المسجد الأقصى المبارك - مستقبل أمة – رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 5591
المسجد الأقصى المبارك - مستقبل أمة – رشيد جبر الأسعد
المسجد الأقصى المبارك - مستقبل أمة – رشيد جبر الأسعد

بسم الله الرحمن الرحيم

ان الحمد لله وحده، نحمده ونستعينه ونستغفره ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له .

والصلاة والسلام على أشرف وخير المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه رضوان الله عليهم اجمعين .

وبعد :

     ان المسجد الاقصى المبارك هو اسم عام اطلق على هذه البقعة المباركة المحددة المعروفة والتي مساحتها بحدود 145 دونم , فالمسجد الاقصى يطلق عموما على هذه المساحة من الارض وهي عامرة بالبنيان والصلاة , او غير مبنية حينما صلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسل في هذه البقعة ليلة الإسراء والمعراج والارض خالية من البنيان , لعل الله سبحانه وتعالى أراد ان يبين للرسول عليه الصلاة والسلام وللمسلمين والعالم ان هذه الارض منذ آدم عليه السلام هي ارض مباركة طاهرة مميزة خاصة لعبادة الله واهل التوحيد واقامة شرع الله, وقد تعارف الناس اطلاق اسم المسجد الاقصى على هذه المساحة وما تحويه من منشآت وقباب ومآذن وقبة الصخرة , والمسجد الآخر ذو القبة الرصاصية , هذا المسجد اخذوا يطلقون عليه بالمسجد الاقصى , وهو المسجد المعروف بقبته الرصاصية التي تعلوه , ويطلق عليه مسجد عمر , ويطلق عليه المسجد القبلي المبني في الجهة الجنوبية القبلية من باحة الاقصى قرب السور , وهو المصلى الجامع , وهو مسجد الجمعة , ومسجد المقصورة . كما كان يسمى .

     اخذ الناس يطلقون على هذا المسجد ( المستطيل الشكل ) المسجد الاقصى .

   قال الشيخ ابن تيمية في الفتاوي معرفا المسجد الاقصى , وما يحوي وما يضم من جوامع ومآذن ومنشآت وصروح وأبنيه ومعالم تاريخية وحضارية إضافة لأشهر معلمين كبيرين المسجد القبلاني ذو القبة الرصاصية ومسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية وغيرهما , قال :

( فإن المسجد الاقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام , وقد صار بعض الناس يسمى الاقصى المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب في مقدمه , والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين افضل من الصلاة في سائر المسجد .... ).(1)

المؤرخ الفلسطيني مجير الدين الحنبلي قال :

( ان المتعارف عليه عند الناس ان الاقصى من جهة القبلة , الجامع المبني في صدر المسجد الذي فيه المنبر والمحراب الكبير , وحقيقة الحال ان الاقصى اسم لجميع المسجد مما دار عليه السور) .(2)
   في عام 1967 بعد احتلال عصابات الصهاينة لبقية مدينة القدس بضمنها باحة الاقصى , اصدر قضاة الشرع الحنيف والمفتين وعلماء الدين الاسلامي الكرام  في مدينة القدس وسائر مدن وقرى الضفة الغربية ومن المملكة الاردنية الهاشمية اصدروا هذه الفتوى الشرعية الاسلامية الواضحة المتممة المفسرة لما سبق , وتنص على :

1. ان المسجد الاقصى المبارك بمعناه الديني الشرعي هو مسجد مقدس لدى المسلمين .

2. وان المسجد الاقصى المبارك , هو قبلة المسلمين الاولى وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين , التي تشد الرحال اليها , وعملا بحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو :

( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى المسجد الأقصى وإلى مسجدي هذا ) . الراوي: +%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%8A%D8%A9+-+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB%D9%8A%D8%A9+-+%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB+%D8%A3%D8%A8%D9%88+%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D8%B1%D9%8A+%D9%88+%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88+%D8%A8%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B5 أبو سعيد الخدري و عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1166 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، ومعراجه الشريف , وكما يجب على المسلمين في سائر انحاء الدنيا ان يحافظوا على مكة وحرمها , ويحرصوا عليهما من ان تمتد اليهما يد العدوان , يجب عليهم ان يحرصوا الحرص نفسه على القدس الشريف والمسجد الاقصى المبارك , حتى يكون طرفا الإسراء وركناه في مأمن من الخطر وفي حالة من اليسر والسهولة , بحيث يتمكن كل مسلم في انحاء الارض ان يزوره كلما اراد .

