توضيح حول ما أثير من إشكالات بخصوص برنامج فلسطينيو العراق على قناة صفا- أيمن الشعبان

بواسطة قراءة 10608
توضيح حول ما أثير من إشكالات بخصوص برنامج فلسطينيو العراق على قناة صفا- أيمن الشعبان
توضيح حول ما أثير من إشكالات بخصوص برنامج فلسطينيو العراق على قناة صفا- أيمن الشعبان

الحمد لله القوي المتين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين، وبعد:

اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

وصلتني منذ أيام عبر موقع فلسطينيو العراق استفسارات في حقيقتها طلبات خاصة وموجهة لي بشكل مباشر، بالإضافة لما بلغني من عدد من الأصحاب والمعارف أيضا قبل ذلك، بما يخص برنامج أو حلقة ستعرض على قناة صفا الفضائية بخصوص فلسطينيو العراق، وبما أنني كنت في سفر وعدت بفضل الله قبل أيام قليلة كان لابد من توضيح الكثير من الملابسات وبيان العديد من الإشكالات ونشر حقيقة الأمر وما حصل وكشف العديد من الخفايا والحقائق التي للأسف لا يعلمها الكثير فضلا عمن خاض وولغ بهذا الموضوع الشائك بلا تثبت ولا تأني ولا رَويّة ولا سماع من جميع الأطراف.

ومن باب تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كان لزاما علي أن أجيب وأبين وأوضح من خلال الموقع ليطلع الجميع ويعلم القاصي والداني حقيقة الأمور، وما حصل من لغط وسوء ظن وتجاوزات وافتراء وكذب وتجني، وتلبيس وخداع واستعجال وثرثرة وفوضى وتهويل ومبالغة وتخويف وإرباك وتصيّد بالماء العكر وانتهازية!

قبل الدخول بالتوضيح والبيان لابد من التذكير بقول ربنا جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )[1] قال بعض المفسرين: فتعرفوا وتفحصوا،[2] وقد ذكر الله عز وجل من صفات المنافقين أنهم يسارعون بنشر كل ما يسمعون وإذاعة كل شيء من غير تأني ولا تثبت ولا رجوع لذوي العلم والعقل ورجاحة الرأي، يقول ربنا عز وجل (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ )[3].

هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.[4]

ونذكّر أيضا بقول ربنا سبحانه (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )[5] أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله[6]، قال قتادة : لا تقف : لا تقل : رأيتُ وأنتَ لم تر ، ولا سمعتُ وأنت لم تسمع ، وعلمت وأنت لم تعلم .[7]

فعلى كل مسلم ابتداء أن لا يستعجل بالترويج لشيء لم يثبت عنده باليقين، ولم يستوعب جميع جوانبه وخفاياه، فضلا عن أن يتكلم بأمر غيبي ومجهول ولم يظهر أو يُعلن عن تفاصيله، وأن لا يتكلم إلا بعلم وبرهان ودليل وبينة وأن لا يجازف ويضع نفسه بموقف محرج ويندم على الجرأة والتمادي والولوغ بأعراض المسلمين وسوء الظن بهم والتشهير بناء على سراب وأوهام وتحليلات عرجاء وتحريضات هوجاء بعيدا عن الدقة والمصداقية في الطرح.

ولنكن جميعا منتبهين لحقيقة هامة جدا، وهي أننا لا ينبغي أن نحكم على قضية متعددة الأطراف إلا أن نسمع من الجميع، فلا نجازف ونقرر ونحكم بمجرد السماع من طرف واحد مهما كانت حجته وأسلوبه بالإقناع، فلابد من سماع جميع الأطراف حتى تكون الحقيقة كاملة وغير منقوصة.

وهنا قاعدة جليلة وعظيمة وهامة جدا بهذا الخصوص، مفادها: إذا جاءك من فقأت عينه فلا تحكم له حتى تسمع الآخر لعله قد فقأت عيناه!! إرشاد للحُلم والتأني والتثبت وعدم الاستعجال.

