من ذكريات لاجئ فلسطيني في بغداد (6)- الدعاء لمؤذن الفجر الحاج أمين يوسف شاكر- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 12060
من ذكريات لاجئ فلسطيني في بغداد (6)- الدعاء لمؤذن الفجر الحاج أمين يوسف شاكر- رشيد جبر الأسعد
من ذكريات لاجئ فلسطيني في بغداد (6)- الدعاء لمؤذن الفجر الحاج أمين يوسف شاكر- رشيد جبر الأسعد

الحمد لله، والصلاة والسلام على اشرف الخلق خاتم الانبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته الغر والافذاذ الميامين وعلى من سار على نهجهم الى يوم الدين.

وبعد :

في حي السلام ( الطوبجي ) بجانب الكرخ في بغداد ، جاءت فترة ويضم هذا الحي اكبر تجمع فلسطيني ، دور حكومية ، دور او مدارس جماعية ، دور مؤجرة ، الحواش العشرين ، هؤلاء ابناء فلسطين عاشوا وعاشروا اخوانهم ابناء العراق بالود والحب والحسنى .. والطيبة ولم يوجد ما يعكر صفوتهم ..

كان مقهى ابو صالح ( محمود صالح السلبود رحمه الله ) .. هو المتنفس الوحيد للناس .. مقهى شعبية كبيرة .. ومنتدى .. و ديوان .. حيث كانت المقهى تعج بالحركة وكثرة الزبائن ( اغلبهم من ابناء فلسطين ) .. وحدوث اللقاء والتعارف وبث الهموم والتفاعل اليومي .. كانت مقهى ابو صالح تجمعنا وتوحدنا ، كل واحد منا يشعره ابو صالح كأنها قهوته ، لطيبة ابو صالح وبساطته وكرمه وحسن معاملته  ، .. ويجمعنا في هذا الحي ايضاَ جامع الحاج زيدان وإمامه وخطيبه الداعية الشيخ الفاضل علي احمد الحانوتي (ابو محمد) يجمعنا في اللقاء والتعارف في خمس صلوات يومية، وكانت دكاكين قليله منها دكان حلاقة صابر (ابو فؤاد ) وغازي اسعد الحلاق ابو نشأت .. والمكوجي محمد الملاك وحمدان جبر ودكان ابو زيد من البيت ومحمود ابو زيادة (ابو طلال ) .. وابراهيم ابو رشيد وحلاقة ابو علي الاسعد وخياطة سعيد الحمد وعطارية ابو خطاب خليفة (من فلسطينيي الموصل ) وفلافل ابراهيم غندور ، ثم فلافل محمود الريحانة فيما بعد .. وغيرهم ..

في جامع الحاج زيدان في الصلوات اليومية كان من يؤذن للصلاة مؤذن .. ومنهم الحاج امين يوسف شاكر او غيره .. لكن في صلاة الفجر .. إن قرآن الفجر كان مشهوداً .. كنت تسمع صوت الحاج امين يوسف شاكر وهو ينادي لصلاة الفجر .. كان في خفته .. وحركته .. ووداعته .. وطيبته .. وابتسامته وتواضعه .. يحرص اغلب الاحيان على اداء اذان صلاة الفجر .. حتى عرف واشتهر بأنه مؤذن الفجر ..

في سكون الليل البهيم .. قبل ان يمر القطار بصوته الهادر في السادسة صباحاً .. وقبل ان نتبين الخيط الاسود من الخيط الابيض .. وبعد صياح الديكة وتسبيحها ومع هدوء اغصان الشجر ونخيل البستان .. وهدوء الحي .. وسكون الشارع .. في الليل ودجاه المظلم .. مع سبات الناس في نومهم العميق .

يقوم الحاج امين يوسف شاكر برفع اذان صلاة الفجر .. بصوته ..الشجي .. الندي .. الجميل .. ليقول لنا حي على الفلاح .. الصلاة خير من النوم .. قالها .. رددها .. ناصحاً مؤذناً مذكرا.. لاهمية صلاة الفجر ونكهتها وثوابها وميزتها .. ان اغلب حي السلام لم ولم ينسوا اشهر مؤذني صلاة الفجر .. لأن اذان وصلاة الفجر لها ميزه فقهية وخصوصية شرعية وحالة نفسية مريحة جداَ ..

من خصائص صلاة الفجر الشرعية ان مصلي الفجر في جماعة وفي وقتها وفي المسجد يكون طيلة ذلك اليوم في ذمة الله .. والحديث الشريف الذي يثني به رسول الله على المشائين في الظلمات .. وان قرآن الفجر كان مشهوداَ وغيرها من المميزات والثواب والبشائر والمزايا .. لمصلي الفجر ..

لم ننسى ذلك الصوت الجميل الذي كلف به نفسه الحاج امين يوسف شاكر صيفاَ وشتاءَ .. ولمدة عشرين عاماَ .. وبدون مقابل ..

ارجوا الله سبحانه رب العرش العظيم ان يسجل عمله في ميزان حسناته .. وان يبارك الله في عمره .. وفي ذريته..

وان يسدد خطاه .. وان يحشره يوم القيامة مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقاَ..

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"