يعيش العالم في أرقى مراحل التطور التكنولوجي والمعرفي والصحي، وقد يذهل الكثير عندما نتحدث عن كوكب آخر في الكون يدعى (قطاع غزة) هذا الكوكب المزدحم باللاجئين الفلسطينيين ،نعم مصطلح ومفهوم اللاجئ لم يتبدل إطلاقا رغم تبدل القيم الاجتماعية العالمية والعربية ، الإنسان بكينونته العالمية وكرامته المحفورة في ذاكرته لا يتخيل أن شعب بأكمله لا يزال يعيش اكبر مفاهيم اللجوء ! انه الشعب الفلسطيني المشتت في مخيمات اللجوء داخل الوطن وخارجه بعشرات من (بانتوستانات الفصل العنصري) الممنهجة ضد شعبنا من داخله ومنفاه ؟! .
تمر علينا ذكر النكبة ( الحادي والستون ) هذا العام بثوب وشكل أكثر بؤساً وشقاءًا من الأعوام السابقة، والأمر هنا ينسحب على مخيمات غزة وأخواتها ، ويبدو أن الأمر مدبر ومخطط من دهاقنة الخبث وعملائهم ، ولا أستثنى منهم الأجانب والعرب والمستعربين العاملين في صفوف الوكالة ! الذين يبيتون ويعكفون ليلاً ونهارًا لرسم سياسات خبيثة لانتزاع ابسط حقوق اللاجئين وتنغيص عيشهم حياة شبه كريمة ، فقد قلصت وكالة الغوث خدماتها عن اللاجئين الفلسطينيين بشكل انتقائي تدريجي؟! ولا من رقيب والبعض شرع يهتف من اجل مصلحة ذاتيه ضيقة ، ومنعت المساعدات عن غالبية الشعب الفلسطيني المحاصر منذ أكثر من خمس سنوات وأموال الوكالة تهدر على مشاريع لا فائدة منها ! هدفها في الأغلب طمس لهوية وتراث الشعب الفلسطيني ، كل هذا وصبر الشعب المغلوب على أمره مراراً – ولكن الأمر الآن أصبح جد خطير عندما يتعلق الأمر بالدواء الذي يتكأ عليه معظم مرضى قطاع غزة المصابين أغلبهم بأمراض مزمنة من( الضغط والسكري) أمراض العصر الغزواي ، نتيجة عوامل وظروف موضوعية وذاتيه ناتجة عن سوء التغذية واضطراب وجبات الغذاء المتزامنة مع اضطراب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية في قطاع غزة! وما يصاحبها من صراع نفسي وعصبي يصيب الآلاف من حالات الجلطات الدماغية والموت الفجائي ، وعند السؤال عن الدواء ( المغشوش في اغلب الأحيان) تكون الإجابة الساذجة انه حرق يوم قصف مخازن وكالة الغوث إبان العدوان الهمجي على غزة ، نحن مؤمنين ومتيقنين من ذلك ، ولكن بكل صراحة بريئة هل عجزت وكالة الغوث بكل إمكانيتها المالية والتقنية الضخمة عن توفير الدواء لشعب غزة المنكوب ، المخازن حرقت يا سادتي منذ أكثر من خمس شهور هل العالم الداعم للوكالة الدولية عاجز عن توفير أدوية للأمراض المزمنة للفلسطينيين في غزة ؟!.