كانت هذه مقدمة وتذكرة لي ولجميع المسلمين عسى أن ننتفع بها، لأبدأ مستعينا بالله الواحد الأحد بالتوضيح والبيان وسينتظم الكلام بعدة نقاط:

أولا: ما أثير من إفتراء وتشويه وتضليل وبيان ذلك:

للأسف معظم ما بلغني من انتقاد واستفسار بل وانتقاص مفادها بشكل ملخص ( أنني سوف أقوم بعمل برنامج على قناة صفا وأتهجم على الشيعة أو أتكلم عليهم وهذا سيؤدي لقتلنا وذبحنا والتنكيل بنا )!! ويبدو الفهم الخاطئ والتجني وتصديق الكذب هو أساس هذا الموضوع، وعليه بدأت الطلبات تنهال علي بضرورة إيقاف هذا البرنامج وبذل الجهد ناهيك عن التهديدات الظاهرة والمبطنة والتشهير والتسقيط، وكل ذلك بُني على تحليل من فئة قليلة من الناس تكفلت بهذا التحريض وتهييج الناس وإرعابهم وتشويش عقولهم كأن هنالك مآرب ومصالح ومكاسب ينتظرها البعض جراء هذا الترويج والكذب والتضليل والافتراء!!

وربنا سبحانه وتعالى يقول( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )[8].

ويتضح جليا الخبط والخلط في هذا الموضوع بسبب الاضطراب وتنوع التصريحات وتغاير الطلبات حتى أصبح البعض كالببغاء يهرف بما لا يعرف ويردد ما لا يفقه ويتحدث بالوكالة والتبعية!!

حتى وصل الحال بالبعض أن يتصور بأنني أمتلك زر بمجرد الكبس عليه فإن الموضوع سينتهي – ويا ليتني أمتلك ذلك لأنهيت الموضوع بضغة واحدة- وآخرون تصوروا أن هذا البرنامج من إعدادي وأنا المخطط له!! وغيرهم ذهب لأبعد من ذلك فهي فرصة ويجب على كل أحد يدلو بدلوه- فهذا زمن الديمقراطية وحرية الشائعات ولصق التهم والافتراءات- والبعض أصبح محللا بارعا فقال هنالك مقابل لهذا البرنامج ومنافع مادية!! وآخر يقول لماذا هذا التوقيت إذاً هنالك أجندة وجهات تقف وراء ذلك!! وقد سمعت والله منذ أقل من شهر لحد الآن العجائب والغرائب والتفنن بالكذب والتشويه والافتراء لكن عزائي قول ربنا عز وجل (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ )[9] ، وقوله سبحانه( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ )[10]، ولله در طرفة بن العبد عندما يقول:

وظلم ذوي القربى اشد مضاضة *** على المرء من وقع الحسام المهند

طبعا معظم الناس هم أحبائنا وأهلنا وقد غَرَّرَ بهم آخرون وأرعبوهم وبالغوا في تخويفهم واستثاروا عواطفهم وأجّجوا جراحاتهم، فهم من جهة يُعذرون بسبب الكبت والضائقة التي يمرون بها وحقهم في العيش الآمن بلا أي إشكالات، لكن المحرك والمخطط والمروج لهذه الأشياء والمسارع فيها والمحفز لها يتحملون آثار وتبعية كل النتائج والتهويل الذي حصل والافتراء والكذب والمبالغة في تخويف الناس، وقد أضطر للتوضيح في وقت لاحق عن تفاصيل أكثر.

والعجيب أنني بفضل الله معروف لدى الجميع وأرقامي معروفة والتواصل معي سهل وليس صعبا لتفهم الوضع قبل الحكم والتسرع، لكن عندما كنت مسافر وردني اتصال واحد فقط عندما طُلب مني ايقاف الموضوع وكان ردي أنني سأوصل هذا الرأي للقناة وثانيا أنا غير معني بشكل مباشر ولا صاحب قرار بذلك، وهنالك اتصال آخر أيضا في حال سفري ولم أرد لصعوبة ذلك ثم تواصلت معه بعد عودتي، فلماذا يدفع البعض أشخاص آخرين لعمل بلبلة والضغط بطرق غير أخلاقية عن طريق أقاربي وإرعابهم والاتصال بأشخاص مقربين آخرين وإطالة السلسلة، فما رددت أحدا أبدا فلماذا هذا اللف والدوران فصاحب الحق لا يخاف ويتصل مباشرة من غير وسائط ويتفهم الأمر بلا اعوجاج والله المستعان.

