جواب لسؤال مسألة في الحجاب- وليد ملحم

بواسطة قراءة 5714
جواب لسؤال مسألة في الحجاب- وليد ملحم
جواب لسؤال مسألة في الحجاب- وليد ملحم

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وعلى اله وصحبه ومن والاه:

أما بعد فان الله سبحانه وتعالى قد أكرمنا بأعظم دين وهو خاتم الرسالات قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً }النساء174وبعث لنا خير رسله قال جل وعلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً}الأحزاب46.

لقد امرنا ربنا سبحانه وتعالى باتباع شرعه وجعل لهذا الدين أحكاما وضوابط يجب على المسلم الالتزام بها ومصادر التشريع عندنا هي الكتاب والسنة .

قال تعالى{... وََمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7.

بعد هذه المقدمة. إخواني الكرام وردني بعض الأسئلة من بعض الإخوة عن الحجاب الإسلامي وعن مسالة فيه وهي هل يجوز لبس البنطلون تحت جبة قصيرة ربما تصل إلى الركبة أو أسفل قليلا؟

أقول مستعينا بالله تعالى وقبل الدخول في جواب السؤال : وقد ذكرت هذا لبعض الإخوة الكرام أن بعض الأسئلة بدأت تظهر بعد سفر إخواننا لبلاد الغرب لم نكن نسأل عنها عندما كنا في بغداد  . ونخشى أن تكون تلك الأسئلة من ضغط المجتمع والواقع الذي يعيشه إخواننا ثبتنا الله وإياهم على دين الله الحق.

فربما تتحرج بعض الأخوات من لبس الحجاب الشرعي الصحيح وذلك لكثرة من يحيط بها من السافرات سواء كن كافرات أو مسلمات . وربما يكون هذا الحرج وهمي ومن تلبيس الشيطان إذ أن في تلك البلاد الكثير من المسلمات من يلبسن الحجاب الشرعي ولا احد يتعرض لهن .

والالتزام بشرع الله يحتاج إلى صبر وسلعة الله غالية وهي الجنة.

قال تعالى  {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }يونس ، قال الإمام السعدي { وَاتَّبِعْ } أيها الرسول { مَا يُوحَى إِلَيْكَ } علمًا، وعملا وحالا ودعوة إليه، { وَاصْبِرْ } على ذلك، فإن هذا أعلى أنواع الصبر، وإن عاقبته حميدة، فلا تكسل، ولا تضجر، بل دم على ذلك، واثبت، { حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ } بينك وبين من كذبك { وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } فإن حكمه، مشتمل على العدل التام، والقسط الذي يحمد عليه هـ.

وفي الحديث: كتب معاوية إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن اكتبي إلي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي فكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية سلام عليك أما بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام عليك(رواه الترمذي- تحقيق الألباني :صحيح).

ولنعود الآن الحكم الشرعي لهذا اللباس:

إخواني الكرام يشترط في لباس المرأة الذي تبدو به أمام الرجال الأجانب تسعة أشياء :

1-أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن .

2- أن يكون فضفاضا واسعا ، لا يصف حجم أعضائها ، وتقاطيع جسمها .

3- أن لا يكون رقيقا يصف لون بشرتها أي ان  أن يكون ثخينا لا يشفّ عما تحته.

4- ألا يكون زينة في نفسه كالمطرز والمزركش  يستدعي أنظار الرجال.

5- ألا يكون مطيبا .

6- ألا يشبه لباس الرجال .

7- ألا يشبه لباس الكافرات .

8- ألا يكون لباس شهرة .

9-  أن لا يكون فيه تصاليب ولا تصاوير لذوات الأرواح.

ينظر: "آداب الزفاف" للشيخ الألباني رحمه الله ص (177) ، "حجاب المرأة المسلمة" له ، ص 16- 111، "عودة الحجاب" (3/145- 163) .

وبناء على ذلك فليس للمرأة أن تخرج أمام الرجال بسروال أو بنطلون ؛ لأمرين :

الأول : أنه يصف رِجْل المرأة .

الثاني : أن في لبسه تشبها بالرجال .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك ؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أوالخفيفة . ومن ذلك : البنطلون ، فإنه يصف حجم رِجْل المرأة وكذلك بطنها وخصرها وثدييها وغير ذلك ، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح : (صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) . انتهى . والحديث رواه مسلم (2128) .

وقال أيضا : "الذي أراه تحريم لبس المرأة للبنطلون لأنه تشبه بالرجال ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال ، ولأنه يزيل الحياء من المرأة ، ولأنه يفتح باب لباس أهل النار حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما ) وذكر أحدهما ( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12سؤال رقم 192، 194) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/102) : " لا يجوز لها أن تلبس البنطلون ؛ لما فيه من تشبه النساء بالرجال " .

وأما لبس البنطلون أو السروال تحت الجلباب ، فلا حرج فيه ، بل هو زيادة ستر وصيانة . إذا كان الجلباب سابغا ساترا ليس به فتحات تبدي ما تحته .

قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله : " إذا لبست المرأة البنطلون وفوقه ملابس سابغة فلا تشبه فيه بالرجال ما دامت تلبسه أسفل ملابسها " انتهى من "فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" ص 573 .

والحاصل أنه يلزم المرأة أن يكون ( جلبابها ) سابغا إلى الكعبين وزيادة ، وأما أن يكون قصيرا فوق الكعبين بنحو شبر ، فلا يجوز ولو سترت ساقيها وقدميها ببنطلون أو جورب ؛ لما في ذلك من التشبه بالرجال المأمورين بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعبين ، مع ما فيه من تحديد حجم رِجْلها . (موقع الاسلام سؤال وجواب بتصرف )أ.هـ .

فلو خرج جزء من البنطلون من تحت الجلباب يكون له حكم الكل من التشبه بالرجال وتحديد العورة اما اذا كان خافيا فلا شيء بذلك حسب فتوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله.

إخواني الكرام إن أخشى ما يخشاه الإنسان أن يكون تقصير الجبة هو استدراج من الشيطان وكما قال تعالى { ...وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168فاليوم شبرا وغدا ذراعا وبعد غد الله أعلم.

فالصبر يا أخوتي على تطبيق شرع الله فان فيه النجاة ولنتحمل بعض المضايقات إن وجدت من النظرات وغيرها وكما قال تعالى{  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت/2، 3. فلنصبر على ما يصيبنا من أذى أو سخرية في سبيل الله ، ونستحضر ما أعده الله من الأجر للمتمسك بدينه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم ) رواه الطبراني من حديث ابن مسعود ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .

ولتكن نساء الأنصار قدوة لنا في تطبيق شرع ربنا فقد ذكر ابن حجر في " فتح الباري " : ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية ما يوضح ذلك ولفظه : " ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت : " إن نساء قريش لفضلاء ، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار : أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " كما جاء موضحاً في رواية البخاري المذكورة آنفاً ، فترى عائشة رضى الله عنها مع علمها وفهمها وتقواها ، أثنت عليهن هذا الثناء العظيم ، وصرحت بأنها ما رأت أشد منهن تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل أ.هـ.

 

أخوكم : وليد ملحم

8/6/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"