الرد على تعليقات موضوع الصحابي معاوية رضي الله عنه – وليد ملحم

بواسطة قراءة 4210
الرد على تعليقات موضوع الصحابي معاوية رضي الله عنه – وليد ملحم
الرد على تعليقات موضوع الصحابي معاوية رضي الله عنه – وليد ملحم

بسم الله الحمد لله :

أما بعد :

من قرائتي لبعض التعليقات تأكد لدي تغلغل الشبهات الرافضية  في أوساطنا نحن أهل السنة  وذلك لقة اهتماماتنا واطلاعنا على أمور ديننا بينما نجد العكس في الطرف الآخر فإن الشيعي يربى على عقائد الشيعة وهو صغير بل كبيرهم وصغيرهم ومتعلمهم وجاهلهم يعرف أدق تفاصيل الخلاف بينهم وبين أهل السنة وهذا مارأيناه بأم عيوننا .

ثم هنالك مسألة ثانية من قبل الأخوة المعلقين ينبغي للإنسان أن ينظر بعينين ولا ينظر بعين واحدة فمن ذكر هذه الأحاديث التي حسب مافهم ( المعلق ) انها تطعن بمعاوية رضي الله عنه , ماذا يقول عن أحاديث مدحه رضي الله عنه ثم مدح الصحابة وأهل العلم له ثم هل فهم أهل العلم من هذه الاحاديث ذم معاوية رضي الله عنه ؟؟ وإن كان كذلك فليأتي بها من علق .

     وإليكم التوضيح على كل تعليق :

    1- يقول الأخ وليد من بغداد :

صحيح مسلم - كتاب الإمارة - إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك  .

صحيح مسلم - كتاب الإمارة - إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك 1844 حدثنا زهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم قال إسحق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه - ص 1473 - ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر فدنوت منه فقلت له أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقلت له هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما قال فسكت ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله :

التوضيح : لا أدري ما قصد الأخ من تلك الرواية هل المدح لمعاوية رضي الله عنه أم ذمه ولنأخذ اسوأ الإحتمالات وهو ذم معاوية رضي الله عنه :

أولا : الذي ذكر هذا الكلام أي ان معاوية رضي الله عنه يأمرنا بأن نأكل أموالنا بالباطل ... الخ : هو تابعي وهو فرد وليس صحابي أو عنده وحي تلقاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلنا يعرف , لربما تكون هنالك مشاحنة بين شخص وآخر فيتكلم عليه وهذا يحدث كثيرا خصوصا اذا علمنا أن الفترة الزمنية التي عاش بها معاوية رضي الله عنه كانت هنالك حروب وفتن بينه وبين علي رضي الله عنه فأكيد كان هنالك من يبغضه وهنالك من يحبه .

ثانيا :  لربما أن هذا الشخص كانت عنده شبه فهم منها غير المراد وهذا يحدث كثيرا بل حدث من الصحابة انسفهم واليك هذا الدليل عندما نزلت اية : { ... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْل ... } [البقرة : 187] ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ } عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ (رواه البخاري ) .

فهذا صحابي فهم أن الخيط الابيض والاسود هما خيطان لكن المقصود هو سواد الليل وبياض النهار .

وكذلك هذا التابعي فهم من قتال معاوية لعلي رضي الله عنهما هو الأمر بقتل الأنفس وأكل الاموال وأيد هذا القول الإمام النووي في شرحه لمسلم فقال رحمه الله :

قال الإمام النووي : قَوْله : ( فَقُلْت لَهُ : هَذَا اِبْن عَمّك مُعَاوِيَة يَأْمُرنَا أَنْ نَأْكُل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُل أَنْفُسنَا وَاَللَّه تَعَالَى يَقُول : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ ... } إِلَى آخِره )

الْمَقْصُود بِهَذَا الْكَلَام : أَنَّ هَذَا الْقَائِل لَمَّا سَمِعَ كَلَام عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ ، وَذَكَرَ الْحَدِيث فِي تَحْرِيم مُنَازَعَة الْخَلِيفَة الْأَوَّل ، وَأَنَّ الثَّانِي يُقْتَل ، فَاعْتَقَدَ هَذَا الْقَائِل هَذَا الْوَصْف فِي مُعَاوِيَة لِمُنَازَعَتِهِ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - ، وَكَانَتْ قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَة عَلِيّ فَرَأَى هَذَا أَنَّ نَفَقَة مُعَاوِيَة عَلَى أَجْنَاده وَأَتْبَاعه فِي حَرْب عَلِيّ وَمُنَازَعَته وَمُقَاتَلَته إِيَّاهُ ، مِنْ أَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ ، وَمِنْ قَتْل النَّفْس ، لِأَنَّهُ قِتَال بِغَيْرِ حَقّ ، فَلَا يَسْتَحِقّ أَحَد مَالًا فِي مُقَاتَلَته هـ.

