اليرموك .. خذلان مخيم أم تصفية ملف ؟! - هشام منور

بواسطة قراءة 1122
اليرموك .. خذلان مخيم أم تصفية ملف ؟! - هشام منور
اليرموك .. خذلان مخيم أم تصفية ملف ؟! - هشام منور

أحداث مروعة عاشها فلسطينيو سورية في مختلف مخيماتهم من مخيم درعا جنوباً إلى النيرب وحندرات في حلب شمالاً، فمخيم درعا في الجنوب السوري كان له نصيب كبير من القصف والحصار، فلا يكاد يمر يوم دون أن يتعرض فيه المخيم لقصف أو اشتباك، مجازر عدّة وقعت في المخيم كان من أفظعها يوم 21 ديسمبر حيث "استشهد" 16 لاجئاً بسبب القصف الجوي الذي استهدف منازل المخيم.

في دمشق، عانى أهالي مخيم اليرموك من ويلات القصف والحصار، حيث "استشهد" العشرات من أبنائه إثر أعمال القصف والقنص المتكررة، إضافة لكارثة إنسانية أصابت من تبقى من الأهالي، حيث خضع المخيم لحصار مشدد فرض قبل نحو ستة أشهر، فتم منع إدخال الغذاء والدواء بشكل كامل مما أدى إلى نفاد الأدوية والأغذية داخل المخيم، وبسبب حالات الجفاف التي انتشرت بين الأهالي سجل "استشهاد" نحو أربعين مدنياً من أبناء المخيم بسبب عدم توافر الغذاء لهم. فمخيم اليرموك الذي يعد عاصمة للشتات الفلسطيني بوصفه الأكبر من حيث عدد السكان والأكثر ارتياحاً قبل اندلاع الثورة السورية، حيث كان يشكل ملاذاً آمناً لكل التجار وبقية مكونات الشعب الفلسطيني في سوريا وخارجها ممن يريد شق طريقه بعز وكرامة.

اليوم يموت أبناء مخيم اليرموك جوعاً وكمداً في ظل تقصير كبير من الجهات الرسمية الفلسطينية والتي لم تتفاعل مع الموضوع بالشكل المفترض، إضافة لتقصير الجهات الدولية والإغاثية التي أعربت أكثر من مرة عن فشلها في إدخال الغذاء إلى نحو عشرين ألف لاجئ يخضعون لحصار مشدد من قبل الجيش السوري النظامي وبمشاركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وذلك بحجة وجود مسلحين تابعين للمعارضة السورية داخل المخيم.

المخيمات الفلسطينية في ريف دمشق ليست بأفضل حالاً، فقد شهد مخيما السبينة والحسينية في ريف دمشق اشتباكات عنيفة جداً بين المعارضة المسلحة والجيش النظامي، مما أدى "لاستشهاد" العشرات من أبناء المخيم بسبب القصف والاشتباكات المتبادلة، وانتهت الاشتباكات بسيطرة الجيش النظامي عليها، لكن ومنذ سيطرته على تلك المخيمات قبل نحو ثلاثة أشهر لايزال الأهالي ممنوعين من العودة إلى مخيمهم دون إبداء الأسباب، وتقوم القيادة العامة التابعة "للسيد" جبريل بمحاصرة المخيم ومنع أهاليه من العودة إليه من دون إبداء أي أسباب أو ذرائع.

خان الشيح قصة أخرى مع المعاناة حيث شهد المخيم حالات عديدة من قصف واشتباكات في محيطه بالرغم من تأكيد الأهالي على أن مخيمهم خالٍ من المسلحين، لكن وبسبب موقع المخيم في الريف الدمشقي وتواجد عدد من المجموعات التابعة للمعارضة المسلحة في المناطق المحيطة به وضعت المخيم في حال لا يحسد عليه حيث تندلع اشتباكات شبه يومية في تلك المناطق، إضافة لأعمال قصف كثيفة تستهدف المخيم، فيما تزداد معاناتهم مع قيام حواجز الأمن السوري في المناطق المجاورة للمخيم بإغلاق الطريق في وجه الأهالي وذلك بسبب الاشتباكات، مما وضع المخيم بحالة من العزلة عن باقي المناطق.

