خلال شهر سبتمبر تكون قد اكتملت فترة السنتين على وصول اللاجئين الفلسطينين الذين قدموا من مخيم الرويشيد الى البرازيل، وبهذا التاريخ تكون الفترة القانونية الموكلة للمفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة قد انهت مسؤوليتها الانسانية عنهم، دون ان تكون قد اوفت هذه المؤسسة الدولية بكامل واجباتها الانسانية اتجاه هذه المجموعة، ولم تعطي اللاجئين كافة حقوقهم التي كانت قد اوعدتهم بها قبل نقلهم من الصحراء الاردنية الى هذه البلاد البعيدة، وانتهكت حقوقهم وسلبت حريتهم، وعاملتهم بكل سوء واستخدمت معهم اساليب غير انسانية، فهذه المؤسسة رات ان تحمل الانسان الفلسطيني مسؤولية مؤامرة العالم عليه، ومسؤولية تشريده وملاحقته لانه انسان، هذه هي المؤسسة الانسانية التي تريد ان تفرضها الامم المتحدة، الامم الراقية، الامم التي تدافع عن حرية الانسان على شعبنا الفلسطيني.
المفوضية العليا للاجئين تعاقدت مع مؤسسات غير حكومية لتقديم خدمة مدفوعة الاجر للاجئين الفلسطينيين في مناطق سكنهم، لتثبت لاحقا ان هذه المؤسسات والمفوضية غير مؤهلة وتنقصها الخبرة التي تؤهلها للتعامل مع افراد يختلفون كليا بمفاهيمهم وعاداتهم وتقاليدهم مع هذا المجتمع الجديد، فلم توفر لهم فرص عمل كما كان مفترضا، ففرص العمل التي وجدها بعض الشباب من ابناء اللاجئين الفلسطينيين، يعود الفضل بها الى المؤسسات الخيرية الاسلامية، كذلك قصرت كليا بالرعاية والعناية الصحية، وتعليم اللغة البرازيلية لم يكن كافيا، حيث تعليم اللغة والممارسة اليومية مع المجتمع البرازيلي بعاداته وتقاليده تكون اقرب الطرق الى التاقلم مع المجتمع الجديد، ونظرا للفوارق الكبيرة بين المجتمع العربي الفلسطيني مع المجتمع البرازيلي، واجه اللاجئون صعوبات جمه، تركت انعكاسات سلبية على حياتهم اليومية.
الوقاحة وصلت عند المفوضية العليا للاجئين، بتوجيه اتهام الى السفير الفلسطيني بالبرازيل بانه يدعم مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين المضربين ببرازيليا ليستمروا باضرابهم، لانه وفر لهم طعاما، تريدهم المفوضية ان يموتوا جوعا، تريد المفوضية من الفلسطيني ان يكون ناقصا بدون حقوق، تريد ان تفرض على الفلسطيني الموافقة على ان يتنازل عن حقه وحقوقه ليوافق على التنازل عن هويته وانتمائه، تريده فقط بدون هويه، وليبقى بانتظار المساعدات الانسانية المشروطة، ولا نلوم الا قيادة الشعب الفلسطيني التي وافقت ان تحول قضيتنا من قضية سياسية ووطنية الى قضية انسانية بانتظار المساعدات الغربية والرواتب الشهرية التي تقدمها دول الغرب، بعد ان كانت جماهير شعبنا تقدم الذهب والاموال دعما وتبرعا فداءا لفلسطين فداءا للمقاومة، وبهذا تكون سلطتنا وقيادتنا قد قضت على النفس التضامني عند الانسان الفلسطيني.
