مرت علينا قبل أيام ذكرى إحدى المآسي والفواجع التي جرت ضمن سلسلة من الاعتداءات ضد أبناء اللاجئين الفلسطينيين في العراق ففي ظهر يوم 14/8/2007 ذهب مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين وهم على حسين محمود ومحمد صابر أبو خريط والفقيد مصطفى احمد كايد يستقلون سيارتين نوع GMC حديثة الصنع إحداها تعود للفلسطيني الشاب علي حسين محمود وكان يقودها الفقيد مصطفى احمد كايد والأخرى تعود للفلسطيني أوس محمد احمد سليم البطة وكان يقودها الفلسطيني محمد صابر أبو خريط وكانوا يقفون في طابور محطة الوقود ينتظرون دورهم في الحصول على الوقود ، والمحطة تقع مقابل حسينية الزهراء قرب المجمع الفلسطيني في البلديات ، احد الفلسطينيين وهو علي حسين محمود شاهد سيارات مدنية فيها مسلحين أتت إلى المكان وشاهد الحراس يؤشرون عليهم فأحس بالخطر وقال لقد علموا بأننا فلسطينيون فنزل من السيارة وهرب مشيا على الأقدام قبل وصول المسلحين إلى المكان ونصح أصدقائه أن يفعلوا ذلك إلا أنهم لم يطيعوه كلهم ، فبقي مصطفى احمد كايد في سيارة ومحمد صابر أبو خريط في السيارة الأخرى ، فقام المسلحون بالهجوم عليهم واختطفوا مصطفى احمد كايد مع السيارة التي يقودها ، ثم حاولوا اختطاف محمد صابر فهرب بالسيارة الأخرى التي كان يقودها فقاموا بإطلاق النار الكثيف على السيارة مما أدى إلى تحطيمها وتحطيم الزجاج والإطارات فتابع الانطلاق مسرعا ونجا من الموت بأعجوبة وهرب .
قام بعض أهالي المنطقة بالاتصال بالقوات الأمريكية لتبلغيهم ما جرى وقالوا لهم أيضا إننا عرفنا رقم السيارة التي حاولت اختطاف احد الفلسطينيين أمس فرد عليهم احد المترجمين مستخفا اذهبوا إلى مركز شرطة الرشاد القريب عليكم وقدموا بلاغ .
بعد يومين وبالتحديد في تمام الساعة الثانية من فجر يوم 16/8/2007 اتصل الخاطفون بأهل مصطفى وقالوا لهم اذهبوا في الصباح إلى مشرحة الطب العدلي واستلموه من هناك ، واذهبوا إلى مركز شرطة الرشاد ستجدون السيارة فاستلموها ، ثم قالوا لهم لقد حملنا الفقيد أمانة أن نقولها لكم : إن زوجته حامل فإذا أنجبت أنثى فسموها نجية وإذا أنجبت ذكرا فسموه احمد .
وبالفعل ذهبت أخته في صباح هذا اليوم 16/8/2007 فوجدت جثة أخيها إلا أن الموظفين رفضوا تسليمها الجثة وقالوا لها اذهبي واتي لنا برجال سوف لن نسلم الجثة إلا لرجال ، أما السيارة فلم يجدوها ولم يعثروا عليها .
في هذه الأثناء قام عدد من أفراد الشرطة العراقية ممن يزعمون أنهم يحرسون مجمع فلسطين الطبي المحاذي للمجمع السكني الفلسطيني في منطقة البلديات في نفس ظهر يوم 16/8/2007 بإطلاق النار على عدد من الفلسطينيين الواقفين أمام بوابة نادي حيفا الرياضي وبدأوا بالركض نحو الفلسطيني سامر أبو عيطا والفلسطيني علي حسين محمود الذي نجا من موت محقق في حادثة يوم 14/8/2007 في محاولة لاعتقالهم إلا أنهم هربوا ونجوا منهم ثم قاموا بإطلاق النار باتجاههم إلا أنهم نجوا أيضا ثم جاءت تعزيزات من الشرطة من مركز شرطة الرشاد القريب ووقفوا وتجمعوا أمام بوابة نادي حيفا الرياضي ومجمع فلسطين الطبي .
بعض الفلسطينيين أبدى انزعاجه من هذا التصرف وذهب إلى الشرطة وتكلم معهم وسألهم عن معنى هذا التصرف الغير لائق فأجابوه بكل وقاحة ، نحن اشتبهنا به بأنه (يكبسل) أي مدمن مخدرات .
بعدها جاءت سيارة نوع تويوتا بطة (ومعروفة أن هذه السيارة تابعة للمليشيات( ونزل منها شخص وقال لبعض الفلسطينيين لماذا تتكلمون ضد الشرطة ، ثم قال باللهجة العراقية : انتو الفلسطينيين اذا واحد انطاكم عين تطمعون ، يجب أن لا نعطي لكم عين .وبقيت هناك سيارة نوع تويوتا سوبر لمدة يومين تأتي إلى المنطقة فيها شابين يعتقد أنهم من المليشيات يقومون بالتجول والرصد لشيء معين .