قال تعالى :

{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الإسراء : 1] .

3. وان المقصود من المسجد الاقصى بذلك كله , هو جميع ما احاطه السور وفيه الابواب , ويشتمل المسجد المعروف الآن بالمسجد الاقصى , وقبة الصخرة , وغيرهما من منشآت وابنيه .

والساحات المحيطة بهما .وان الاعتداء على أي جزء من الساحة الموجودة داخل السور , وحوله هو عدوان على المسجد الاقصى نفسه ومساس بقدسيته .

   وقد ذكر العلماء ان طوله سبعمائة ذراع وعرضه اربعمائة وخمسة وخمسون ذراعاً , وآخرون ذكروا مساحته اكبر قليلاً , نظرا للاختلاف في مبدأ القياس ونوع الذراع , لكنهم كلهم مجمعون على ان المسجد الاقصى يعني جميع ما دار على السور وحوله .

  وقد استقر الرأي في عهد الانتداب البريطاني نتيجة الحساب الدقيق ان مساحته مائة واربعون دونماً وتسعمائة متر(4) .

تضيف فتوى علمائنا الكرام في فلسطين والاردن ذكر هذه المصادر الاسلامية :

( انظر ابن الفقيه سنة 903م وابن عبد ربه الاندلسي في كتابه العقد الفريد سنة 913م والمقدسي سنة 985م والهروي سنة 69هجـ و 1173م وابن مجير الدين الحنبلي سنة 900هـ و 1494م وخارطة الحرم القدسي الصادرة سنة 1944م من دائرة المساحة في حكومة الانتداب البريطاني ).(5)

4. وان لليهود في حائط المبكى (6) حقوقاً , اقرها الستاتيكو والتقاليد القديمة حسبما عرفت في عهد الحكومة العثمانية المسلمة , وحكومة الانتداب النصرانية , وكانوا يتمتعون باستعمال تلك الحقوق بكامل حريتهم , الى ان وقعت الحرب بينهم وبين العرب سنة 1948م .(7)

  وبعد صفحات من فتوى العلماء حول المسجد الاقصى وحائط البراق واهمية الاماكن الاسلامية المقدسة , اضاف البيان تحت الفقرة: (5).

5- ان اثارة ملكية الصخرة والجامع الابراهيمي ( الذي يطلقون عليه ظلما وزورا (الماكفيلا ) ) , استنادا الى اراء عميقة في القدم , بعد ان مضى اكثر من اربعة عشر قرنا كاملة متصلة على المسلمين بهذه الاماكن بصفتها أماكن اسلامية وملك المسلمين وحدهم , ان اثارة ملكيتها من جديد ..

لا يقره شرع الهي ..

ولا قانون وضعي ..

ولا عرف دولي ..

ولا سلوك اخلاقي ..

  ومن شان هذه الاثارة هو ( العدوان والتهويد ) ان تعرض الحقوق الدولية والشخصية للمخاطر التي لاحد لها , خصوصا ان المسلمين حين فتحوا هذه البلاد لليهود كانوا لهم دوما الحامين لهم من العدوان والتشريد اللذين كانوا يتعرضون لهما على يد غير العرب والمسلمين على مدار التاريخ ...(8)

     تضيف فتوى اخواننا علماء الضفة الغربية وفلسطين والاردن الاجلاء (رحمهم الله ) :

وبناء على تلك النصوص , والاحكام الشرعية , والحقائق التاريخية الناصعة , فاننا نقرر مايلي:

اولا : العدوان على أي جزء من اجزاء ساحة الحرم القدسي , وهو عدوان على المسجد الاقصى المبارك نفسه وانتهاك قدسيته وحرماته .

