وتشرح ربة العائلة اللاجئة حالها لـ"بوابة اللاجئين
الفلسطينيين" وتقول: " زوجي يعمل بأحد المحلات كعامل أهلي، وبأجر يومي
يساوي 20 ألف دينار عراقي، أي ما يعادل 15 دولاراً، وهذا المبلغ قليل ونحن عائلة
مكونة من ٦ أفراد، وندفع إيجار منزلنا 400 ألف دينار أي ما يعادل 350
دولاراً" مضيفةً أنّ زوجها حاول إحراق نفسه فور تلقيه الخبر، وقد اعتذر
لبناته لأنه عاجز عن تحقيق أيّ مستقبل جيّد لهنّ بعد أن وصل الأمر إلى حرمانهن من
السكن.
وسيبلغ في نهاية "آذار/ مارس" الجاري، عدد
العائلات المهددة بالطرد من منازلها، بعد تخلي المفوضيّة عنها 240 عائلة، بعد أن
بدأت مفوضية اللاجئين (UNHCR) بإبلاغ العائلات بشكل تدريجي منذ كانون الثاني/ يناير
الفائت، لتكتمل دائرة الأزمات في إطباقها على حال فلسطينيي العراق، في ظل الأزمات
الاقتصادية والأمنية التي يمر بها البلد عموماً هذه الأيّام، وحرمانهم أصلا من
العديد من الحقوق إثر الغاء القانون 202 لعام 2001 والذي يساوي الفلسطيني المقيم
في العراق بالمواطن العراقي من حيث الحقوق.
وتشير التقديرات أنّ أغلب من قطعت المفوضيّة بدل
الإيجار عنهم، هم من كبار السن والمتقاعدين والأرامل والأيتام، بينما أبقت مفوضية
اللاجئين على حوالي 50 عائلة فلسطينية فيهم الكثير ممن يعملون بالقطاع الحكومي
بصفة موظفين دائمين تعينوا في الماضي .
ولا تنكر المفوضيّة عند سؤالها عن سبب هذا التمييز غير
المنصف، بالاعتراف بأن هناك المئات من العوائل التي ظلمت، بل ويقول أحد موظفيها:
"نحن نعرف أن تلك العوائل لا مورد لها ولا معيل، ويضيف ساخراً "المفوضية
تعمل بجهاز مزود بالأقمار الصناعية، هو من يحدد بين من يستحق او لا يستحق"
رغم أن موظفيها قد قاموا بجرد حوالي أكثر من ٢٥٠ عائلة قبل نهاية عام ٢٠١٩،
والغريب أن الذين تم الكشف عن حالاتهم في شققهم، جرى إبلاغهم بأنهم من المستحقين،
ولكن في الحقيقة تلك العوائل قد صدمت بإبلاغها بقطع بدل الايجار عنهم في نهاية
المطاف.
مفوضية
اللاجئين لم تميز بين المعاق وبين المريض في جولتها على شقق اللاجئين
ويؤكّد عدد من فلسطينيي العراق لـ"بوابة اللاجئين
الفلسطينيين" أن هناك العشرات من حالات العوق الشديد في صفوفهم، إضافة إلى أرامل
وكبار في السن ومرضى بحاجة إلى علاج، لم تنصفهم مفوضية اللاجئين، فبدلاً من
مساعدتهم وتقديم العون لهم، قطعت بدل الإيجار عنهم بكتاب رسمي سلمته لهم بشكل
انفرادي، وجاء فيه : "مع الأسف أنت غير مؤهل للحصول على أي مساعدة نقدية
متعددة الأغراض بما فيها بدل الايجار لعام 2020".
وهو ما يعتبره فلسطينيو العراق، كتاب إعلان براءة منهم
وفق اللاجئ ( س . ي . م ) الذي يقول لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"
:"كل شيء ممكن أن نفقده ونُحرم منه ولكن أن يصل الأمر بطردنا، من سقف يؤوينا
مع أطفالنا، فهذا عمل لا يُصدّق ولا يقبله حتى العدو".
ويضيف: "تصوّروا معي ماذا يعني، أن يقوم لاجئ
فلسطيني بتمزيق ورقة الحماية المقدمة الخاصة بالمفوضية أمام وسائل الإعلام، وكاد
أن يمزق قميصه أيضا بسبب أننا أدركنا يقيناً أن مفوضية اللاجئين تخلت عنا تماماً،
بوقت نحن بحاجة إلى من يقف معنا ويساعدنا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها
العراق".
وحول الموقف الرسمي العراقي من هذه القضيّة، أكّد
المسؤول في وزارة الهجرة والمهجّرين أحمد وليد لـ" بوابة اللاجئين
الفلسطينيين" حرمان العديد من العائلات المستحقّة لمعونات بدل الإيجار،
مشيراً إلى مساعٍ تبذلها وزارته من أجل إرجاع المستحقات اليهم.
وقال وليد: إنّه "على مدى 14 عاماً كانت وزارة
الهجرة والمهجّرين العراقية مسؤولة عن برنامج الإعانات للعائلات الفلسطينية
الفقيرة والمتعففة، ولم نقطع إيجار منزل أي فلسطيني نجده مستحقاً، وحين استلمت
مفوضية اللاجئين المسؤولية المباشرة، قامت بهذا الفعل".
هل
لتنفيذ "صفقة القرن" أي دور؟
ومن جهته، ربط الخبير القانوني العراقي مدحت العاملي
قرار المفوضيّة بـ"صفقة القرن" معتبراً أنّ الضغط على اللاجئين
الفلسطينيين في العراق، له عدّة أسباب مرتبطة بالصفقة، "ستفرزها الأحداث
قريبا" وفي قوله.
وعبّر في حديث مع "بوابة اللاجئين
الفلسطينيين" عن دهشته من قرارات المفوضيّة، قائلاً:" لا يمكن لعقل أن
يصدق أنّ مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في العراق، تخبر إخوتنا
الفلسطينيين أنها غير قادرة على دفع بدل الإيجار عنهم".
وحذّر العاملي، من مصير قد يلفّ فلسطينيي العراق
ويعيدهم إلى حياة الخيام في مشهد يشبه مشهد تهجيرهم عن فلسطين عام 1948، داعياً
وزارة الهجرة والمهجرين العراقيّة، أن تُفعّل قضيتهم، وإدراجها ضمن ملفات عمل
الوزارة، وذلك لكون الفلسطينيين في العراق من مواليد بغداد وتنطبق عليهم شروط
الوزارة للمقيمين إقامة دائمة البلد.
تجدر الإشارة إلى أنّ اللاجئين الفلسطينيين في العراق،
لا يخضعون لتعريف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ولا
تشملهم الوكالة ضمن مناطق عملها، وجرى اعتبارهم كلاجئين لدى دولة العراق منذ
خمسينيات القرن الفائت، ولكنهم تعرضوا منذ الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003،
إلى عمليات قتل تهجير واسعة على يد الميليشيات المسلّحة، وبات هناك التباس في
اعتباريتهم القانونية في البلاد بسبب تبدل نظام الحكم، وعدم احتوائهم كلاجئين من
قبل الحكومات التي تعاقبت على العراق عقب الغزو.
المصدر : بوابة اللاجئين الفلسطينيين
25/7/1441
20/3/2020