لقد وصلت إلى ايميل موقع " فلسطينيو العراق " من المعتصمين في البرازيل الرسالة التالية :
إننا اليوم نكتب هذا النداء بعد المعاناة التي عانيناها على مدى عامان وتحملنا ما تحملناه من إهمال وسوء في الأوضاع المعيشية وكذب ونفاق المفوضية ومؤسسة آساف ، والإهمال الفظيع بمرضانا وسوء الرعاية الصحية بهم والتنصل من تقديم العلاج لحالاتهم والتهرب أصلاً من علاجهم والتعامل بالتمييز بين المرضى أنفسهم..
بعد إهمالنا من كل الأطراف والتي هي أصلاً سبباً في معاناتنا هذه ، فلطالما أهملنا الجميع وكانوا يتجنبون التدخل بنا وبملفات مرضانا وأوضاعنا الإنسانية ، والسؤال هنا لماذا ؟ والإجابة واضحة وضوح الشمس ، لأن معاناتنا كبيرة ، لأنه فعلاً هناك معاناة حقيقية وأوضاع إنسانية سيئة تحتاج للرعاية والاهتمام وجِدت في المكان والزمان الخطأ وبين الأُناس الخطأ .
فمثل أُولائك المتقاعسين معدومي الضمير والإنسانية ل لا يمكن لهم أن يقدموا لنا إلا ما يضرنا ، إضافة أن هذه البلد ومن تعاونوا في جلبنا إليها من أطراف فلسطينية والمفوضية في برازيليا غير قادرين على الالتزام بتقديم المساعدة الإنسانية والصحية المطلوبة لمرضانا ، منذ وصولنا إلى البرازيل وحتى اللحظة الأخيرة ونحن نطالبهم بتحسين أوضاعنا وعلاج مرضانا والاهتمام بالشكل الفعال وليس بالشكل السطحي وبالطريقة الكاذبة التي كانوا يتعاملون بها معنا دون الاستجابة لمطالبنا تعاملوا بالتمويه بكافة الأمور المصيرية والمستقبلية لنا كان كل شيء مبهم ومجهول ، لم يتركوا طريقة من طرق المراوغة والخداع والتي لا تليق باسم المفوضية كمنظمة دولية تدعي الإنسانية ، استخدموا كل شخص وكل مترجم من الجالية الفلسطينية كخنجر يغرسونه في بطوننا ، يريدوننا أن نعيش في بيوت لا يقبلها البرازيليين للكلاب التي يربونها ، يريدون منا القبول بواقع مهين لا يليق بكائن فيه روح تنبض ، لإرضائهم علينا أن ندوس على أطفالنا ومرضانا ومسنينا ، لإرضائهم علينا أن نعيش أسفل سافلين ، لإرضائهم يجب أن نقول للبرازيل شكراً على أشياء لم تقدمها لنا ..
شكراً على أننا نفترش الرصيف لننام عليه ، شكراً للإنسانية في البرازيل التي أوصلت مريضاً بحالة الأخ لؤي بدلاً من أن يجد الرعاية الصحية نبحث له في حديقة عن ضل شجرة يأوي تحتها ، شكراً لكافة الأطراف المتعاونة بجلبنا والتي جعلت من أطفالنا أولاد شوارع المستقبل البرازيلي ، شكراً للإهانة التي لحقت بمسنة تبلغ الستين من عمرها وتعاني المرض بنهاية عمرها أصبحت تبحث عن مكان في الشارع تستتر فيه لتنام ، شكراً لترك طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات تنظر حولها بريبة وخوف في الشوارع ، شكراً جزيلاً للحكومة البرازيلية والمفوضية على هذا المصير لأطفالاً رضعاً يعانون برد وحر الأجواء المتقلبة في شوارع البرازيل ...
على مدى عامين نادينا واستصرخنا وطرقنا جميع الأبواب و خُذِلنا من الجميع ، ما كان منهم إلا اتخاذ موقف المتفرج ، لا بل في بعض الأحيان كنا نلمس التعاطف والانحياز الواضح من غالبية أفراد الجالية والمترجمين الذين باعوا كل القيم الإنسانية مقابل حفنة من الريالات ، أيها الأخوة لقد أصبح الموت لنا أكرم من مهانتهم ، لقد فضل مريض يعيش بنصف رئة الموت في الشارع على أن يبقى ذليل الإهمال وسوء الرعاية ، لم يكن أمامنا سوى الخروج من هذه الحفرة التي ظلوا يدفنوننا بها بالكذب والنفاق والإهمال وعدم المبالاة لأي كان ،لأننا بشر ولنا كرامتنا لن نقبل العيش المُذِل المُهين ..
أيها الأخوة يا أصحاب الضمير الإنساني الحي ، أيها الشرفاء أينما وجدتم ، أيها العرب أيها المسلمون يا أبناء قوميتنا وديننا وجنسيتنا ، اليوم وفي البرازيل أصبح مصيرنا ومأوانا ولربما نهايتنا مع أطفالنا ومرضانا ومسنينا في الشوارع وعلى الأرصفة وفي الحدائق أمام أعين الجميع نحن هنا ثلاثة عوائل ، توجهنا من منطقة فينانسيو آيريس ، المقبرة التي كانت مهيأة لدفننا ، نحن اليوم في مأساة إنسانية كبيرة فُرِضت علينا ، ومعاناة أليمة تصب أوزارها ، على شخص مريض يعيش بنصف رئة ولا يستطيع التنفس إلا عبر أجهزة الأوكسيجين وهي غير متوفرة الآن في الشارع ، وعلى امرأة مسنة تعاني من أمراض القلب والمرارة والنزف الحاد ، وعلى أطفال رضع وطفلة تبلغ الأربع سنوات من عمرها يعانون الخوف والبرد والجوع على أطراف الطرقات في بلد غير آمن ، هل هذا ما تم جلبنا لأجله إلى البرازيل ، هل هذا هو البرنامج الإنساني ، إننا نعرف حق المعرفة بعد تجربة عامين أن جميع من في البرازيل من مؤسسات جالية وهيئات دبلوماسية ومفوضية اللاجئين وذيولها من المؤسسات المجرمة ، منهم من فقد إنسانيته ومنهم من باعها ، لكننا نتسائل هل العالم كله فقد إنسانيته ، أين الإنسانية التي تدعي بها المنظمات الإنسانية مما يحصل معنا ،هل فقدت الإنسانية على مريض لا يستطيع التنفس وعلى طفل رضيع وامرأة مسنة ، أم هو الحال مع اللاجيء الفلسطيني فقط ، أو أن اللاجيء الفلسطيني ليس بشراً وأطفاله عبارة عن حشرات لا يأبه لها أحد ، ومريضه عبارة عن حثالة لا تساوي شيئاً ، ومسنة عبارة عن أدواة ليس لها قيمة أو نفع ، هل هذا هي قيمتنا بين العالم ..
إننا اليوم نواجه مصيرنا بأنفسنا ، ولم نعد نعول على أحد في البرازيل ، فلم نلاقي منهم سوى الإهمال والتجاهل لمعاناتنا ومشاكلنا ، ونناشد من هنا من شوارع برازيليا من بقي لديهم الضمير والشعور الإنساني ،لإنتشالنا من هذه المأساة والرأفة بالحالات الإنسانية والأوضاع التي يعانيها مرضانا وأطفالنا و مسنينا ....
المعتصمون في برازيليا
16\12\2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"