تعتبر
هجرة الفلسطينيين الى بريطانيا تطورا حديثا اذا ما قورنت باليمنيين مثلا الذين
استقروا بأعداد كبيرة قبل عقود طويلة من بدء وصول الفلسطينيين بأعداد محدودة . ولم
تزدد هجرة الفلسطينيين الى بريطانيا زخما الا في العقود الاربعة الاخيرة تقريبا . وقد
اخذ العدد يرتفع بعد حرب حزيران يونيو 1967 بعد ان احتل الجيش "الإسرائيلي"
قطاع غزة والضفة الغربية. جاء بعض الطلبة آنذاك لمتابعة دراستهم الجامعية ,بينما
جاء عدد قليل اخر للعمل .
وصار
عدد الفلسطينيين ملحوظا منذ اواخر السبعينيات فصاعدا عبر ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته
نتيجة للحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت منذ 13 نيسان 1975 وحتى 13 تشرين الاول
1990. وحدثت ثلاث موجات هجرة اخرى اولاها عقب الاجتياح "الإسرائيلي"
للبنان عام 1978 والثانية عقب الغزو "الإسرائيلي" 1982 والثالثة نتيجة
الغزو العراقي للكويت 1990 ثم حرب تحرير الكويت في 1991.وكان احتلال العراق للكويت
كارثة على الفلسطينيين العاملين و القاطنين هناك ,اذ فقد معظمهم اعمالهم و وظائفهم
فاضطروا للخروج بعشرات الالاف و استقر بعضهم في بريطانيا حيث كانوا يقضون في
الماضي اجازاتهم او يرسلون ابناءهم و بناتهم الى الجامعات .
يعيش
ابناء الجالية الفلسطينية في بريطانيا في بلد تحكمه القوانين ويتسم باستقلال
القضاء والمحاكم وبدرجة عالية من احترام الحريات العامة والفردية وحقوق الانسان
,باستثناء بعض القوانين التي سنت مؤخرا لمكافحة الإرهاب. تتمتع وسائل الاعلام من
صحف ومحطات اذاعية وتلفزيونية بحرية تامة وهي تمارس فعلا دور السلطة الرابعة .هناك
رابطة مؤلمة بين بريطانيا والشعب الفلسطيني بدأت عندما كانت بريطانيا لا تزال
امبراطورية قادرة على ان تعطي اراضي غيرها لغير اصحابها الشرعيين , هو ما فعلته
بإعطاء وعد بلفور للحركة الصهيونية الذي نص على اقامة "وطن قومي لليهود في
فلسطين" .
اللاجئون
الفلسطينيون في بريطانيا قسمان :
1-لاجئو
العام 1948
2-لاجئو
العام 1967 والذين يطلق عليهم اسم "النازحين"
عدد
الفلسطينيين في بريطانيا
لا
يوجد احصاء علمي دقيق لعدد الفلسطينيين في بريطانيا وكل الارقام المتداولة ما هي
الا تقديرات قائمة على التخمين. اكثر الارقام التقديرية تداولا هي ما بين 20 الفا
و 30 الفا. اما الصعوبات الماثلة امام اجراء احصاء دقيق فسببها ان اعدادا كبيرة من
الفلسطينيين يصنفون حسب الجنسية التي يحملونها و ليس بحسب جذورهم .كما ان
الاحصاءات الرسمية البريطانية لا تضع الفلسطينيين تحت تصنيف "فلسطيني" .
لعل
الطريقة المثلى هي اللجوء الى اللجنة التنفيذية لرابطة الجالية الفلسطينية في
المملكة المتحدة و تكليفها بمهمة اجراء احصاء .و الميزة هنا ان الرابطة التي يوجد
مقرها في لندن على صلة بروابط اقليمية للفلسطينيين في بريطانيا و يمكن بالتالي
استخدام قواعد معلومات هذه الروابط . لكن هذا يتطلب تمويلا و تخطيطا و تجنيد طاقم
من الشباب النشيط .
اثر
حداثة الجالية على نشاطها السياسي
تعد
الجالية الفلسطينية حديثة العهد في بريطانيا خصوصا اذا ما قورنت بالجالية اليهودية
التي يعود عهدها الى اكثر من 350 عاما . ويعني هذا ان اليهود اتيح لهم الوقت
الكافي للانخراط في مختلف نواحي الحياة البريطانية , والمشاركة في نشاط الاحزاب
السياسية , ودخول مجالات القانون والاعمال و"الفن" والاعلام من اوسع
الابواب ,مع كل ما يعنيه ذلك من رفد لمصالح جاليتهم ولاحقا لمصالح "إسرائيل"
باعتبار انه يحق لهم تلقائيا الحصول على الجنسية "الإسرائيلية" اضافة
الى البريطانية . والواقع ان اليهود يتمتعون منذ عقود بتمثيل في مجلس العموم يفوق
بكثير نسبتهم الى عدد سكان بريطانيا . ذلك ان عددهم لا يزيد عن نصف مليون نسمة (من
مجموع 58مليون نسمة) لكن منهم في احيان كثيرة اكثر من 50 نائبا موزعين على الاحزاب
الثلاثة الكبيرة العمال و المحافظين و الديمقراطيين الاحرار .