بعد كل هذا لابد من التوضيح الآن وما الذي حصل ؟ وما حقيقة البرنامج؟ وما علاقتي به؟ حتى يكون الجميع على بينة وأنا أكرر مستعد لأي استفسار أو توضيح أو بذل وجهد لأي شخص أيا كان من غير تحفظ لأنني أعي ما أقول ولن أقول إلا الصدق والحق ( لأن الصدق أمانة والكذب والتدليس والتلبيس وتزوير الحقائق خيانة ).

ثانيا: حقيقة البرنامج وعلاقتي به والقصة من البداية:

من المعلوم لدى الجميع أننا تعرضنا لاضطهاد وانتهاكات وتهجير وشتات بعد عام 2003 والكل يعرف بالذي حصل، وإعلاميا قامت العديد من القنوات الفضائية بتغطية كثير من الأحداث من أبرزها قناة الجزيرة وبشكل مستمر حتى أنتجوا فلما وثائقيا عام 2008 ، ونشرت العربية عدة تقارير وقناة فلسطين تقريبا 12 حلقة كان الجميع ينتظروها ويترقبوا عرضها، وكان لوكالة رويترز كذلك العديد من اللقاءات والتقارير الصحفية والتلفزية ووكالة الصحافة الفرنسية وغيرها الكثير وقناة الحوار والأقصى والمجد، فضلا عما نشر وينشر في مواقع الانترنت بحيث أصبحت القضية شبه معلومة للعديد من الجهات والطبقات في العالم والمعلومات فيها متيسرة وسهلة حتى مفوضية اللاجئين ومنظمة العفو وهيومان رايتس ووتج عملوا تقارير عديدة.

فالقضية ليست وليدة اليوم ولا طرح جديد، خصوصا الآن في زمن التطور الهائل في التقنيات أصبح العالم كأنه قرية، لا تخفى على أحدهم معلومة إذا أرادها حتى الوثائق السرية في الخزانة الأمريكية تسربت وانتشرت وأصبحت بمتناول الجميع من خلال موقع ويكيليكس، فلا يوجد ما هو محتكر ولا يمنع عن البعض ويسمح للآخرين فالقضايا أصبحت مكشوفة.

من هنا أرادت قناة صفا عمل فلم وثائقي أو حلقة بعد اطلاعها على دراسة مطبوعة عن فلسطينيي العراق وما حصل لهم، وما ينشر بمواقع الانترنت وهذا الأمر ليس صعبا فكل قناة بإمكانها عمل ذلك حتى لو كانت المعطيات قليلة أو ضئيلة إذا أصرت على ذلك، ومن هنا بحكم تخصصي بهذا الملف وتوثيقي ورصدي العديد من الأحداث بل واهتمامي بتاريخ فلسطينيي العراق منذ عام 1948 ولحد الآن، بدأ التواصل معي من قبل القناة قبل ثمانية شهور تقريبا من الآن وعرضوا فكرة عمل برنامج وثائقي مسجل – أكرر مسجل وليس مباشر – لأنه للأسف البعض يظن بأنني سوف أظهر وأتكلم لاحقا بتاريخ جديد بسبب التشويش الذي حصل.