الحكومة البرازيلية تتعامل كان لا شي يحصل على اراضيها، لا تعطي اي نوع من الاهتمام لهذه المجموعة البسيطة من اللاجئين، وقد نشرت احدى الصحف البرازيليا الواسعة الانتشار بالبرازيل، انه تم اكتشاف جهاز تنصت ببيوت احد اللاجئين الفلسطينيين بمدينة موجي داس غروسيز بولاية ساوبولو، ورغم تصريح الحكومة بان لا توجد مصلحة لاحد بالتنصت والتجسس على اللاجئيين، الا انها لم تقم باي خطوات لمعرفة من وراء هذا العمل الجبان، فالحكومة البرازيلية بامكانها اتخاذ اجراءات تساعد على التخفيف من حدة المعاناة التي يمر بها اللاجئين، والعمل على تحقيق بعض من مطالبهم لو وافقت ان تلتقي او تجتمع معهم، ويقع اللوم على هذه الحكومة البرازيلية باعتبار رئيسها لويس انياسيو لولا دا سيلفا من كبار المناصرين والمؤيدين للحقوق الفلسطينية سابقا، يقف الرئيس البرازيلي على بعد امتار من عشرة مضربين يريدون الحديث مع رئيس الجمهورية او من يمثله، ليشكروه على حسن الضيافة، ليرفعوا له مطالبهم، ليطلبوا منه المساعدة للخروج من البرازيل، حكومة لم تقدم لمجموعة صغيرة من اللاجئين الفلسطينيين الحد الادنى من حقوق الانسان، مما يجعل الانسان يشك بنوايا هذه الحكومة، فهل هذه الحكومة تريد ان تكمل الدور البرازيلي الذي بدأ عام 1947 عندما كان الصوت البرازيلي هو الصوت الذي شرع ماساة الشعب الفلسطيني؟ وهل ستكون البرازيل هي دولة من دول توطين اللاجئين وتصفية القضية؟
هناك من يقول ان اللاجئون القادمون من العراق هم يمرون بمرحلة اعادة توطين، وهنا يبقى السؤال العالق، هل هناك مشروع توطين للاجئين الفلسطينيين؟ فهل لاجئوا العراق هم الخطوة الاولى بهذا المشوار؟ وهل ستكون الدول الاوروبية ودول امريكا اللاتينية وامريكا الشمالية هي الدول التي ستقوم باستيعاب اعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينين لمنحهم جنسيات هذه الدول وتوطينهم بها؟ وهل هذا خطوة باتجاه تصفية حق الشعب الفلسطيني بالعودة الى دياره ووطنه التي شرد منها؟
اما الجانب الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية واداء السفارة الفلسطينية فهو اداء بالفعل غير مقبول، فبدل من الوقوف الى جانب هذه المجموعة والتضامن معها منذ اليوم الاول، فقد كان موقفهم تراجعيا وسلبيا، مما ترك بصمات سلبية على التضامن الفلسطيني، يريدون ان يحملوا اللاجئين مسؤولية ماساة فلسطين، يتهمون المجموعة المضربة ببرازيليا بالاساءة الى اللاجئين نتيجة اضرابهم، وان المساعدات كانت على مسافة قصيرة جدا، فكان اضرابهم السبب، مثلما كانوا يقولون لنا بان اسرائيل كانت ستعطينا دولتنا الفلسطينية لولا العملية الاستشهادية لحماس بتل ابيب او نتانيا، وبالحقيقة ان المفوضية العليا هي التي تسيء، والحكومة البرازيلية ايضا هي بموقف غير مقبول وسلبي ومدان اتجاه اللاجئين.
فاذا قارنا ما يجري بتشيلي مع ما يجري بالبرازيل، نجد ان السفارة الفلسطينية بتشيلي قد تمكنت من تحقيق انجازات فعلية لمصلحة اللاجئين، ومن هذه الانجازات هو تمكن السفارة الفلسطينية من الحصول على بيت لكل عائلة لاجئة بقيمة 24 الف دولار تبرعا من الحكومة التشيلية، وهذا يؤكد اننا بامكاننا مساعدة اللاجئين لو رغبت سفارتنا الفلسطينية بالبرازيل والاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية الذي يدعي نفسه بانه يمثل الجالية الفلسطينية، فمن سيدفع اجرة بيوت اللاجئين بعد 20/09/2009؟ وماذا سيحصل بهم بعد انتهاء عقد الايجار؟ من اين سياكلون ويشربون؟ علي اي ارصفة سينامون؟ فاجرة البيت الشهرية اكثر من الراتب الشهري الذي يتقاضاه العامل. فاين هي لجنة الدفاع عن اللاجئين الفلسطينين التي شكلها الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية والسفارة الفلسطينية؟ هذه اللجنة التي وجهت رسالة تاييد لانتخاب ابو مازن رئيسا لدولة فلسطين، لماذا اللجنة لا تطلب من ابو مازن جزءا من منحة مالية يابانية او بلجيكيه لللاجئين الفلسطينين بالبرازيل.
المطلوب هو ان تقوم السفارة الفلسطينية والاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية باتخاذ اجراءات عملية وسريعة والدعوة الى لقاء يضم كافة المؤسسات الفلسطينية لبحث وضع اللاجئين الفلسطينين العام بالبرازيل، وان تتحمل هذه الجهات المسؤولية الكاملة واتخاذ اجراءات عملية لتفادي الاسوء، والتاكيد على وحدة الشعب الفلسطيني، والتاكيد على التضامن الفلسطيني الفلسطيني اولا، فهل هذه الاطراف ستبدأ فعلا باتخاذ اجراءات ام ستترك الامر كأن لا علاقة لهم بالموضوع؟ ستبقى بانتظار الايام القادمة، لنرى من لديه ضمير وحس وطني.
جادالله صفا – البرازيل
22/07/2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"