أم لاجئي غزة لا ينطبق عليهم المواثيق الدولية؟ أم الأمر مخطط ومدبر بليل حسب المصالح والأجندة الصهيونية التي تسعى إلى تفريغ أهل غزة من محتواهم البشري ؟ أم الأمر مخطط لزرع الإكراه في هذه البقعة الفلسطينية المقدسة تمهيدا لتنفيذ مخططات أكثر عمقاً وبعداً ،، بمعنى آخر رسم سياسة تهجير وتطفيش إن سنحت الفرصة بذلك ، إذا كان تفكيركم كذلك يا سادتي ، اعتقد انه أضغاث أحلام فنحن صامدون على هذه الأرض الطيبة ولو إلتحفنا السماء وافترشنا الأرض وأكلنا من لحاء الأشجار ، هل فهمتهم مغزى كلامنا ، وسيأتي يوماً نكنسكم من ديارنا انتم وأقطاب الماسونية العالمية أسيادكم ، لان فلسطين لا تحتمل القسمة إلا على شعب واحد مؤمن بقضيته .
اعلموا يا مخططي سياسة وكالة الغوث أننا صبرنا على نكبتنا ستون عاما ،وصبرنا عليكم صبرنا على نكبتنا وكل يوم مخططاتكم القذرة انتم ومن يزينون الأمر لكم تزداد وضوحا ،فنحن شعب غير جاهل ونستكشف البيئة الخارجية من حولنا ونعرف حجم المؤامرات التي تحاك علينا ولن نرحم يوماً النفير ، ولابد يوماً أن يهب اللاجئ ليعلن عن رفضه للحرمان والقسوة ورفضه لخيامكم النتنة، فكروا بالأمر جيداً وارحموا اللاجئين وأعيدوا لهم جزء من حقوقهم المسلوبة وارجعوا إلى تعريف الفقر الذي وضعته المنظمات الدولية عام ( 1997)القائل أن الفقر هو افتقاد الإنسان للحرية والكرامة ـ فهل تعتقدون إننا نعيش في حرية وكرامة بعدما سارعتم يا عمالقة وكالة الغوث على انتزاع ابسط حقوقنا في الكرامة والحرية، هل تشاهدون يومياً طوابير العشرات بل المئات من أبناء المخيمات تصطف ولمدة ساعات بإنتظار الدور للوصول إلى طبيب عيادات وكالة الغوث الذي يقوم بدوره بصرف أردأ أنواع العلاج غير المتوافر أصلاً ولا ندري كيف ولماذا يختفي ؟ وان وجد فالعلاج معروف مسبقا ً إما حبيبات غير مغلفة من( الأكامول ) أو مثيلاتها من عقاقير الحساسية لست ندري لماذا تصرف ربما ورائها أهداف لقتل الإحساس بالحياة السعيدة عند اللاجئين.
من الأمور المدركة عند الفلسطينيين ورغم القحط والحصار أنهم يبحثون عن نمط متوازن من التنمية والغذاء والصحة لتحسين نظرية ( أمد الحياة ) الاجتماعية فقد أشارت آخر الإحصائيات قبل حصار غزة أن أمد الحياة ( متوسط الحياة ) التي ممكن أن يعيشها الإنسان في فلسطين هي 72 سنة بشرط التكامل مع النظام التنموي والصحي والتغذوي ، ولكن بعد الحصار الجائر وغياب المصلحة العامة عن غزة وتدهور أعمال المؤسسات الدولية والمحلية ، يبدو أن أمد الحياة أصبح الآن يعادل دولة زامبيا ( 33سنة ) على الأكثر ، ومع كل إدراكنا لذلك نجد وكالة الغوث الأونروا تتفنن في رسم سياستها الخبيثة لتكمل المؤامرة التي رسمتها على شعبنا منذ تأسيسها ، هذه رسالة جريئة اكتبها ولن أخشى في الله لومة لائم وليس من وراء كلماتي إلا حباً وحرصاً على أبناء شعبي من اللاجئين المشتين داخليا وخارجيا ( ويا أيها اللاجئين اتحدوا فلن تخسروا سوى الذل والكابونة المغموسة بفقدان الكرامة) .
20/5/2009
د-ناصر إسماعيل جربوع
كاتب باحث ومؤرخ فلسطيني
موجه التاريخ بوزارة التعليم الفلسطينية
عضو اتحاد المدونين العرب