أنا بدوري وبسبب ما حصل لنا وأننا لن نحصل أي حقوق ضائعة أو نحسن من وضعنا إلا بعد التعريف بشكل حقيقي ومجرد ومحايد بالذي حصل وهو اجتهاد ويحتمل الخطأ والصواب، فقبلت المشاركة كما قبلت المشاركة في العديد من القنوات ووكالات الأنباء والصحف والإذاعات سابقا، وطلبت منهم المحاور التي سأتطرق لها، وفعلا تم إرسال أسئلة مكتوبة لي عبر الإيميل ثم رتبنا اللقاء المصور وهو عبارة عن إجابة للمحاور والتي شملت كل ما يخص اللاجئين الفلسطينيين في العراق منذ عام 1948 وما حصل لهم وكيف انتقلوا وكيف عاشوا بالعراق طيلة تلك السنوات ولغاية عام 2003 وما تبعه بمختلف الجوانب، وما الذي حصل من استهداف وتهجير بعد عام 2003 ، وكانت مدة اللقاء قرابة الساعتين، وأنا بفضل الله لم أتهجم على أحد ولم أرم التهم جزافا بل تكلمت بموضوعية وواقعية ودقة وحيادية لكن من غير مجاملة أو تسييس أو مداهنة على حساب حقيقة معينة، لكن من غير غوغائية أو فوضوية أو تهم بالجملة أو شتائم وما شابه، كنت أتكلم بالدليل والأرقام والتواريخ والحقائق والحجج وتسمية الجاني الحقيقي لأن هذا تاريخ.

إذاً اللقاء كان في شهر حزيران من عام 2010 يعني قبل ستة شهور من الآن، ثم بعدها انتهى دوري بالموضوع وانتهى الأمر بالنسبة لي، ومن فضل الله علي احتفظت بنسخة من هذا اللقاء بشكل كامل حتى يكون وثيقة وحجة دامغة لي لكل من يتقول أو يفتري أو يثير فتنة أو يريد التصيد بالماء العكر وقد نضطر لنشر اللقاء كاملا بعد الاستئذان من القناة.

وهنا أنا أقسم بالله بأنني لا علم لدي بتفاصيل ما سيعرض عبر القناة ولست صاحب قرار في هذا البرنامج وليس لي صلة بالقناة، إلا أنه بعد المشاغبات التي أثيرت بدأت أسأل وأطلب من القناة ما الذي سيعرض ومن سيشارك وما الموضوع؟ ففهمت بأن هنالك مشاركين آخرين غيري ولا أعرف تفاصيل لقائاتهم وليس لدي أي علاقة مع أي منهم إطلاقا بل بعضهم لم أسمع بهم نهائيا.

ورغم ذلك عندما بدأ عرض عنوان الحلقات في القناة مباشرة وقبل أن يتواصل معي أي أحد أرسلت لهم رسالة وطلبت منهم تغيير العنوان وانتقدت العنوان ولا زلت أنا معترض على العنوان لحد هذه اللحظة، لكن الأمر حقيقة خارج عن إرادتي وليس لي أي قرار لا في العنوان ولا في الحلقات، وهذه قضية الأفلام الوثائقية معروفة لدى جميع القنوات، يتم إجراء لقاء مع شخص ساعة مثلا ويعرض عشر دقائق أو خمس دقائق منها ولا يستطيع التحكم بما سيعرض لأنه يبقى ضيف ومشارك وليس من حقه التدخل بعمل القناة من مونتاج وسيناريو وإخراج وغيرها.

وعليه أنا غير مسؤول عما تبثه قناة ما أيا كانت فالقناة هي من يتحمل ذلك بشكل كامل، وأنا غير ملزم بمنع قناة أو حث أخرى بعمل برنامج معين أو حلقة وثائقية، وهذا أمر عند الإعلاميين معروف، فأنا أتحمل مسؤولية كلامي وما يخصني فمن غير المنصف تحميلي فوق الطاقة والتجني بأشياء غير حقيقية ولا واقعية، فمن يريد إيقاف البرنامج إذا كان لأهلنا تخوف ونتائج غير مرضية فأنا معهم وليتصلوا بالقناة وليطلبوا منهم ذلك وأنا عندها ليس لدي أي علاقة بخلاف ذلك لكن أن يطلب مني وكأنه أنا صاحب القناة والبرنامج فهذا تجني وافتراء وكذب وتلبيس وتدليس على الناس، ورغم ذلك كوني معني أرسلت لهم العديد من الرسائل وشرحت لهم تخوف الأهالي من ذلك إلا أنهم في الغالب يبرروا تلك الحلقات ويستشهدوا بقنوات أخرى عرضت العديد من الحقائق عنكم فما الجديد؟ هذا استفهامهم وقرارهم طبعا.

