300 عائلة فلسطينية في العراق مهددة بالقتل والتشريد .. أستاذ القانون العام في الجامعة المستنصرية عبدالفتاح محمد : القرار انتهاك صارخ للقرارات العربية والدولية، التي كفلت حماية اللاجئين الفلسطينيين في العراق، الذين يعيشون ظروفاً مأساوية

بواسطة قراءة 958
300 عائلة فلسطينية في العراق مهددة بالقتل والتشريد .. أستاذ القانون العام في الجامعة المستنصرية عبدالفتاح محمد : القرار انتهاك صارخ للقرارات العربية والدولية، التي كفلت حماية اللاجئين الفلسطينيين في العراق، الذين يعيشون ظروفاً مأساوية
300 عائلة فلسطينية في العراق مهددة بالقتل والتشريد .. أستاذ القانون العام في الجامعة المستنصرية عبدالفتاح محمد : القرار انتهاك صارخ للقرارات العربية والدولية، التي كفلت حماية اللاجئين الفلسطينيين في العراق، الذين يعيشون ظروفاً مأساوية

مؤخراً، أعلن عضو "مفوضية حقوق الإنسان" العراقية، علي البياتي؛ أنّ 300 عائلة فلسطينية باتت مهددة بالتشرد بعد قطع مفوضية شؤون اللاجئين بدلات الإيجار عنهم، مبيناً أنّ تلك العوائل لديها نية بالتظاهر في ساحة التحرير للبحث عن حلول.
وتبلغ قيمة بدل الإيجار المقدّم من قبل المفوضيّة 300 دولار أمريكي شهرياً، أي ما يعادل 320 ألف دينار عراقي، وهو مبلغ ليس من السهل تأمينه في ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية في العراق خلال الآونة الأخيرة، ما ألقى بظلاله على اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما عقب قرارات الحكومة العراقيّة، في "حزيران (يونيو)" 2018، بتجريد المقيمين العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، من صرف الحصّة التموينية الشهريّة، ومنع حقوق التقاعد للموظف الفلسطيني الميت لورثته، بالإضافة إلى فرض رسوم على التعليم والصحة، وحرمانهم من الاكتتاب على السكن ضمن المشاريع السكنية.
.
عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلتهم ميليشيات وزارة الداخلية العراقية ومقتدى الصدر و"جيش المهدي"، بلغ أكثر من 690 لاجئاً
.
ولا يخضع اللاجئون الفلسطينيون في العراق لتعريف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ولا تشملهم الوكالة ضمن مناطق عملها، وجرى اعتبارهم كلاجئين لدى دولة العراق منذ خمسينيات القرن الماضي، لكنّهم تعرضوا منذ الغزو الأمريكي للعراق، عام 2003، لعمليات قتل وتهجير واسعتين على يد الميليشيات المسلّحة، وبات هناك التباس في اعتباريتهم القانونية في البلاد؛ بسبب تبدّل نظام الحكم، وعدم احتوائهم كلاجئين من قبل الحكومات التي تعاقبت على العراق.
وينصّ القانون العراقي رقم (202)، على أنّ "للفلسطيني حقوقاً مثل العراقي بكلّ الامتيازات وحقوق المواطنة كالعمل في الدوائر الحكومية والتعليم والصحة والإعفاء "الضريبي"، إلى حين تحرير بلده وعودته إليها".
ووفق المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين؛ فإنّ عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق يبلغ نحو 8000 لاجئ، من أصل ما يفوق الـ 270 ألفاً من طالبي اللجوء واللاجئين المسجلين لدى المفوضية.
وكانت الحكومة العراقية قد قضت في وقتٍ سابق، بحسب وثيقة مصدقة من قبل الرئيس العراقي السابق، فؤاد معصوم، خلال العامين (2014- 2018)، بتجريد الفلسطينيين المقيمين في العراق من الحقوق والامتيازات الممنوحة لهم منذ عام 1948.