ولا نعرف ما فائدة وجود الشرطة حيث كان قبلها بيومين تمت محاولة اختطاف شاب فلسطيني من مجمع فلسطين الطبي وتم اختطاف امرأة عراقية وقتلها أمام أعين الشرطة ولم يحركوا ساكنا مع العلم أن الشرطة كانوا مسلحين وكانوا يتفرجون .
وثم يأتون ويقولون نريد اعتقال هذا الفلسطيني لأنه مكبسل .باختصار إن هذه المنطقة التي هي ساحة الباعة المتجولين أمام نادي حيفا الرياضي ومجمع فلسطين الطبي أصبحت وكر للمليشيات .وفي اليوم التالي 17/8/2007 يمتنع الموظفون في مشرحة الطب العدلي عن تسليم جثة الفقيد الفلسطيني مصطفى احمد كايد لذويه ، ويطالب الموظفون حضور رجال لاستلامه .
وفي صباح يوم 18/8/2007 تم الذهاب إلى مشرحة الطب العدلي من قبل ذوو الفقيد الفلسطيني مصطفى احمد كايد بصحبة احد المواطنين العراقيين من الطائفة الشيعية ومن معارف ذوي الفقيد كي يتوسط لإطلاق سراح الجثة وعندما ذهبوا إلى الجثة وجدوا مكتوب عليها (عربي خائن) فقال احد الموظفين هذه الجثة مستحيل أن تخرج فقال الشخص العراقي الشيعي إن هذا الشاب قد أعدم بطريق الخطأ وأنا لدي أمر بإطلاق سراح الجثة ثم قام بمسح الكتابة وتم الإفراج عن الجثة .
ولكم أن تشاهدوا صور جثة الفقيد رحمه الله وآثار التعذيب البشع الذي مورس عليه قبل قتله ، وأيضا صور السيارة التي كان يقودها الفلسطيني محمد صابر أبو خريط والتي نجا بها بأعجوبة عندما هاجم جيش المهدي مجموعة من الفلسطينيين في محطة تعبئة وقود البلديات وقاموا باطلاق النار عليهم .
أما سيارة علي حسين محمود فقد صودرت من قبل جيش المهدي عندما قتلوا الفقيد مصطفى احمد كايد .
يذكر أن محمد صابر أبو خريط هو شقيق الفقيد عادل صابر أبو خريط الذي اعتقل في البتاوين من قبل مركز شرطة البتاوين قبل سنتين وتم تسلميه لجيش المهدي ووجد معذبا ومقتولا بعدها بأيام .السيارة التي كان يقودها محمد صابر أبو خريط والمبينة في الصور تعود للفلسطيني أوس محمد احمد سليم البطة شقيق فراس محمد احمد سليم الذي تم الاعتداء عليه في نفس محطة الوقود قبل أسبوعين من هذا الحادث وتم إطلاق النار عليه مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة ، وشقيق فارس محمد احمد سليم الذي اعتقل من قبل قوات حفظ النظام مع فلسطيني آخر اسمه بشار عبد الفتاح من مجمع البلديات قبل شهر من هذا الحادث ، وابن خال الفلسطيني غسان إبراهيم حسين العواجة الذي اعتقل من قبل قوات المغاوير أثناء الهجوم العنيف على مجمع البلديات في يوم 14/3/2007 .
لم يعد الشاب الصغير علي حسين محمود ذو المواليد 1987يملك شيئا بعد فقدان صديقه وسيارته فقرر ترك البلاد بعد أن أصبحت حياته في خطر ، وكذلك الشاب أوس محمد سليم البطة بعد تضرر سيارته ومحاولة خطف شقيقه واعتقال شقيقه الآخر وأصبحت حياته مهددة هو الآخر .إلا أنهم واجهتهم مشكلة ليس لديهم ما يكفي من المال لترك البلاد فقام أحد الخيرين من الفلسطينيين بقرضهم مبلغا من المال وبعدها نجح علي حسين محمود وأوس محمد سليم في الوصول إلى السويد ، والعجب أن لهم في السويد الآن ما يزيد عن عشرة شهور وبرغم هذه المأساة وهذه الحقائق والخطر الذي كانوا فيه لم تعطي السلطات السويدية لحد الآن اللجوء لعلي حسين محمود ولا لاوس محمد احمد سليم البطة ، فهل هي حرب شاملة على الفلسطينيين وتضييقات متواطئ عليها أم ماذا ؟!!!.
كتب تلك المأساة : أحد مراسلي موقع فلسطينيو العراق
22/8/2008