“الدم العراقي” حاضرًا في حرب تشرين .. 323 عراقيًا سقطوا بالجبهة السورية

بواسطة قراءة 693
“الدم العراقي” حاضرًا في حرب تشرين .. 323 عراقيًا سقطوا بالجبهة السورية
“الدم العراقي” حاضرًا في حرب تشرين .. 323 عراقيًا سقطوا بالجبهة السورية

شارك العراق بقوة في حرب تشرين..

وشارك الجيش العراقي في الحرب العربية الرابعة ضد “إسرائيل”، في 6 تشرين أول/أكتوبر 1973، حيث حلقت طائرات (الهوكر هنتر) العراقية بالضربة الجوية الأولى للحرب على الجبهة المصرية؛ ثم أرسلت “بغداد” قواتها البرية إلى “الجولان” وطائراتها إلى “دمشق” للمشاركة على الجبهة السورية. والمشاركة العراقية في الحرب هي الأكبر بعد “سوريا” و”مصر”.

الجبهة المصرية قبل الحرب..
قام رئيس الأركان المصري، الفريق “سعدالدين الشاذلي”، بزيارة للعاصمة العراقية، “بغداد”، في 26 أيار/مايو – 2 تموز/يوليو 1972، وقابل الرئيس العراقي، “أحمد حسن البكر”، وطرح مشاركة “العراق” في حرب محتملة ضد “إسرائيل”، وكان الجانب العراقي يرى أن “العراق” يواجه مشكلتين رئيسيتين؛ الأولى هي النزاع مع “إيران” حول “شط العرب” في الجنوب، والثانية الثورة الكُردية في الشمال، وأن على “العراق” الإحتفاظ بقواته قرب هذه المناطق، لكنه على استعداد أن يرسل قواتًا عسكرية حال نشوب الحرب، أما عن طائرات (الهوكر هنتر)، التي كان مقرارًا، حسب اجتماع “مجلس الدفاع العربي”، في تشرين ثان/نوفمبر 1971؛ أن تُرسل لـ”الأردن”، فقد أبدى “العراق” رغبته، لـ”الشاذلي”، أن يتم إرسال الطائرات لـ”مصر”، وذلك بعد تجديدها وإصلاحها.

في شباط/فبراير 1973؛ زار رئيس أركان القوات المسلحة العراقية، الفريق “عبدالجبار شنشل”، العاصمة المصرية، “القاهرة”، لتبدأ بعد ذلك الطائرات العراقية بالتوافد إلى الجبهة المصرية. وقد وضعت الحكومة العراقية سبعة ملايين جنيه إسترليني في حساب باسم الحكومة المصرية في “لندن”؛ لتتمكن الحكومة المصرية من شراء ما تحتاجه من معدات، كما أبلغت الحكومة المصرية بزيارة الرجل الثاني في الحكومة العراقية، آنذاك، السيد “صدام حسين”، إلى “فرنسا” لشراء معدات عسكرية للجانب المصري، وطلبت منها أن تبلغها بإحتياجاتها.

في نهاية آذار/مارس 1973؛ وصل من “العراق” السرب المقاتل التاسع والعشرين، (طائرات هنتر)، والسرب المقاتل السادس، (طائرات هنتر)، وكان الاتفاق بين “مصر” و”العراق” يقضي بإرسال سربين كاملين من طائرات (الهوكر هنتر) بعد أن يتم إصلاح الطائرات الناقصة، إلا أن العراقيين لم يتمكنوا من إصلاح جميع الطائرات؛ فتم إرسال السربين وهما غير مكتملين. وبلغت مجموعات طائرات الـ (هنتر) العراقية التي وصلت “مصر”، 20 طائرة، استقرت في مطار “قويسنا” بمحافظة “المنوفية”. وقد ساعد وصول الطيارين العراقيين والفنيين في فترة مبكرة قبل بدء العمليات على إندماجهم مع رفاق السلاح الجوي المصري، ومن الناحية العسكرية أتاح لهم وصولهم المبكر، قبل بدء القتال بشهور، فرصة التعرف على طبيعة الأرض التي سيطيرون عليها والعلامات الأرضية التي سيراها الطيارين أثناء تحليقهم والواجبات التي سيقومون بها ومصطلحات الطيران، تلك المصطلحات التي تختلف اختلافًا كبيرًا من قطر عربي لآخر، خاصة فيما يتعلق بالتوجيه الأرضي.


