الرسالة : فلسطينيو العراق: خيرونا ما بين الموت المحقق أو النفي المستمر

بواسطة قراءة 5498
الرسالة : فلسطينيو العراق: خيرونا ما بين الموت المحقق أو النفي المستمر
الرسالة : فلسطينيو العراق: خيرونا ما بين الموت المحقق أو النفي المستمر

صحيفة الرسالة : غسان أبو حبل – دمشق – 10/4/2008

ليس من يرى النار كمن يضع يده فيها، هذا هو وضع فلسطينيي العراق الذين يتعرضون لأشرس أنواع الاضطهاد داخل العراق، ويسقطون في دائرة النسيان أو التعامي العربي الرسمي، ولعل سنيناً من الإهمال لأوضاعهم البائسة، أدت في آخر المطاف لعدة تحركات خجولة، وإن صنفنا خطوة السودان كبادرة إيجابية في استيعاب جزء من الفلسطينيين على الحدود العراقية، إلا أن الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في العراق يغيبون عن أية بادرة عربية لإنقاذهم من القتلة الذين يتربصون بهم ويستهدفونهم في دمهم فقط لمجرد كونهم فلسطينيين.وفي هذا السياق يقول أحمد غنام - خريج كلية الحقوق من جامعة بغداد –"نحن ننتظر المساعدات وننتظر فرج رب العالمين"، واصفاً ما يتعرض له الفلسطينيون في العراق بـ"الكارثة".

واعتبر السيد غنام ما تقدمه الأمم المتحدة من غذاء وخيام بأنه غير كافٍ، مضيفاً "ليس الأكل والماء هو كل شيء، نحن بشر لنا حقوق ولدينا كرامة يجب أن تحترم"، ورأى أن من واجب الدول العربية ودول العالم أن تجد للفلسطينيين حلاً يضمن لهم العيش بكرامة ويمنحهم حق العمل والتعلم والعيش باستقرار دون التعرض لهم في أمنهم وسلامتهم، مشيراً إلى أن هناك ما يقرب من الألفي فلسطيني ضمن الأراضي العراقية في مخيم الوليد القريب من الحدود مع سوريا ينتظرون الذهاب للسودان، وختم بالقول "أنا أسعى للسفر لأية دولة للاستقرار، ولكن لا تتوفر الإمكانية لتحقيق ذلك" .

أما مهند محمد سليم – شهادة البكالوريا – فيقول "خرجت من العراق نتيجة الضغوط التي تعرضنا لها كفلسطينيين من قبل الميليشيات، حيث الخوف من الخطف والسرقة والتعرض للقتل"، مضيفاً "كان يتم ابتزازنا من خلال خطف أفراد من الأسرة الواحدة، لدفع مبالغ كبيرة من المال، وفي الكثير من الأحيان كنا نتسلم المختطفين بعد أن تقتلهم الميليشيات"، ويعبر سليم عن سخطه على المعاملة التي لاقاها الفلسطينيون في مخيم الرويشد على الحدود الأردنية ويقول "لجئنا إلى مخيم الرويشد ، ومكثنا فيه مدة سنة وثلاثة أشهر دون أن يسأل عنا أحد".

وأبدى امتعاضه من الأسلوب الذي مارسته السلطة الفلسطينية عليهم، منتقداً عزام الأحمد موفد الرئيس عباس وسفير فلسطين لدى العراق سابقاً، وقال "لقد عرضوا علينا مبلغ ألف دولار لكل عائلة وطالبونا بالرجوع للعراق" مضيفاً "لقد طردناهم من المخيم، وقلنا لهم لا نريد منكم شيئاً"، متسائلاً "هل يعرضون علينا نقوداً من أجل الرجوع للموت"، مشيراً إلى أن الحكومة اليمنية كانت قد عرضت استيعاب فلسطينيي العراق في اليمن بالتنسيق مع حركة حماس، وقال "لقد طلب أبو مازن من الحكومة اليمنية عدم التدخل في أمر الفلسطينيين في العراق، فتراجعت الحكومة اليمنية عن قبولنا إلا بوجود توافق وطني فلسطيني".

في ذات السياق فقد تعرض المواطن أبو بنان –يعمل في التجارة العامة - للاختطاف، وكانت هذه هي أول حالة اختطاف للفلسطينيين بعد الاحتلال حيث تعرض للتعذيب على يد المليشيات، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بعد أن دفعت عائلته 15 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه، ويقول "خرجت من العراق إلى الأردن حيث رفض الأردنيون إدخالنا إلى البلاد وحققوا معنا لمدة تسعة ساعات ووصفونا بالكثير من الأوصاف النابية واتهمونا بالإرهاب"، وأضاف "بعد ذلك سلمونا للمخابرات العراقية وأرفقوا كتاباً رسمياً للسلطات العراقية مكتوب فيه فلسطينيين يحملون جوازات سفر عراقية مزورة لإحالتهم إلى القضاء العراقي"، موضحاً أن الأمن العراقي الذي استلمهم أطلعهم على مضمون الكتاب، ثم أطلقوهم وطلبوا منهم الذهاب إلى سوريا حيث "التعامل هناك أرحم" – حسب تعبيره -، وقال "دخلت سوريا بجواز عراقي مزور خوفاً من منعي دخول سوريا"، معتبراً الذهاب إلى جهنم أقل عذاباً من الذهاب لبغداد بالنسبة له.

أما الطفل محمد خضر – 12 سنة. فقد أصيب بحاله نفسية أدت إلى التلعثم في النطق نتيجة الهلع والتعذيب الذي لاقاه هو وأخواه ووالده على يد الميلشيات، ويقول "لقد عذبوني بالضرب بقضيب من الحديد وبعد ذلك تعرضت للتعذيب بالكهرباء أنا ووالدي وأخوتي"، مضيفاً "بعد أن تم إطلاق سراحنا بعدة أشهر بعثوا لنا رسالة تحتوي ثماني رصاصات على سبيل التهديد إن لم نخرج من العراق"، وختم الطفل محمد خضر بالقول "أنا لا أريد أن يقتلوني ويقتلوا أبي أنا لا أرغب بالعودة لبغداد، أنا أرغب بالذهاب إلى فلسطين".

يذكر أن مصادر متعددة أكدت لـ "الرسالة" أن دولة تشيلي ستستقبل ما يقارب من 300 فلسطيني عراقي مقيم على الحدود العراقية السورية خلال أسبوعين أو ثلاثة لضمهم إلى 140 فلسطينياً وصلوا إلى تشيلي خلال الأيام القليلة الماضية، كما يجدر الإشارة إلى أن الدولة الكندية كانت قد استقبلت 13 عائلة منذ ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى استقبال البرازيل لـ 200 فلسطيني مقيم على الحدود العراقية الأردنية، من جهة أخرى فقد اعتقلت السلطات السورية في وقت سابق 100 فلسطيني حاولوا الهرب إلى قبرص وأرجعتهم إلى مخيم التنف على الحدود السورية العراقية .