اما
الجالية الفلسطينية فان حداثتها تعني ان نسبة من ولدوا من افرادها في بريطانيا
ليست عالية بعد وان انخراطهم في مختلف نواحي الحياة ,خاصة السياسية ,سيستغرق بضعة
عقود اخرى من الزمن على الاقل .ولا يعني هذا عدم وجود بدايات وارهاصات لهذا
الانخراط في الحياة العامة البريطانية ,اذ ان هذه البدايات موجودة ,فهناك عرب
بينهم فلسطينيون انضموا للأحزاب السياسية بشكل فردي وهم يحاولون التنسيق فيما
بينهم و تشكيل مجموعات يمكن ان تغدو فعالة .
ويقول الأستاذ
عطا الله سعيد وهو ناشط في حزب العمال ان مجموعة من هؤلاء الحزبيين العماليين
تشكلت بإسم المجموعة العربية في حزب العمال في عام 2002 وانتخبت لنفسها هيئة
تنفيذية . وهناك ايضا مجموعة سمت نفسها الرابطة العربية البريطانية تضم في لجنتها
التنفيذية الأساتذة عطا الله سعيد وعدنان شاهرلي وعزت دروزة وعبدالناصر صايمة والدكتور
رجاء كومين والأستاذتين منى النشاشيبي وسوسن اسفري .
منظمات
فلسطينية اخرى في بريطانيا
هناك
منظمات اخرى الى جانب رابطة الجالية التي يوجد مقرها في لندن ,مثل رابطة الجالية الفلسطينية
في منطقة بيرمنغهام ,والرابطة في منطقة مانشستر ,والرابطة في اسكتلندا . وتسعى
الرابطة الام في لندن الى انشاء صلات وثيقة مع هذه الروابط و قد ضمت بالفعل ممثلين
عنها الى لجنتها التنفيذية من اجل تعزيز تنسيق النشاطات .
وبالإضافة
الى هذه الروابط هناك ايضا فروع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في المملكة المتحدة . وتعي
رابطة الجالية اهمية التنسيق مع الطلبة وتدرك قيمة نشاطهم الذي كان عالي المردود
على صعيد خدمة القضية الفلسطينية. لذلك فإنها تضم مراقبا عنهم الى لجنتها
التنفيذية . يعتبر مركز العودة الذي يراسه الأستاذ ماجد الزير من اهم المؤسسات
الفلسطينية في بريطانيا وقد صار له مقر دائم الان في منطقة يوستون في قلب لندن .
من
المنظمات الاخرى : جمعية دعم جامعة القدس , وجمعية اصدقاء بيرزيت , ودير ياسين في
الذاكرة وهناك منظمات بريطانية داعمة لفلسطين ابرزها : جمعية العون الطبي لفلسطين
وحملة التضامن مع فلسطين .
تعتبر
مؤسسة جامعة القدس وكلية الطب المنبثقة عنها من المنظمات الخيرية الهامة لخدمة
الفلسطينيين ,و هي مؤسسة مستقلة مسجلة في المملكة المتحدة تهدف الى رفد كلية الطب
في الجامعة ودعم تعليم الطب في فلسطين .
وتوفر
مؤسسات محدودة في فلسطين دراسة الطب بمعايير متقدمة خاضعة لامتحانات دولية , وتهيء
خريجيها في المجالات التي يحتاجها المجتمع المحلي . ومن الضروري توفير الدعم لهذه
المؤسسات من كافة المعنيين بالشأن الفلسطيني .
الاندماج
ام الحفاظ على الهوية ؟
يمكن
القياس على الجالية اليهودية لاستنتاج ان اندماج الجالية الفلسطينية في المجتمع
البريطاني لا يعني بالضرورة فقدان الهوية الوطنية الفلسطينية والانتماء الثقافي
العربي الفلسطيني , بل على العكس , فان بإمكان الاندماج النسبي في ظل الحريات
الواسعة المتاحة في بريطانيا لن يساعد في خدمة الاهداف الوطنية الفلسطينية
المشروعة و المكرسة في قرارات الامم المتحدة والقوانين والمواثيق الدولية . ويمكن
القول ان من شبه المضمون ان من ولدوا لأبوين فلسطينيين في بريطانيا لا يمكن ان
ينسوا ان فلسطين هي ايضا بلدهم كما بريطانيا بلدهم , حتى ولو ولدوا في بريطانيا وليس
في فلسطين .اما من ولدوا لاب فلسطيني و ام غير عربية فقد يكون احساسهم بالانتماء
الى فلسطين اقل قوة , لكن لا يعني هذا انهم لن يدافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته
.
يقول
ماجد الزير في دراسة له حول الجالية الفلسطينية في بريطانيا ,ان مقابلات اجريت مع
فلسطينيين حول الهوية وعرضت عليهم الهويات التالية : بريطاني ,فلسطيني ,عربي ومسلم
. ويقول ان بعضهم اعتبر نفسه مسلما بريطانيا , واخر اعتبر نفسه فلسطينيا بريطانيا
, واخرى قالت انها فلسطينية .ويضيف ان كل الفلسطينيين الذين قابلهم ولم يحصلوا على
الجنسية البريطانية , باستثناء واحد , استثنوا الهوية البريطانية . ويضيف ان
الهوية العامة بين الجميع كانت الهوية الفلسطينية , وقال احدهم انه فلسطيني عربي ,
بينما جمع احدهم الهويات الاربع في نفسه فقال انه فلسطيني بريطاني عربي مسلم .
اعداد
: موقع الجالية الفلسطينية
المصدر :
موقع الجالية الفلسطينية بتصرف موقع فلسطينيو العراق
11/10/2012