كلف السرب العراقي بالواجبات القتالية التالية: ضرب مواقع صواريخ (هوك) في “سيناء”، (الجدي، الطاسة، سمارة)، ضرب مواقع المدفعية المعادية عيار 175 ملليمتر شرق الشط، ضرب وتدمير دبابات العدو في المحور الأوسط من “سيناء” ومنطقة “الطاسة”.

الضربة الجوية..

شاركت الطائرات العراقية في الضربة الجوية الأولى، في 6 تشرين أول/أكتوبر 1973، وقامت الطائرات العراقية بمهاجمة العدو في مجموعات قتالية مكونة من 3 إلى 4 طائرات، وفي بعض الأحيان كانت الطائرات (الهوكر هنتر) تطير جنبًا إلى جنب مع الطائرات (الميغ-17) المصرية، وذلك ليسهل على رجال الدفاع الجوي المصري التعرف عليها، خاصة وأن (الهوكر هنتر) غير مستخدمة في صفوف القوات الجوية المصرية، كما أن شكلها الأمامي يشبه طائرة (الفانتوم) الأميركية، وقد تمكن الطيارون العراقيون من تدمير مواقع الصواريخ (هوك)، ومواقع مدفعية العدو في “الطاسة”، وتعطيل عدد كبير من دبابات العدو.

18 ألف جندى عراقي ومشاركة رسمية..

و في يوم 7 تشرين أول/أكتوبر 1973؛ أعلن “العراق” مشاركته الرسمية بالحرب، ثم بدأ بطلب جنود احتياط لإرسالهم إلى الجبهة السورية، حيث بلغ عدد القوات المشتركة في القتال 18 ألف جندي وأربعمئة دبابة. وفي هذا اليوم بعث “العراق” برقية، عن طريق، المهندس “عبدالفتاح عبدالله”، وزير شؤون رئاسة الجمهوية العراقية، إلى الرئيس، “أنور السادات”، تبين أن “العراق” وضع سربين (سوخوي) وسرب (ميغ-21) تحت إمرة “سوريا”، لكنه يطلب إجراءات تمركزها واستخدامها من قِبل القيادة السورية، كما يؤكد أن مطارات “العراق” الأمامية ستكون بخدمة “سوريا” و”الأردن”، كما أن “العراق” سيرسل على الفور قطع غيار لـ (الهوكر هنتر) الموجودة في “مصر”، وتطلب البرقية من “مصر” تبليغ “سوريا” بفحوى الرسالة لأن اللاسلكي بين “العراق” و”سوريا” معطل.

عادت العلاقات الدبلوماسية مع “إيران”، ودعوتها إلى حل المشاكل بين “العراق” وبينها بالطرق السلمية، وعن طريق المفاوضات، لتامين الجبهة الشرقية لـ”العراق”. وقد أصدر “مجلس قيادة الثورة” العراقي بيانًا بهذا الصدد؛ ذكر فيه: “ولما كان العراق يتحمل مسؤولية قومية المعركة؛ فإنه يتوجه إلى الجارة إيران بالدعوة إلى إعادة علاقات حسن الجوار والتعاون وحل المشكلات القائمة وفق الجيرة التي تجمع بين الشعبين العراقي والإيراني ومصالحهما المشتركة”.
وأمتدت العمليات، التي أشتركوا فيها من أول أيام 6 تشرين أول/أكتوبر وحتى توقف إطلاق النار، في 24 تشرين أول/أكتوبر 1973، وتسلم السفير العراقي، “سمير النجم”، من وزير الحربية المصري، “أحمد إسماعيل”، وسام “نجمة الشرف” العسكرية، الذي منحة الرئيس المصري، “أنور السادات”، إلى قائد السرب العراقي، الذي حارب على الجبهه المصرية.

ويذكر الفريق “سعدالدين الشاذلي”، أن القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول: “نريد السرب العراقي” أو “نريد سرب الهوكر الهنتر”، وهو ما اعتبره “الشاذلي” شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن أداءه خلال حرب تشرين أول/أكتوبر. بلغت خسائر السربين العراقيين في نهاية الحرب، 8 طائرات (هنتر) ومقتل 3 طيارين وأسر 3 طيارين.
الجبهه السورية..
في الساعة العاشرة من يوم 7 تشرين أول/أكتوبر 1973؛ أصدرت القوات المسلحة العراقية الأمر الإنذاري للتهيؤ للقتال على الجبهة السورية أو الأردنية – إذا إندلع فيها القتال – وكانت أكبر المشاكل التي واجهها الجيش العراقي، في تنفيذ هذا الأمر، معضلة تأمين ناقلات للدبابات، حيث كان عددها لا يكفي إلا لنقل لواء مدرع واحد، وقد خصصت لنقل اللواء المدرع الثاني عشر من الفرقة العراقية الثالثة.

