قتل المسنين في البرازيل- عصام عرابي

بواسطة قراءة 8213
قتل المسنين في البرازيل- عصام عرابي
قتل المسنين في البرازيل- عصام عرابي

قد يستغرب البعض من العنوان لكن هذا هو الواقع المر ، الواقع الأليم ، لكن لنستعرض المسئلة معاً ولنبدأها بنبذة بسيطة عن حياة الفقيدة ..

الحاجة رشيدة قاسم محمود اللبد تبلغ من العمر ( 79 ) عاماً من مواليد حيفا مدينة الكرمل ، بعد خروجها من فلسطين سنة 1948 مع زوجها إلى سوريا رزقت هناك بطفلين ، توفي الزوج سنة 1966 ، لتبدأ رحلة جديدة من اللجوء ليستقر بها المطاف مع إبنيها الصغار في العراق عند أهلها سنة 1967 ..

عاشت الحاجة رشيدة مع أبنائها في العراق إلى أن بدأ العدوان الأمريكي عليه والذي أسفر عن إحتلال العراق ..

بدأ الإنفلات الأمني هناك وظهور الميليشيات المسلحة المجرمة التي إستهدفت الفلسطينيين والتي أجبرت الكثيرين منهم على ترك العراق ، هذه الظروف دفعت الحاجة رشيدة وإبنها الوحيد لرحلة جديدة من اللجوء تجاه الحدود الأردنية بينما كانت باقي افراد عائلتها المكونة من إبنتها وأحفادها ، قسم في بغداد والقسم الآخر في مخيم التنف على الحدود السورية ..

عاشت الحاجة رشيدة 4 سنوات في مخيم الرويشيد فقدت خلالها إبنها الوحيد عدنان ، بينما كانت عائلتها جميعاً قد إجتمعت في مخيم الوليد غرب العراق على الحدود السورية العراقية ..

بدأ ترحيل العوائل من مخيم الرويشيد إلى البرازيل رفضت الحاجة رشيدة الخروج من المخيم إلا مع عائلتها ، تم لم شمل العائلة وبدأت رحلة لجوء جديدة ، لكن هذه المرة إلى الجحيم البرازيلي ، وهنا تبدأ الحكاية ، حكاية الضياع ، حكاية الإساءات ، حكاية الجرائم وقتل المرضى والمسنين ..

لن نبدأ بالحاجة رشيدة سوف نبدأ بالموضوع تسلسلياً، أول وفيات المسنين إمرأة مسنة في ساوباولو أُم لأحد الأخوة اللاجئين توفيت في المستشفى ونشر خبر وفاتها نقلاً عن مقربين منها أن الوفاة كانت نتيجة الإهمال في المستشفى ..

الحالة الثانية هي حالة المسن حمدان المعتصم الذي توفي في أحد مستشفيات برازيليا ، تم اللقاء هنا مع مقربين جداً من حمدان وكان الموضوع كالآتي :

حمدان رقد في المستشفى 15 يوماً دخل إليها مشياً على أقدامه ولم يتم نقله على نقالة بحالة خطرة ، المرحوم حمدان خرج خلال هذه الفترة من المستشفى 3 مرات لغرض زيارة أصدقائه المعتصمين ويعود ثانية ( لاحظوا هنا أنه كان لديه القدرة على المشي والتنقل بالمواصلات وغيرها ومدركاً لكل ما حوله ) وآخر مرة خرج فيها حمدان لزيارة أصدقائه كانت يوم السبت أي قبل وفاته بيوم وساعات لأنه حسب مقربين توفي ليلة الأحد على الإثنين ، يعني حمدان عندما توفي لم يكن ذلك الرجل الذي يحتظر ليموت بين ليلة وضحاها ، ألا تحيط هذه الوفاة بعض الشبهات ، شخص يخرج يوم السبت لزيارة أصدقائه ويعلن عن وفاته في ساعات فجر الإثنين ، خاصة أن المرحوم وحسب مقربين كان قد طلب منهم إنهاء إعتصامه ومنحه كافة مستحقاته وإدراجه من جديد ضمن البرنامج واستئجار بيت له ، إلى أن المفوضية رفضت ذلك ، السؤال هنا ما الذي حصل مع المرحوم حمدان ؟