والإ فليأتنا من فهم من الحديث أن معاوية رضي الله يأمر الناس بقتل الأنفس وأكل الأموال بالباطل بنص واحد على ان معاوية أمر بذلك كيف هذا وأهل الشام قد أحبوه وأطاعوه لعدله وشفقته بالرعية  وأجابوه في الأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه .

وكذلك مما يثبت أن الحديث ليس في ذم معاوية رضي الله عنه أن الإمام مسلم قد وضع الحديث في كتاب الإمارة وضمن باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول .

وليس في باب ذم معاوية رضي الله عنه .

ثاثا : ثم فلنفرض أن هذا التابعي قد ذم معاوية رضي الله عنه فلا يقدم قوله على الصحابة والتابعين وأهل العلم بل والأمة جميعا في مدح معاوية رضي الله عنه .

2 -  يقول الأخ محمد من العراق :

روى الامام احمد في مسنده حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد قال حدثني من سمع أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليرتقين جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا .

التوضيح :

أولا : فلنفرض أن الحديث صحيح فما الدليل بأن المقصود هو معاوية رضي الله عنه فلربما يكون غيره من بني أمية .

لكن الحديث ضعيف كما قال محقق مسند أحمد الشيخ شعيب الأرناؤط  واليكم حكمه :

تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان ولجهالة الراوي عن أبي هريرة . وهذا الحديث تفرد به أحمد فيما نعلم .

ثانيا :

في مسند أبي هريرة نفسه من مسند أحمد بيان المعني بهذا الكلام هوعمرو بن سعيد بن العاص واليكم الرواية :

سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَرْعَفَنَّ عَلَى مِنْبَرِي جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ بَنِي أُمَيَّةَ يَسِيلُ رُعَافُهُ قَالَ فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ رَعَفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَالَ رُعَافُهُ ( رواه أحمد في مسند ابي هريرة ) .

و هذه الرواية أيضا فيها كلام  واليكم حكم ابن كثير لها :

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 6/240

خلاصة حكم المحدث: [فيه]علي بن يزيد بن جدعان في روايته غرابة ونكارة وفيه تشيع .

3- يقول الاخ محسن من سوريا :

ورد في صحيح الامام مسلم قال حدثنا محمد بن المثنى العنزي ح وحدثنا ابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب عن ابن عباس قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأني حطأة وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه.

توضيح :

نحن كمسلمين نفهم الأحاديث بفهم أهل العلم لها وهذا ما أمرنا الله به فقال جل وعلا :  { ... فاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل : 43] .

ونعود فنقول هل وضع أهل العلم هذا الحديث في ذم معاوية رضي الله عنه أم جعلوه في فضائله هذ ما سنعرفه في الأسطر التالية .

أولا : قوله صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه لا أشبع الله بطنه هي دعاء لا يراد به حقيقته ويجري على لسان العرب كقول الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض نسائه ( عقرى حلقى ) وقوله ( وتربت يمينك ) ، وقوله في حديث أنس : ( لا كبر سنك ) .

وقوله صلى الله عليه وسلم .  لمعاذ " ثكلتك أمك يا معاذ " إذا فلنذم معاذ رضي الله عنه  لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له ثكلتك أمك علما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد مدح معاذ رضي الله عنه في موضع آخر فقال صلى الله عليه وسلم : معاذ بن جبل أمام العلماء يوم القيامة برتوة .( صحيح الجامع ) .

وهذا ما حصل لمعاوية رضي الله عنه .

ثانيا :

قال الشنقيطي رحمه الله : وروى مسلم من حديث ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله  صلى الله عليه وسلم ـ فتواريت خلف باب. فجاء فحطأني حطأة وقال : «اذهب وادع لي معاوية». قال: فجئت فقلت هو يأكل. قال : ثم قال : «اذهب فادع لي معاوية». قال : فجئت فقلت: هو يأكل، فقال : «لا اشبع الله بطنه» . وفي الحديث تأكيد لصحبة معاوية رضي الله عنه وبأنه من كتاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم . وليس في الحديث ما يثبت أن ابن العباس رضي الله عنه – وقد كان طفلاً آنذاك – قد أخبر معاوية رضي الله عنه بأن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يريده،  بل يُفهم من ظاهر الحديث أنه شاهده يأكل فعاد لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  ليخبره . فأين الذم هنا كما يزعم المتشدِّقون؟! وفي الحديث إشارة إلى البركة التي سينالها معاوية رضي الله عنه من إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم . إذ فيها تكثير الأموال والخيرات له رضي الله عنه. فلا أشبع الله بطنك، تتضمن أن الله سيرزقك رزقاً طيباً مباركاً يزيد عمّا يشبع البطن مهما أكلت منه. و قد كانت تأتيه – رضي الله عنه – في خلافته صنوف الطيبات التي أغدقت على الأمة كما ذكر إبن عساكر في تاريخ دمشق .

