المولد النبوي إتباع أم ابتداع – ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4854
المولد النبوي إتباع أم ابتداع – ياسر الماضي
المولد النبوي إتباع أم ابتداع – ياسر الماضي

الحمد لله الذي هدانا لإتباع سيد المرسلين وصلى اللهم على سيدنا محمد هادينا إلى صراط الله المستقيم وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد :-

فإن الله تعالى أوجب علينا محبة نبينا صلى الله عليه وسلم أكثر من محبتنا لأنفسنا ومن أمهاتنا وأزواجنا وعشيرتنا وأموالنا حيث قال جل وعلا : { قل إن كان آباؤكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } [التوبة : 24] ، وبين جل وعلا أن إتباع النبي صلى الله عليه وسلم دليل على صدق محبة الله تعالى قال تعالى : { إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم  . قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } [آل عمران : 31-32] ، والآيات في هذا الأمر كثيرة وأما في الأحاديث فقد جاء في البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) ومن حديث له رضي الله عنه أيضا في الصحيحين : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وان يحب المرء لا يحبه إلا لله , وان يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) فحب النبي صلى الله عليه وسلم واجب إيماني ونقصه بالتأكيد ينقص من الإيمان أو ينقض الإيمان , ومن أعظم الدلائل على محبته إتباع سنته وعدم الابتداع فيها بما لم يشرعه لنا خاصة إذا كان في أمور كان للنبي صلى الله عليه وسلم  قدرة أن يفعلها ولم يفعلها  فإن فعله يكون بدعة وكذلك إن الله تعالى أكمل لنا الدين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } [سورة المائدة : 3] ، فبنعمة الله قد أكمل لنا ديننا وحفظه لنا وليس نحن بحاجة لإدخال شيء لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , فالاحتفال بالمولد النبوي لو كان فيه خير لكان فعله النبي صلى الله عليه وسلم  ولكان من الدين لكان واجب على النبي أن يبلغه  لقوله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس غن الله لا يهدي القوم الكافرين } [المائدة : 67]  ، فما لكم دين عند النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يكون لنا دين إن كنا متبعين , كذلك إن أول من ابتدع بدعة الاحتفال هم الفاطميون العبيديون فأوجدوا خمسة موالد واحد للنبي صلى الله عليه وسلم وواحد لعلي وواحد لفاطمة وآخر للحسن والحسين رضي الله عن آل البيت جميعاً والخامس كان لملك العبيديين وكان في القرن الرابع الهجري , فبعض الناس لجهلهم بالسنة يقولون أن من لم يحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا غير صحيح بدليل أن أهل السنة يصلون على النبي صلى الله عليه  في الأذان والإقامة وفي الصلاة وبعد الصلاة وفي الخطب وكلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم  , فأهل السنة يحتفلون بإتباعه كل يوم وكل ساعة وليس بتذكره كل سنة فبعض الناس عن جهل قد يكون فعلا محب للنبي صلى الله عليه وسلم ويظن أن في هذا الاحتفال يكون قد اقترب من الله تعالى ورسوله بالطاعات فنقول لهذا أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم في إتباع منهجه وليس أن تبتدع في ما ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن حسن النية لا يبيح لنا أن نبتدع في هذا الدين بل إن العمل يكون وزرا على صاحبه وغير مقبول لقوله صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) (رواه بخاري ومسلم ) ولنعلم أن البدعة شر من المعصية لأنها تعتبر تشريع مما لم يشرعه الله تعالى وان الحديث الموضوع أو الضعيف انقطع والبدع لا تنقطع وكذلك إن البدع تفتح المجال لكل شخص أن يدلو بدلوه ويعطي رأيه ولكل إنسان هوى فعلى هوى من سنجتمع كذلك أن المعاصي تأتي من الشهوات وهذه يعرف فاعلها انه على خطأ أما صاحب البدعة فإنه واقع في الشبهات لذلك فهو أبعد من صاحب المعصية في معرفة الطريق الصحيح بسبب الشبه التي غلفت قلبه فأصبح أبعد عن التوبة , أيضا تعال فانظر ماذا يحدث في هذه الموالد الذي يدعون أنها عبارة عن قراءة  قرآن وأذكار إنهم في تلك الليلة التي يقيمون فيها الاحتفال بالمولد المحدث ، يقومون بالاستغاثة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ودعائه من دون الله عز وجل وطلبُ منه مالا يطلب إلا من الله وحده سبحانه وتعالى وغير ذلك من  الشركيات العمياء ، بل وينشدون القصائد التي تحمل في طياتها الشرك بالله عز وجل والغلو في جناب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والبدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وتسمى عندهم (بالمدائح النبوية ) !!! ، وخاصة قصيدة البردة لصاحبها البويصري والتي فيها ما فيها من الشركيات ومنها قوله :-

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة ... من لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

والعياذ بالله فإن هذا شرك أكبر في ربوبية الله تعالى وأنه تعالى هو الخالق من العدم .

وقال البوصيري :

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم

وهذا أيضا فيه من الغلو والانحراف بحيث انه يجعل النبي صلى الله عليه وسلم بيده كشف الشدائد ، وهذا لا يكون إلا لله تعالى وغيرها من هذه الأبيات التي يشرك فيها بالله تعالى وتلقى في هذه الموالد فأي طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم !!! .

كذلك انهم يكذبون عندما يدعون أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر هذا المولد ويصافحهم ويهيؤون له كرسي وكوب من الماء بجانبه يجلس ويشرب فأي دجل وأي كذب في هذا الكلام !!! ، وكيف يتجرؤون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأي حب هذا !! وأخيراً قول واجب علينا أن نعود إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا نبتدع في ديننا كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى , اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم , اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على إتباع سنة نبينا عليه الصلاة والسلام وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


ياسر الماضي

1/2/2012


"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"