وبموجب بروتوكول كزابلانكا، خلال عام 1965، الذي أقره وزراء خارجية الدول العربية بخصوص معاملة اللاجئين الفلسطينيين؛ تلتزم الحكومة العراقية بمنح اللاجئين الفلسطينيين الحقّ في العمل، والدخول والخروج متى اقتضت مصلحتهم لذلك، ومنح الفلسطينيين المقيمين وثائق سفر يتمّ إصدارها وتجديدها لهم دون تأخير.
تهجير وقتل اللاجئين الفلسطينيين
ويرى الدكتور عبدالفتاح محمد، أستاذ القانون العام في الجامعة المستنصرية؛ أنّ "القرار انتهاك صارخ للقرارات العربية والدولية، التي كفلت حماية اللاجئين الفلسطينيين في العراق، الذين يعيشون ظروفاً مأساوية قاسية لا تليق بالإنسانية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، عام 2003، الذي نجم عنه زجّ الفلسطينيين في الصراعات الطائفية بعد الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد، والذي أدّى إلى ارتكاب الميليشيات الطائفية، ومغاوير وزارة الداخلية، جرائم مختلفة بحقّ اللاجئين الفلسطينيين، تنوّعت بين القتل والخطف ومهاجمة المنازل والتهجير والترهيب والتنكيل بهم".
ويضيف أستاذ القانون، وهو فلسطيني مقيم بحي الأعظمية ببغداد، منذ 55 عاماً، في حديثه لـ "حفريات": "العراق شهد هجرة أكثر من 22 ألف لاجئ فلسطيني منذ الغزو الأمريكي له، ولم يتبقَّ من اللاجئين الفلسطينيين سوى بضعة آلاف فقط"، مبيناً أنّ "هناك أعداداً كبيرة من اللاجئين تحاول الهجرة إلى خارج العراق بعد إقرار الحكومة العراقية قانون رقم (76) للعام 2017، الذي بدّد آمال الفلسطينيين بالعيش بكرامة خارج وطنهم، ليحرم القانون العائلات الفلسطينية من المعونات والطرود الغذائية، وتضييق حصولهم على الإقامات داخل الجمهورية العراقية".
ولفت إلى أنّ "ما يجري من ممارسات عنصرية واضطهاد بحقّ اللاجئين الفلسطينيين يهدف إلى تحقيق مآرب سياسية، لمحاولة دفعهم للهجرة إلى خارج العراق، في ظلّ غياب القوانين العراقية التي تنظّم العلاقة بين اللاجئين والدولة، والذي دفع ببعض "الأحزاب السياسية"، كـ"حزب المؤتمر الوطني"، إلى اعتبار اللاجئين يشكّلون طابوراً خامساً بدعوى وقوفهم إلى جانب نظام الرئيس السابق صدام حسين".
تنصّل "الأونروا"
ويتمركز اللاجئون الفلسطينيون في أكثر من 13 منطقة داخل العراق، من بينها: العاصمة بغداد، وحي السلام، ومنطقة الكرادة، والمشتل، والدورة، ومنطقة الموفقية والزبير بالبصرة، جنوب العراق، "ومعظم الفلسطينيين قدموا للعراق منذ النكبة الفلسطينية، عام 1948، من عدة مناطق وبلدات فلسطينية، أبرزها: القدس ويافا وحيفا وبلدة جبع والطيرة وعرعرة".
.
العراق شهد هجرة أكثر من 22 ألف لاجئ فلسطيني منذ الغزو الأمريكي، ولم يتبقَّ منهم سوى بضعة آلاف
.
وأكّد محمد أنّ "المضايقات المستمرة بحق اللاجئين الفلسطينيين دفعت بالعديد منهم للجوء إلى سوريا والأردن، لإيجاد موطئ قدم جديد لهم، في ظلّ عدم تمتعهم بالحماية التي نصّت عليها اتفاقية اللاجئين، عام 1951، وبروتوكول عام 1966، وبقائهم تحت ولاية الحكومة العراقية، بعد تخلي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) عن تقديم الخدمات والمساعدات لهم"، موضحاً أنّ "اللاجئين يتمركزون في عدة مخيمات على الحدود الأردنية والسورية كمخيم الرويشد والتنف والهول".
وطالب محمد بأن تتدخل" الأمم المتحدة " وجامعة الدول العربية و"السلطة الوطنية الفلسطينية" بشكل رسمي لمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين بشكل جدي، ومنحهم الحماية والظروف المعيشية المناسبة لهم بالتنسيق مع الحكومة العراقية، وأن يكون هناك تواصل دائم من قبل السلطة الفلسطينية للاطلاع على أوضاع اللاجئين ومتابعة قضاياهم للمحافظة على حقوقهم.