الحالة الثالثة هي حالة المرحومة رشيدة التي عاشت بصحة جيدة طوال فترة العامين المنصرمين ، إلى أن بدأت قبل فترة أشهر الشكوى من آلام في الصدر والثديين ، أُخذت إلى طبيب في القرية أحالها بدوره إلى المستشفى الصغيرة جداً هناك وهنا بدأ وضع نقطة النهاية لحياتها ، ومن جهة أُخرى تأزم الوضع مع اللاجئين وتم طرد عائلتها من بيوتهم أكثر من خمسين مرة شفهياً على لسان مرتزقات ومأجورات عصابة آساف المجرمة ، ومرتين بكتب رسمية ، تجمعت الأسباب إهمال صحي إهمال معيشي إساءات وطرد من البيوت ، هذه الأسباب وهذا الطريق المسدود دفع بأفراد عائلتها إلى التوجه إلى العاصمة البرازيلية برازيليا والإعتصام هناك إحتجاجاً على هذه المعاناة وطلباً للخروج من البرازيل ، بينما كانت الحاجة رشيدة تتلقى منهم وعوداً كاذبة على لسان أجيرة آساف في بورتو آلغري المعدومة الأخلاق والضمير والتي لطالما تلاعبت بعقل إمرأة مسنة ، أن دعك منهم أنت لك كل شيئ بيتك الذي سيتم نقلك إليه جاهز وراتبك موجود وليس عليك بهم ، بينما كانت تجهز لها عصابة آساف مكاناً في دار العجزة يخفونها ويقتلونها فيه ..

المهم أن النتيجة التي خلص لها الأطباء أنها تعاني من فشل كلوي ، مع أنه لم يكن واضحاً عليها أي من أعراض الفشل الكلوي ، فقد كانت تمارس حياتها بالشكل الطبيعي ، من ذهاب إلى دورة المياه وخلافه .

وضعوا لها برنامجاً لغسل الكلى ، ونحن نعلم أن من يعانون الفشل الكلوي بعد الغسل يتحسن وضعهم ، لكن ما حدث مع المرحومة رشيدة أنهم أعطوها ذات مرة حقنة أدت بها إلى نزيف من فمها ، ومرة أُخرى أصابها إرتفاع عالي جداً بدرجات الحرارة وبدون سبب مرضي يُذكر ، ومرة أُخرى تم إعطائها حقنة تسببت لها بحساسية ظلت مستمرة معها ولم يستطيعوا علاجها ، إضافة أنهم أعطوها أنواع من الكبسول تسببت بتيبس أصابع أقدامها وفي ذلك الحين قالت أنها لم تعد قادرة على المشي ، وعندما سئلت إبنتها قالوا أنها هي لاتريد أن تمشي وأن كل هذا طبيعي وليس من خطر عليها ..

وبعد كل هذا العلاج والأدوية والغسل باتت غير قادرة على المشي تعاني من آلام في الرأس وفي كل جسدها، طالبة إبنتها لها بعلاج بمنطقة أُخرى لأن هذا العلاج لم يجلب لأمها الشفاء أو حتى نوعاً من التحسن في مستشفى القرية الصغيرة الرديئة ، إستشاطت مأجورة آساف غضباً قالت أنتم لايعجبكم العجب وإتهمت المذكورة إبنة الفقيدة أنها تحاول قتل أُمها عبر تأنيبها على الغسل وقالت بكل وقاحة أنها هي تخاف على الأم أكثر من إبنتها ، تمت المواجهة لفضح السخف الذي تدعيه تلك المأجورة ، إنفضح الموضوع وبان الكذب والنفاق والفتنة التي كانوا يحاولون زرعها ..

توجهت الإبنة وعوائل أبنائها للإعتصام ، وظلت المرحومة بين أيادي المجرمين لعدم قدرتها على السفر ، لكن المرحومة صرحت لهم أنها ستلحق بعائلتها للإعتصام حالما يسمح وضعها بذلك ، وهذا الكلام عليه الكثير من الشهود ممن قالت لهم ، طبعاً وبكل تأكيد لن يسمحوا لها بذلك ، إستفردة بها عصابة آساف المجرمة بدأو بقتلها ببطئ وإنتظام بحجة الفشل الكلوي ، حتى أنهوا حياتها مع نهاية البرنامج كي يرفعوا عن كاهلهم بعضاً من التكاليف ، أعلن عن وفاة الفقيدة رشيدة قاسم يوم الأربعاء 27- 1 - 2010 ، الحاجة رشيدة قاسم هي ثالث مسن يُقتل في البرازيل ، متى سيتم وضع حد لمسلسل القتل هذا الموت في البرازيل أصبح مسئلة رسمية ومن سيتكلم سيقولون هو كان مريض وليس لنا علاقة بموته والواقع يروي غير ما يدعون نسئل الله الرحمة لمسنينا الذين قتلوا في البرازيل وندعو للحاجة رشيدة بالرحمة ، وإنا لله وإن إليه راجعون .

عصام عرابي- البرازيل

28-1-2010

 

موقع" فلسطينيو العراق " أول موقع ينشر هذا الخبر

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"