===================================================
ثم أورد هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود -رضي الله
عنه-، قال: "لاَ يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي جِدٍّ وَلا هَزْلٍ".
"لا يَصْلُحُ الْكَذِبُ" هذا لفظ الترجمة. الإمام البخاري
-رحمه الله تعالى- أخذ لفظ الترجمة من هنا.
"لا يَصْلُحُ الْكَذِبُ"؛ أي لا يصلح أن يكون
المسلم كاذبًا أو كذَّابًا، لا في جِدٍّ ولا في هزلٍ، لا في جِدِّ حديثه ولا في
هزل حديثه.
ولهذا؛ سبق أن مرّ معنا أنّ الصحابة قالوا للنبي عليه
الصلاة والسلام: "إنك تداعبنا"، فماذا قال عليه الصلاة والسلام؟! قال: »نعم، ولكن لا أقول إلا حقّا« (1).
ومرّ معنا أيضا قول النبي عليه الصلاة والسلام: » وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ؛ الَّذِي يكذب لِيُضْحِكَ الناس« (2)، فالكذب لا
يجوز ولا يصلح، لا في جدٍّ ولا في هزلٍ.
بعض الناس يطيب له عندما يلقى أصحابه ورفقاءه أن يعطيهم
أخبارًا كاذبةً؛ من أجل إضحاكهم أو من أجل غَمِّهم، أحيانا يفعل ذلك من أجل
إضحاكهم وأحيانا يفعل ذلك من أجل غَمِّهم.
بل إنّ يوما في السنة توارد الغرب على الكذب فيه ويسمون
الكذب فيه: الكذب الأبيض، -ولا أذكر الآن تاريخ ذلك اليوم- يومٌ في السنة يبيحون
لأنفسهم الكذب. ولهذا؛ يتصل بعضهم على بعض بأخبارٍ كاذبة، مُفْجِعة، مُفْزِعة،
ويسمونه: كذبًا أبيضا.
فالكذب حرامٌ في كل وقتٍ، وفي كل ساعةٍ، وفي كل حينٍ.
يسمونها: "كذبة إبريل"، في شهر إبريل
بالتاريخ الإفرنجي، أظن في اليوم (13) منه، يكذبون في ذلك اليوم كذبات، ويُفْزِع بعضهم بعضًا
ويُخيف بعضهم بعضًا بالكذب، ويسمونه: الكذب الأبيض!
وبعض المسلمين دخل عليهم في ديارهم كذبة إبريل، وأصبحوا
يفعلون مثل أولئك؛ »ومن تشبه بقوم فهو منهم« (3)، والعياذ بالله .
لا يصلح الكذب ..! لا يصلح الكذب وإن قال أعداء الدين
أنه يصلح في إبريل في يومٍ منه على وجه المزاح وأنه أبيض،كيـف يليـق بمسلــمٍ عــاقلٍ
أن يُصــدِّق هؤلاء؟!! أو أن يساير هؤلاء؟! أو أن يماشي هؤلاء؟!
وهذا
يدل على الحــال الدَّنيــئة لبعض أهل الإسلام في متابعة الغرب الكافر والتشبه
بأعداء الله، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: »لا يصلح الكذب«، أوفي هذا
الأثر: "لا يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي جِدٍّ وَلا هَزْلٍ"
سواء
كان الإنسان جادًّا أو كان الإنسان مازحًا، سواء كان غرضه من الكذب أن يضحك زميله
أو كان غرضه من الكذب أن يغُمَّ زميله أو أن يَغِيضه، فهذا كله حــرام، لا يحل،
ولا يجوز، ولا يصلح.
ولاحظ التعبير بقوله هنا : "لا يصلح" يعطي
معنى -ينبغي أن يُلاحظ- وهو أنَّ الكذب سواء كان على وجه الجِدّ أو على وجه المزاح
لا يترتب عليه صلاحًا؛ بل لا يترتب عليه إلا الفساد، وكم من العداوات نشبت،
والخصومات شبَّت بين الإخوان والأصدقاء بسبب كذبٍ لا خير فيه!! بل ليس فيه إلا
شرٌّ وضرر.
قال: "لا يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي جِدٍّ وَلا
هَزْلٍ".
_________________
(1) رواه الترمذي وحسنه ( 1990 )، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال:
قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقا«.
(2) رواه الترمذي وحسنه (2417)، وأبو داود (4990). وحسنه
الألباني في صحيح الترمذي (2315) و في صحيح الترغيب ( 2944 ).
(3) أخرجه أبو داود ( 4033 )، وأحمد ( 5232 )، من حديث ابن
عمر -رضي الله عنهما-. وصححه العراقي في تخريج الإحياء ( 1/359 )، وحسنه ابن حجر
في الفتح الباري ( 10/28)، والألباني في الإرواء ( 1269 ).