ثانيا : الجامع الابراهيمي في الخليل هو جامع وكل عدوان على اية بقعة منه يعتبر انتهاكا له .

ثالثا : ساحة المبكى , وهي جزء من الحائط الغربي للمسجد الاقصى المبارك , قد حسم النزاع بشأنه بين المسلمين واليهود , بالقرار المشار اليه اعلاه والصادر عن اللجنة الدولية سنة 1931م , ولا يجوز اثارة هذا النزاع مرة اخرى .

رابعا : ان محاولة تغيير الحالة الراهنة للمسجد الاقصى والتوسع في ساحة المبكى يتنافى كل المنافاة مع احترام المقدسات الاسلامية وصيانتها , ويعتبر عدوانا صارخاً عليها , ويثير مشاكل لا نهاية لها , واخطار لا حد لمضاعفتها لدى المسلمين في انحاء الدنيا كلها ولدى العالم اجمع .

خامساً : ان المسلمين لا يعارضون اليهود في زيارة الاماكن الاسلامية (المقصود طبعا حائط البراق) , شريطة ان يصاحب ذلك ادب واحتشام ومراعاة لقدسية تلك الاماكن الطاهرة .

 

                              توقيع علماء الضفة الغربية وفلسطين والاردن

                            مدينة القدس 17 جمادي الاولى سنة 1387 هـ

                                     الموافق 22/8/1967م (9)

 

ثم اصدر علماء المسلمين في الازهر ومصر تأييدا الى فتوى علمائنا في فلسطين والاردن , منها ما اصدره ( مجمع البحوث الاسلامية ) في مؤتمره الرابع المعقود في القاهرة , فقد جاء في الفقرة (ب) من (البند الرابع ) من قرارات وتوجيهات ( المؤتمر الرابع لمجمع البحوث الاسلامية ) المنعقد في القاهرة , في شهر رجب الخير عام 1388 هجرية الموافق شهر ايلول عام 1968م , ما يلي :

( يؤكد المؤتمر الفتوى الصادرة من علماء المسلمين وقضاتهم في الضفة الغربية بالأردن في 17 جمادي الاول 1387 هجرية الموافق 22 آب 1967 م والمتضمنة ان المسجد الاقصى المبارك المعروف الآن , وقبة الصخرة , والمساحات المحيطة بهما , وعليه السور والابواب وان العدوان على أي جزء من ذلك يعتبر انتهاكا لحرمة المسجد الاقصى المبارك واعتداء على قدسيته ) .

    وقد جاء في ( البند التاسع ) من قرارات وتوصيات المؤتمر الخامس المنعقد سنة 1389 هجرية الموافق عام 1970م , تم تأكيد قراره المذكور .

   واعادة محتوياته كما جاء في ( البند الرابع ) من قرارات وتوصيات المؤتمر السادس المنعقد في شهر اذار عام 1971م تأكيد القرار المذكور واعادة محتوياته .(10)

  كان السلف الصالح يسمون ارض الحرم القدسي الشريف باسم المسجد الاقصى والجدير بالذكر ان توصية علماء مصر اصدرت تأييداً الى فتاوي علماء الضفة الغربية وفلسطين الصادرة في فلسطين 22/8/1967م , والمعنونة :

( فتاوي علماء فلسطين في الضفة الغربية حول حقوق المسلمين في المسجد الاقصى المبارك ) والتي حددت مفهوم وتعريف المسجد الاقصى الذي ورد اعلاه , ومما جاء فيه :

( وان المقصود بالمسجد الاقصى بذلك كله , وهو جميع ما احاط به السور وفيه ابواب ويشمل المسجد المعروف الآن بالمسجد الاقصى , وقبة الصخرة والساحات المحيطة بهما ) .

فحين فتح المسلمون العرب بيت المقدس والمسجد الاقصى والفتح السلمي الاخلاقي والحضاري واستلام البلاد من السيطرة الرومانية التي دامت قرون, حينما ذهب عمر باستشارة نصوحه هامة هادفة من علي بن ابي طالب رضي الله عنهما والجيوش الاسلامية بقيادة عمرو بن العاص وقائدهم العام امين الامة ابو عبيدة بن عامر الجراح والامير الذي ليس عليه امير عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وبقية الرهط من قادة وجنود الجيوش الاسلامية .

