لم ولن ينسى أهالي اليرموك يوم 16/ ديسمبر ــ كانون الأول/ 2012 عندما قصفت الطائرات الحربية جامع عبد القادر الحسيني ومدرسة الفالوجة والتي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء، كما أصابهم بمقتل دخول المجموعات المسلحة إلى داخل اليرموك حينها لم يكن لديهم الخيار سوى ترك كل شيء ورائهم والنجاة بحياتهم والخروج إلى رحلة تيه جديدة لا يعلمون أين ستحط بهم رحالها.
عامان وأهالي مخيم اليرموك تتقاذفهم الأمواج مابين حصار كلي فرض على مخيمهم منذ أكثر من 600 يوماً على التوالي جعلهم يشتهون كسرة الخبز ويتضورون جوعاً وينتظرون كراتين الذل والعار، وبين أقسى أنواع العذابات والحسرة حيث لم يمر يوم من دون أن يتعرضون للقصف وسقوط القذائف التي أدت إلى سقوط العديد من الشهداء بينهم، كما أن الحصار الجوع والحصار حصد أرواح 157 من أبنائهم دون أن يستطيعون فعل شيئاً لهم.
وبحسب الإحصائيات الموثقة فقد قضى أكثر من 1000 من أبناء مخيم اليرموك بسبب استمرار الصراع الدائر في سورية.
حصار ومبادرات لتحييد اليرموك
فرض حصاراً كاملاً على أهالي مخيم اليرموك يوم 18/7/2013 ومن حينها لم يسمح بدخول وخروج الأهالي منه وإليه، كما منع دخول المواد الغذائية والأدوية والمحروقات والطحين إليه ما تسبب بكارثة إنسانية حينها اضطر خطيب جامع فلسطين لأن يحلل أكل لحم القطط والكلاب والحمير للحفاظ على أرواح سكان عاصمة الشتات، ومن رحم تلك المعاناة والألم ظهرت مبادرات ومناشدات لفك الحصار عن اليرموك وتحييده وعودة سكانه إليه إلا أن جميع تلك المبادرات التي وصفت بالمكوكية كانت بين مد وجزر الأطراف المتصارعة وبقيت في مهب الريح، مما أدى إلى حالة من عدم الرضا داخل مخيم اليرموك وتململ من عدم التوصل لأي إتفاق جدي ينهي أزمتهم ويفضي لفك الحصار عن المخيم.
فبالرغم من المبادرات والاتفاقات المتعددة التي وقعت بين الحكومة السورية والمؤسسات الأهلية والإغاثية والكتائب المسلحة داخل المخيم والتي كان آخرها الاتفاق الذي وقع عليه من رئيس فرع مخابرات فلسطين كممثل عن الحكومة السورية إضافة إلى عدد من ممثلي الكتائب والهيئات العاملة داخل المخيم إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
اليرموك بعاني العطش
بدأت معاناة أهالي مخيم اليرموك من نقص المياه فيه تتفاقم خلال الربع الأخير من عام 2014، وذلك بسبب إيقاف تغذية المخيم عبر شبكة المياه القادمة من المناطق المجاورة منذ يوم 9/أيلول/2014 مما جعله على شفى كارثة إنسانية جديدة خاصة أن أزمة شح المياه بدأت مع مطلع الصيف وأدت إلى انتشار الأمراض فيه، كما أجبر الأهالي إلى قضاء عشرات الساعات بانتظار الحصول على بعض ليترات الماء من المناطق المجاورة للمخيم، حيث يضطرون للمسير والمخاطرة بحياتهم في سبيل تأمين المياه لأطفالهم.
وضع معيشي مزري
أدى الحصار المفروض على مخيم اليرموك إلى تفاقم الأزمات الصحية والإغاثية داخل اليرموك، حيث توقفت جميع مخابز المخيم عن العمل وذلك بسبب نفاد مادتي الدقيق والمحروقات إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي، كما توقف جميع المستوصفات والمراكز الصحية والمشافي داخل المخيم عن العمل بشكل كامل، وذلك بعد نفاد المواد الطبية ونزوح جميع الكوادر الطبية عن المخيم بسبب الحصار والقصف المتكرر الذي لحق المخيم وأدى إلى أضرار كبيرة خاصة بالمنشآت الصحية داخل المخيم، كما يعاني المخيم من انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من عام ونصف، إضافة إلى أزمة المياه التي تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة، مما دفع بعض المؤسسات الإغاثية داخل المخيم إلى تزويد الأهالي بالمياه عبر الصهاريج التي لا تكاد تكفي الأهالي.
وأخيراً يمكن القول بأنه رغم كل الرسائل التي وجهها أبناء مخيم اليرموك للأطراف المعنية من الاستمرار في سياسة "كف اليد" عن معاناة المخيم، وهو يواجه الموت المحقق بسبب نفاد أبسط مقومات الحياة بداخله، من مياه وغذاء وكهرباء وأدوية ومرافق طبية وصحية إلا أنه سكانه ما يزال يحدوهم الأمل بإنفراج قريب ينسيهم مرارة المعاناة التي تجرعوها جراء استمرار الصراع الدائر في سوريةالمصدر مجموعة العمل من اجل فلسطينيي سوريا