أنا اللاجئ الفلسطيني لؤي سمير عودة الذي نال منه كل شيء على الإطلاق في البرازيل فقد كان يملؤني الأمل في المخيمات وقد تملكني اليأس في البرازيل وذلك بجهود البرنامج الذي قيل عنه أنه برنامجاً إنسانياً ترعاه منظمة إنسانية، ولكنني على العكس من ذلك، فلم أرى أي إنسانية في معاملتي، فقد أصبحت هنا كالفريسة التي وقعت بأفواه الأسود فلا تستطيع الفرار منهم وليس لها طاقة على قتالهم، فلم يتبقى منها شيئاً...
وبالتأكيد المعركة محسومة لتلك الوحوش الشرسة، لكن وحوش الغابة البرازيلية أشرس وأشد فتكاً من الأسود لأنهم يحملون وحشية الأسود بأيادٍ أُخطبوطية طويلة ممتدة إلى كل مكان ولها نفوذ كبير تحاصرنا من جميع الاتجاهات، أين نتجه نجد حقدهم وأذيتهم كالجدار العالي الممتد في وجهنا، والذي يصعب علينا تجاوزه، لأننا المظلومين المستضعفين الذين وقعنا بأيادي أصحاب القوة والنفوذ بأيادي الذين ليس من قاهر لهم سوى قدرة الله عليهم، الذين يحركون كل شيء على الإطلاق لصالحهم بما في ذلك القانون هنا وحتى الإعلام ....
أُولائك الذين أوهموا الموهومين من الذيول التابعة لهم بأن هذا البرنامج برنامجاً إنسانياً ولكنهم لن يتمكنوا من جعل الجميع يصدق ذلك، فلا يصفق لهم سوى المنتفعين منهم ولن يساندهم أصحاب الضمير الحي الذين لا تخيل عليهم الألاعيب الشيطانية التي تقوم بها المفوضية ضدنا، وكل ذلك لتحسين صورتهم السوداء بأعين الناس والرأي العام الميت أصلاً، وقد باتوا يجلبون لنا موظفين من هيئات الأُمم من الدول العربية ليضحكوا على أمراضنا ومعاناتنا فقد أصبحت همومنا محطة سخرية لهم لربما أصبحنا مهرجين بنظرهم و يدعوا وضعنا للسخرية، وكل ذلك لتحسين صورتهم السوداء بأعين الناس، لكن الأسود أسود ولن يصبح أبيض مهما يكون، ونحن نعرف حق معرفة أن موظفين الأمم المتحدة فاقدين الضمير و الإحساس بالإنسانية، فليس غريباً منهم الضحك على هموم الناس، لأن فاقد الحياء يفعل ما يشاء، بينما الذين مثلنا لا يجدون أحداً للدفاع عنهم، لا يجدون سوى الأمل برحمة من الله تنزل عليهم لتنقذهم من تلك الوحوش، وخير دليل على ذلك ما أُعانيه على أيديهم من بطشٍ وظلم، وبماذا أيها السادة، بما أُعانيه من مرض وآلم وتدهور في صحتي، يستغلون بنا ضعفنا الصحي وشدة آلامنا، بالله عليكم من هو القادر على فعل ذلك، لا أستطيع وصف طريقة معاملتنا إلا بمعاملةٍ صهيونية بحتة ..
فأنا لا أُعاني من مرض واحد بل إنني أُعاني من عدة أمراض وأخطرها قصور الرئتين عندي، فلا أستطيع التنفس إلا آلياً عبر جهاز أوكسجين، ووضعي واضح بالعين المجردة وأُعاني معاناةً تصعب على الكافر، لكنها لم تصعب على الكفرة هنا، أعيش مربوط طيلة اليوم بخرطوم الأوكسجين وأتنفس في نصف رئة بعد إنسداد معظم الرئتين عندي، ونقلاً عن الأطباء أنه في حالتي وعلى طول مدة إستخدامي الأوكسجين يأتي يوم ويصبح الأوكسجين عديم النفع لي فتكون الخاتمة لي، ولا أستطيع المشي خمس خطوات، منذ سنة ونصف هنا في البرازيل وأنا ملازم البيت والكرسي الذي أجلس وكأنني أعيش بسجن يحرسه أولائك الجلادين، أصبح الليل والنهار والساعات التي تمضي علي كلها متشابهة، ليس بينها أية فوارق، يطلع النهار ويأتي الليل وأنا في نفس مكاني أنتظر لحظة الخلاص، اللحظة التي أُفارق بها تلك الحياة الملعونة، لا بل الجحيم الذي هيأته لي المفوضية ومؤسسة آساف ......
أيها الأخوة الأفاضل، إن كل ما ذكرته لكم من معاناة لي مع المرض والألم أصبح في سلة المهملات، بعد أن أصبح مؤكداً حسم موضوع علاجي، فقد أنهت المفوضية والمؤسسة المذكورة هذه المسألة بكل وقاحة كعادتهم المعهودة لنا كالآتي :
فقد أبلغوني مؤخراً أنني لا أُعاني من شيء لا بالرئة ولا غيرها وأن الرئتين عندي ليس فيهم شيء ويجب علي ترك الأوكسجين وأن هذا بتقارير طبية ....
بالله عليكم أتمنى أن أجد لجنة طبية محايدة ترى وضعي وتكشف زيف إدعائاتهم، لكن من الواضح أن هذه المؤسسة من خلال نفوذها ونفوذ المفوضية القويين هنا الذي ليس له حدود فبركة تقارير طبية تتماشى مع ما يريدونه للتنصل من علاجي . وفوق ذلك كله يطالبونني بترك الأوكسجين يعني بترك الحياة أو بصريح العبارة أن أنتحر ...
هل هذه الناس عندها ذرة من الضمير، هل هذه الناس تعرف الرحمة ...
فإننا لا نعرف ما هو وضعنا في بلد مثل البرازيل، هل أتوا بنا للبرازيل ليحفروا قبوراً لنا فيها، هل هو مشروع للتخلص منا، منذ أن جئنا إلى البرازيل ونحن نعاني من الإهمال وسوء الأوضاع على كل الأصعدة، وعندما بدأت المشاكل أدار الجميع ظهورهم لنا، وتركنا كالكرة تلعب فيها المفوضية والمؤسسة والحكومة البرازيلية الغائبة عن الوعي من جهتنا ....
و في الختام لا يسع مريض في حالتي إلا أن يرجو من الله العلي القدير الرحمة والخلاص من هذا الظلم والمصير الأسود في بلد مثل البرازيل ....
لؤي سمير عودة
بقلم عصام عرابي - البرازيل
27-08-2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع "فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"