وثيقة رقم ( 12 )
مقابلة مع محمد محمود عبد الله ، حفيد المجاهد ( حسين حمادة سلامة )
من مواليد حيفا عام 1939م .
حدثني محمد عن جده المناضل حسين حمادة و كيف بدأ حياته ، قال :
- ( إن جدي حسين حمادة مواليد قرية اجزم من مواليد عام 1880م و قد درس على يد شيوخ الكتاتيب في القرية و تعرف على شيوخها و أساتذتها و علمائها ، فنشأ نشأة دينية عصامية صالحة ).
و أضاف الحفيد : إنني حينما التقيت جدي في الشام – دمشق عام 1967م كان عمره بحدود 75 عاماً ، بقي لآخر حياته يلبس الزي الشعبي النضالي الفلسطيني ( و الكوفية و العقال ) و الكمباز و الدماية و العصا يتوكأ عليها .
قال عن جده :
- قال لي جدي لقد عملت مع حركة الشيخ عز الدين القسام و أنا من المعروفين في عصبتها و قيادتها و احرص على الصلاة في جامع الاستقلال لاستمع لخطب و مواعظ و توجيهات الشيخ عز الدين القسام الأب الروحي للحركة الجهادية في فلسطين ، كنت اعمل في صفوف الحركة و من أدواري التي اضطلعت بها ، إذ كنت عضواً في ( مجموعة أو عصبة الكف الأسود ) و هذه الوحدة الفدائية السرية الخاصة من مهامها قتل الجواسيس و الخونة الذين يثبت تعاملهم و خيانتهم مائة بالمائة بعد تقديم الإنذارات و النصائح لهم ، من ارتدع و عاد عن غـّيه ، و من استمر في الإيغال بجريمة الجاسوسية و الخيانة ، من نال جزاءه و عقابه ، و من عاد إلى رشده و إلى صفوف أهله و شعبه مستغفراً نادماً ، كما من مهام هذه الوحدة الخاصة إنذار و توجيه و تهديد من تسول له نفسه التفريط بأرضه بعد التحري و الأدلة و النصح و محاولة دعمه و مؤازرته أمام إغراءات و قوانين الانكليز و الصهاينة الجائرة ..
كنت دائم الحركة و التنقل ما بين قرية اجزم و حيفا و حسبي ان اذكر ان معقل حركة القسام الرائدة هو حيفا و المنبر السياسي و الإعلامي للحركة هو منبر رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم في جامع الاستقلال .
سألت جدي العضو القسامي الناشط :
- كيف كنتم في مثل تلك الظروف العصيبة و العسيرة أن تحصلوا على السلاح فأجاب (رحمه الله) :
- كنا نحصل على السلاح بمشقة و مرارة و جهود مضنية مكلفة من الشقيقة مصر و من الشقيقة سوريا و الشقيقة العراق بطرق و قنوات شخصية ، و أحياناً أخرى كنا نحصل على السلاح بعمليات المقاومة نأخذه من عناصر و قوات الاحتلال الانكليزي و من ميليشيات الصهاينة عن طريق المقاومة و الكمائن و مختلف الطرق الأخرى الممكنة .
سالت جدي :
- كيف كنتم تنقلون السلاح و الذخيرة وسط ذلك التشديد و المنع ؟
أجاب جدي و ابتسامة الثقة تعلو وجنتيه :
- اسأل جدتك و هي ألان أمامك ، كانت ملابسها تخزن العديد من قطع السلاح المنوع و تذهب مراراً من مكان إلى مكان لتأمين السلاح و إخفائه .
في إحدى المرات وردت إخبارية للانكليز ضدي على إنني و معي مجموعة من الأشخاص نشكل عناصر للمقاومة و عمليات جهادية مسلحة ، فلما أحضروني أمام القائد البريطاني و هو برتبة كبيرة اخذ يكيل التهم الكاذبة لي و يبالغ في ادعائه و ينعتني بالقاتل .. و بالإرهابي .. فصرت عصبي و غضبت فصرخت في وجهه صوتاً قوياً عالياً مجلجلاً .. أفقدته صوابه فوقع على الأرض .. و قال بعصيبة .. أبعدوه عني .. أخرجوه و لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً معي لأني على حق ، و الله معي و هو حسبي ..
