والواقع أنه لم يثبت كون هذه الليلة هي التي أسري به
صلى الله عليه وسلم فيها ، فقيل إنه صلى الله عليه وسلم اسري به في ليلة سبع
وعشرين من شهر ربيع الآخر ، وقيل : ليلة سبع وعشرين من ربيع الأول .
قال ابن رجب رحمه الله : (( وروي بإسناد لا يصح عن
القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب ،
وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره )) .
وحكى الحافظ ابن حجر رحمه الله ذلك القول عن بعض القصاص .
وقال الشيخ عبداللع بن باز رحمه الله : (( وهذه الليلة
التي حصل فيها الإسراء والمعراج لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها ، لا في رجب
ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند
أهل العلم بالحديث ، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها )) .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : فأما ليلة
السابع والعشرين من رجب فإن الناس يدعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى
الله عليه وسلم فيها إلى الله عز وجل وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية ، وكل شيء
لم يثبت فهو باطل .
مظاهره:-
تتفاوت مظاهر الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج من مكان
وزمان إلى آخر .
فمن ذلك ما ذكره ابن النحاس حيث قال : ومنها : ما
أحدثوه ليلة السابع والعشرني من رجب وهي ليلة المعراج الذي شرف الله به هذه الأمة
، فابتدعوا في هذه الليلة ، وفي ليلة النصف من شعبان ، وهي الليلة الشريفة العظيمة
كثرة وقود القناديل في المسجد الأقصى وفي غيره من الجوامع والمساجد .
واجتماع النساء فيها مع الرجال والصغار اجتماعا يؤدي
إلى الفساد .
وتنجيس المسجد .
وكثرة اللعب فيه .
واللغط .
ودخول النساء إلى الجوامع متزينات متعطرات .
ويبتن في المسجد بأولادهن .
فربما سبق الصبي الحدث .
وربما اضطرت المرأة والصبي إلى قضاء الحاجة .
فإن خرجا من المسجد لم تحدا إلا طرق المسلمين في ابواب
المساجد .
وإن لم يخرجا حرصا على مكانهما أو حياء من الناس ، ربما
فعلا ذلك في إناء أو ثوب .
ومن المظاهر إقامة احتفال بذكرى الإسراء والمعراج في
الجوامع الكبيرة ، يحضره العلماء والرؤساء ، وتلقى فيه الكلمات والخطب إحياء لذكرى
هذا الحدث العظيم .
ويذكر ابن بطوطة في رحلته مشاهداته لاحتفال أهل مكة
بليلة سبع وعشرين فيقول : شاهدتهم في ليلة السابع والعشرين منه وشوارع مكة قد غصت
بالهوادج .
حكمه:-
تخصيص ليلة السابع والعشرين من رجب باحتفال يعود كل عام
يلحقها بالأعياد المحدثة التي لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ، ولهذا لم يفعل ذلك
السلف ، ولا عرفت عنهم ، ولا تحدثوا عنها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( وأما اتخاذ
موسم غير المواسم الشرعين ، كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد
، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال
الذي يسميه الجهال عيد الأبرار ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ، ولم
يفعلوها ، والله سبحانه تعالى أعلم )) .
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله : (( وهذه
الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها .. ولو
ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات ، ولم يجز لهم أن يحتلفوا
بها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتلفوا بها ، ولم
يخصوها بشيء ، ولو كان الإحتفال بها مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة
إما بالقوم وإما بالفعل ، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر ، ولنقله الصحابة رضي
الله عنهم إلينا)) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه : لا يجوز
الاحتفال بالمولد النبوي ، ولا الإحتفال بالمعراج ، ولا المشاركة في ذلك ، لأن ذلك
من البدع المحدثة في الدين ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) .
المصدر : كتاب الأعياد المحدثة موقف الإسلام منها ، الطبعة
الأولى ( دار التوحيد للنشر ) صفحة (205 )