استهداف التجمعات السكنية الفلسطينية
من جهته، يقول عضو لجنة العائدين من العراق، مجدي الشريف، لـ "حفريات" :
السلطات العراقية أقامت، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، تجمعات سكنية للاجئين الفلسطينيين، الذين تجاوز تعدادهم آنذاك 35 ألف لاجئ فلسطيني، كما قامت باستئجار منازل للذين لم يتمكنوا من توفير مسكن لهم"، مبيناً أنّ "85% من اللاجئين كانوا يعيشون في تجمعات سكنية على نفقة الحكومة، و12% منهم تمّ استئجار منازل سكنية لهم، والباقون كانوا يمتلكون منازل خاصة بها، وذلك منذ عام 1948 ولغاية عام 2003، قبل الغزو الأمريكي للعراق".
وأكد أنّ "التجمعات الفلسطينية تركزت في العاصمة العراقية بغداد، التي يقطنها أكثر من 95% من اللاجئين الفلسطينيين، و3% في مدينة الموصل، و2% يتخذون من محافظة البصرة ملاذاً لهم، ويعانون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية سيئة، باستثناء بعض المساعدات المحدودة، التي تقدمها "اليونيسيف" و"اليونسكو" وبعض المنظمات الدولية، والتي لا تفي باحتياجات ومتطلبات اللاجئين الفلسطينيين".
ولفت الشريف إلى أنّ "معاناة اللاجئين الفلسطينيين تصاعدت بعد الاحتلال الأمريكي، وتمّ استهداف التجمعات السكنية الفلسطينية من قبل بعض الجماعات المسلحة، إضافة إلى إجراءات اتخذتها الحكومة العراقية كان من بينها قرار وزيرة الهجرة العراقية، "سهيلة عبد الجعفر"، التي طالبت في مؤتمر صحفي، في "تشرين الأول (أكتوبر)" 2005، رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، بإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي الفلسطينية، ونجم عن ذلك وقف إصدار البطاقات الشخصية ووثائق السفر للاجئين الفلسطينيين، واقتحام عناصر من وزارة الداخلية لمنازلهم واعتقال عدد منهم والتنكيل بآخرين".
الهجرة إلى خارج العراق
وبفعل المضايقات والهجمات التي تعرض لها الفلسطينيون "اتجه عدد كبير منهم نحو الهجرة إلى مناطق في كردستان العراق، والبعض الآخر استطاع الهرب إلى دول أوروبا وأمريكا اللاتينية، ومن لم يستطع الوصول إلى هذه الدول توجه نحو حدود الدول العربية المجاورة، أملاً في دخول أراضيها، والتي سارعت في بداية الأمر إلى إغلاق حدودها، حتى أصبح اللاجئون الفلسطينيون أمام خيارَين إحداهما مرّ؛ إما العودة إلى العراق وانتظار الموت، أو العيش في خيام تفتقر لأدنى مقومات الحياة الإنسانية على حدود الدول المجاورة، كالأردن وسوريا".
وبيّن الشريف؛ أنّ عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي ميليشيات تتبع لوزارة الداخلية العراقية والزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وميليشيا "جيش المهدي"، بلغ أكثر من 690 لاجئاً، إضافة إلى اختطاف وتعذيب عدد آخر، في حين أنّ هناك عدداً من اللاجئين الفلسطينيين الذين تمّ إخفاؤهم قسراً داخل معتقلات الحكومة العراقية والميليشيات الطائفية، ولا يعرف مصيرهم حتى الآن".
وعمّا هو المطلوب، فلسطينياً ودولياً، لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعراق، يقول الشريف: "يتمّ الضغط دولياً لتوسيع صلاحيات عمل وكالة (الأونروا) لتشمل اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وأن تتحمّل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن حماية الفلسطينيين من الاعتداءات والإجراءات العنصرية المتخذة ضدّهم".

 

المصدر : حفريات

2/7/1441

26/2/2020