مصطفى قرر الزواج والاستقرار، وحاول جاهدا الحصول على
تصريح لإدخال لمواد البناء لبناء منزل فوق منزل عائلته الكائن في مخيم برج الشمالي
في مدينة صور، إلا أن محاولاته باءت بالفشل بسبب الإجراءات المعقدة التي يفرضها
الجيش اللبناني على اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات للحصول على تصاريح بهذا
الخصوص.
كغيره من الشباب لم يجد أمامه من حل سوى شراء مواد
البناء من "المهربين"، وبدأ بناء المنزل في عملية استغرقت عدة أشهر بسبب
الوضع الاقتصادي الصعب، خاصة وأن والده توفي ولم يبق للعائلة أي معيل سواه.
مصطفى إبراهيم يواجه الاعتقال
وعندما وضع إبراهيم اللمسات الأخيرة على المنزل محاولاً
وضع نهاية لرحلة الخِطبة الطويلة، كانت الصاعقة تبلغه من القوة الأمنية في مخيم
البرج الشمالي بضرورة التوجه إلى ثكنة الجيش في صيدا وبالتحديد قسم المخابرات، في
15 فبراير الماضي.
توجه إبراهيم -بحسب تقرير المؤسسة الفلسطينية لـ"حقوق
الإنسان" (شاهد)- إلى مركز مخابرات الجيش في صيدا، وهناك وجهت لهم تهمة بناء
منزل في أرض مشاع وشراء مواد بناء بطريقة غير شرعية.
ويعد بناء المنزل داخل مخيم خاص باللاجئين الفلسطينيين
في لبنان أمرًا مألوفا، ولم يُسجل إيقاف لاجئ فلسطيني لأنه شيد منزلا في مخيم من
المخيمات في المدد السابقة.
إبراهيم حول إلى الشرطة العسكرية في صور، وصدر بلاغ من
النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم بإيقافه، ومنذ ذلك الحين لا يزال الشاب
الفلسطيني إبراهيم مصطفى موقوفا.
قضية الشاب إبراهيم مصطفى تحولت إلى قضية رأي عام شغلت
معظم اللاجئين الفلسطينيين ومنظماتهم الحقوقية وقواهم السياسية التي بادرت
بالتواصل مع المسؤولين والنواب في منطقة صور، لكن كل هذه الجهود لم تثمر عن إطلاق
سراح الشاب الموقوف.
ولأكثر من جمعة نفذ أهالي مخيم البرج الشمالي وقفات
احتجاجية على مدخل المخيم مقابل حاجز الجيش اللبناني مطالبين برفع القيود والتخفيف
من الإجراءات الأمنية والإدارية المتبعة بحق سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان
ولا سيما مخيمات منطقة الجنوب وإطلاق سراح الشاب إبراهيم مصطفى.
إبراهيم مصطفى لم يكن الشاب الوحيد الذي يواجه هذه
الأزمة مؤخرًا؛ فاللاجئ سعيد شبايطة من مخيم عين الحلوة واجه المعاناة ذاتها.
سعيد شبايطة ضحية ثانية
سعيد شبايطة متزوج منذ 4 سنوات، يسكن في منزل شقيقه
الأعزب المشيد فوق منزل أسرته في مخيم عين الحلوة بجانب الجدار المحيط بالمخيم.
قرر شقيقه الزواج، لذلك كان على سعيد ترك المنزل، وشيد
منزلا له فوق منزل شقيقه، وتقدم بطلب للحصول على مواد بناء من خلال مخابرات الجيش
لكنّ طلبه رُفض مرتين.
وكي لا تصبح عائلته في الشارع بلا مأوى، اضطر لشراء
مواد البناء من تجار المخيم بمبلغ مرتفع وصل إلى ما يقارب 4200$ حصّلها قرضًا.
فوجئ سعيد -وفق التقرير الحقوقي الذي تلقى "المركز
الفلسطيني للإعلام" نسخة منه- في الأول من الشهر الجاري باتصال من فرع
مخابرات الأمن يبلغه أن عليه وقف البناء والحضور للفرع المذكور.
توجه سعيد كما طلب منه، وفور وصوله إلى مركز الأمن
القومي احتجزوه، وأخبروه أنه لن يفرج عنه حتى يهدم السقف الذي شيده، فتواصل مع
أهله وأخبرهم بما حدث، فهدموا السقف الساعة العاشرة ليلاً ليطلق سراحه في اليوم
التالي بعد التأكد من الهدم.
انتهاكات متعددة
ويوجد في لبنان 12 مخيمًا معترفا بها من وكالة
الأونروا، بالإضافة إلى عشرات التجمعات الفلسطينية المنتشرة خاصة في مدينة صور.
وتعامل الحكومة اللبنانية اللاجئين الفلسطينيين كأجانب،
ولذلك فهم محرومون من العمل في سبعين مهنة ووظيفة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلة
البطالة بينهم.
والسلطات الأمنية اللبنانية هي الجهة المكلفة لبنانيًّا
-أساسيا- لمتابعة شؤون اللاجئين وتنفيذ القرارت والقوانين المتعلقة بهم أو بحقهم،
لا سيما قرار منع إدخال مواد البناء إلى المخيمات.
ويمنع اللاجئون الفلسطينيون من إدخال عدد من مواد
البناء الأساسية إلى المخيمات الخمسة + واحد؛ "الرشيدية والبص والبرج الشمالي
والمية ومية وعين الحلوة وبرج البراجنة"، ومن هذه المواد "أنابيب
المياه، والأسلاك الكهربائية، وأبواب ونوافذ الخشب والحديد، وألواح الزجاج ومواد
الإسمنت وحديد البناء والرمل والبلاط والألمنيوم ومواد الدهان وخزانات المياه،
إضافة إلى مولدات الكهرباء".
وتؤكد مؤسسة شاهد ضرورة أن تسمح الدولة اللبنانية
بالتعاون مع وكالة الأونروا بتوسعة مساحة المخيمات بما يتناسب والزيادة السكانية
المطردة منذ عام 1948.
وشددت على ضرورة أن تكون هناك مقاربة إنسانية تراعي
حقوق الناس في المخيمات، بالقدر نفسه التي تولي فيه الجوانب الأمنية الاهتمام
اللازم.
المصدر : المركز الفلسطيني للإعلام
6/7/1440
13/3/2019