اليوم ليس كباقي الأيام ,, انه يوم آخر من أيام حياتي ,, والأصح مما تبقى من حياتي ,, فلا سبيل للخروج مما أنا في سوى استذكار قرب حلول شهر الخير والبركة ,, وسيطل علينا هلاله بعد أيام قلائل إن شاء الله ,, لذا وبدون أسباب وجدت نفسي مدفوعة و بعجالة للذهاب إلى السوق لشراء كل ما تحتاجه مائدة الإفطار ,, وكأن اليوم هو أو أيام شهر رمضان المبارك ,, نعم سأشتري ما أحتاج وسأزيد كما تعودنا منذ الطفولة بشراء أكثر بقليل من حاجتنا كي نُخرج قسماً منه لجيراننا قبل الإفطار ,, أهيً عادة أو تقليد أو عرف أو سلوك أو أو أو ,, لم أسال لأني لا أريد أن أعرف ,, لأنها أصبحت من الثوابت ,, وصارت عندي ومع مرور السنين جزء لا يتجزأ من تقاليد هذا الشهر وكأنها مكمًلة لطقوس الصيام ,, حالها حال التمر واللبن الذي يبدأ الكثير منا به إفطاره ,, أو مثل مقبلات جلال وأخيه خالد طلفاح / وفلافل أبو علي موفق / و حمص بطحينة ( مدمس ) محمد حمادة / و الصمون الحار من فرن الجمعية ومن أيدي فؤاد رائق الماضي ,, هذه التي يهمنا حضورها على موائد إفطارنا ,, أو انها لا تقل شأنً من قطائف مصطفى / و عوامة أولاد الحاج محمود عبود وأخيه إبراهيم / وهريسة احمد الدكتور ( رحمه الله ) / و كنافة هيثم النابلسي / وزنود ست الحمداني / و بقلاوة الشكرجي / ومن السلوى لنعوش الأعظمية ,, التي تجدنا جميعاً ما أن نفرغ من تناول الإفطار أو بعد الانتهاء من صلاة العشاء والتراويح ,, نجد أنفسنا مدفوعين بقوة غريبة لتناوله .
في طريق عودتي من السوق لم ألاحظ أي شي ينبه ولو بإشارة عابرة وان كانت من بعيد إلى حلول هذا الشهر الكريم في ولاية كاليفورنيا ,, ولفت انتباهي تواً ثبات الأسعار ,, فلم أجد الازدياد المفاجئ والتغيير المدمر في الأسعار ,, هذا التغيير الخرافي الذي يحز رقابنا من الوريد إلى الوريد ,, ويكون معد مسبقاً لاستقبالنا في كل رمضان من كل عام ,, حتى بت كدت أظن بأنه سيأتي يوماً ويجعلونا نطلق عليه شهر الغلاء وارتفاع الأسعار والعياذ بالله ,, وذلك بفضل أفعال بعض قناصي الفرص ( وهم كثر ) من تجار بلاد العرب والمسلمين ,, حين يتبارون فيما بينهم لشحذ سكينة حمى زيادة الأسعار ,, وبهذا يزيدونا أجراً على أجرنا جميعاً عند بارئنا إن شاء الله ,, لطول صبرنا وكثرة تحملنا لأفعالهم هذه بنا ,, مضاف له ضنك العيش وعسر الظروف البيئية الخانقة .
ربنا لك الحمد ... استذكرت بمرار سنوات القهر ,, حين كنت ولسنوات حالي حال العباد ,, أعيش في دار السلام الحبيبة ,, التي ما يزال الكثير منا يعيشون فيها وبغيرها من المدن ,, المدن التي أصبحت بين ليلة وضحاها ,, مدن أصلح لعيش الأشباح فيها بدلاً من البشر ,, مدن كانت عنواناً ومزارا ً لكل الباحثين لقراءة التاريخ والتواقين للأصالة وعاشقي الحضارة والتحضر ,, فأصبحت كأنها قرى منزوية في ركن بعيد ,, بلا ماضي ولا حاضر ولا مستقبل ,, أو أنها تقع في مجاهل غابات إفريقيا الغير مكتشفة لحد الآن ,, لذا فلا غرابة إذ هي الآن بلا ماء ولا كهرباء ,, والمجاري دوماً مختنقة مما فيها والقمامة تلال ,, وبات حلماً صعب المنال أن ننعم ولو إكراماً لهذا الشهر بعودة للماء والكهرباء وتنفيس للمجاري وإزالة هذه التلال ,, فلا يمكن نيل ذلك ما لم نهدر بعضاً من كرامتنا ,, ونسرع لدس آلاف الدنانير مقدماً في جيوب أولي الأمر فينا ,, لان الدفع وبدون نقاش يكون مقدماً ,, وإن كان فيه إهداراً لكرامةً إنسان صائم ,, أو كان مالاً لإنسان فقيراً ومعدوم الحيلة ولا حول ولا قوة له إلاً بالله ,, لأنه لا يملك مالاً والدفع من كرامته لم يجدي حالها حال توسلاته حين يقف مثل الأيتام على موائد اللئام ,, لذا القهر والضيم سيبقى نحوه هو القادم ,, ترى إلى متى سيبقى (( سارقي لقمة الإفطار من أفواه الصائمين )) من قناصي الفرص (( لصوص المناسبات الدينية خاصة )) يزيدون بأفعالهم هذه ,, أم أنهم سيصحون يوماً من سبات الجشع أو سيفيقون يوماً ويخلعون قناع الورع الزائف وينزعون عباءة الإيمان الكاذب ,, ويرحموا أنفسهم من بطش رب ٍ شديد الانتقام ,, قبل ما يرحموا أهلهم الكرام أبناء الكرام فهم منذ سنين صيام صيام صيام !! ,, ويعملوا بالحديث النبوي الشريف (( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) أم انهم سيستمرون بمص دم العباد ونهب خيرات البلاد ,, ليزيدَ اللهُ في غضبهِ عليهم ’’ ودعاء الناس لهم بالفناء ,, والصائمين الصابرين المحتسبين فأجرهم عند الله في عليائه فهو حسبهم ؟؟ وكل عام وأنتم بألف ألف خير ورمضان مبارك ,, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بقلم / جمــــال أبـــو ألنســــــــب
الولايات المتحدة الأمريكية / كاليفورنيا
18/7/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"