ثالثا: من بدأ بالإثارة ؟

لو فرضنا أن هنالك خطأ ما قد حصل بخصوص هذا البرنامج وتلك القناة، أولا لابد تشخيص الخطأ والخلل ثم إيجاد علاج وحلول نافعة وناجعة للخروج بأقل الأضرار، لكن أن يتم العلاج بهذه الطريقة ابتداء من سوء في التشخيص إلى سوء الظن إلى التشهير والتلبيس على الناس وترك الجهة صاحبة القرار وإلصاق الموضوع بشخصي، فهذا للأسف جعل الموضوع يأخذ مسار خاطئ وتسبب بكثرة الشائعات والثرثرة والبلبلة والفوضى وتحمل أوزار وشتائم وسباب وطعن وتنقص، وتتبع للعورات وخذلان كبير من قبل البعض!!

يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح(من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته و من تتبع الله عورته يفضحه و لو في جوف بيته  )[11]. ‌

فكان الأجدر أولا تفهم حقيقة ارتباطي وعلاقتي بالموضوع، وثانيا التعامل بحكمة وموضوعية وثالثا طرق باب صاحب القرار بكل الوسائل والابتعاد عن التشهير والتهييج والتنقص وتحريض الناس.

للأسف الموضوع أخذ منحى آخر وكشف أقنعة كثيرة وأظهر العديد من الخفايا والخبايا وسوء النوايا، حتى أصبح عند البعض رد فعل وانتكاس نحو طرف آخر وأراد الحل بطريقة القهر وفرض الأمر الواقع والقوة، وخلط الأوراق وقلب الموازين وتغيير الحقائق الراسخة الثابتة والحجج الدامغة لدى الناس.

رابعا: الاعتراض على ذات القناة

هذا اعتراض غالبية الناس تقريبا خصوصا من يريد تبرير تلك الهجمة الشرسة التي شنها البعض على شخصي بعيدا عن حقيقة الموضوع وهي كلمة حق لكن يراد بها الباطل من قبل البعض!! فكان الاعتراض أن هذه قناة طائفية تثير الفتنة وغير مرغوب فيها من قبل الطائفة الشيعية الذين يحكمون حاليا البلاد؟! وهذا اعتراض وجيه ومنطقي لكن هل يا ترى لو لم أشترك بهذا البرنامج هل ستلغي القناة الفكرة من الأساس أم أن هنالك بدائل؟!!

ثم الأصل لدينا بيان الحق والتاريخ والاضطهاد بدقة وموضوعية بغض النظر عن الجهة الناقلة والناشرة لذلك، ثم الآن لا توجد قناة فضائية إلا ولديها سياسة وأجندة خاصة بها، إذاً بهذه الحالة سوف لن ننشر أي شيء مما تعرضنا له، وهنا يحضرني في عام 2005 وبعد حادثة بغداد الجديدة التي كان انعكاسها علينا كبير جدا وظُلمنا جميعا بسببها، جاءت صحيفة واشنطن بوست ومعروف أنها أمريكية رسمية وعملوا تقريرا مع عوائل المعتقلين وكنت ممن أجري معه لقاء، فهذه صحيفة أمريكية ناطقة باسمهم وعليه يفترض أن لا نشارك فيها لأنها من وجهة نظرنا غير حيادية ومعادية، لكن لدينا قضية ولابد من إيصالها بطريقة صحيحة وقد لا نضمن ذلك بنسبة كبيرة لكن نحن نبذل الأسباب.