و لما كادت حيفا عروس الساحل أن تسقط بمؤامرات الانكليز و الصهاينة سيئة الصيت كان الحاج حسين حمادة عنصر اتصال بين المجاهدين و المقاومين في قرى حيفا و مدينة حيفا قبل أن تسقط ، عنصر اتصال بتامين السلاح و المعلومات و التنسيق مع الثوار بجهوده و إحضار السلاح للمناضلين و تعزيز أعمال المقاومة و دعم صمود أهل حيفا الأباة الأشاوس كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً ، و لكن المؤامرة البريطانية الدولية الصهيونية بإمكانياتها الهائلة العدوانية كانت اكبر من حجم قوة شعب فلسطين ، و اكبر من حجم قوة الأمة العربية آنذاك في مستواها و قدرتها الرسمية ، إنها المؤامرة و الخيانة ، إنها البعد عن الله سبحانه ، و عدم العمل بالكتاب و السنة .. و عدم الأخذ بالأسباب .
و في سؤال محمد لجده حسين حمادة : لقد سجلت الكثير من المعلومات الجديدة القيمة ، معلومات تاريخية و نضالية للحاج حسين حمادة ، لكن هذا الشريط ( الكاسيت) قد فقد مع الأسف الشديد ، فماذا يتذكر في هذه المقابلة و خاصة عن دور المرأة الفلسطينية الناشطة الفاعلة في الحياة و المقاومة و المجتمع : قال جدي حسن حمادة مشيداً بدور المرأة الفلسطينية البطولي المشرف :
- حينما أتكلم عن زوجتي ( جدتك لامك ) و أمثالها إنما أتكلم عن دور المرأة الفلسطينية ، الدور البطولي و البارز و المشرف في كل فلسطين ، في مدنها و قراها ، المرأة الفلسطينية لعبت دوراً نضالياً سياسياً ريادياً في البلاد في مقاومة المؤامرة و الاستيطان الصهيوني .
كانت جدتك التي هي إمامك ألان تحمل عدد من المسدسات ، أو كمية من الرصاص و الذخيرة أو قطع السلاح الخاصة بالبنادق ثم يـُعاد تركيبها ، تحمل السلاح و ترسله للمجاهدين في الجبال و الكهوف وفي الخنادق و أطراف القرى ، تحمل السلاح للمجاهدين ، تحمل الأخبار و المعلومات و الشائعات لهم ، تحمل سقايات الماء كما فعلت الصحابية نسيبة الأنصارية و كل الصحابيات رضي الله عنهن ، تحمل الدواء و اللفافات الطبية كما فعلت الصحابية رفيدة الأنصارية و غيرهن كثير .. يرسلن النقود و الأخبار و الدواء و الطعام و الماء و الرصاص .. للمقاومين في أماكن تواجدهم و مراكزهم السرية .. ترسل لهم هذه المواد و غيرها حتى لمسافات نائية بعيدة معها زوجها أو أخاها أو ابنها أو عمها .. و كل أبناء البلد الطيبين الغيارى .. و إذا تعذر وجود شخص محرم ، فيتجمعن نساء اثنتان أو ثلاثة أو أربعة و معهن والد إحداهن و هو رجل ثقة و متدين و كبير السن و يقوموا بمهمة إرسال المواد اللازمة للمقاومين في الكهوف و الجبال و مناطق تواجدهم ..
كما أن المرأة الفلسطينية تعمل على إسعاف الجرحى ، و معالجة المرضى ، و جمع المال للأيتام و الأرامل و المحتاجين ، و تخيط الملابس و الأعلام الفلسطينية و يعملن على إحياء المناسبات الإسلامية و الوطنية ..و نشر الوعي الإيماني ..
و في الختام قال محمد ( الحفيد ) :
- كان جدي حسين حمادة يؤيد حركة فتح لأنها حركة مقاومة مسلحة و لان لها خلفية إسلامية .. بعدها بسنوات توفي الحاج حمادة و عاش شعب فلسطين قدره داخل و خارج فلسطين عاد للمقاومة و الصمود بقيادة منظماته الجهادية الإسلامية المسلحة كحركة الإسلامية ( حماس ) و كتاب عز الدين القسام ، و منظمة الجهاد الإسلامي ، و فصائل وطنية أخرى كحركة فتح و الجبهة الشعبية و غيرها للعمل المقاوم الإيماني المسلح استناداً إلى حديث رسول الله محمد ( صلى الله عليه و سلم ) إن الجهاد ماض ٍ لقيام الساعة ، و انه لا تزال طائفة منصورة ترابط بين المقدس و أكناف بيت المقدس لا يهمهم من خذلهم و من خالفهم و تآمر عليهم ماضون إلى الله .. إلى المقاومة المشروعة العادلة .. ( إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم )
بغداد / البلديات / في شهر آذار من عام 2009م
رشيد جبر الأسعد
( أبو محمد )
كاتب فلسطيني / بكالوريوس تاريخ
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"