إيهاب سليم- صحفي مستقل-السويد- ترجمة :
حينما كنت في المنطقة الحرام بين العراق وسوريا شعرت باني أقف على أرض الله في فضاء لا ينتمي لأي البلدين,وبدت لي الحياة سخيفة فعدم القدرة على التنقل بحرية طابع أساس لهذه الحياة المأساوية المحبطة(السيدة شيلا-عضو اللجنة الأوربية لمنع التعذيب) .
حينما نظرت إلى الصحراء والخيام المبعثرة تذكرت المدن الكبرى وضيق صدرها باحتضانهم.(السيد بول عضو اللجنة الأوربية لمنع التعذيب) .
أيام في المخيمات الفلسطينية على الحدود العراقية وقصص واقع مؤلم
تحركنا صوب المخيمات الحدودية للاجئين الفلسطينيين وكانت رحلة شاقة بحد ذاتها ولكن مشقتها تكون اكبر بالنسبة لهؤلاء المساكين اللذين يعيشونها ورغم صعوبة حياتهم شعرنا بضيافة لم نتلقاها في بلداننا الأوربية,وفي البدء لابد أن نكون واضحين فاللاجئين الفلسطينيين في العراق عددهم الأكبر ولد في العراق ولكن لا يحملون الجنسية العراقية وبالتالي لا يتمتعون بحقوق المواطنة وحق التصويت أو تولي منصب سياسي أو امتلاك سلاح شخصي للحماية ولا يملكون جوازات سفر,فهم يمتلكون وثائق ممزقة في الغالب لا تعترف فيها الدول العربية لغايات ومقاصد,فهم مسجونون في العراق حصرا.
تتهمهم أطراف عراقية بأنهم ساندوا الرئيس السابق صدام حسين وأنهم كانوا يعشون في قصور,ولكن في واقع الأمر إن هذه الأطراف العراقية كانت تبحث عن ذريعة لتعذيبهم واضطهادهم,فالفلسطينيين عاشوا كما عاش العراقيين أنفسهم وبتساوي تام.
في الأعوام الماضية الخمسة للعراق,عملت قوات الذئب ولواء العقرب والأجهزة الأمنية العراقية مع الميليشيات غير الحكومية باستهدافهم لأهداف تطمح لتحقيقها وقد رأينا جميع حالات التعذيب وقد عرفنا خلالها وحشية هؤلاء وتعاملهم مع المدنيين.ثائر...لاجيء فلسطيني عاش في العاصمة العراقية بغداد طيلة حياته,تم اعتقاله من قبل وزارة الداخلية العراقية ,تعرض خلال فترة اعتقاله للحروق والحفر بالكهرباء ولا تزال علامات التعذيب في جسده حتى انه كان يروي لنا وهو يبكي.روى لنا (ثائر) قصص كثيرة عن المعتقل ومنها تعذيب رجل عراقي مسن في السجن حتى الموت.
أكمل ثائر قائلا لنا:توجهت إلى الحدود العراقية السورية في الحافلات مع النزوح الجماعي للفلسطينيين بعد إطلاق سراحي فقابلت الجنود العراقيين وقالوا لي بأنهم سيعتقلونني لكوني أجنبي(فلسطيني) ولكن أريد أن اخرج وأنا على قيد الحياة وبالنهاية بت عالقا على الحدود.
جرت رحلة ثائر مع مجموعة من الفلسطينيين في أول يوم من شهر رمضان في 21/10/2005 وكان بصحبتهم منظمة حقوق الإنسان وفور وصول الباص إلى نقطة التفتيش في منطقة أبو غريب صعد جندي عراقي إلى الباص طالبا جوازات السفر منهم,فالشعور كان الخوف حينها يصاحب هؤلاء اللاجئين خشية من اعتقالهم وتعذيبهم,فقام المترجم (سامي) في منظمة حقوق الإنسان وهو عراقي يحمل الجنسية الأمريكية بإعطائهم جوازه الأمريكي قائلا للجندي العراقي:إنهم أناس مدنيين ونحن معهم لحمايتهم,فنظر الجندي لمدة دقيقة على الجواز سامحا بعدها للباص بالتحرك.