ثم أَلم تكن هنالك حرية التعبير والنشر والصحافة وقانون وحقوق؟ فلماذا الخوف إذن طالما الكلام بحجج وبرهان وبعيدا عن أي تنقص أو تهجم أو سباب أو تجني ؟!! رغم أنني لا زلت مع خيار حل الأمر بحكمة ومع الرأي الذي فيه مصلحة راجحة حتى لو تقرر إيقاف بث هذا البرنامج فليس لي كلام آخر، لكن أكرر سلوك الطرق الصحيحة والقنوات الفاعلة بعيدا عن أي تحريض أو تشويش أو بث الرعب بقلوب الناس من غير مبررات حقيقية وواقعية.

خامسا: لمن يزاود ويريد تكميم الأفواه

من الطبيعي في مثل هذه الفتن والظروف الحرجة يتعالم ويتظاهر البعض بأنه حريص على مصالح والناس، ويبدأ بإثارة بعض الشبه لفرض واقع معين وطريق واحد وسبيل لا ثاني له، وكان مما أثير أيضا: أن هؤلاء خارج العراق ويتكلمون ولو كانوا داخل العراق لما تكلموا!!

وهذه بالحقيقة قد يكون لهم وجه في هذا نتيجة للظروف الصعبة التي مروا ويمرون بها في العراق، لكن هذا ليس على إطلاقه، فهذا الكلام يقال لمن لم يظهر ولم يسمع له حس أو نفس في العراق بأحرج وأحلك الظروف وعندما خرج أظهر مكنونات وخبايا دواخله، لكن هذه الإثارة والشبهة يبدو أن المروجين لها نسوا أو تناسوا السنوات العجاف والأوقات الحرجة الصعبة التي مرت علينا لا سيما في الأعوام 2005 و 2006 وما تبعها، وإن كنت لا أريد البوح أو الخوض بهذه الأمور لكن الافتراء والظلم أمره عظيم والكذب حبله قصير وسرعان ما ينكشف.

فأنا بفضل الله تعالى كنت أتكلم وأنا في بغداد بل كنت في أصعب الظروف عندما تأتي وكالات أنباء وقنوات فضائية وفي كثير من الأحيان لا نجد من يتكلم بسبب الظرف الصعب، وكنت أنا في الغالب المتحدث، فاسألوا من حضر تلك الأوقات من الذي عرّف العالم بأسره بقضية بغداد الجديدة التي كانت السبب الكبير في الانتهاكات التي تعرضنا لها؟!! ومن الذي تابع مع العديد من الجهات العراقية والدولية والشخصيات وغيرها بهذا الخصوص؟!! ومن الذي كان يخاطر بنفسه ويتنقل ويذهب للتواصل مع بعض الجهات وإيصال معاناتنا لهم؟!!

من الذي أدخل وكالة رويترز لمجمع البلديات؟!! ومن الذي كان يخاطر ويتفاوض مع الميليشيات بعد اعتدائهم على جامع القدس ويشهد بذلك الأشخاص الذين أتوا معي لحسينية الزهراء في ذلك اليوم المروع؟!!

ولا أريد الإطالة فما عليكم إلا سؤال ذوي الشهداء والمعتقلين والعوائل المهجرة من الذي كان يتابع أحوالهم وأوضاعهم وقضاياهم؟!! لكن السؤال: أنتم أين كنتم في تلك الأوضاع؟!! وماذا قدمتم؟!! وماذا فعلتم؟ّ! فلا داعي للمزيد، لأنه كما قيل: العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة، وقيل كذلك اللبيب تكفيه الإشارة!

فمن المعيب المزاودة وإبراز العضلات والتاريخ قريب وشاهد على كل الأحداث وكل ما حصل، وسوف يبقى شاخصا بحذافيره وسوف يتم توثيق كل مرحلة بدقة وعناية، وستأتي الأجيال وتفرزن المواقف والجهود والأعمال.

مع أننا لا نتمنى الخوض بهذا الموضوع، لأننا بفضل الله لم نعمل لصالح أي حزب أو تنظيم أو جهة أو فصيل، بل عملنا خالص لوجه الله تعالى والحفاظ على حقوقنا الضائعة في فلسطين والآن ضاعت أيضا في العراق!! نسأل الله الإخلاص والقبول.