 هذا مع العلم أن الحديث هذا فيه ضعف في إسناده. إذ تفرد به عمران بن أبي عطاء الأسدي أبو حمزة القصاب الواسطي و هو ضعيف. قال أبو زرعة: «بصري لين». وقال أبو حاتم والنسائي: «ليس بالقوي». وقال الأجري عن أبي داود: «يقال له عمران الحلاب: ليس بذاك، وهو ضعيف». (التهذيب 8|120). انتهى كلام الشنقيطي رحمه الله .

ثالثا :

هنالك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ترويه عائشة رضي الله عنها فيه  :

( دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان ، فكلماه بشيء لا أدري ما هو ، أغضباه ، فلعنهما وسبهما ، فلما خرجا , قلت يا رسول الله ! من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان ؟ قال : وما ذاك ؟ قلت : قلت : لعنهتما وسببتهما . قال : ( أوما علمت ما شارطت عليه ربي ؟ قلت : اللهم ! إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا ) صحيح . الصحيحة برقم 83 رواه مسلم مع الحديث الذي قبله في باب واحد وهو : ( باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وهو أهلا لذلك ؛ كان زكاة وأجرا ورحمة ) .

وفي رواية  من حديث أنس بن مالك قال : ( كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة فقال : أنت هيه ؟ لقد كبرت لا كبر سنك . فرجعت اليتيمة الى أم سليم تبكي ، فقالت أم سليم : مالك يا بنية ؟ قالت الجارية : دعا علي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر سني أبدا ، أو قالت : قرني ، فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خماراها حتى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك يا أم سليم ؟ فقالت : نبي الله ! أدعوت على يتيمتي ؟ قال : وما ذاك يا أم سليم قالت : زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ( يا أم سليم ! أما تعلمين أن شرطي على ربي أني اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ؛ فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل ؛ أن يجعلها له طهورا وزكاة وقربة بها منه يوم القيامة ؟ ) صحيح الصحيحة برقم 84 .

ثم أتبع الإمام مسلم هذا الحديث بحديث معاوية رضي الله عنه وبه ختم الباب إشارة منه ـ رحمه الله ـ الى أنها من باب واحد فكما لا يضر اليتيمة دعاؤه صلى الله عليه وسلم عليها ــ بل هو زكاة وقربة ـ فكذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم على معاوية رضي الله عنه .

أي أن الإمام مسلم فهم ان هذا الحديث هو طهور وزكاة  لمعاوية  .

بل أن من أهل العلم من جعل هذا الحديث في مناقب معاوية رضي الله عنه :

وقد قال الإمام النووي في شرحه على مسلم ( 2/ 325ـ طبع هند )

" وأما دعاؤه على معاوية ففيه جوابان :

أحدهما : أنه جرى على اللسان بلا قصد .

والثاني : أنه عقوبة له لتأخره ، وقد فهم مسلم ـ رحمه الله ـ من هذا الحديث أن معاوية رضي الله عنه لم يكن مستحقا للدعاء عليه , فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية ؛ لأنه في الحقيقة يصير دعاء له ) .

قال الأمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ( 9/ 171/2) " قلت : لعله أن يقال : هذه منقبة لمعاوية رضي الله عنه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من لعنته أو سببته فاجعل ذلك زكاة ورحمة ) " واعلم أن قوله صلى اله عليه وسلم .. " إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر.. " إنما هو تفصيل لقول الله تبارك وتعالى ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي .. ) الآية .. إلخ أهــ .

وبذلك علينا ان لا نتسرع بالحكم أو فهم الحديث حسب عقولنا بل بفهم العلماء الراسخين بالعلم كما بينا آنفا وكذلك علينا الجمع بين الأحاديث كلها أي أحاديث مدح معاوية رضي اللهعنه والأحاديث التي يفهم منها الذم لنخرج بنتيجة طيبة بإذن الله سبحانه وتعالى .

 

أخوكم : وليد ملحم

20/3/2012

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"