الشمس تسقط في طرف الصحراء. السيارة تقطع الطريق نحو الشمس غرب العراق.
شيخ وعجوز يفرون من العراق ! اولادهم سبقوهم والاصغر ذبح في العراق .. السيارة تنهب الطريق والذاكره تنهب ايام النكبه مذ كان الفراق .
الشيخ يقول : الطريق نفس الطريق . اتذكرين يوم جئنا كيف كان استقبال الجيش. ثم العراق . تقول : الا ترى اليوم خروجنا: قتل ابننا ووداع شذاذ الافاق الشيخ مهونا" اتذكرين ارضنا ؟ كيف كانت بياراتنا والبرتقال .طلعة الفجر الندي وبيادر الحصاد . خبز قمحنا .دوالي كرمنا وزهر مرجنا.. كيف كان ماء نبعنا.شنار سهلنا. الا تذكرين فرحة اهلنا .. دبكة عرسنا . الا تذكرين؟ تقول : حرق كرمنا. .ضرب حيينا . غول ليلنا.صرخات طفلنا وكان الفراق قطيع مواشينا مخطوبا" فر في الوهاد.
عواء كلبنا حين خرجنا كان يبكينا فوق التلال.
بقي يحرس دجاجات بيتنا على بيضها في السلال.
وقلنا لن نتاخر سنعود قبل ان تفقس بيضها .
ومضت بنا سنون الغياب قطيع ماشيتنا ضمة الاغراب. وكلب بيتنا قتلته الذئاب ..
بيض دجاجاتنا لم يفقس استطال الغياب..
والان في الشام اقول لك: دعنا نلحق بالاولاد نقضي ما بقي من العمر في الغرب . ونتدفى في البرد بلمة الاولاد.. يقول: دعي عنك هذا الكلام!
"سنبقى في الشام نتنسم ريح البلاد ونغالب الموت بالحياة .ونلهي الحياة بالحياة الى ان يحين الميعاد.. وندلف عن قرب الى ارضنا وبيتنا اذا فتحت البلاد ..
هي محطات نقضيها.. ان طاب لاجسادنا المكان نغصت ذكرى نكبتنا الزمان.. هل تظنين ابنائنا هناك في الغربة فرحين.. سيل الدموع ما انقطعت وليل الغربة الحزين يتناوبون..لقمة الغربة ما هنئت في العروق زعترنا والزيتون..
اوصيتهم .اوصيتهم لنا ارض وبيت وزيتون حليب امهاتهم ابناء ابنائي يرضعون.. لن نسافر سنبقى في الشام.. تقول الا تريد الحج؟ بيت الله الحرام؟ ان هاجرنا ثم حججنا سندخل باحترام .. ليس قبل ان اعود الى بيتي اهلي.واسرج خيل جدي واعتمر الحجاز.. سادخل بيت اهلي ولن اخرج الا على ظهر الجياد ودخل المسجد يصلي الصبح ولم يخرج الا محمولا على الاكتاف.. وسافرت العجوز غربا" تطلب دفئ الابناء.. وفي تلك الغابة الثلجية كان لها قبرا" بين القبور تصفر الريح فيه اذا جاء المساء ..
صالح صلاح سلمي
21/1/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
هذه الصور حصرية لموقع" فلسطينيو العراق" فلا يجوز إعادة نشرها بغير ذكر المصدر