بإذن الله سوف نواصل توثيق وبيان كل تلك المراحل بدقة وحيادية وموضوعية وتسمية الجاني الحقيقي من غير إفراط ولا تفريط، ابتداء من المحتل الأمريكي إلى الميليشيات الطائفية المرتبطة بأجندة أجنبية وبعض الأجهزة الحكومية، ولن نتأثر بأي ضغوطات أو تهديدات ولن نُسيّس القضية إطلاقا وسنُظهر الحقيقة كما هي مع مراعاتنا بطبيعة الحال لمصالح أهلنا أيا كانوا ليس فقط بالعراق بل في جميع الشتات الجديد، لأن القضية لم تنته لحد الآن وهنالك معاناة للعديد في البرازيل وتشيلي وقبرص والهند وسوريا والسويد كلٌ له مشاكله من حيث الإقامات والظروف الصعبة الجديدة وإشكالات التوطين وغيرها.

ومن أراد تقديم أي شيء للقضية ويحصل على حقوق الناس بوسائل مشروعة ومباحة بعيدا عن التنازل عن أي مبدأ، فليتفضل ونقول له بارك الله بيك وزادك فضلا ومأجور إن شاء الله أيا كان انتمائه أو توجهه، أما أسلوب الوصاية على اللاجئين وتكميم الأفواه والإقصاء وتسييس الأمور من أي طرف كان هذا غير مقبول إطلاقا، لأنها ستختزل بذلك القضية وتضيع حقوق الناس كما ضاعت من قبل.

سادسا: لسنا ممن يتهجم على الشيعة بالجملة

مما يثار أيضا لتهييج عواطف الناس وتأليب البعض بطريقة أو بأخرى، اتهامنا بأننا نتهجم أو نتكلم على الشيعة، وهذه فرية واضحة فنحن أبدا ودائما نحذر من إلقاء التهم والمجازفة بها بالجملة لأي جهة أو فئة أو طائفة كانت فهذا خلاف الإنصاف وربنا سبحانه يقول (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا)[12]، وكيف عرف هؤلاء أن هنالك تهجم ولم يسمعوا أو يشاهدوا شيئا من كلامي؟!! إلا إذا حكموا فقط من خلال الإعلان والعنوان، وأنا لا زلت أذكر أني غير راضي ومنتقد لذلك العنوان فليعرف ذلك.

لكن إذا أردنا أن نحذر فسوف نحذر من فكرة من معتقد من منهج معين من خطأ ما هذا بالعموم، أما بما يخص قضيتنا فنحن نسمي المجرم والجاني الحقيقي ومن يقف وراءه، وإذا كان الجناة هم من الطائفة الشيعية فهذا لا يعني أن جميع الشيعة يرضون بما حصل لنا أو شجعوا على ذلك، ألَم يقاتل المالكي تلك الميلشيات الخارجة عن القانون؟!! ألَم يعترفوا بأنهم ارتكبوا جرائم بحق الأبرياء العراقيين ؟!! فما الضير إذاً والإشكال في ذكرهم؟!!

ثم هنالك شخصيات شيعية كانت مواقفهم جيدة معنا كالشيخ الصرخي البغدادي والشيخ المؤيد والشيخ جواد الخالصي، وبالمناسبة كيف لاؤلئك يروّجون لهذا الأمر وأنا أول من فتح باب التواصل مع الشيخ جواد الخالصي وقمت بالتنسيق والاتصال بسكرتيره وقمنا بزيارته والتواصل معه!!

خلاصة التوضيح

عذرا على الإطالة لكن الحديث ذو شجون والموضوع حساس ولابد من البيان والتفصيل، ولابد في نهاية المطاف من تلخيص لما تقدم:

1-    أنا لست ممن يتهجم على الشيعة بالجملة أو بالعموم، بل لن أتردد من تسمية الجاني والمجرم الحقيقي ولم أسّيس القضية.

