هل يدرك العرب الأطماع الإيرانية في العراق والبلاد العربية؟ - د أيمن الهاشمي

بواسطة قراءة 3153
هل يدرك العرب الأطماع الإيرانية في العراق والبلاد العربية؟ - د أيمن الهاشمي
هل يدرك العرب الأطماع الإيرانية في العراق والبلاد العربية؟ - د أيمن الهاشمي

لم يعد خافيا على ذي لب وبصيرة، الدور الخطير الذي تؤديه ايران في العراق، كبداية لتدخل أوسع في البلدان العربية الأخرى، ولتأكيد أهمية الدور الإيراني في العراق وما تضمره القيادات الصفوية ضد البلاد العربية نشير إلى شهادة الرئيس الإيراني السابق المقيم حالياً في باريس الدكتور أبو الحسن بني صدر الذي قال في حوار له مع سامي كليب في برنامج "زيارة خاصة" لفضائية "الجزيرة" بشنه في العاشر من الجاري بالحرف الواحد: "لقد كان (الخميني) يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسورية ولبنان، وعندما يصبح سيداً لهذا الحزام فإنه سوف يستخدم النفط وموقع الخليج "الفارسي" للسيطرة على بقية العالم الإسلامي"، وقال بني صدر أيضاً: "كان الخميني مقتنعا بأن الأميركيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك، قلت له بأن الأميركيين يخدعونك، ورغم نصائحي ونصائح ياسر عرفات الذي جاء ليحذره من نواياهم فإنه لم يكن يريد الاقتناع!" ويقول الرئيس الإيراني السابق أيضاً "إن رفسنجاني كان له أثر كبير في البلاد وكان يدير شؤون الحرب بالتعاون الوثيق مع أحمد الخميني، ولأنه كان يدير شؤون هذه الحرب فقد كان رفسنجاني يخيفني لأنه أراد مواصلة الحرب واحتلال البصرة، وباحتلالها يسقط صدام حسين، كان هذا مشروعه وكل قيادة الجيش كانوا يعارضون ذلك وقالوا إن احتلال البصرة سيطيل أمد الحرب!" نكتفي بهذا الاعتراف من اعترافات كثيرة أدلة فيها عدد من القيادات الإيرانية الذين يسمونهم "آيات الله" المتسترين بعباءة رجل الدين منذ بداية الغزو الصهيو-أميركي للعراق.

  وكذلك نشير إلى ما أوردته وسائل الإعلام عن تشجيع ايران وكيلها عبدالعزيز الحكيم للمضي في مشروع انشاء فيدرالية الجنوب على غرار فيدرالية الاكراد في الشمال، واقامة فيدرالية شيعية على ضفة الخليج الشمالية، في محاولة لاضعاف العراق ومنع قيام اي حكومة مركزية قوية، ولتكون الفيدرالية الطائفية الجديدة منطلقا ورأس جسر لبث الفتنة والشقاق في عموم الدول المجاورة، والتغلغل الايراني في البصرة ليس سرا فالقنصل الايراني فيها، هو الحاكم الفعلي لها، لا يقضي بشيء من دون رأيه ولا يمضي قرار الا قراره، ولا تحل مشكلة حتى العشائرية الا بحضوره وعلى وفق رؤيته.

  لقد كانت البصرة طوال سنوات الحرب الايرانية- العراقية، هي الهدف الاول، لموجات الانتحاريين الايرانيين وحين تمكنوا من احتلال الفاو، بعثوا رسائلهم الاستفزازية الى دول الجوار الخليجي: تقول - رحبوا بنا ..ستصلكم فرقنا الرياضية! ووفودنا! ومواطنونا للحج والعمرة والعمل والنزهة، بالسيارات عن طريق البر فقد صرنا جيرانا بريا! وحين استعاد العراق الفاو بالقوة وكبد الايرانيين خسائر هائلة، لم تتخل ايران الملالي عن حلمها ومشروعها بالعبور من خلال البصرة، ولن نأتي هنا على ذكر تصريحات المسؤولين الايرانيين العلنية، عن مشاريعهم للعبور الى الضفة الغربية للخليج العربي، ومساعيهم الفعلية لجعل هذا الخليج، بحيرة ايرانية بالاستيلاء على كل ال¯130 جزيرة المبثوثة فيه واخضاع المنطقة كلها للهيمنة الايرانية، فتلك التصريحات معروفة وموثقة وكانت ترافقها في اغلب الاحيان تحركات وسلوكيات فعلية على الارض تساندها وتثبتها، ايران تدرك اليوم ان فرصتها للعبور الى الضفة الغربية ليست عبر مياه الخليج والاستيلاء بالقوة على جزره وانما العبور من خلال البصرة، وتعميم الحالة العراقية اقليميا، وذلك في الحقيقة هو المشروع الايراني الالحاقي الاساس، للتمدد اقليميا وعالميا، وقد نجحت ايران فعلا في التغلغل في العراق، وتنفيذ صفحات مهمة ومؤثرة من مشروعها الالحاقي آنف الذكر، وتثبيت الحالة العراقية، عراقيا، وتوسيعها وتهيئة الظروف لها للامتداد اقليميا وعالميا، ولسنا بحاجة الى توضيح الحالة العراقية لاحد، فهي معروفة لدى الجميع، فثمة برنامج فعلي قائم على قدم وساق لتفريس العراق، وان اتخذ حلة مذهبية، وثمة سعي محموم لاحياء- كيان ما يسمى بالعراق الفارسي-الاسطوري، فإيران الاسطورية التي يمثل معطياتها الطوباويون الايرانيون الشوفينيون المعممون اليوم، كما كشفوا في دعاواهم الاسطورية! ليست امبراطورية فارس الشرق اوسطية فقط، وانما هي تلك الامبراطورية التي تاخمت حدودها اوروبا مرتين على الاقل، وزاحمت الافارقة في العمق الافريقي، ولا يضيرها اليوم ان تحمل اسما تمويهيا للتغطية، اسما مموها ومزوقا دينيا.

  المشكلة ان الكثير من اخواننا العرب لايدركون مقدار الخطر الذي يعنيه التدخل الايراني والمخططات الايرانية في العراق، والاكثر من ذلك ان هناك من يصدق ان حكم الملالي حريص على فلسطين والقضية الفلسطينية متناسين الجرائم الصفوية ضد الفلسطينيين في العراق.

د. أيمن الهاشمي / كاتب أكاديمي عراقي