          وصلوا جميعا الى ساحة وارض ، وباحة وموقع المسجد الاقصى في القدس عرفوها من خلال السور والصخرة مكشوفة في العراء و الحائط الذي بقربه ربط البراق الشريف ، فلم يكن  أي بناء للمسجد الاقصى آنذاك فاقدم عمر والمسلمون على بناء مسجدا اسلاميا داخل هذا السور و بقربه ، الواقع في المنطقة او الجهة الجنوبية من باحة الاقصى داخل السور . حتى ان قبة الصخرة لم تبنى بعد , انما هي ساحات واسعة يحيطها السور والجهة الجنوبية منه حائط البراق الشريف ، ساحة مكشوفة واسعة ، لا يوجد بها أي منشآت او معالم سوى السور وحائط البراق في الجهة الجنوبية والصخرة .. والاشجار .. وبعض الانقاض من الحجارة . ولما حاجج مشركو قريش رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ان يصف لهم المسجد الاقصى ، فبقدرة الله سبحانه جعلها وكأنها امامه ، فوصف لهم الارض والاشجار والصخرة وحائط البراق و بعض الانقاض . ولم يصف لهم ابواب وشبابيك اذ لم يبنى بعد المسجد او المساجد .. في هذا الموضع منذ الانبياء والرسل السابقين عليهم الصلاة والسلام .

وفي سورة الإسراء فهم المسلمون وعلى راسهم صاحب الإسراء والمعراج محمد صلى الله عليه وسلم ان هذا المكان المراد به المسجد الاقصى الذي كان في زمن كل وجميع الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام الذي بناه آدم عليه الصلاة والسلام الذين عاشوا في ظلاله او بقربه او مروا من عنده كلهم كان لهم في المسجد الترميم والتاهيل من جديد ، والدعوة لعقيدة التوحيد والعبادة .(10)

فهم المسلمون هذا الموقع وهذا المكان انه هو المسجد الاقصى الذي بني بعد المسجد الحرام بأربعين عام استنادا الى حديث ابو ذر رضي الله عنه ، الذي بنته الملائكة ثم آدم وجدده ابراهيم وإسماعيل ثم سليمان عليهم الصلاة والسلام وغيرهم ونزلت الآية الكريمة في سورة الإسراء بحق هذا المكان للتعريف به ، والفات نظر وانتباه واهتمام المسلمين لهذا المكان الطاهر المقدس . وتأهيله وصيانته من جديد بهدف العبادة بعد ان دوت على مسامعهم الآية الكريمة : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الإسراء : 1] .(11)

          وهكذا عرف المسلمون هذا المكان الطاهر المقدس المميز الفريد بانه كان وسيبقى مسجدا يؤمه ويجاهد من اجله امة الاسلام في كل العالم .

والمسجد الاقصى الجامع البناء المستطيل الشكل القبلاني ، ذو القبة الرصاصية ، مسجد عمر، مسجد الجمعة،الذي يحوي المحراب والمنبر تعتمد فيه خطبة وصلاة الجمعة ، وصلاة خطبة عيدي الفطر والاضحى وتقام فيه احياء المناسبات والقاء المحاضرات وحلقات العلم والاعتكاف والمرابطة..

وجاء في تعريف المسجد :

المسجد: مفرد المساجد على وزن مفعل, وهو اسم لمكان السجود وقال العلامة الزجاج :كل موضع يتبعد فيه فهو مسجد, وقال العلامة الزركشي في كتابه (اعلام المساجد),صفحة(27) .

واما شرعا فكل موضع في الارض , لقوله صلى الله عليه وسلم :

( ... وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا ... ) (من حديث اخرجه الامام البخاري في باب التيمم ).

اقول : وقد اصطلح اهل العلم من السلف والخلف على لفظ (المسجد الجامع) لكل مسجد تقام فيه الجمعة , وما اقتصر على الصلوات الخمس بقي على التسمية المطلقة (المسجد) ثم اختصر الناس كلمة (المسجد الجامع) فقالوا _الجامع‑ ويريدون المسجد الجامع .

