يقول البعض بأن الوضع أصبح آمنا والحياة أفضل من قبل ، قد يكون هذا في بعض الجوانب الأمنية نسبيا لكن كثيرة هي الأمور التي تكون عائقا أمام الفلسطيني كي يمارس حياته بشكل سليم ومن غير مضايقات ، من تلك الأمور انعدام الثقة بين الأهالي وما تسمى مغاوير الداخلية أو الشرطة العراقية وهنالك مؤشرات كثيرة .
ففي تاريخ 26/8/2008 موظفتان فلسطينيتان من اللواتي يعملن لدى مجمع فلسطين الطبي قرب مجمع البلديات قامتا بالنزول من أعلى المجمع إلى إحدى المحال التجارية لشراء بعض الحاجيات ، فتبعهم جنديان عراقيان من الشرطة والمغاوير المكلفة بحماية عملية الجرد والإحصاء في نادي حيفا ، وأحد الجنود تابع لمركز شرطة الرشاد القريب من المكان .
شاب فلسطيني اسمه عمر صالح قدورة كان متواجدا قرب هذا المحل فسمع صراخ الفتيات الفلسطينيات وهن يخرجن من المحل فسأل إحداهن عما جرى فعلم أن هؤلاء قد تحرشوا بهن !!فأخذت الغيرة عمر والشهامة وجن جنونه فقام فورا بالهجوم على الشرطي وصاحبه ودافع عن الفتيات وأبعدهم عنهن بالقوة فما كان من الجنود إلا استدعاء جنود آخرين وقاموا بالاعتداء على عمر أمام الناس بالضرب والشتائم وقاموا بإدخاله إلى نادي حيفا إلى غرفة الضابط الملازم لؤي الذي بدوره ضرب عمر وسأله عما جرى ، فقال عمر : هذا عرضي هل تقبلوا أن أحدا يعتدي على أعراضكم ؟!!! وقام أحد الجنود بشهادة الزور ضد عمر على أنه من اعتدى على الشرطي وهذه ليست غريبة على جنود وشرطة لا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم .
بعد ذلك قام الملازم لؤي بإجبار عمر على التصالح مع الشرطي الذي اسمه قصي ، وقال له الملازم بأن النساء غالبا ما يجلبن المشاكل ، فقال عمر بكل جرأة : أي مشاكل هو من اعتدى وتحرش !.
لكن الحقد الدفين في نفوس هؤلاء الطائفيين يجعلهم يتصرفون تصرفات هوجاء شعواء عمياء ، فبعد شهر من الحادثة كان عمر يجلس في محل لبيع الشاي ويشرب الشاي أسفل مجمع فلسطين الطبي ، فقامت سيارة شرطة نوع بيك آب زرقاء اللون بالوقوف أمامه وترجل منها الشرطي المدعو قصي ومعه ثمانية من الشرطة وقاموا بمحاصرة عمر وقال له قصي : لماذا أنت هنا ؟! ألم نقل لك بأن لا تأتي إلى هنا مطلقا !! قال لهم بائع الشاي : لقد دعوته أنا على الفطور ، فقالوا له من أجل هذا الرجل سنتركك الآن ، ومرة أخرى لا تأتي إلى هنا ؟!! قال له الضاط : ما اسمك : قال عمر ؟!! قال له أين هويتك ؟ : قال : لا أحمل هوية في منطقتي ، فقال إذا عندما تخرج خارج المنطقة احمل الهوية ، فقال عمر : لن أحملها !! ثم انصرفوا .
وبعد أسبوع آخر حضرت نفس الدورية إلى نفس المكان بحثا عن عمر أيضا ، وبتاريخ 1/12/2008 عندما جاء دور عمر باستلام الهوية في نادي حيفا حضر في الوقت المحدد له ، فاستوقفته الشرطة التي في الباب وقال أحدهم : ( أنت فلسطيني مو ؟!!!) قال : نعم ، فقال له بلهجة تهديد : بسيطة ؟! ثم سمح له بالدخول .
والأمر كيف يكون لو أن عمر ذهب خارج مجمع البلديات ورآه هؤلاء الشرطة فما الذين يفعلونه به ؟!!! وتلفيق التهم جاهز بأنه ( كان يزرع عبوات ناسفة ؟! ، أو عضو بارز في تنظيم القاعدة إن لم يكن قيادي ؟!!!) وإذا تم اعتقاله سيعيش أهله وذويه بمأساة جديدة حيث لابد عليهم من دفع مبالغ كبيرة كي يتم الإفراج عنه بعد أن رتبت له قضية ما ، فعجيب أمور غريب قضية الذي يحصل لفلسطينيي العراق .
فأين الأمان الذي يدعونه أين احترام الإنسان الفلسطيني ، فهل بعد هذه التي علمت بالنسبة لنا وهنالك الكثير الكثير لم تعلم وما خفي أعظم ، وفي الحقيقة عمر الآن يشعر بأن حياته مهددة وهو في خطر أضف إلى ذلك أن اسمه عمر وهذا بحد ذاته كفيل على تلك الأحقاد الدفينة الصفوية الشعوبية ضد أي وجود فلسطيني .
فأين السفارة واللجان التي تشكل لخدمة الناس ؟!!! وأين الذين لديهم معارف وعلاقات طيبة مع الشرطة ؟!!! وأين .. وأين ...
ويذكر بأن عمر لحقه ضرر بمحل الحلاقة الذي يشارك فيه شخصا آخر عندما انفجرت عبوة ناسفة أمامه عام 2003 في منطقة الكرادة ببغداد ، وتضرر كثيرا وعندما فتح مقر لقوات بدر بجواره قضي على المحل نهائيا ، ومرفق صور فيها آثار الدمار الذي لحق المحل في حينها .
عبد العزيز المحمود
كاتب فلسطيني – بغداد
20/12/2008