كرامة الفلسطينيين أمانة في أعناقكم تحاسبون عليها يوم الموقف العظيم .
في العصور القديمة كان السفير يؤدي دورا كبيرا في التخفيف من حدة التوتر وتوضيح وجهات النظر ومعالجة أي طارئ يصيب أبناء جاليته في البلدان المضيفة لهم ، ولكن اليوم (في ظل وجود الفاكس والموديوم والهاتف الفضائي ومؤتمرات الفيديو) أصبح بالإمكان إنجاز هذه المهام بطريقة آنية من خلال الاتصال المباشر بين القادة والمسؤولين في كل دولة (ما أريد قوله هو هل آن الأوان لاختفاء مهنة السفير) .
بالطبع لا وذلك لان السفير هو الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده في الخارج ، وحفظ مصالح جاليته وحل مشكلاتها إن وجدت في البلدان المضيفة وعادةً يُوفد السفير للحكومات أو الأقاليم المستقلة الأجنبية أو المنظمات الدولية ليمثل حكومة بلاده لمرتبة السفير عدة أنواع ، أكثرها شيوعاً وأعلاها مرتبةً هي "سفير فوق العادة ومطلق الصلاحية كما هو حال السفير في دولة قبرص" ، بعض البلاد تعيّن بعض الموظفين الدبلوماسيين بمرتبة "سفير مفوض" ويكلّفون بمهام خارجية محددة دون إقامة طويلة في الخارج ويعملون كمستشارين لحكوماتهم .
فكما نعلم يقيم السفير في عاصمة الدولة الأجنبية التي يوفد إليها وتسمح له هذه الحكومة بالسيادة على قطعة أرض محددة عليها بناء السفارة ، يتمتع السفير وجميع الموظفين الذين تحت سلطته في سفارته والمركبات والبريد ومبنى السفارة بحد ذاته بحصانة دبلوماسية يمنحها لهم البلد المضيف ، ومن المتعارف عليه أن يكون السفراء على درجه عالية من الثقافة والكياسة والسياسة والإنسانية وإتقان التكلم بلغات أجنبية ،وهذا شيء لمسناه في سفيرنا هنا في قبرص ولا ننكر ذلك ، ولكن تعاني الخارجية الفلسطينية والمتمثلة بسفرائها على مدار السنوات الأخيرة وخاصة بعد رحيل الرئيس البطل أبو عمار رحمه الله من أزمة ثقة لدى الفلسطينيين المغتربين واللاجئين بالخارج نظرا للتقاعس أحيانا عن نصرة الفلسطينيين ودعمهم في بلاد الشتات فضلا عن العديد من الإهمالات وتغاضي النظر عن الأمور الخاصة بجاليتهم و التي ترتكبها بعض السفارات الفلسطينية والتي تلقي بظلالها القاتمة على استمرار مسلسل الإهانات المتواصلة للفلسطينيين في الخارج ، فبتنا نتمنى من سفارتنا الفلسطينية في قبرص أن لتفتح باقة أمل أمام الفلسطينيين للخروج من واقعهم المؤلم وان تكون سفارات بلادهم ملاذا لهم في حال الشدة والكرب ، فلم يعد للسفارات دور في الخارج إنما يقتصر فقط على الحفلات الرسمية والدعوات والزيارات وطلب المساعدات فقط متناسين هموم الجالية ومشكلاتها .
وتعد الجالية الفلسطينية في قبرص من أكثر الجاليات التي تتعرض للضغوط العصيبة والظلم وباتت السفارة في موقف حرج أمام التزاماتها وواجبها نحو الجالية الفلسطينية .
وقد جاءت زيارة الأستاذ عزام الأحمد لتعيد بعض الآمال لدى الفلسطينيين المقيمين في قبرص وذلك في إحياء السفارة لدورها في دعم وحماية الفلسطينيين ، ووضع حلول الأمور المتعلقة بالواقع الفلسطيني المرير والظرف الصعب الذي يعانيه أبناء جاليتنا في قبرص ، وقام بوضع بعض لنصاب الحلول لمشكلاتنا في قبرص كتوحيد الصف من خلال تشكيل لجنة موحدة تمثل الكيان الفلسطيني وهو أمر جيد ولكن مقترحه هذا تم تهميشه وتغاضي النظر عليه من خلال سفارتنا .
في الوقت الذي نتطلع فيه إلى سفارات فلسطينية تمثل الوطن والشعب بدبلوماسية غارقة في الواقعية والإنصاف نجد أنفسنا أمام تمثيل دبلوماسي يغرد خارج السرب .