الانبياء والرسل والصالحون مثل سيدنا آدم عليه السلام باني المسجد الاقصى والكعبة في ارجح ، في اغلب ، الروايات الشرعية و استنادا الى القرآن والسنة (12)، ومثل النبي إبراهيم وإسماعيل و اسحاق ويعقوب و موسى ويوشع وداوود وسليمان وعيسى و غيرهم عليهم الصلاة والسلام الى سيدهم واخاهم وخاتمهم مكمل رسالتهم وناسخها رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم .

 انظر اخذ المسلمون يتوجهون بصلواتهم تجاه موقع وارض المسجد الاقصى الارض الفارغة ، كاول قبلة لصلاة المسلمين في مكة والحبشة وارتيريا والمدينة . (13)

المسلمون  اهل التوحيد عرفوا ان هذا المكان منذ القدم هو ارض مسجد ، تارة بناء ، تارة بدون بناء ومهجور ، تارة فخامة في البناء ، في كل الاحوال هذه الارض هي مسجد للصلاة و من مميزات الاسلام المتفرد خاتم الاديان وناسخها ان الله سبحانه جعل الارض طهورا صالحا للصلاة في اي مكان ناشف ضربته الشمس عدى الصلاة في الحمام وفي المقابر ، هذه لا تجوز ، فما بالك في هذا المكان الطاهر المحدد المقدس المبارك تنزيل ومأوى الانبياء والرسل عليهم السلام والصالحين .

قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : ( ... وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا ... ) (من حديث اخرجه الامام البخاري في باب التيمم ).

قال العلامة الزركشي: (الصلاة في الجامع افضل من المسجد الصغير لكثرة الجماعة )(19) .

اجل ان جامع ومسجد الاقصى (بناء وصرح وعمران) الذي هو جزء من باحة وبقعة المسجد الاقصى , واكبر معلم فيه ذو الشكل المستطيل ,ذو القبة الرصاصية, جامع القبلاني , جامع الجمعة ,جامع عمر,جامع المقصورة,جامع المسجد الاقصى تجرى فيه صلاة الجماعة اليومية لصلوات خمس وخطبة وصلاة الجمعة ,وصلاة وخطبة عيد الفطر السعيد, وصلاة وخطبة عيد الاضحى المبارك .. هو معقل كل العبادات وطلب العلم والمعرفة وقرين الكعبة في مكة والمدينة المنورة بالرحال ولا تشد الرحال الا لتلك المساجد الثلاث وفق الاحاديث الشريفة فتلك الباحة او الارض ، ارض الاقصى ليست كاي ارض ، وهذا المكان ليس كاي مكان ، انها ارض مقدسة طاهرة مباركة مميزة اجرة العبادة فيها من الله سبحانه وفق ما جاء بالقران والسنة المطهرة .

ان هذا التحديد والتوضيح ، وهذا التبيان – الذي مر بك – لمفهوم وسعة ومساحة ومنشآت وارض المسجد الاقصى عامة، داخل السور وحوله وخارجه ، في مدينة القدس عاصمة فلسطين من قبل علماء المسلمين الاجلاء – السلف والخلف – رحمهم الله تعالى ، انما اريد به توضيح هذا الامر ، وان بيت المقدس ، او مدينة القدس واورشليم انما هي مدينة دينية اسلامية عربية ، وان ارض فلسطين و الشام كلها ارض خراجية وقفية لجميع المسلمين في كل مشارق الارض ومغاربها .. والى يوم القيامة ، لذلك فلا يجوز قطعيا فلا يجوز مطلقا ، فلا يجوز تحت كل المسوغات والظروف والاعذار المرفوضة لا يجوز التفريط بشبر واحد من فلسطين ولا من القدس او المسجد الاقصى وحائط البراق ولا بكنوز كل الدنيا .. لا يجوز التفريط او التفاوض على شبر واحد من ارض فلسطين ,لانها ملك المسلمين في مشارق الارض ومغاربها , ملك الامة الاسلامية خير امة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله .

ارض فلسطين خراجية وقفية لكل المسلمين حالها حال مكة المكرمة والمدينة المنورة , فلا يحق لاي حاكم او مسؤول او كائنا من يكون .. مهما كان ان يتهاون او يتساهل في هذا الامر الهام والخطير الذي جعلته الامة خط احمر. أجل المسجد الاقصى هو خط احمر للامة العربية والاسلامية .

واذا ما تساهل او تهاون اوهادن شخص ما في هذا الامر الذي يمس جوهر عقيدة المسلمين ومقدساتها وكرامتها فجزاءه وعقابه وردعه حكم شرع الله العادل وغضب واجماع الامة .. هو الاعدام والموت .. ولا يدفن في مقابر المسلمين .. هذا هو الرأي والرد الصريح والحازم لعلماء الاسلام والاجلاء من السلف والخلف .

( لايمكن لاي شخص مهما كان قدره ان يتنازل عن القدس لانه حق من حقوق الأمة الإسلامية , ولم يفوض المسلمون احدا في التنازل عنها, اما اذا قام احد بالتنازل عنها من اولي الامر فعقوبته واضحة وهي الخيانة بمعنى انه خائن ,وجزائه الاعدام) .(20)

(..نعم القدس كانت دائما قضية اسلامية ,واي تفريط بها يجب ان لا يتحمل مسؤوليته الفلسطينيون وحدهم ,فقد قدم العرب والمسلمون الاف الشهداء بإذن الله وعليهم ان يتحملو مسؤولياتهم في السلم مثلما تحملوها في الحرب وان يقولوا رايهم بصوت عال فهذا هو الطريق الوحيد لمنع الكارثة قبل حدوثها) . (21)

لاهمية المسجد الاقصى في مدينة القدس وفلسطين والشام فقد ربط الله سبحانه وتعالى ربطا دقبقا بديعا محكما ما بين المسجد الاقصى والكعبة ,ما بين القدس ومكة , ما بين ارض فلسطين والشام مع ارض الحجاز لذلك تعتبر فلسطين بعد مكة والمدينة اكثر بلدان العالم اهمية وقداسة وذات بعد ديني وتاريخي وروحي .

(ففلسطين تعتبر من اكثر البلاد الاسلامية قداسة في العالم بعدة مكة والمدينة ,ففيها المسجد الاقصى المبارك وفيها تنقل إبراهيم وتعبد وتنقل ولده إسماعيل ولوط وإسحاق ويعقوب وداوود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام .

فكان الاسراء الى الارض المباركة ,ربط بين البقعتين المباركتين في الحجاز وفلسطين ,مكة والقدس ,المسجد الحرام والمسجد الاقصى ) (22)

(في هذه الارض التي بارك الله فيها للعالمين ,المرور بالمسجد الاقصى كان مقصودا ,والصلاة بالانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام الذين استقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت المقدس وهم من ذوي العزم ,وامهم , هذا لهم معناه ودلالته ,بان الرسالة قد انتقلت ,انتقلت الى امة جديدة والى نبوة جديدة ,الى نبوة عالمية ليست كالنبوات السابقة التي ارسل فيها كل نبي الى قومه, هذه النبوة عامة خالدة عالمية شاملة لكل الناس لكل البشر ,رحمة وهداية وخيرا وبرنامجا ومنهجا  للعالمين, ولجميع الاقاليم ولسائر الازمان والامم, ويعبرعنها القرآن والسنة النبوية .

وربط الله سبحانه تعالى بين المسجدين ,المسجد الذي ابتدأ منه الاسراء ,والمسجد الذي انتهى اليه الاسراء, { من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى } ,وارتبط في وجدان المسلم هذان المسجدان , المسجد الحرام والمسجد الاقصى , ووصف الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى بقوله { الذي باركنا حوله } وصف الله هذا المسجد بالبركة ,وهذا قبل ان يوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , لان المسجد النبوي لم ينشأ الا بعد الهجرة , من فرط بالمسجد الاقصى اوشك ان يفرط المسجد الحرام )(23) .