اللواء المدرع 12..

وصل اللواء المدرع 12 إلى مشارف “دمشق”، قبل غروب شمس يوم 10 تشرين أول/أكتوبر، لكنه لم يقابل أحدًا من الشرطة العسكرية السورية؛ وقرر آمر اللواء، المقدم “سليم شاكر الأمامي”، أن يواصل السير إلى “دمشق”، حيث ألتقى بضابط برتبة رائد ذكر أنه قائد الشرطة العسكرية السورية؛ وحين سأله آمر اللواء العراقي عن معرفة القيادة السورية بوصول القوات العراقية أجاب القائد السوري بضرورة توجه اللواء إلى الجبهة، حينها طلب آمر اللواء العراقي، من قائد الشرطة العسكرية، الاتصال برئاسة الأركان السورية لإبلاغهم بوصول لواء مدرع عراقي ومعرفة أين يريدونه أن يذهب، أجاب قائد الشرطة العسكرية أن الأوامر تقضي بأن تتوجه كل القوات إلى الجبهة. كرر آمر اللواء المدرع 12 التوجه إلى الطريق العام (دمشق-درعا) متفاديًا الذهاب إلى “القنيطرة” مباشر؛ إذ سيكون حينها في وسط ساحات القتال ولن يجد الوقت الكافي لإنزال الدبابات من الناقلات والانفتاح القتالي لقطاعات اللواء، كما أن أمر اللواء يعرف بشكل جيد المنطقة بين “درعا” و”دمشق”، وذلك يرجع لعمله كضابط استخبارات في اللواء المدرع السادس العراقي، الذي كان مقره في مدينة “المفرق” الأردنية، وقام خلال عمله، آنذاك، بجولات استطلاع للمنطقة من “المفرق” إلى “درعا” إلى “الرفيد” و”الحارة” ثم إلى “دمشق”. شرع اللواء المدرع 12 في التقدم على خط (دمشق-درعا) وتولت مفارز الشرطة العسكرية السورية السيطرة وتوجيه أرتال اللواء.

ويصف المقدم “سليم شاكر الأمامي”، المسير: “كنت عند وصولي إلى كل مركز مروري جديد أترجل من السيارة وأسأل مسؤول المرور فيها أو من أجده من العسكريين السوريين إن كان هناك من مقر عسكري أستطيع الاتصال به أو الاستفسار منه عما سيؤول إليه حالنا، ولكن دون جدوى، بل وفي إحدى النقاط أقترح عليَ ضابط سوري أن أذهب إلى الأركان العامة في دمشق؛ إذ سأجد هناك كل ما أريد وإجابات لكل ما قد يخطر على بالي من أسئلة، ولم أكن لأفعل ذلك تحت أي ظرف من الظروف، إذ متى سأصل ومتى سأعود ؟.. ثم هل سأبقي اللواء، خلال رحلتي هذه، يواصل سيره أم يقف على الطريق ؟.. وماذا لو كانت الأركان العامة قد أرسلت إليَ أمرًا ما أو أحد ممثليها وصل إلى مقر لواءي قبل عودتي؛ فهل سأترك لهم توجيه اللواء … قلت لصاحب الإقتراح لن أذهب إلى الأركان العامة وسأواصل مسيري وكم أتمنى أن أحصل على تليفون أو جهاز لاسلكي يوصلني إلى أعلى قيادة سورية كي أطلب إحضار أكبر رتبة عسكرية هناك، أو حتى إيقاظة من نومه الهنيء لأقول له وهو بالبيجامة.. إن لواءً مدرعًا عراقيًا على وشك أن يضيع لأن الأركان العامة لم تعرف بعد، أو لا تريد أن تعرف، أنه دخل الشام منذ ساعات، فأي أمن عسكري رائع هذا الذي تنعم به سوريا، وهي في حالة حرب ؟.. وماذا لو دخل لواء مدرع معادي من إتجاه آخر وسار نحو دمشق ؟.. ثم ماذا سيحدث إذا بزغ الفجر ونحن بعد بلا حاد أو دليل”.
تابع اللواء 12 مدرع مسيره إلى “أنخل”، حيث حاول آمر اللواء التحدث مع المركز المروري هناك وتكررت الإقتراحات بالعودة إلى الأركان العامة، حينها قال لهم آمر اللواء أنه سيواصل السير حتى “درعا”؛ ثم سيدخل إلى الحدود الأردنية لأنه لن يسمح أن يطلع النهار لتغدو أرتال اللواء هدفًا سهلًا للطيران "الإسرائيلي"، حينها وصل ضابط سوري برتبة مقدم، ذكر أنه آمر لواء مدرع، وقد أنسحبت قطاعاته وأنه سيترك مواقعه في “أنخل” وهي جاهزة كموقع دفاعي جيد. فقام اللواء المدرع 12 بالانتشار في “أنخل” وأخذ المواقع الدفاعية قبل طلوع شمس يوم 11 تشرين أول/أكتوبر. وكانت قوات اللواء المدرع 12 تتألف من كتيبة دبابات (المعتصم) وكتيبة دبابات (قتيبة)، فيما تركت كتيبة دبابات (القادسية) في “العراق” لعدم توافر الناقلات. وقد تقرر أن يلحق اللواء المدرع الثاني عشر بالفرقة الخامسة مشاة.

