أوراق قُدمت في التسعينيات
بدأت قصة هذا الشاب عندما
عاد مع عائلته من الأردن بعد ثلاث سنوات من تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وكان
حينها مسجلاً في ملحق جواز السفر الخاص بوالدته، ليقدموا كما أي عائدين طلبات
للحصول على الجنسية الفلسطينية، وحصلوا حينها على وصولات استلام تستخدم كما الهوية
لحين صدورها، بعد الحصول على موافقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ولكن مع
اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر (أيلول) عام 2000، أوقفت السلطات
"الإسرائيلية" إعطاء الفلسطينيين، من المقدّمين للحصول على لم الشمل
بعائلاتهم، هويات، وعددها يقدر آنذاك بـ40 ألف طلب.
ولكن عام 2008، كانت
الانفراجة للكثيرين باستثناء محمود، بدعوى استمرار النظر في الطلب الخاص به، ما
يعني أن يستمر بحمل وصل استلام يحمل رقماً لهوية لم تصدر بعد، عدا عن أن هذه
الورقة لم تعد صالحة للاستخدام، وبالتالي الكثير من المشاكل في أي شيء ينوي بدر فعله.
والدته دليل على شخصيته
قد لا يبدو أمر حمل الهوية
مهماً للكثيرين، لكن محمود اضطر لاصطحاب والدته إلى قاعات الامتحانات كإثبات شخصية
له، خلال تقديم اختبار الثانوية العامة الخاص به، ولاحقاً حُرم من الالتحاق
بالجامعة، لأن أية شهادة تحتاج للتصديق من وزارة التعليم العالي، والختم يحتاج
هوية، وهو لا يملكها، عدا عن أن الجامعة الوحيدة التي قبلت به كطالب ملتحق من دون
أوراق، بعيدة، وهو لا يستطيع التنقل على الحواجز "الإسرائيلية" من دون
إثبات شخصية، فكان الحل آنذاك هو التوجه لتعلم مهارات أخرى للعمل بها.
العمل باسم شخص آخر
لم يستمر عمل بدر في أي عمل
أكثر من ستة أشهر، سواء في المؤسسات الأهلية أو المطاعم أو غيرها، لأنه دائماً ما
يصطدم بالإجراءات القانونية من حساب في البنك، وملفات لدى وزارات العمل والصحة
والداخلية الفلسطينية، وهو شبه مستحيل في حالته، وأحياناً كان يلجأ لصديق يوقع
العقد بدلاً منه، ولكن هذا أيضاً لم يدم طويلاً، فاختار في النهاية قطاع البناء.
لا تأمين صحي
قانونياً بحسب المحامي عابد،
يعامل عديم الجنسية كما الأجنبي في الكثير من الأمور، ولكن الأخير يمتلك أوراقاً
خاصة به إذا ما أراد تلقي العلاج، أما محمود فيروي أن المستشفى رفضت استقباله حين
تعرض لجلطة قلبية، واكتفى بتقديم العلاج الأولي له، حتى جرى إقناع طاقم المستشفى
بتسجيله على رقم هوية شخص آخر، والأمر ذاته ينطبق على الحصول على تأمين صحي.
وفي السياق ذاته، واجه بدر
مشاكل كثيرة عندما أراد تسجيل ابنته باسمه على شهادة الميلاد الخاصة بها، حين
ولادتها، لأن زوجته مسجلة "إسرائيلياً" عزباء ولديها طفلة، أما
فلسطينياً فكان عقد الزواج في المنزل واستدعي مأذون، وليس في المحكمة، وباستخدام
وصل الهوية، على الرغم من أن المحكمة رفضت الفكرة بادئ الأمر.
عادة ما يتم تغيير الحالة
الاجتماعية في الهوية بعد الزواج، ولكن في حالته درى تبديل الملحق فقط من الشؤون
المدنية الفلسطينية، ولكن مثيلتها "الإسرائيلية" رفضت لأن هذا الزواج
يعتبر غير قانوني، إذ أن المرأة بالنسبة لهم غير متزوجة، كما أوضح محمود.
إما محدودية الحركة أو السجن
وبحسب القانون، فإن أي شخص
لا يملك أوراقاً قانونية للبقاء في بلد معين، فإن مصيره أحد الأمرين، إما الترحيل
إلى بلده الأم في حال كان يملك جنسية أخرى، أو السجن، وهناك حالات سجلت في فلسطين
ضمن هذا الإطار، لكن قصة محمود مختلفة، فهو لا يستطيع الخروج من حدود مدينة رام
الله إلى أي مكان آخر، ولا حتى إلى توأمها مدينة البيرة، التي يفصل بينهما شارع
فقط، لأنه إن قبضت عليه القوات "الإسرائيلية" فسيعتبر مخالفاً وبالتالي
سيسجن لمدة غير محددة، أو سيجري ترحيله إلى قطاع غزة.
محدودية الحركة هذه تحرم بدر
من التنقل وزيارة عائلته في مدينة الخليل، أو المشاركة في المناسبات الاجتماعية
والاحتفالات خارج رام الله، لأنه تعرض مرات عدة للضرب أثناء تنقله، لعدم امتلاكه
هوية. فهو حين يعطي رقم هويته المفترض للجندي على الحاجز "الإسرائيلي"،
لا يظهر على النظام الإلكتروني، وفي كل مرة يتلقى النظرة التي يحفظها غيباً، والتي
تشير إلى "أنك غير موجود"، كما قال محمود.
محاولة الحصول على جنسية
أردنية
محاولات كثيرة قام بها هذا
الشاب من أجل الحصول على إثبات شخصية، إذ أوضح أنه يحمل رقماً وطنياً أردنياً
ونسخة من شهادة ميلاده الأردنية، ولكن عندما ذهبت والدته لاستصدار جواز سفر له
هناك، قوبلت بالرفض لأنه طلب منها أن يحضر بدر بنفسه، وهو ما لم ينجح به، لذلك لجأ
لتقديم طلبات للهجرة إلى دول عدة، ولكن الرفض كان الرد دائماً، إذ كيف سيحصل على
هجرة من دون إثبات "من هو".
المصدر :
اندبندنت عربية
1/5/1441
27/12/2019