( الرحلة من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير ، كأنما تربط بين عقائد التوحيد الكبرى ، من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام الى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وتربط بين الاماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعا ، وكأنما اريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير صلى الله عليه وسلم لمقدسات الرسل قبله ، واشتمال رسالته على هذه المقدسات ، وارتباط رسالته بها جميعا ..)(24)

القدس يملكها مليار ونصف المليار مسلم او اكثر وفق الاحصائيات .. لا يمكن ان يحولها خطاب (الدولة اي دولة) الى مجرد وريثة لمليوني فلسطيني موجودين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ان منطقة سايكس بيكو لا يمكن ان يحكم هذه القضية ، وصلاح الدين لم يكن فلسطينيا ولا جيشه بل كانوا مسلمين تحكمهم الآيات البينات التي يرددونها صباحا مساءا في ادعيتهم وصلواتهم (25) .

ان معجزتي ورحلتي الاسراء والمعراج هما اشهار وبيان للامة المسلمة بأن هذا المكان كان وسيبقى والى قيام الساعة سيبقى مكان للعبادة وهو كان قبلة الانبياء والرسل عليهم السلام ومهوى افئدتهم. والمسلمون وحدهم الامناء عليه الجديرون بحمايته وعبادة الله في رحابه واقامة شرع الله .

(وحينئذ لم يكن في ذلك المكان بناء معروف بقبة الصخرة, ولاسائر الابنية المنتشرة في ساحة المسجد الاقصى ,وانما سمي في الاية بالمسجد لانه مكان العبادة )(27) .

(اجل لقد كانت رحلة الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى رحلة مقررة مختارة من لدن اللطيف الخبير ، كأنما لتربط بين عقائد التوحيد والتوجيه الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام الى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وتربط بين الاماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعاً، وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير صلى الله عليه وسلم لمقدسات الرسل عليهم السلام قبله .

واشتمال رسالته صلى الله عليه وسلم على هذه المقدسات، وتشمل آماداً وافاقاً أوسع من الزمان والمكان، وتتضمن معاني اكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى)(26) .

قال فضيلة الشيخ الدكتور الداعية مصطفى السباعي رحمه الله حول أهمية المسجد الأقصى والمسجد الحرام والربط بينهما ذلك الربط والرباط العقيدي الكبير والوثيق والروحي :

(اما صلة المسجد الحرام بالمسجد الاقصى فهو صلة الشرف بالشرف، فكان قلة هم أشرف أهل الأرض لأنهم حراس الكعبة وسدنتها من لدن إبراهيم عليه السلام، والمسجد الأقصى هو مهبط الرسالات وملتقى النبوات في فترات طويلة من التاريخ، فيجب ان تنطلق مواكب التحرير من هاتين البقعتين وتسيير كتائب الإيمان من هذين المسجدين، ليهتدي العالم الضال، والإنسانية التائهة، .. بنور الإيمان، ورسالة الاسلام) .(27)

فما احوجنا,فما احرانا اليوم قبل اي وقت مضى ان نقوم بإطلاق كلماتنا المدوية المعبرة الصريحة على اثر ما نلقاه من مأساة الصمت العربي ,والعجز العربي الاسلامي الدولي ولذلك فلا بد لشحذ الهمم من اجل تحرير هذه المدينة المقدسة واسرانا الاسير ,ارض العروبة والاسلام , أرض الإسراء والمعراج ,بعدما سكتت المدافع ,وصدأت السيوف , وملأ الغبار مدافعنا ودباباتنا, وركض الكثيرون وراء الإستسلام والارتماء بأحضان المحتل لاسترضائه,فلم يبقى لنا سوى اقلامنا لنكتب ونوضح ونبين وننذر لعل الضمائر تصحو,والنفوس تتحرك لتقول كلمتها وتعبر عن ارادتها وترفع سيوفها لتعيد الأرض المقدسة الى أهلها كما وعدنا الله ووفق وعد الله سبحانه بقول تعالى : { ... فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا } [الإسراء : 7] .

 

انتهى

والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على سيد المرسلين

 

رشيد جبر الأسعد

أبو محمد

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"