وفي هذه المعركة بالتحديد، حقق شعبنا وحدة وطنية
ميدانية حقيقية، أساسها فكر وثقافة المقاومة التي تربى عليها الفلسطيني، وهذا
الفكر ساهم في بعث الروح في جماهير شعبنا في مختلف أماكن تواجده. ما حصل على الأرض
يعتبر انتصار كبير، فلا يمكننا اعتبار ما حصل أمراً عابراً، محطة للاحتفال والابتهاج
فقط، ومن ثم نعود بعد ذلك إلى سابق عهدنا، وكأن شيئاً لم يكن، لقد سيطر على
الكثيرين منّا سابقاً روح الاستسلام لسطوة المحتل وقوته العاتية.
وأضاف أبوالعردات: إن ما حصل في
غزة هو معجزة، انتصر الفلسطيني المحاصر الذي لا يمتلك الا امكانيات محدودة في
مواجهة جنود وحدات النخبة الإسرائيلية الذين يحوزون على افضل عتاد عسكري في العالم
ويتلقون أهم وأفضل التدريبات العسكرية، ما وضع جيش العدو بالمرتبة الرابعة من حيث
القوة بين جيوش العالم، وبالمرتبة الثانية من حيث القدرات التقنية.
أما عن تضحيات شعبنا فقال: لقد لحق
بشعبنا فاجعة كبيرة من حجم الضحايا، فإجرام العدو وجبروته الذي لايتحمله بشر، وهو
اعتاد ارتكاب المجازر بحق بحق شعبنا وتاريخه يشهد على ذلك، ومع ذلك كله فقد احتضن
شعبنا أبناءه المقاومة، وأظهر معدنه الأصيل، ووعيه وثقافته وصبره ومقاومته، ما جعل
يبهر العالم بهذا الصمود الأسطوري.
وهذا النصر حطم قدرة الردع لدى جيش
الاحتلال، وغيّر وسيغيّر الكثير من المسلمات في مجتمع المحتلين.
عن الوضع الإقليمي، قال الأخ فتحي
أبوالعردات: إن هذا الأمر يؤثر على الفلسطينيين، اجتماعياً، ومدنياً، واقتصادياً.
في لبنان وضع النازحين الفلسطينيين من سوريا صعب وهم لا يأخذون حقوقهم بالكامل،
وما يحدث مرشح لزيادة أعداد النازحين.
أما عن الوضع العربي فقد أظهر تدني
مستوى تفاعل الأنظمة العربية مع حدث في غزة، وهو تخاذل وتآمر مخزي ضد شعبنا، لكننا
وفي الوقت نفسه لا نستطيع أن ننسى إيران ودورها والشعب الإيراني وحزب الله وسيد
المقاومة السيد حسن نصرالله، وسوريا ونشكرهم على وقوفهم جميعا مع الشعب الفلسطيني
وقضيته العادلة.
رغم الخلاف السياسي الذي جرى حول
الموقف من أحداث سوريا لم ينعكس ذلك على الموقف من القضية المركزية هناك ثقافة
مقاومة فصلت مابين الموقف السياسي، وما يتطلبه العمل الكفاحي والعسكري المقاوم،
فاستمرت عملية تبادل الخبرات بين حزب الله، والمقاومة في غزة، واستمر التدريب.
وتابع: ومن المعيب على العرب خلال
المعارك التي حصلت على غزة، أن تصمت الأصوات العربية في حين صدح صوت القائد
الإيراني العظيم القائد قاسم سليماني، ليشد من أزر أحبابه المقاومين، فجاد بكلام
لايمكن له أن يصدر إلا ممن عشق فلسطين بجوارحه وأحاسيسه كلها.
أما عن الصراع الحاصل في المنطقة
العربية، فقد قال: إن الصراع القائم اليوم له علاقة بالقضية الفلسطينية، وعنوانه
الحي والساخن اللاجئون، لأنه في حال التخلص من قضية اللاجئين، وانهاء المقاومة
والسلاح صارت القضية الفلسطينية قضية إنسانية وليست سياسية، لذلك وعلى الرغم من
محاولتنا تحييد أنفسنا عما يجري اليوم في سوريا إلا أننا بقينا في قلب الحدث،
اليرموك والمخيمات خير مثال وهجرة أهل المخيمات من سوريا، فمنهم من تهجر هجرة داخلية
ومنهم من تهجر إلى الخارج.
وفي لبنان جرت محاولات كبيرة
وخطيرة في السنوات الماضية من أجل استدراجنا أو إقحامنا في المشاكل السياسية أو
استخدام البعض منا ومن بعض المجموعات، الان ان هناك وحدة موقف فلسطيني لم يتسطيعوا
اختراقه، وهذه مسالة مهمة وإنجاز كبير للشعب الفلسطيني، كذلك تم تشكيل أداة أمنية
تابعة للقيادة السياسية، وهذه الأداة ضبطت الوضع في مخيم عين الحلوة ومنعت تهجير
عين الحلوة، فأحد أهداف المشروع المعادي هو كيفية تمرير الفتنة عبر المخيمات في عين
الحلوة والبداوي ومخيمات بيروت، وهناك شواهد تتحدث عنها الدولة والأحزاب في
الضاحية وصيدا، وفي محطتين بارزتين: إحداها المشكلة التي حصلت أيام معركة عبرا مع
الشيخ الأسير واستطعنا تجاوزها، وكان يراد لنا أن ندخل فيها، وبالتالي سيكون
المخيم مثال آخر كنهر البارد.
ونحن حفظنا مخيماتنا بوحدة الموقف
الفلسطيني ومررنا بتجارب صعبة ومنعنا الفتنة، لأن الهدف واضح وهو تهجير
الفلسطينيين، عندما ينتهي اليرموك في سوريا ومخيمات اللاجئين في لبنان نكون قد
دخلنا مرحلة الخطر الجدي على موضوع اللاجئين الفلسطينيين وموضوع حق العودة،
وتجاوزنا هذه المرحلة بتفاهمنا نحن الفلسطينيين.
وفي حال لم نقم
بتشكيل إطار فلسطيني موحد لن نستطيع تجاوز هذه المشكلة، رغم كل التباينات السياسية
في ما بيننا، لكن وضعنا حداً للتناحر والتقاتل، ودائما سنكون وفداً موحداً ليس في
مصر فقط بل في لبنان ايضا، لأنه في السابق كان كل تنظيم أو فصيل فلسطيني يذهب
بمفرده للنقاش أو الحوار مع اللبنانيين في قضية ما، أما الآن فإننا ندخل عند المستويات
السياسية والعسكرية والامنية بوفد موحد وكانوا دائما يثنون على هذه الخطوة وكانوا
يتمنون أن يتوحد اللبنانيون كما توحدنا نحن رغم التناقضات.
فقد حافظنا على قضية اللاجئين من
خلال حفاظنا على المخيم كي لا يستخدم من قبل أفراد أو مجموعات ضد نفسه ومحيطه
ويكون فتنه في ظل المرحلة الصعبة والخطيرة يتم فيها استخدام التعصب والتطرف، وخاصة
أنها ظاهرة عابرة للحدود وليست محلية موجودة في المخيم او حتى في لبنان فقط.
لقد بذلنا جهدا كبيرا بوحدتنا
أولاً وتعاوننا مع الدولة اللبنانية، وتعاون أهلنا وجماهيرنا في المخيمات معنا،
فعند تشكيل القوة الأمنية في مخيم عين الحلوة احتضنها الأهالي وحموها وكانت
الحماية متبادلة، الناس يريدون الأمن والاستقرار وأثبت الشعب الفلسطيني أنه يستحق
الحياة ويستحق أن يكون له وطن وهو حريص على اوطان الاخرين. ونحن اليوم ننسق مع
الدولة اللبنانية من أجل تعميم القوة الأمنية على باقي المخيمات، لأن الدولة
اللبنانية لها مصلحة ونحن لنا مصلحة. مصلحتنا في حماية قضيتنا وشعبنا وحماية حق
العودة وحق اللاجئين.
أما عما يحدث من مؤامرات تهجير
للفلسطينيين، فقد قال: تأثرت لغرق العديد من الفلسطينيين من غزة ومن سوريا الذين
هاجروا هجرة غير شرعية عن طريق البحر، حيث استغلهم السماسرة، والسؤال المشروع ما
الذي يدفعهم للهجرة؟
هناك عدم استقرار ومخاوف وبالرغم
من وضع المخيم أفضل من غيره إلا أن هناك تخوف، وكذلك الأزمة الاقتصادية والمعيشية،
وعدم توفر فرص عمل. فهناك شخص باع كليته كي يسافر، وهذا لا يعني أنهم لا يريدون
العودة إلى فلسطين حتى الذين يعيشون في أوروبا وأميركا يريدون العودة، وحق العودة
حق غير قابل للتصرف إن كان في لبنان أو في أي مكان آخر، لذلك نحن أمام أزمة كبيرة،
لأن جزءاً من فلسطينيو لبنان هجروا خلال الحروب السابقة، والتهجير خطير لأنه يمس النسيج
الاجتماعي الفلسطيني.
وحماية المخيمات الفلسطينية والحفاظ على وجودها مهم فهي شاهد حي على المأساة الفلسطينية. من واجب الأونروا تقديم المساعدات للفلسطينيين، ونحن نشعر بالارتياح لأننا منعنا تكرار تجربة نهر البارد. في السابق كان يقال عن الوجود الفلسطيني أنه عبء وجزء من الفوضى، أما الآن الدولة اللبنانية تعترف بأن الوجود الفلسطيني صار عامل استقرار في البلد وهذا أمر نعتز به، ولكن هذا لا يعني انه لا يوجد قلق لأن المحاولات لزعزعة الاستقرار الفلسطيني واستدراجه بعض الجهات ستستمر.
ولكننا نتابعها ولا ندعها تتراكم، وحتى في شاتيلا هناك مشاكل يومية لأن المخيم فقط 15% من سكانه فلسطينيين، والباقي من جنسيات أخرى وصار مجتمعا غير متجانس. فمهمتنا صعبة ولكن قطعنا مرحلة صعبة، ودعم كل القيادة الفلسطينية لنا ساعدنا كي نتخطى هذه المرحلة الصعبة بالتعاون مع القيادات الميدانية التي لها دور في تثبيت الأمن بالمخيمات، ونأمل تعزيز الوحدة، وأن تستمر ونحن شعب لنا قضية ويجب أن ننتصر، لأننا أصحاب قضية، وقضيتنا قضية حق وهناك دول وأصدقاء يدعموننا في العالم، وخاصة دول أميركا اللاتينية الذين نعتز بهم.
المصدر دنيا الوطن