2-    لا صلة لي بقناة صفا إطلاقا، وأنا غير معني ولا صاحب قرار بخصوص ما سيبث من برنامج بحقنا، بل أنا مجرد ضيف عادي كسائر الضيوف الذين شاركوا وأنا سبق وأن شاركت بالعديد من البرامج واللقاءات فهذه كتلك، وأنا كنت دقيق بطرحي وكلامي.

3-    أنا أتحمل ما أتكلم به وأصرح وأقول، ولا علاقة لي بما تطرحه قناة صفا أو غيرها من برامج وحلقات، ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ).

4-    أنا معترض ولا زلت على عنوان البرنامج الذي سيبث، وقمت بالتواصل مع القناة مرارا فلا علاقة لي بذلك إطلاقا فلم يستجيبوا لي بتغييره.

5-    قمت بإيصال تخوفات أهالي مجمع البلديات كما وصلتني إلى القناة وشرحت لهم الوضع، إلا أنني لست صاحب قرار وأخبروني بأنني ضيف لا أكثر، ولا زلت حاضر لإيصال أي استفسار أو توضيح لهم وانا مع خيار أهلنا بما يحفظ حقوقهم بعيدا عن أي تنازل أو مداهنة وتزييف للحقائق.

6-    أنا من عدة جوانب مع تخوفات أهلنا هناك من أي ردة فعل، لكن كان بالإمكان الأمر يمضي وينتهي من غير أي شوشرة أو فضايح، وكان بالامكان التعامل مع الموضوع بدقة وحكمة ودبلوماسية.

7-    يتحمل مسؤولية تأزيم الموضوع والتبعات وإرعاب الناس وقلقهم الكبير كل من أثار ضجة بغير محلها ودلّس وافترى علي وحاول لصق الموضوع بي وإثارة الناس من جهة والتكسب بمصالح شخصية وفئوية وخلافات قديمة من جهة أخرى، حتى وصل الأمر لطُرُق معقدة وكبر كثيرا بلا داعي.

8-    كان من الممكن تدارك الأمر وحل الموضوع وتلافي أي تعقيدات بطرق حكيمة وأساليب عقلانية، بعيدة عن التهديد والتحريض والتهويل والشائعات، وكان بالإمكان سلوك طرق أفضل من تلك التي اعتمد عليها البعض.

9-    ينبغي لمن يريد حلا حقيقيا بعيدا عن الإرهاب واللعب بأعصاب الناس، أن يبتعد عن أقاربي ولا يقحمهم بمثل هذه المواضيع فلا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد فكل إنسان يتحمل مسؤولية أعماله، فهذا أسلوب المفلسين وقليلي الحجة والبرهان.

10-                       أنا بفضل الله وحمده ونعمته علي لم ولن أنتمي لأي فصيل أو حزب أو تنظيم أو حركة إطلاقا، وكل ما قمت به وأقوم هو جهد ذاتي فردي بعيدا عن أي تسييس أو فئوية أو مصالح خاصة، وما فعلت ذلك إلا ابتغاء وجه الله ومن باب تحمل المسؤولية لقضيتنا فلسطين بالعموم وفلسطينيو العراق بالخصوص في زمن عز فيه من يتحمل المسؤولية إلا من رحم الله، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون.

نسأل الله أن يحفظنا وجميع المسلمين وجميع أهلنا في العراق وخارجه من كل سوء ومكروه، وأن يرزقهم الأمن والأمان والاستقرار والعافية وراحة البال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

أيمن الشعبان

باحث متخصص بشأن الفلسطينيين في العراق

2/1/2011

 

 

ملاحظة من إدارة الموقع: أي تعليق ليس فيه اسم صريح سوف يهمل أيا كان، لأهمية وحساسية الموضوع.

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] ( الحجرات: 6 ).

[2] تفسير أبو السعود.

[3] ( النساء: 83).

[4] تفسير السعدي.

[5] ( الإسراء: 36 ).

[6] تفسير السعدي.

[7] تفسير ابن عاشور.

[8] ( المائدة: 8 ).

[9] ( يونس: 81 ).

[10] ( العنكبوت : 2 ).

[11] صحيح الجامع.

[12] ( المائدة : 8 ).