وبعدها تجاوز الباص إلى الفلوجة ومنها للأنبار ووصلوا للحدود العراقية السورية وحدثت المشكلة مع حرس الحدود العراقي حتى قدوم ثلاثة جنود أمريكيين طالبا من الحرس الحدود العراقي السماح لهم بالعبور ولاسيما أن الباص ممتلئ بالأطفال.وبعد ليلة تحت النجوم،والصحراء في كل الاتجاهات,غفونا كفريق من اللجنة الأوربية لمنع التعذيب فالمخيم العالق بين العراق وسوريا(مخيم التنف) وحينما استيقضنا شعرنا بشمس حارقة وضجيج فرامل السيارات وصراخ السائقين والأكياس الطائرة ورائحة البنزين كل هذا يحدث في بجوار المخيم فهو على المعبر ومحط أنظار الجميع.
روى لنا(ثائر) قصة اعتقال فلسطيني في منطقة البلديات حيث قامت وزارة الداخلية باعتقاله لمدة خمسة عشر دقيقة وأمام أنظار الجميع وقد عرضوه للتعذيب والضرب الشديد بأعقاب البنادق والأحذية ليس إلا لسبب واحد وهو أجنبي(فلسطيني) .وبينما كنا نتحدث سمعنا صراخ وعويل فأدركنا أن خطب ما قد حدث,وحينما تحركنا خارج الخيمة شاهدنا شاحنة عراقية قد دهست طفل فلسطيني صغير حتى الموت وكان الطفل يرغب بجلب الماء من سواق الشاحنات بسبب الحر الشديد.بقينا في المخيم لمدة أسبوعين نجمع المعلومات من اللاجئين وقد اندهشنا أن ثائر الفلسطيني قد حول خيمته إلى معرض لرسوماته.خلصنا خلال هذه الفترة إلى أن اللاجئين الفلسطينيين قد تعرضوا إلى عمليات خطف وتعذيب وقتل وتهديد ومنهم محاصرون داخل بغداد ويعيشون في الخيام تحت حرارة الشمس الحارقة في فصل الصيف وببرد الشتاء القارص ونقص المواد الغذائية والصحية وحتى الماء الصالح للشرب..إنها أوضاع مأساوية.
إلى مخيم الهول:
في اواخر تشرين الثاني / نوفمبر 2005 سمحت سوريا ل304 فلسطيني بدخول أراضيها فتحركنا صوب هذا المخيم الذي أطلق عليه مخيم الهول...في واقع الأمر إن الفلسطينيين فيه يعيشون في بيوت من طين ولامياه جارية ولا سقوف تقي من حرارة الصيف والحصص الغذائية قليلة وتتكون من الرز والشاي والزيتون والخبز والفول وبعض الخضراوت القليلة وبالتالي عليهم أن يشتروا ما يحتاجون إليه ,فكيف سيشترون وهم ممنوعون من التحرك بسلاسة خارج المخيم؟
مخيم الوليد:
أخيرا وفي صحراء الأنبار نشا مخيم ثالث أطلق عليه مخيم الوليد حيث يظم قرابة 2000 فلسطيني نازحين من العراق وبالتاكيد هم يعيشون أوضاع أكثر مأساوية من المخيمات السابقة فالعدد كبير ولا يتناسب مع توفير المواد الغذائية والصحية وهم قد نزحوا بسبب العنف الشديد الذي طالهم في بغداد.
كتب بواسطة:السيدة شيلا عضو اللجنة الأوربية لمنع التعذيب
كتب بواسطة:السيد بول عضو اللجنة الأوربية لمنع التعذيب
4/6/2008