مخيمات خان دنون والسيدة زينب والوافدين ومخيم جرمانا في ريف دمشق تعاني من أزمات معيشية خانقة خصوصاً مع نزوح عشرات العائلات من المخيمات الأخرى إليها مما تسبب باكتظاظ سكاني كبير في تلك المخيمات التي تعاني أصلاً من مشكلات في البنية التحتية، مما أدى إلى ارتفاع إيجارات المنازل وضعف في الخدمات.

في الشمال السوري يختلف الوضع باختلاف موقع المخيم وما يحيط به، حيث يعاني مخيما النيرب وحندرات في حلب من تبعات الصراع في سورية، فقد شهد مخيم حندرات اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي ومجموعات من المعارضة المسلحة، وانتهت بسيطرة المعارضة عليه، واضطرار معظم سكان المخيم إلى مغادرته حيث نزحوا إلى الأحياء والمدينة الجامعية المجاورة ولم يتمكن معظمهم من العودة إلى مخيمهم حتى الآن، أما الوضع في مخيم النيرب فلا يزال متوتراً وذلك بسبب قربه من مطار النيرب العسكري، والذي لايزال تحت سيطرة الجيش النظامي، فيما تفرض مجموعات من المعارضة المسلحة حصاراً على المخيم، وذلك بسبب موقعه المجاور للمطار العسكري وبحجة تواجد محسوبين على الجيش النظامي داخل المخيم.

مخيما العائدين في حماة وحمص، ومخيم الرمل في اللاذقية أوضاعها أفضل من بقية المخيمات في سوريا إلى حد ما، حيث تقتصر معاناة الأهالي على الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار، واكتظاظ السكان حيث استقبلت تلك المخيمات المئات من العائلات الفلسطينية النازحة من باقي المخيمات المحاصرة، إضافة إلى المعاناة من الحواجز المنتشرة على الطرقات الواصلة إلى المخيم.

"1869" "شهيداً" فلسطينياً ارتقوا خلال الأحداث في سورية وذلك وفق الإحصائيات الموثقة لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية بتاريخ 30-12-2013، توزعوا ما بين سورية وخارجها، حيث قضى العشرات من اللاجئين الفلسطينيين السوريين غرقاً أثناء محاولتهم الوصول إلى البلدن الأوروبية، كما شهدت المياه الإقليمية الإيطالية والمالطية كارثة إنسانية حين غرق أحد المراكب الذي يقل لاجئين فلسطينيين وسوريين مطلع شهر أكتوبر 2013 تاركاً خلفه المئات من الضحايا الذين لايزال نحو نصفهم في قاع البحر.

إحصائيات الأونروا بدورها تشير إلى أن 270 ألفاً من أصل 540 ألف لاجئ فلسطيني قد نزحوا داخل سورية، في حين نزح نحو 80 ألفاً آخرين إلى خارج سورية، وتوزعوا بحسب الأونروا إلى 51 ألف لاجئ نزحوا إلى لبنان، و10687 لاجئاً نزحوا إلى الأردن، ونحو 6000 لاجئ نزحوا إلى مصر، و1600 لاجئ نزحوا إلى تركيا وألف لاجئ نزحوا إلى غزة.

قد تكون كارثة إنسانية تضاف إلى مجموع الكوارث التي باتت تعيث في سوريا وتتكاثر من دون حسيب أو رقيب، لكن كونها واقعة على الفلسطينيين اللاجئين وهم المنقطعون في هذا البلد والضيوف عليه، وغير الملتفت إليهم من قبل قياداتهم الفلسطينية في رام الله ومنظمة التحرير إلا بما له علاقة بمكاسب مادية وآنية مباشرة، كل ذلك يجعل من مأساة فلسطينيي سوريا مأساة اللاجئين الفلسطينيين وخطوة نحو تصفية حقوقهم بالعودة وإجبارهم على القبول بالتوطين في أي مكان في العالم، لا بالنسبة لسوريا فحسب وما تشهده من مآسٍ يندى لها الجبين.

 

المصدر : موقع لاجئ نت

14/1/2014