فالسفارات الفلسطينية المنتشرة عبر العالم لا تهتم بجالية وطنها من أبناء جلدتها وكأنها وجدت لتحقيق مآرب أخرى أو لخدمة أغراض شخصية صرفة باسم الوطن والشهداء بإذن الله والدين والقانون ، ليظل المواطن الفلسطيني يعاني الأمرين ويكتب له إن يعيش التهميش والازدراء والضائقة تلوى الأخرى فلا يكاد يخرج من الحفرة إلا ليسقط في التي تليها لا اخفي سرا إذا قلت إن بعض السفارات الفلسطينية حققت دورا رياديا في سحق جاليات أوطانها من موقعها كلما وجدت إلى ذلك سبيلا ، لا تختلف طريقة السفير الفلسطيني عن طريقة الحاكم العربي فمتى كان الحاكم العربي غير منصف بين أبناء البلد الواحد فلن استغرب في ما وصلت إليه الدبلوماسية الفلسطينية من انهيار ، فتصرف السفير الفلسطيني مثلا بمكيالين تجاه جاليته لدليل على ما وصل إليه من ابتذال لأنه هو ببساطة خرج من فتات إرادة الحاكم السياسية ، فكما يكون الحاكم العربي يكون السفير، أخي الكريم أنت اليوم حتى تتمكن من الحصول على المعاملة والتقدير اللازمين من سفارة بلدك ينبغي أن تحدد لنفسك أي قرابة تجمعك بالسفير أو أعوانه أو السياسيين وشركائهم فكلما ضعف ارتباطك بهؤلاء وأولائك كلما تضاءلت أمالك إن لم نقل تلاشت في الحصول على حقوقك القانونية التي كفلها لك القانون خارج بلدك الحر فلسطين ، أوعليك أخي الفلسطيني المهاجر ان تسلك سلوكا أخر كان تحصل على وساطة من احد وللعلني أجد نفسي حائرا في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة .
هل أصبحت السفارات الفلسطينية مجرد أداة لرصد هموم الجاليات الفلسطينية والتطلع إلى هموم شعوبها دون تقديم حلول أو مخرج لأزماتها ؟
وهل أصبحت همها الوحيد إثارة العراقيل بتحويل دورها الدبلوماسي إلى دور لقاءات رسمية وطلب مساعدات أو معونات صرف ضد جاليات أوطانها ؟
فلنتصور لو كنت مواطنا أوربيا أو أمريكيا … رعية مقيما كنت أو سائحا عابرا فقط ، يستحق عند سفارته بذل الغالي والنفيس لخدمته وحتى في بعض الأحيان تسخير جيش الدولة لحمايته انها نهاية النهاية في الخدمات والوطنية دون إن تطلب منه جزاءا ، إلا انه للأسف الشديد بل من المحزن والمخجل إن يغلق باب السفارة الفلسطينية في وجه مهاجر يظل للساعات قانط ويغادر دون أن ينال من زيارة أبناء بلده من الدبلوماسيين حل لمشكلته وفي نادر الأحوال وان فتح الباب تحال على احد الأعوان دون رؤية السفير أو القنصل الذين يحفظون عن ظهر قلب موال - لا يستقبل اليوم - انه في اجتماع أو سوف نتصل بك …. حيث تعيش هنا الترهات الدبلوماسية في أبهى وأوضح تجلياتها وان كنت واعيا واعترضت على هذا الروتين الممل فأنت بذلك إنما تكون قد حجزت لنفسك مكانا ضمن القائمة العدائية وساعتها تصنف بأنك لا تحترم السفارة أو انك من الذين يتهكمون على الدبلوماسية وعلى قوانين البلد وعلى السفير .
ان كوادر السفارة هنا في قبرص هي من الناس الذين يتغنون بأمجادهم ووطنيتهم وانتماءاتهم السياسية متجاهلين أبناء شعبهم المقهور في بلاد الشتات والضياع مهتمين بمصالحهم وكيف يختمون ملف سيرتهم الوطنية من خلال التقاعس والإهمال وكلهم آذان تسمع للمصائب والمشكلات التي تحل على أبناء جاليتنا العزيزة المظلومة في قبرص .
