و هل تعني هذه المواقف التي مرت بنا ان  نفقد الأمل في أمتنا؟ وهل سيدوم هذا الحال؟ لا والله لن يدوم  وكذلك لا يجوز لنا في ديننا عندما تمر هذه الدول في مشاكل أصلها من الخارج وفرعها في الداخل إذا ببعضنا يقول لا تقحمونا في مشاكلهم هذا شأنهم لا يعنينا نحن هل من المعقول ان نطلب من الدول العربية ان تقف لجانبنا وفي حال تعرضها لخطر واضح المصدر والمعالم وقال أحدنا كلمة حق نقول ليس لنا علاقة هذا شأن داخلي وليس لك حق أن تدلي بكلمة تنصر بها أخاك ظالماً او مظلوماً هل هذا معقول كذلك فنحن شئنا أم أبينا ستبقى هذه أمتنا الإسلامية والعربية هي عمقنا وتاريخنا وحاضرنا وإن كل ما نمر به إنما هو اختبار وابتلاء من عند الله تعالى هل نصبر على هذا الإبتلاء ونثبت على عقيدتنا ومفهومنا  بأن الخيرية باقية في هذه الأمة لن تنتهي ولن تزول وستعود ما دام فينا الوحيين من كتاب ربنا  وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام وفي ما إذا انقدنا لهما بالخضوع والعبودية لله وحده بمعناها الحقيقي الشامل لهذه الكلمة فإن وعد الله تعالى لنا قائم إذا حققنا معنى العبودية لله تعالى والخضوع التام لأحكامه، قال تعالى في وعده لنا ومن أصدق من الله وعدا( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ). أم  نعتقد أن الخير والرحمة موجودة في غير هذه الأمة ؟!, إن أمتنا  أمة عظيمة مهما مرت عليها النكبات والأزمات لكنها لن تموت قد تنام قد تمرض لكنها لابد ان يأتي يوم وتنهض يقول عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا)سنن أبي داود وأيضا قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ) ولو رجعنا الى سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم فإن المحن والإبتلاء الذي نمر به  لا يساوي شيئا  أمام ما مروا به فعن خباب بن الأرت قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" .

لقد مرت على أمتنا من الهجمات والغزوات ما قد يظن من عاش زمن هذه النكبات ان لن تقوم لأمتنا قائمة بعدها ومنها قصة  التتار وما فعله هولاكو وجنكيزخان في أمتنا العربية والإسلامية في زمن الخلافة العباسية سنة 617هـ وما تلاها من قتل وتدمير حتى أسقطت الخلافة العباسية في بغداد  وسبحان الله فمن حالة الهزيمة والإحباط سرعان ما تحول المسار في فترة قصيرة  إذ أظهر الله تعالى القائد المسلم ( قطز) رحمه الله تعالى  وجمع الأمة  وسحق  جيوش التتار في فترة زمنية قصيرة في معركة (عين جالوت) بل ان كثير من جنود التتار دخلوا بالإسلام طوعا , ولو عدنا إلى سيرة النبي عليه الصلاة فكان في أصعب  الظروف وأشدها  ألما  يأتيه الأمل كما حدث معه عليه الصلاة والسلام وأبو بكر رضي الله عنه  في الغار والقصة في القرآن الكريم مشهورة وكذلك عندما لحقهم  سراقة ابن مالك وهو مدجج بفرسه وسلاحه وفي هذا الموقف حيث رسول الله مهاجرا ً مطروداً من أهله وبلده إذ  يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم إرجع يا سراقة ولك سواري كسرى ولقد ناله ما وعده عليه الصلاة والسلام , وكما حدث في غزوة الأحزاب (الخندق) عندما اجتمع أثنا عشر ألف مقاتل من المشركين يحاصرون المدينة فإذا بالرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الموقف العصيب يبشر أصحابه وهو يحفر الخندق ويكسر الصخرة العظيمة بأنه سيطوف في البيت العتيق ويبشرهم بزوال ملك كسرى وقيصر.

إن عوامل ومقومات الأمل في هذه الأمة باقية إلى قيام الساعة ببقاء كلام الله تعالى وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام  وقبلتنا  الكعبة المشرفة التي نتوجه قَِبلها بالصلاة خمس مرات يوميا ً أليس في ذلك حِكم  قدرها لنا الله تعالى في  كيفية تلقي عقيدتنا وشرعنا القويم الذي تستقيم في أمورنا وينصلح به حالنا, قد يظن البعض أن مجرد التوجه للقبلة هو من أجل أن تكون صلاته صحيحة نعم هذا صحيح ولكن أيضاً نتوجه للقبلة فنأخذ من هذه الأرض المباركة عقيدتنا وشرعنا.

إن قبلتنا تدعونا دائما إلى أن الأمل سيبقى في هذه الأمة  ما بقيت السموات والأرض وان الإحباط واليأس هو من نتاج الكفر والعياذ بالله  لن يدخل في قلوبنا ما دمنا مؤمنين بقوله تعالى القائل ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ).

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك اللهم إنا نسألك أن تهيئ لهذه الأمة من يصلح حالها ويعيد لها عزها ومجدها ,  وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

ياسر الماضي

29/10/2009

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"