وتشير كافة المعلومات التي وصلت من بغداد إلى أن لقاء
عباس وصالح، الذي استمر أكثر من ثلاث ساعات في قصر السلام بالمنطقة الخضراء،
كان هاماً، وستترتب عليه خطوات لدعم الاقتصاد الفلسطيني وتبادل الخبرات.
والاثنين الماضي (4 مارس)، التقى عباس بصالح في قمة هي
الأولى بين الرجلين، وتعد هذه الزيارة الثانية لعباس إلى العاصمة العراقية، بعد 10
سنوات، وبحث الطرفان، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، العديد من
الملفات الهامة والمشتركة بين الطرفين.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي، عادل "عبد
المهدي"، قال عباس إنه عرض "الخبرة والشركات" الفلسطينية لمساعدة
العراق في إعادة الإعمار في فترة ما بعد الحرب.
وأضاف: "الفلسطينيون على استعداد للمساعدة في
إعادة بناء العراق، الذي عانى من خسائر مادية كبيرة في صراعات مسلّحة على مدى
السنوات الـ17 الماضية، مع الخبرة والشركات الفلسطينية"، دون الخوض في
التفاصيل.
النفط العراقي إلى
الضفة
سمير عويس، عضو لجنة الصداقة بين "البرلمان"
الفلسطيني والعراقي، والمطّلع على جولة عباس ولقائه بالمسؤولين العراقيين، يقول:
إن "زيارة عباس لبغداد كانت هامة، وبحث خلالها الكثير من الملفات الاقتصادية
والملفات المشتركة بين البلدين، إضافة إلى ملفات سياسية تتعلق بالمنطقة والعلاقات
الثنائية".
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، يؤكد
عويس أن الملفات الاقتصادية كانت هي الأهم في لقاء القمة بين صالح وعباس، وأن
الأخير قدّم العديد من المشاريع التي قد تسهم في إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وإنهاء
التبعية للاحتلال "الإسرائيلي".
"الرئيس الفلسطيني عرض على نظيره شراء النفط العراقي
وإيصاله إلى الضفة الغربية عبر ذات الأنابيب التي يورّد فيها العراق النفط إلى
المملكة الأردنية الهاشمية، وبنفس السعر الذي يستورده به الأردن"، يضيف عويس.
ويلفت إلى أن هذا الطلب قدّم رسمياً من قبل عباس
خلال زيارته الأخيرة لبغداد، التي استمرت يومين متتالين، وهناك مباحثات
وتحركات تجري من قبل المسؤولين العراقيين لبحث إمكانية تزويد الضفة الغربية ومناطق
السلطة الفلسطينية بالنفط العراقي عبر الأنبوب الواصل بين مدينتي البصرة والعقبة،
وتخزينه في مدينة أريحا التي تقع قرب نهر الأردن، والبحث في كافة الأمور
الفنية التي تسمح بتدفق الوقود للضفة.
وبحسب عويس، فإن هذه الخطوة تعد هامة للغاية، وفي حال
وافق الجانب العراقي عليها وقرر تزويد مناطق السلطة الفلسطينية بالنفط العراقي
فستسهم بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد الفلسطيني، الذي دُمّر كلياً بفعل التبعية
المطلقة للاحتلال، والاعتماد عليه بتوريد الوقود لمناطق الضفة وتحكّمه بها.
وتابع حديثه: "عباس أعلن خلال المؤتمر الصحفي أنه
عرض على العراق تبادل الخبرات، وهذا يعني أنه يريد من الأيدي العاملة الفلسطينية
أن تشارك في مشاريع اقتصادية كبيرة لإعادة إعمار العراق بعد الحرب الأخيرة
المدمّرة، ويعني أيضاً نقل آلاف العمال وأصحاب الخبرات الفلسطينيين إلى بغداد
قريباً للعمل، مما يساعد في دفع العجلة الاقتصادية الفلسطينية".
إنعاش الاقتصاد
الفلسطيني
ويزيد: "إضافة إلى ملفّي تبادل الخبرات وخط
الأنابيب لتزويد الضفة بالنفط العراقي، عباس عرض في أول زيارة له لبغداد، بعد 10
سنوات، فتح مجال التبادل التجاري الحر بين البلدين، ونقل البضائع والمنتجات
الفلسطينية التي تتميز بالجودة العالية إلى السوق العراقية".
وكان عباس زار العراق رسمياً للمرة الأولى في 2009، بعد
سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.
وتحتضن بغداد خصوصاً آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين
كانوا يعيشون في مجمّعات سكنية في وسط العاصمة، وقد انصهروا في المجتمع بفعل
الامتيازات التي قدّمها لهم الرئيس الراحل، صدام حسين، في إطار دعمه القضية الفلسطينية،
وبعد الغزو الأمريكي أصبح هؤلاء عُرضة للاضطهاد، ما دفع بعضهم إلى مغادرة
بغداد والسكن في مخيمات على الحدود العراقية الأردنية.
وفي ذات السياق يقول نصر عبدالكريم، الخبير الاقتصادي،
إن فتح السوق العراقي للمنتج الفلسطيني يعد خطوة في غاية الأهمية لدعم ومساندة
الاقتصاد وإنعاشه، بعد التدهور الكبير الذي يعاني منه بفعل الإجراءات "الإسرائيلية"
وتقليص الولايات المتحدة دعمها المالي للسلطة.
واعتبر عبدالكريم، في تصريحات خاصة لـ"الخليج
أونلاين"، خطوة تزويد مناطق السلطة بالنفط العراقي بحسب السعر الذي
يدفعه الأردن بأنها في غاية الأهمية، وقد توفّر ملايين الدولارات التي
تدفعها السلطة للاحتلال "الإسرائيلي".
وذكر أن الخطوات التي تم الحديث عنها ستكون داعماً
أساسياً للاقتصاد الفلسطيني الذي وصفه بـ"الهش"، والذي يعتمد على
المساعدات وأموال الضرائب بشكل أساسي، ومن شأن التقارب مع العراق أن يُنعش
الاقتصاد الفلسطيني والتقدّم خطوة كبيرة نحو الانفكاك الاقتصادي عن "إسرائيل".
وتواجه السلطة عجزاً في ميزانيتها بلغ نحو 400 مليون
دولار، العام الماضي، قبل الدخول في أزمة تراجع الدعم الدولي وخاصة الأمريكي لها،
مع توقعات باستمرار العجز وربما تفاقمه، رغم عدم إعلان الحكومة الفلسطينية ملامح
موازنتها الرسمية للعام 2019 حتى الآن.
المصدر : الخليج أونلاين
30/6/1440
7/3/2019