لواء المشاة الآلي الثامن..

كان اللواء الثامن يتألف من كتيبتي مشاة آلية وكتيبة دبابات، وبسبب تخصيص ناقلات الدبابات للواء المدرع 12، أضطرت كتيبة الدبابات أن تسير ذاتيًا حتى تصل ناقلات الدبابات الأردنية، وفي 9 تشرين أول/أكتوبر 1973؛ بدأت الناقلات الأردنية برفع السرايا العراقية، ثم عززن بعدد من الناقلات العراقية، إلا أنها كانت من النوع القديم والبطيء الحركة، وقد وصلت رسالة من رئيس أركان الجيش، الفريق الركن “عبدالجبار شنشل”، تنبيء اللواء الثامن بالتوجه إلى الجبهة السورية للقتال؛ لأن “الأردن” أعتذر عن فتح جبهته لعدم استعداده للحرب. وصل اللواء إلى “دمشق”، في الساعة 02:00 من يوم 12 تشرين أول/أكتوير 1973، وتوجهوا إلى “أنخل”، حيث سبقهم إلى هناك اللواء المدرع الثاني عشر.
أعمال القتال..
وخلال تقدم القوات "الإسرائيلية" على محور (غيعا-كفر ناسغ)، باغتهم اللواء المدرع 12، الواصل حديثًا لساحة المعركة، وكبدهم خسائر كبيرة وأسر عدد من أطقم الدبابات والجنود. وقد بيَن التقرير السري المرقم (7)، المُعد من قِبل مكتب الشؤون العسكرية المصرية؛ عن سير المعارك والمقدم للرئيس، “أنور السادات”، عن الموقف في الجبهة السورية، النص التالي: “أشترك اللواء العراقي في تثبيت العدو وتوجيه ضربة مضادة ومنعه من تطوير هجومه شرقًا ومنع قوات العدو من الاتصال بكتيبة مظلات العدو التي نزلت في منطقة العدسية واستعاد الأوضاع”.

حجم المشاركة على الجبهة السورية ..

الفرقة المدرعة الثالثة ولواءان “جبليان” وآخر مشاة “علاوة” على الفرقة المدرعة السادسة، زائد أربعة أسراب طائرات مقاتلة من نوع (ميغ-21) و(سوخوي-7).

خسائر الجيش العراقي في سوريا..

323 عراقيًا من الفرقة المدرعة الثالثة؛ و137 دبابة وناقلة جنود؛ و26 طائرة عراقية، تم دفن العراقيين في منطقة “السيدة زينب” الكائنة جنوب “دمشق”.

كانت القوات الجوية العراقية تتكون من الأسراب المقاتلة التالية: سربين مقاتلات (ميغ-19)، وسرب تدريب، وسربين مقاتلات (سوخوي-7)، وسرب تدريب جناح مقاتلات (ميغ-21)، وسربين تدريب جناح مقاتلات (هوكر هنتر)، وسرب تدريب سربين مقاتلات (ميغ-23) وسرب تدريب.

 

المصدر : كتابات

8/2/1441

7/10/2019