المعايير والمواصفات العمرية للحكم- عبد الحكيم الماضي

بواسطة قراءة 2186
المعايير والمواصفات العمرية للحكم- عبد الحكيم الماضي
المعايير والمواصفات العمرية للحكم- عبد الحكيم الماضي

بسم الله الرحمن الرحيم

كثيرا ما نقرأ في النشرة الداخلية التي ترفق مع المنتج سواء كان منتج غذائي او صناعي عبارة انتج وفق المعايير والمواصفات العالمية دلالة على جودة المنتج والغرض من هذا الايضاح هو الحصول على ثقة المستهلك والترويج لمنتجاتهم.

وتحرص الشركات المصنعة والمنتجة للسلع الصناعية او الغذائية على الالتزام بالمعايير والمواصفات والقياسات العالمية المعتمدة علما ان هناك جهات رقابية تسمى بالتفتيش والتقييس والسيطرة النوعية تعطي الصلاحية لهذا المنتج او ذلك وبعكسه سيكون المنتج غير صالح للتداول او الاستهلاك.

وعلى هذا الاساس من الممكن ان نقول ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وضع وحدد المعايير والمواصفات التي يجب ان يكون عليها من يلي امر المسلمين من بعده سواء  كان خليفة او حاكم او سلطان او رئيس او امير هذه المعايير لم يضعها الخليفة عمر رضوان الله عليه ولم يطبقها بل قام بها ونفذها باصغر مفرداتها وتفاصيلها صغرت او كبرت شأنا.

ورغم ان هذه المعايير والمواصفات التي حددتها سياسة عمر رضوان الله عليه صارمة وصعبة واتعبت من جاء بعده الا انها ليست صعبة التنفيذ او مستحيلة هذه المعايير والمواصفات التي يجب على الحاكم ان يتصف ويلتزم بها  يمكن ان نطلق عليها المعايير والمواصفات العمرية للحكم والتي تتيح لنا تقويم اداء من تولى وسوف يتولى امور المسلمين بعد الحقبة التاريخية المشرفة لدولة الاسلام في عهد الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه والخلافة الراشدة مضيفين اليها فترة حكم الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي اطلق عليه مؤرخو الاسلام بالخليفة الخامس لالتزامه بالمعايير العمرية للحكم.

وهذه المعايير والمواصفات لا حاجة لذكرها او سردها فهي معروفة لكل من طالع تاريخ الاسلام وخصوصا فترة خلافة امير المؤمنين عمر رضوان الله عليه بعد ان نخضع كل من تولى امر المسلمين بعدهم سواء كان خليفه اوسلطان او حاكم او رئيس او ملك او امير الى تلك المعايير يمكن لنا ان نشيد او نثني او ندافع عنهم وحتى بامكاننا ان نتهجم على من ينتقد سياسة ولاة الامور للدولة المسلمة هذه او تلك في زمن ما اما اذا كان حكام دولة الاسلام في زمن ما بدأ اخضاعهم لتلك المعايير واتضح انهم ما التزموا بها وما عملوا بها فمن المعيب والمخجل على كل مسلم مهما صغر شأنه او على الدفاع عن هكذا حكام ما التزموا بتلك المعايير لانها ليست معايير عمر رضي الله عنه بل هي معايير وضعها الاسلام الحنيف والتي وضع وحدد ضوابطها الله سبحانه وتعالى وطبقها الرسول المصطفى صلوات الله عليه وسلامه والتزم بها الخلفاء الراشدين من بعده.

فكل مسلم يشيد ويمجد خلفاء وسلاطين وحكام ما ساروا بحكمهم كما سار الرسول صلوات الله عليه والخلفاء الراشدون من بعده رضوان الله عليهم  لا يمكن وصفهم الا انهم خرجوا عن سنة الرسول في الحكم وما حملوا الاسلام كما يجب ان يحمل ولو انهم التزموا بسنة الرسول صلوات الله عليه والخلفاء من بعده رضوان الله عليهم لما اصبحت دولة الاسلام الواحدة التي كان يحسب لها حساب دولا ممزقة منتشرة هنا وهناك ومثل هكذا حكام لا يمكن وصفهم الا انهم خانوا الامانة وما صانوها حق صيانتها ودمروا دولة غيرت مجرى التاريخ لم تقم الا بالتضحيات الجسام وجبلت مداميكها بدماء طاهرة وشيدت على اكتاف رجال احبوا الاخرة ولقاء ربهم وزهدوا في الدنيا ومغرياتها وزخارفها.

واذا بررنا لحكام الامس واليوم بان ما حدث خارج عن اراداتهم ورغباتهم وكل ذلك كان بسبب المؤامرات والدسائس والخيانات التي تعرضوا لها فهل الدولة الاسلامية الفتية في عهد الرسول الكريم صلوات الله عليه والتي لم تكن تملك مصادر القوة لا عدة ولا عددا ما تعرضت للمؤامرات والدسائس والمحاربة من اطراف محلية واقليمية ودولية انذاك وكيف استطاعت هذه الدولة الفتية الغضة العصب ان تتجاوز كل ذلك.

سبب ذلك واضح فهذه القلة القليلة امنت بالله ايمانا مطلقا والتزمت بتعاليمه حرفيا لذا حصلت على رضا الله وتاييده ودعمه ومن اتى من بعدهم ابتعدوا عن تعاليم الله وتوازنوا عن تنفيذها  فلم يحصلوا على رضا الله ودعمه.

                                              

عبد الحكيم الماضي

1/7/2010

 

حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر