الطابور
قصة قصيرة جدا - أنور الشيخ
مهداة إلى الأستاذ رشيد جبر الأسعد ( 1 )
من السهل على الإنسان أن يضع يده على فمه كي لا يتكلم ....... ولكن من الصعب أن يضع يده علي قلبه كي لا يتألم !! ( مثل شعبي ) .
ماكينة العصر الأوروبي الغربي التي أسست الصناعة الحديثة فأنتجت كيان عنصري هجين غريب وكان أول باكورة النظام الرأسمالي إنتاجها ( اللاجئ الفلسطيني ) وخيام متناثرة هنا وهناك بعد أن كان هناك وطن .
كل الحكاية ذهب لاجئ فلسطيني إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأنوروا ) لاستلام بكرت التموين والإغاثة الحصة التموينية الشهرية وعندنا في العراق كانت تسمى القبضة ثلاث دنانير للاجئ الواحد وكان مركز الاستلام من منطقة "التوراة" القديمة .
وقف اللاجئ عند بوابة مركز التوزيع بانتظار استلام حصته ..
- الموظف طلب من اللاجئ الوقوف بالطابور
نظر اللاجئ خلفه لم ير أحدا بالطابور إلا وحده .. انتظر كي يستلم حصته من موظف الوكالة تأخر اللاجئ وهو ينتظر فطلب من الموظف أن يسلمه الحصة ..
فصرخ الموظف بوجه اللاجئ الفلسطيني يا رجل التزم النظام والوقوف بالطابور ... فرك اللاجئ الفلسطيني عيناه ونظر إلى الخلف لم يشاهد احد يقف خلفه ثم التفت إلى الموظف موجها كلامه له يا أخي تأخرت كثيرا ممكن استلم الحصة من حضرتك .. فصرخ الموظف بأعلى صوته مزمجرا التزم واحترم نظام الطابور لحين يأتيك الدور كي تستلم حصتك .. وعندما أدار الموظف ظهره دون اكتراث للاجئ ..
إذ اللاجئ الفلسطيني صفعة قوية على رقبته وركله ركلة بشدة على قفا الموظف ..
صرخ الموظف من شدة الألم يولول من ضربني من ضربني مخاطبا اللاجئ من ضربني
أجابه اللاجئ الفلسطيني لست أنا .. إنما ضربك احد الواقفين خلفي بالطابور ..
انتهت
---------------------------
( 1 ) رشيد جبر الأسعد .. كاتبا ومثقفا ملما بتاريخ فلسطين وهو ابن نكبة فلسطين وشاهدا للاجئ الفلسطيني وأول ما تفتحت عيني على الحياة وأنا أنظر له قامة فلسطينية شامخة يلازمه الكتاب حتى أصبح منهلا له لا يكل ولايمل يبحث عن الحقيقة وله مؤلفات كثيرة عن القضية الفلسطينية وتاريخها ، وله مكانة في تأسيس انتمائي لفلسطين وتعميق الوعي الوطني .
أنور الشيخ
2/5/2012
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"