بسم الله الرحمن الرحيم
المتأمل في حال المسلمين اليوم ,يدرك انهم يعيشون في أزمة بين انفسهم وعلى كل المستويات
أن نظرت الى الدول وجدتها متناحرة ومتباغضة والخلافات في كل يوم تزيد بشأن الحدود او حتى بشأن المنافسات البسيطة مثل الرياضة وغيرها .
وان نظرت الى الاحزاب والاخوة داخل الدولة الواحدة وجدتهم في تناحر وتباغض رغم انهم يعيشون تحت الاحتلال وسلاح العدو مصوب الى رؤوسهم، وحتى على مستوى الأسرة , الانسجام والأتلاف اصبح صعبا في هذا الزمن.
وقبل عدة سنوات كانت الأسر تعيش في منزل واحد يحيطها الوئام والمحبة وهم ابناء عمومة
وتبدل الأن الحال , والكل يريد العيش بمفرده وبعيد عن الناس ونحن الان بدأنا نسمع عن عدم وئام الاهل وهم من اسرة واحدة.
وبدأت تظهر على السطح الفجوة بين الولد ووالده , ولم يتبقى الا القليل من الائتلاف والوئام والمحبة بين الناس وهذا جله من البعد عن الله , ثم من التنافس على حطام الدنيا والذي اشعل في الانفس المريضة نار الغيرة والحسد .
والحسد يولد التنافر والتباغض ومرض القلوب . والقلب اذا فسد فسد الجسد كله بما فيه من جوارح واحاسيس .
والبعد عن الهدي النبوي ومنهج الاسلام الذي هو منهج حياة متكامل أجج في نفس الانسان شرورها واصبح الانسان يسير بإملاء من الشيطان وينفذ خططه وهو لا يعلم لكونه ضل سعيه وهو يحسب انه يحسن صنعا .
ومن زخرف القول يوحي شياطين الجن والانس الى بعض والمتأمل في هذا كله لن يكون لديه ادنى شك اننا نعيش في آخر الزمان .
ومن التغير المشاهد والملموس على الصعيد العام كثرة دعاة الباطل وعلى كل المستويات منهم المتعلم صاحب العبارة المنمقة والمتراصفة ومنهم ما دون ذلك.
ومع انهم يختلفون بالاسلوب الا انهم يلتقون ويجتمعون بهدف واحد وهو الباطل والعجيب تنصيبهم لانفسهم متحدثين عن هموم الأمة وعن النوازل التي اصابتها ويفسقون ويبدعون وينصبون من يرون من الناس بدون النظر الى الجانب الشرعي في كل الامور وفي ميزانهم اصبح الجاهل عالم والعالم جاهل والحاكم العادل ظالم و الحاكم الظالم عادل والمرأة المحتشمة معقده ومهمشة ونموذج غير مرغوب فيه في العالم الحديث والفاسدة هي المتحضرة والمتحررة والمتطورة وتلاحقها الاضواء والكثير مفتون بحديثها وصوتها وصورتها.
والرجل المؤمن المحتسب متشدد ومعقد وظلامي ومنهجه يولد الارهاب وعدم الوطنية وكل مصيبة تصيب الناس هو مسؤول عنها لتشدده وانغلاقة والرجل الفاسد الداعي الى الضلال متحرر ومثقف وتنويري ومجدد ويتصدر وسائل الاعلام ويتحكم فيها والجاهل يكون مفتيا مقربا ومحببا الى اهل الهوى .
والعالم مهمش وغير مرغوب فيه وبعيدا عن الاضواء الا اذا تحدث في شاذة وغريبة تسارع الية الناس بوسائلهم الاعلامية وان تحدث بحق كأن احدا لا يسمعه ويكون الحلال حراما والحرام حلال بسبب اهل الجهل المتصدرين للفتوى.
وهذا كله يذكرنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن السنوات الخداعة ((انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة ..قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة )). حديث صحيح.
ويقول العلامة عبدالله الجبرين رحمة الله عن معنى الحديث : ما المقصود "بالرويبضة" في الحديث الشريف؟
الاجابـــة: في آخر الزمان وعند اقتراب الساعة يقل العلم ويذهب العلماء ويتولى الأمر والإفتاء من ليس أهلا ويكون سيد القوم أرذلهم ويذل أهل الخير والصلاح فهناك يتكلم الرويبضة وهو الخامل الفاسد الماجن، وقد كان قبل ذلك حقيرًا مهينًا لا يجرؤ على الكلام ولا على التصرف وليس له رأي ولا يلتفت إليه لصغاره ونذالته وهوانه، لكن عند انقراض الصالحين وذهاب أهل العلم يترأس في الناس أراذلهم ويكون لهم الأمر والنهي والتصرف حتى يأتي أمر الله تعالى.
ولنتوقف عند هذه ( الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة ).
وهذا هو التافه الذي يضلل الرأي العام ويؤجج اهل الطاعة على اولياء امورهم ويرفع الضال ويسقط الصالح ويبدل الامور من من حسن الى سيئ بتنميق العبارات وتراصفها والتي للأسف تنطلي على السذج ويدعوا ذات الصلاح الى اسقاط عفتها واحتشامها والخروج من خدرها ومن القرار في بيتها الى التبرج والسفور 0
ويأتي بفكرة او مشروع لم ينزل الله به من سلطان ويريد ان يطبقه علينا لان ذلك في نظره هو الاصلح والانسب للأمة ونسي ان الله عز وجل خلق الانس والجن وارسل اليهم رسوله بالهدى .
ويجب ان لا نكون آذانا صاغية للرويبضة التافه وان نلتف حول العلماء الربانيين وان نسمع منهم ونطيع ولاة الأمر ولا ننازعهم في حقهم وان نحافظ على روابط الاخوة ونجمع الصف ونوحد الكلمة ونكون على قلب رجل واحد ويدا واحدة.
ونزيل كل الفوارق الدنيوية ونتذكر ونستشعر اننا اخوة بالدين وابناء عقيدة واحدة والوطن والبلد والعرق والجنسية واحدة في ظل الاسلام ونجتمع كما اجتمع صهيب الرومي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وابو بكر القرشي فهؤلاء كسروا كل الحواجز الوهمية واصبحوا بنعمة الاسلام اخوانا فنصروا الله ونصرهم ..
في خضم ما نراه من انعكاس وانتكاس في المفاهيم والنفوس يبكي القلب ويسطر الحروف واصفا عمق الألم .
سنوات خداعات .. تجعل الحليم حيران .
سنوات خداعات .. يبكي من قسوتها الحجر لما فيها من ظلم البشر إلا من رحم الله .
سنوات خداعات.. انعكست فيها المفاهيم وانقلبت فيها الموازين .
سنوات خداعات .. يصبح للظلم فيها صولة وجولة وله دولة.
سنوات خداعات.. يُصدَّق فيها الكاذب ويُكذَّب الصادق.
سنوات خداعات .. يُخَوَّن فيها الأمين ويؤتمن الخائن.
سنوات خداعات.. بين ليلة وضحاها ...ينقلب صاحبك إلى عدوك ... بأقبح الألفاظ يرميك ويزعم أنه لك ناصح أمين !!!ولكن ماذا نقول سوى ... سنوات خداعات ...
سنوات خداعات.. تموت فيها الأخلاق عند البعض ويعتصر القلب ألما حينما ترى من قل أدبه وفقد خلقه يلصق ذلك فيك تخاطبه بلين القول ويقابلك بفحش القول ثم ماذا ؟؟؟
ثم يقول لك أنت فاقد الأدب !!!( رمتني بدائها وانسلت ) .
سنوات خداعات.. تعالم الجاهل حتى غدا عند الجهلة عالم !!
سنوات خداعات .. نطق فيها الرويبضة فاتبعه كل الجهلة .
سنوات خداعات.. ذبح البعض فيها أروع معاني الإخاء لجهل واضح وغلو فاضح.
سنوات خداعات.. عزَّ فيها العدل الإنصاف .
وإنها سنوات خداعات.. لا نجاة من مرارتها إلا باتباع الحق الذي أتى قرآن وسنة وبفهم السلف صالح .
فهلا عقلت وعملت للنجاة يا انسان ...لنصلح انفسنا اولا ونحن جزء من هذا المجتمع واول الصلاح يبدأ من انفسنا ثم يكون التأثير على المجتمع.
وأعرض عن الجاهلين ولا يضرك كيدهم شيئا ...
والله الموفق ...
ابو علي الجياب
13/10/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"