أمر مريب وسلوكيات خطيرة وتصرفات غريبة ينتهجها بعض سفراء دولتنا الحبيبة فلسطين حيث يرفعون السفراء تقارير إلى الأوصياء عليهم بأنه كل شيء على ما يرام وان كل شيء وزع على من يستحقونه ولكن هذا عكس الحقيقة تماما فهم لا يحضرون جنائز من يتوفاهم الله تعالى بديار الغربة ولا يزورون من يعتقل من أبناء جاليتهم أو يهان ولا يتابعون أمور طلاب العلم وحاجياتهم ولا يعلمون ما يجري لأبناء جاليتهم من ظلم وانتهاكات مريبة ورفض لجوء وسحب حماية وقطع معونة وتضييق خناق وعنصرية وتهجم على دور عبادة خاص بهم أو تهجم على مراكز ثقافية لتجمع الفلسطينيين كما حصل لبيت الجالية والجمعية فأين سعادة السفير من كل ذلك وأين هي موقف سفارته من تهجم العنصريين على أبناء جاليتها الطلاب في المدارس وأين هو رد السفارة على زيف الإعلام القبرصي حين يدعي علينا بأننا شعب إرهابي وشعب فوضوي وشعب يثير الشغب هل زيارة سعادة السفير للضابط المدسوس في حادثة الولفر والاعتذار له دبلوماسيا تكفي للرد على كل تلك الانتهاكات الخطيرة بحق أبناء جاليتنا الفلسطينية المضطهدة في شتى مجالات الحياة في قبرص وأين هو من العقوبات التي تشنها دائرة خدمة اللجوء على أبناء جاليته حين نسمع كل يوم بغلق ملف وأمر ترحيل وطرد ورفض لجوء لأحد أبناء جلدته .
اعتقد ان جاليتنا الفلسطينية أصبحت قادرة على إدارة شؤونها بنفسها بعد أن عودتهم سفاراتنا على الغياب والتغيب في أصعب الظروف واحكها فلماذا لا نجرب غلق هذه السفارة عل ذلك يعود بكبير النفع من ميزانيات تصرف هدرا ولا طائل من وراءها تجاه تنمية الحكومة الفلسطينية وتعزيز استقرارها .
ان توجيه جزء من ميزانيات هذه السفارة إلى شؤون التنمية في فلسطين لا شك سيكون له أثره البالغ على معدلات نسب البطالة بين صفوف الشباب وكذا رفع المستوى المعيشي لتسعين بالمائة من المواطنين يسحقهم ثالوث المرض والفقر والجوع هناك .
ولكن من رحم كل هذه المصائب يولد العظماء فإرادة الشعوب التي صمدت أمام أعتى قوى الاستعمار والاحتلال لن تنكسر أمام ذلك الصمت الدبلوماسي تجاه قضايا الشعب الفلسطيني المشتت .
وأقول للسفير قبل فوات الأوان ليس المهم أن تكون ملكـاً .. ولكن المهم أن تتصـرف وكأنك ملك ، قادر على حماية جاليته من الأذى ورفع الظلم عنهم ومساعدتهم وخدمتهم كما كرست نفسك لهذا الدور البطولي .
ولقد سمعنا بان الرعايا المسجونين في قبرص قد اصدر أمر إخراج لهم من الظلم الذي حبسوا عليه وان سعادة السفير هو من بلغ بذلك بعد مفاوضات أجراها مع الجهات القبرصية المعنية وبعدها نقرا بالنت انه يتم ترحيلهم وانهم مقدمين على الانتحار وكلما حاولت السفارة إنهاء مشكلة يتم تعقيدها من الجانب القبرصي .
هل وصل الاستهتار حتى بممثلي الشعب الفلسطيني في الخارج ؟
هل أصبحت الدولة فلسطين بعد رحيل أبو عمار رحمه الله بلا هيبة ؟
هل أصبحنا شعب بلا نخوة ولا كرامة ؟
وتعليقاً على الحكم الصادر ضد المساجين الذين يعذبون نفسيا لا لسبب فقط لكونهم فلسطينيين تم إلقاء القبض عليهم وانهوا حكمهم بسبب خطأ ما أو ظلم وقع وهاهم اليوم يحاسبون على كونهم فلسطينيين إذ انه لا يتم الإفراج عنهم لكونهم بلا وطن لكن فيما يبدو أن قبرص هي بلد فوق المحاسبة وإنها فوق كل قانون وكان لا بد أن توضع في قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان - إن وجد عالم حر - .
ولكن يبدو أن لغة القوه والمصالح هي التي تتكلم الآن ولا عزاء للإنسان ، ولا لكرامة أي مواطن فلسطيني خارج فلسطين سواء في دولة عربية خاصة أو وكل الدول عامة .
إبراهيم محمد زياد
16/7/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"