على صغر سني ,, أعلم بأن الرحمن جمع بينكم ,, وأن الشيطان هو من فرقكم في الغالب,, ليجعل كل ما يربطني فيك هو أسمك ,, أما شخصك ,, رسمك ,, صوتك ,, دفئك ,, حضنك ,, لم يعد يراودني سوى بالأحلام .
ليتني أكبر الآن ,, ليتني قبل أن أنسى ,, قبل ما أن يلفني المرض ,, وأسبح بعرقي ,, قبل ما ألوذ بخوفي ,, وأفر بصمتي ,, قبل أن يخرس صوتي رعباً ,, من يومي ,, من أمسي ,, ليتني أكبر قبل ما يكبر جرحي ,, ويعتليني الهم ,, ويكبرني الغم ,, ويصبح الوجع أطول من قامتي ,, ومرار الشوق اليك ,, أعلى من هامتي ,, ليتني أكبر الآن يا ليتني ,, لأقول لك ؟؟ ...
كم من ليلة أصحو ,, قبل أن أغفو ,, والدمع قد بللني ,, وأنا أجاهد في خنق نحيبي ,, كيف لي أن أهنأ بنوم مثل باقي البشر ,, كيف لي أن أحلم مثل كل البشر ,, ليتني أكبر الآن ,, كي أقول لكل البشر ,, ما زال كل شيء فيً صغير ,, الاً قلبي الاً احساسي ,, الاً أمانيٍ ,, فقد بلغنَ فيً سن الرشد ,, فلم يكفيه الدهر ,, أنه حرمني منكِ ,, وسلبني كل حقي عليك ,, حين أبعدتني أنت عنك ,, فقد هجرت مع من هجر ,, فنسيت حقيبة مدرستي ,, لا أعلم أعند سريري في بيتي ,, أم قرب خيمتي ,, أم في باحة المطار ,, أم على مقعد طائرتي ,, وأنا أهم لترجلها لمعانقة غربتي ...
كم أخاف الليل ,, أني أرتعد حين آوي الى فراشي ,, لحظات وأكون بين أنياب أفكاري ,, فأروح أفتش عن فرشاتي ,, كي أرسمك على مخدتي ,, فتفر محلقاً ,, أعدو خلف رسمك ,, أركض ,, أقف ,, أجثو ,, أتعثر ,, أقفز لأمسك بطرف ثوبك ,, فأروحُ اثبت خيالك ,, شبحك ,, في سقف غرفتي ,, أصرخ في ذاتي ,, أمي لا تطفأي المصباح ,, لأني أخشى أن أفقدك ثانية ,, أكثر من خشيتي حين يلف غرفتي الظلام ,, أخاف عليك مثل كل صباح ,, أن تختفي مع أول خيط لبزوغ الفجر ,, فبت لا أتمنى أن يكون لصباحي صباح ...
كم اشتهيك أن تكون معي ,, كم أشتهيك أن تكون بقربي ,, كم أشتهيك مثلما أشتهي الحلوى في أول أيام العيد ,, فكم من عيد أنتظرتك ,, فكم من عيد فتحت ذراعيً كطير كسير ,, يأمل أن يأتيه أحد ليجبر خاطره ,, قبل ما يداوي جناحه المكسور ,, فالعيد لم يعد مرحب به ,, لم أعد أشتهيه ,, قدومه ذكرى مريرة ,, وحسرة في صدري ,, ودمعة في قلبي قبل عيني ,, فأنا وان كنت صغيرة,, فجراحي ببعدك عني في عيدي ,, صارت أكبر من فرحتي بثوبي الجديد ,,أضحت كبيرة كبيرة ...
تعلم بأني عليله ,, تعلم بأني ضعيفة ,, تعلم بأني سقيمة ,, فمرضي دائم ولكن له دواء ,, وجسدي راح يستجيب لبوادر الشفاء ,, وأن بت أحمل في حقيبتي المدرسية مع دفاتري ,, كتبي ,, أقلامي فرشاتي وألواني ,, أحمل فيها مايثقلها ,, دون سائر زميلاتي ,, قنينة ماء ,, وحفنة كبيرة من الدواء ,, فأنا وجسدي نتماثل للشفاء ,, ولا أعلم لما أنا وروحي دوماً ,, نفتش بين كل الرجال ,, وهم يصطحبون بناتهم ,, وهن يودعوهم عند باب مدرستي ,, افتش في داخلي عن بعضاً لرجل لعله يقبلني أبنةً له ,, ليقبلني ,, أقبله ,, ولعلي أجد على كف يده ,, حين تعانق يدي بشغف ,, وأمليء صدري من ريح تعرقها ,, لروحي دواء ...
لا هَمً لزميلاتي ,, سوى الحديث عنك ,, هذه تقول قال أبي ,, وهذه تقول جلب لي أبي ,, تلك تقول وعدني أبي ,, وتلك تقول ,, بالأمس اتخذت من ذراع أبي وسادة ,, فغفوت على صدر أبي ,, ليقفز فرحهن معطراً كراريس عمري ,, ويفوح عبيره ليغمر كل أرجاء مدرستي ,, ويختزل الزمان فيصبح وردةً ,, معلقة على صدورهن ,, وأنا أختزل شوقي لك ,, لهفتي ,, فرحتي ,, دمعتي ,, بسمتي ,, أختزل كل الكلمات ,, وأستجمع كل الحروف,, لينطق قلبي ,, لينطق بكل لغات العالم ,, لما يا أنت لا أبي ,, وأعلم قد تمتد يدك ,, لتصفعني على فمي ,, لقولي ما نطقت به روحي ,, ولكن وأن سال الدمً ,, من دمعي ولعابي ودمي ,, على خدي ,,أتمنى أن تسمعني ,, وأن أجشت بالبكاء ,, فلا تكترث لنواحي ,, أبي ,, أبي ,, أبي ,, أعلم حين أكبر ,, ويا لتيتني لم أكبر ,, سأقول لك وعيوني مغروسة في الأرض ,, أبي إنك حين طلقت أمي ... طلقتني ؟؟ ...
بقلــم / جمـــال أبــو ألنســــب
الولايات المتحدة الأمريكية / كاليفورنيا
10/9/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"