وشاء القدر ان يولد نسيم اللاجئ الفلسطيني في بغداد بعد ان وقع اختيار والديه على هذه المدينة للعيش فيها حياة هادئة قبل ان تنشب فيها الحرب. وقال نسيم "غادرت بغداد مع احد اقربائي قبل 14 شهرا هربا من القصف والتفجيرات والاعتداءات على ايدي مجموعات شيعية تشيع حالة من الذعر في العاصمة العراقية". واضاف "تسود بغداد فوضى عارمة وكنت قلقا على سلامتي". ونسيم واحد من حوالي الف لاجئ فلسطيني كانوا يقيمون في احد احياء بغداد القريبة من مدينة الصدر معقل ميليشيات جيش المهدي. وقد قرر مغادرة البلاد عندما تلقى في آذار/مارس تهديدات من "فرق الموت" الشيعية. وقال نسيم وهو جالس على الارض على فراش قديم "قالوا لي انني فلسطيني سني يدعم صدام حسين وان علي مغادرة بغداد تحت طائلة التعرض للقتل". وتابع "طلبت من رجل ان يؤمن لي جواز سفر مزورا وعبرت الحدود الى سوريا ومنها الى ابو ظبي فالهند". وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة اعلنت بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الاربعاء ان اعداد اللاجئين تتصاعد للمرة الاولى في العالم منذ خمس سنوات خصوصا بسبب العنف في العراق. وقدرت المفوضية العدد الاجمالي للاجئين بحوالي عشرة ملايين شخص في نهاية العام الماضي. وقد لا تكون الهند الخيار الاول لطلب اللجوء السياسي لكن احمد (26 عاما) قريب نسيم قال ان الخيارات محدودة. وقال احمد "كانت سوريا والاردن تستقبلان اللاجئين العراقيين لكنهما لم يستقبلا الفلسطينيين"، موضحا ان "الهند لطالما كانت تدعم الشعب الفلسطيني". لكن الظروف الحياتية في احد افقر احياء نيودلهي صعبة مع كثافة سكانية كبيرة وعدم توفر المياه الصالحة للشرب والكهرباء بشكل منتظم. ولا تشكل الظروف المعيشية المشكلة الوحيدة التي يواجهانها. وقال احمد "في بغداد كنت اتابع دراستي قبل اندلاع الحرب في 2003 اما الان فانني اجلس في شقتي واشاهد التلفزيون. ليس لدي اصدقاء ولا اتكلم اللغة ولا ارى اي آفاق لمستقبل زاهر". ويساور الفلسطينيون الذين فروا في ايار/مايو من العراق الى الهند ويقدر عددهم بحوالي مئة الشعور نفسه. من جانبه قال الفلسطيني حسن حمد (48 عاما) الذي لجأ الى نيودلهي قبل شهرين ان حياته سلسلة من المآسي والبؤس. واضاف "غادرت اسرتي فلسطين في 1948 واستقرت في بغداد ظنا منها بأنه سيكون لنا مستقبل افضل". وتابع "لكن العام 2003 قلب كل المقاييس لانه شهد حربا لم تكن كالحروب السابقة" في اشارة الى حرب الخليج الاولى بين العراق وايران التي دامت ثماني سنوات وانتهت في 1988 وحرب الخليج الثانية في 1991 التي ادت الى طرد القوات العراقية من الكويت. وقال ان "التدخل الاميركي في العراق دمر هذا البلد. عندما كان صدام حسين يحكم العراق لم يكن السنة والشيعة منقسمين كانوا جميعهم عراقيين. الان برزت الانقسامات فهناك شيعة وسنة ومسيحيون وعراقيون وفلسطينيون واميركيون". واوضح "خسرنا كل شيء للمرة الثانية. لا بلد لدينا ولا جنسية ولا حياة ولا مستقبل". وحمد مدرج شأنه شأن فلسطينيين آخرين على لائحة المفوضية العليا للاجئين في نيودلهي ويتلقى مساعدة مالية شهريا. من جانبها قالت باسمة عجيل (47 عاما) التي تعيش مع ابنتها حنين البالغة ال14 من العمر في شقة صغيرة ان "مبلغ ال73 دولارا الشهري ضئيل". واضافت باسمة التي غادرت بغداد بعد ان دمرت سيارة مفخخة منزلها في شباط/فبراير "علينا ان ندفع ايجار الشقة وان نؤمن غذائنا وعلى ابنتي مواصلة دراستها". وتابعت "كانت الحياة في بغداد ممتازة. كنا نعيش بامان في منزلنا لكن الحرب غيرت كل شيء". وتابعت "ليس لدي الكثير من الاصدقاء هنا ولا يمكنني العمل. لكنني سعيدة لان اكون وابنتي في امان". 23/10/2007